فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا سلم في ركعتين، أو في ثلاث، فسجد سجدتين، مثل سجود الصلاة أو أطول

( قَولُهُ بَابُ إِذَا سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ فِي ثَلَاثٍ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ مِثْلَ سُجُودِ الصَّلَاةِ أَوْ أَطْوَلَ)
فِي رِوَايَةٍ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ فَسَجَدَ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ الْجَوَابُ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ مَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي نَظَائِرِهِ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ إِلَّا التَّسْلِيمُ فِي ثِنْتَيْنِ نَعَمْ وَرَدَ التَّسْلِيمُ فِي ثَلَاثٍ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي كَوْنِهِمَا قِصَّتَيْنِ أَولا فِي الْكَلَامِ عَلَى تَسْمِيَةِ ذِي الْيَدَيْنِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  مِثْلَ سُجُودِ الصَّلَاةِ أَوْ أَطْوَلَ فَهُوَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ



[ قــ :1183 ... غــ :1227] .

     قَوْلُهُ  صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَضَرَ الْقِصَّةَ وَحَمَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَلَى الْمَجَازِ فَقَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ صَلَّى بِالْمُسْلِمينَ وَسَبَبُ ذَلِكَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ إِنَّ صَاحِبَ الْقِصَّةِ اسْتُشْهِدَ بِبَدْرٍ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ قَبْلَ بَدْرٍ وَهِيَ قَبْلَ إِسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ لَكِن اتّفق أَئِمَّة الحَدِيث كَمَا نَقله بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ وَهِمَ فِي ذَلِكَ وَسَبَبُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْقِصَّةَ لِذِي الشِّمَالَيْنِ وَذُو الشِّمَالَيْنِ هُوَ الَّذِي قُتِلَ بِبَدْرٍ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ وَاسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَضْلَةَ.
وَأَمَّا ذُو الْيَدَيْنِ فَتَأَخَّرَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُدَّةٍ لِأَنَّهُ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ سُلَمِيٌّ وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ عَلَى مَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَلَمَّا وَقَعَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ فَقَامَ ذُو الشِّمَالَيْنِ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ قُتِلَ بِبَدْرٍ قَالَ لِأَجْلِ ذَلِكَ إَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ قَبْلَ بَدْرٍ وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ لِكُلٍّ مِنْ ذِي الشِّمَالَيْنِ وَذِي الْيَدَيْنِ وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَوَى الْحَدِيثَيْنِ فَأَرْسَلَ أَحَدَهُمَا وَهُوَ قِصَّةُ ذِي الشِّمَالَيْنِ وَشَاهَدَ الْآخَرَ وَهِيَ قِصَّةُ ذِي الْيَدَيْنِ وَهَذَا مُحْتَمَلٌ مِنْ طَرِيقِ الْجَمْعِ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ كَانَ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا ذُو الْيَدَيْنِ وَبِالْعَكْسِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلِاشْتِبَاهِ وَيَدْفَعُ الْمَجَازَ الَّذِي ارْتَكَبَهُ الطَّحَاوِيُّ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ بَيْنَمَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ اتَّفَقَ مُعْظَمُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّ ذَا الشِّمَالَيْنِ غَيْرُ ذِي الْيَدَيْنِ وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ كَذَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ بِالشَّكِّ وَتَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ الظُّهْرَ بِغَيْرِ الشَّكِّ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أبي سُفْيَان مولى بن أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَصْرَ بِغَيْرِ شكّ وَسَيَأْتِي بعد بَاب للْمُصَنف من طَرِيق بن سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهَا الْعَصْرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ قَالَ بن سِيرِينَ سَمَّاهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَكِنْ نَسِيتُ أَنَا وَلِمُسْلِمٍ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ إِمَّا الظُّهْرُ وَإِمَّا الْعَصْرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ مِنَ الرُّوَاةِ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ بَلْ رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن عون عَن بن سِيرِينَ أَنَّ الشَّكَّ فِيهِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفظه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَكِنِّي نَسِيتُهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَوَاهُ كَثِيرًا عَلَى الشَّكِّ وَكَانَ رُبَّمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا الظُّهْرُ فَجَزَمَ بِهَا وَتَارَةً غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا الْعَصْرُ فَجَزَمَ بِهَا وَطَرَأَ الشَّكُّ فِي تَعْيِينِهَا أَيْضًا على بن سِيرِينَ وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ الِاهْتِمَامَ بِمَا فِي الْقِصَّةِ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ فِي قِصَّةِ الْخِرْبَاقِ أَنَّهَا الْعَصْرُ فَإِنْ قُلْنَا إَنَّهُمَا قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ فَيَتَرَجَّحُ رِوَايَةُ مَنْ عَيَّنَ الْعَصْرَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ .

     قَوْلُهُ  فَسَلَّمَ زَادَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ وَفِي الَّذِي يَلِيهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَن بن سِيرِينَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَنَسْتَوْفِي الْكَلَامَ عَلَيْهِ ثمَّ قَوْله قَالَ سعد يَعْنِي بن إِبْرَاهِيمَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَهُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمُصَدَّرِ بِهِ الحَدِيث وَقد أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ مُفْرَدًا وَهَذَا الْأَثَرُ يُقَوِّي قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْكَلَامَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ تَكَلَّمَ سَاهِيًا أَوْ ظَانًّا أَنَّ الصَّلَاةَ تَمَّتْ وَمُرْسَلُ عُرْوَةَ هَذَا مِمَّا يُقَوِّي طَرِيقَ أَبِي سَلَمَةَ الْمَوْصُولَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ حَمَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُفْقَةِ عُرْوَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ وَغَيْرِهِمْ من الْفُقَهَاء