فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما

( قَولُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَ)
بن رَشِيدٍ قَالَ بَعْضُهُمْ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ قَبْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَصْدَرُ مِنْ قَبَرْتُهُ قَبْرًا وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهُ أَرَادَ الِاسْمَ وَمَقْصُودُهُ بَيَانُ صِفَتِهِ مِنْ كَوْنِهِ مُسَنَّمًا أَوْ غَيْرَ مُسَنَّمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ .

     قَوْلُهُ  قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَقْبَرَهُ يُرِيدُ تَفْسِير الْآيَة ثمَّ أَمَاتَهُ فأقبره أَيْ جَعَلَهُ مِمَّنْ يُقْبَرُ لَا مِمَّنْ يُلْقَى حَتَّى تَأْكُلَهُ الْكِلَابُ مَثَلًا.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ أَقْبَرَهُ أَمَرَ بِأَنْ يُقْبَرَ .

     قَوْلُهُ  أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا جَعَلْتُ لَهُ قَبْرًا وَقَبَرْتُهُ دَفَنْتُهُ قَالَ يَحْيَى الْفَرَّاءُ فِي الْمَعَانِي يُقَالُ أَقْبَرَهُ جَعَلَهُ مَقْبُورًا وَقَبَرَهُ دَفَنَهُ .

     قَوْلُهُ  كِفَاتًا إِلَخْ رَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كفاتا أَحيَاء وامواتا قَالَ يَكُونُونَ فِيهَا مَا أَرَادُوا ثُمَّ يُدْفَنُونَ فِيهَا ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ أَوَّلَهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ وَقَدْ ضُبِطَ فِي رِوَايَتِنَا بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي يتمنع وَحكى بن التِّينِ أَنَّهُ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ بِالْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَسْأَلُ عَنْ قَدْرِ مَا بَقِيَ إِلَى يَوْمِهَا لِأَنَّ الْمَرِيضَ يَجِدُ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِهِ مِنَ الْأُنْسِ مَا لَا يَجِدُ عِنْدَ بَعْضٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي بَعْدَهُ فِي بَابِ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ آخِرَ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمَقْصُودُ مِنَ إِيرَادِهِمَا هُنَا بَيَانُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُفِنَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ وتَقَدَّمَ ثَانِيهِمَا فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ عَلَى الْمَسَاجِدِ مِنْ طَرِيقِ هِلَالٍ الْمَذْكُورِ وَفِي بَابِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْقَبْرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ أَيْضًا



[ قــ :1335 ... غــ :1390] .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ هِلَالٍ يَعْنِي بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  كَنَّانِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَيِ الَّذِي رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ وَاخْتُلِفَ فِي كُنْيَةِ هِلَالٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أَبُو عَمْرٍو وَقِيلَ أَبُو أُمَيَّةَ وَقِيلَ أَبُو الجهم
قَوْله عَن سُفْيَان التمار هُوَ بن دِينَار على الصَّحِيح وَقيل بن زِيَادٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا عُصْفُرِيٌّ كُوفِيٌّ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَقَدْ لَحِقَ عَصْرَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ أَرَ لَهُ رِوَايَةً عَنْ صَحَابِيٍّ .

     قَوْلُهُ  مُسَنَّمًا أَيْ مُرْتَفِعًا زَادَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَذَلِكَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَسْنِيمُ الْقُبُورِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْمُزَنِيِّ وَكَثِيرٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَادَّعَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ قُدَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ اسْتَحَبُّوا التَّسْطِيحَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ وَقَوْلُ سُفْيَانَ التَّمَّارِ لَا حُجَّةَ فِيهِ كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ قَبْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَوَّلِ مُسَنَّمًا فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّةُ اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ فَكَشَفَتْ لَهُ عَنْ ثَلَاثَةِ قُبُورٍ لَا مُشْرِفَةٍ وَلَا لَاطِئَةٍ مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ زَادَ الْحَاكِمُ فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَدَّمًا وَأَبَا بَكْرٍ رَأْسُهُ بَيْنَ كَتِفَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرُ رَأْسُهُ عِنْدَ رِجْلَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا كَانَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ فَكَأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَوَّلِ مُسَطَّحَةً ثُمَّ لَمَّا بُنِيَ جِدَارُ الْقَبْرِ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ صَيَّرُوهَا مُرْتَفِعَةً وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ فِي كِتَابِ صِفَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاق بن عِيسَى بن بِنْتِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ غُنَيْمِ بْنِ بِسْطَامٍ الْمَدِينِيِّ قَالَ رَأَيْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَأَيْتُهُ مُرْتَفِعًا نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَرَأَيْتُ قَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَرَاءَ قَبْرِهِ وَرَأَيْتُ قَبْرَ عُمَرَ وَرَاءَ قَبْرِ أَبِي بَكْرٍ أَسْفَلَ مِنْهُ ثُمَّ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ فِي أَيِّهِمَا أَفْضَلُ لَا فِي أَصْلِ الْجَوَازِ ورحج الْمُزَنِيُّ التَّسْنِيمَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّ الْمُسَطَّحَ يُشْبِهُ مَا يُصْنَعُ لِلْجُلُوسِ بِخِلَافِ الْمُسَنَّمِ وَرَجَّحَهُ بن قُدَامَةَ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَبْنِيَةَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَهُوَ مِنْ شِعَارِ أَهْلِ الْبِدَعِ فَكَانَ التَّسْنِيمُ أَوْلَى وَيُرَجِّحُ التَّسْطِيحَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَبْرٍ فَسُوِّيَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا
.

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا فَرْوَةُ هُوَ بن أبي المغراء وعَلى هُوَ بن مُسْهِرٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْحَائِطُ أَيْ حَائِطُ حُجْرَةِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ عَنْهُمْ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ إِلَى الْقَبْرِ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرُفِعَ حَتَّى لَا يُصَلِّيَ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَلَمَّا هُدِمَ بَدَتْ قَدَمٌ بِسَاقٍ وَرُكْبَةٍ فَفَزِعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأَتَاهُ عُرْوَةُ فَقَالَ هَذَا سَاقُ عُمَرَ وَرُكْبَتُهُ فَسُرِّيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرَوَى الْآجُرِّيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ كَتَبَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَانَ قَدِ اشْتَرَى حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ اهْدِمْهَا وَوَسِّعْ بِهَا الْمَسْجِدَ فَقَعَدَ عُمَرُ فِي نَاحِيَةٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهَدْمِهَا فَمَا رَأَيْتُهُ بَاكِيًا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ بَنَاهُ كَمَا أَرَادَ فَلَمَّا أَنْ بَنَى الْبَيْتَ عَلَى الْقَبْرِ وَهَدَمَ الْبَيْتَ الْأَوَّلَ ظَهَرَتِ الْقُبُورُ الثَّلَاثَةُ وَكَانَ الرَّمْلُ الَّذِي عَلَيْهَا قَدِ انْهَارَ فَفَزِعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَيُسَوِّيَهَا بِنَفْسِهِ فَقُلْتُ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّكَ إِنْ قُمْتَ قَامَ النَّاسُ مَعَكَ فَلَوْ أَمَرْتَ رَجُلًا أَنْ يُصْلِحَهَا وَرَجَوْتُ أَنَّهُ يَأْمُرُنِي بِذَلِكَ فَقَالَ يَا مُزَاحِمُ يَعْنِي مَوْلَاهُ قُمْ فَأَصْلِحْهَا قَالَ رَجَاءٌ وَكَانَ قَبْرُ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ وَسَطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رَأْسُهُ عِنْدَ وَسَطِهِ وَهَذَا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ حَدِيثَ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَإِلَّا فَحَدِيثُ الْقَاسِمِ أَصَحُّ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَمِينِهِ وَعُمَرُ عَنْ يَسَارِهِ فَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :1338 ... غــ :1391] .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ هِشَامٍ هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِصَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامٍ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدَةَ عَنْ هِشَامٍ وَزَادَ فِيهِ وَكَانَ فِي بَيْتِهَا مَوْضِعُ قَبْرٍ .

     قَوْلُهُ  لَا أُزَكَّى بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْكَافِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ لَا يُثْنَى عَلَيَّ بِسَبَبِهِ وَيُجْعَلُ لِي بِذَلِكَ مَزِيَّةٌ وَفَضْلٌ وَأَنَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَلِكَ وَهَذَا مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ التَّوَاضُعِ وَهَضْمِ النَّفْسِ بِخِلَافِ قَوْلِهَا لِعُمَرَ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي فَكَأَنَّ اجْتِهَادَهَا فِي ذَلِكَ تَغَيَّرَ أَوْ لَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ لِعُمَرَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ لَهَا مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ الْجَمَلِ فَاسْتَحْيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تُدْفَنَ هُنَاكَ وَقَدْ قَالَ عَنْهَا عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ وَهُوَ أَحَدُ مَنْ حَارَبَهَا يَوْمَئِذٍ إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ كَمَا قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ





[ قــ :1339 ... غــ :139] .

     قَوْلُهُ  رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ سَيَأْتِي فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ وَزَادَ فِيهِ وَقُلْ يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ وَلَا تَقُلْ أَمِيُرُ الْمُؤْمِنِينَ وَفِي أَوَّلِهِ قَدْرُ وَرَقَةٍ فِي سِيَاقِ مَقْتَلِهِ وَفِي آخِرِهِ قَدْرُ صَفْحَةٍ فِي قصَّة بيعَة عُثْمَان قَالَ بن التِّينِ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَا يَسَعُ إِلَّا مَوْضِعَ قَبْرٍ وَاحِدٍ فَهُوَ يُغَايِرُ قَوْلَهَا عِنْدَ وَفَاتِهَا لَا تَدْفِنِّي عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ بَقِيَ مِنَ الْبَيْتِ مَوْضِعٌ لِلدَّفْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ أَوَّلًا تَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَسَعُ إِلَّا قَبْرًا وَاحِدًا فَلَمَّا دُفِنَ ظَهَرَ لَهَا أَنَّ هُنَاكَ وُسْعًا لِقَبْرٍ آخَرَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا اسْتَأْذَنَهَا عُمَرُ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ كَانَ بَيْتَهَا وَكَانَ لَهَا فِيهِ حَقٌّ وَكَانَ لَهَا أَنْ تُؤْثِرَ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا فَآثَرَتْ عُمَرَ وَفِيهِ الْحِرْصُ عَلَى مُجَاوَرَةِ الصَّالِحِينَ فِي الْقُبُورِ طَمَعًا فِي إِصَابَةِ الرَّحْمَةِ إِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ وَفِي دُعَاءِ مَنْ يَزُورُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَفِي قَوْلِ عُمَرَ قُلْ يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ فَإِنْ أَذِنَتْ أَنَّ مَنْ وَعَدَ عِدَةً جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَلَا يُلْزَمُ بِالْوَفَاءِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ بَعَثَ رَسُولًا فِي حَاجَةٍ مُهِمَّةٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ الرَّسُولَ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ قِلَّةِ الصَّبْرِ بَلْ من الْحِرْص على الْخَيْر وَالله أعلم