فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: الميت يسمع خفق النعال

( قَولُهُ بَابُ الْمَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ جَرَّدَ الْمُصَنِّفُ مَا ضَمَّنَهُ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ لِيَجْعَلَهُ أَوَّلَ آدَابِ الدَّفْنِ مِنَ إِلْزَامِ الْوَقَارِ وَاجْتِنَابِ اللَّغَطِ وَقَرْعِ الْأَرْضِ بِشِدَّةِ الْوَطْءِ عَلَيْهَا كَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مَعَ الْحَيِّ النَّائِمِ وَكَأَنَّهُ اقْتَطَعَ مَا هُوَ مِنْ سَمَاعِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ سَمَاعِ مَا هُوَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَتَرْجَمَ بِالْخَفْقِ وَلَفْظُ الْمَتْنِ بِالْقَرْعِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِلَفْظِ الْخَفْقِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ طَوِيلٍ فِيهِ وَأَنَّهُ لِيَسْمَعَ خَفْقَ نِعَالِهِمْ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذا ولوا مُدبرين أخرجه الْبَزَّار وبن حبَان فِي صَحِيحه هَكَذَا مُخْتَصرا وَأخرج بن حِبَّانَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْمَشْيِ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ قَالَ بن الْجَوْزِيِّ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ سِوَى الْحِكَايَةُ عَمَّنْ يَدْخُلُ الْمَقَابِرَ وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إِبَاحَةً وَلَا تَحْرِيمًا انْتَهَى وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنِ اسْتَدَلَّ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَخْذًا مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ وَأَقَرَّهُ فَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَبَيَّنَهُ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ سَمَاعَهُ إِيَّاهَا بَعْدَ أَنْ يُجَاوِزَ الْمَقْبَرَةَ وَيَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ حَدِيثُ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْقُبُورِ وَعَلَيْهِ نَعْلَانِ سِبْتِيَّتَانِ فَقَالَ يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِ نَعْلَيْكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ الْحَاكِم وَأغْرب بن حَزْمٍ فَقَالَ يَحْرُمُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا وَهُوَ جُمُودٌ شَدِيدٌ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنَ الْخُيَلَاءِ فَإِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ بن عُمَرَ كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَيَقُولُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ يُحْمَلُ نَهْيُ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي نَعْلَيْهِ قَذَرٌ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ مَا لَمْ يَرَ فِيهِمَا أَذًى



[ قــ :1286 ... غــ :1338] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا عَيَّاش هُوَ بن الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَهُوَ بِتَحْتَانِيَّةٍ وَمُعْجَمَةٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى هُوَ بن عَبْدِ الْأَعْلَى وَسَاقَ حَدِيثَهُ مَقْرُونًا بِرِوَايَةِ خَلِيفَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَلَى لَفْظِ خَلِيفَةَ وَسَيَأْتِي مُفْرَدًا فِي عَذَابِ الْقَبْرِ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ الْوَلِيدِ بِلَفْظِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَولُهُ هُنَا إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ كَذَا ثَبَتَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَات فَقَالَ بن التِّينِ إِنَّهُ كَرَّرَ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَرَأَيْتُهُ أَنَا مَضْبُوطًا بِخَطٍّ مُعْتَمَدٍ وَتُوُلِّيَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ تُوُلِّيَ أَمْرُهُ أَيِ الْمَيِّتُ وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ عَيَّاشٍ بِلَفْظِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي جَمِيع الرِّوَايَات عِنْد مُسلم وَغَيره