فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها

( قَولُهُ بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهَا)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ يَجْتَمِعُ التَّحْرِيضُ وَالشَّفَاعَةُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِيصَالُ الرَّاحَةِ لِلْمُحْتَاجِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ التَّحْرِيضَ مَعْنَاهُ التَّرْغِيبُ بِذِكْرِ مَا فِي الصَّدَقَةِ مِنَ الْأَجْرِ وَالشَّفَاعَةُ فِيهَا مَعْنَى السُّؤَالِ وَالتَّقَاضِي لِلْإِجَابَةِ انْتَهَى وَيَفْتَرِقَانِ بِأَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي خَيْرٍ بِخِلَافِ التَّحْرِيضِ وَبِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ تَحْرِيضٍ وَذَكَرَ المُصَنّف فِي الْبَاب ثَلَاثَة أَحَادِيث أَولهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي تَحْرِيضِ النِّسَاءِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَبْسُوطًا فِي الْعِيدَيْنِ وَقَولُهُ



[ قــ :1375 ... غــ :1431] هُنَا عَنْ عدي هُوَ بن ثَابِتٍ وَقَولُهُ الْقُلْبُ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ آخِرُهَا مُوَحَّدَةٌ هُوَ السُّوَارُ وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا كَانَ من عظم وَالْخُرْصُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ هِيَ الْحَلْقَةُ ثَانِيَهَا حَدِيثَ أَبِي مُوسَى اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وقَدْ أُورِدَ فِي بَابِ الشَّفَاعَةِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَبْدُ الْوَاحِدِ فِي الْإِسْنَاد هُوَ بن زِيَاد قَالَ بن بَطَّالٍ الْمَعْنَى اشْفَعُوا يَحْصُلْ لَكُمُ الْأَجْرُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قُضِيَتِ الْحَاجَةُ أَوْ لَا ثَالِثَهَا حَدِيثُ أَسْمَاءَ وَهِيَ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لَا تُوكِي فَيُوكَى عَلَيْكَ كَذَا عِنْدَهُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْفَاعِلَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ لَا تُحْصِي فَيُحْصِي اللَّهُ عَلَيْكَ فَأَبْرَزَ الْفَاعِلَ وَكِلَاهُمَا بِالنَّصْبِ لِكَوْنِهِ جَوَابَ النَّهْيِ وَبِالْفَاءِ .

     قَوْلُهُ  عَبْدَةَ هُوَ بن سُلَيْمَان وَهِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ وَفَاطِمَةُ هِيَ بِنْتُ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَهِيَ زَوْجُ هِشَامٍ وَأَسْمَاءُ جَدَّتُهُمَا لِأَبَوَيْهِمَا وَقَولُهُ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ عَنْ عَبْدَةَ أَيْ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ كَانَ عِنْدَ عَبْدَةَ عَنْ هِشَامٍ بِاللَّفْظَيْنِ فَحَدَّثَ بِهِ تَارَةً هَكَذَا وَتَارَةً هَكَذَا وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ بِاللَّفْظَيْنِ مَعًا وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مِنْ طَرِيقِ بن نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ بِاللَّفْظَيْنِ لَكِنْ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَدَلَ الْكَافَ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ يُقَالُ أَوْعَيْتُ الْمَتَاعَ فِي الْوِعَاءِ أُوعِيهِ إِذَا جَعَلْتُهُ فِيهِ وَوَعَيْتُ الشَّيْءَ حَفِظْتُهُ وَإِسْنَادُ الْوَعْيِ إِلَى اللَّهِ مَجَازٌ عَن الْإِمْسَاك وَالْإِيكَاءُ شَدُّ رَأْسِ الْوِعَاءِ بِالْوِكَاءِ وَهُوَ الرِّبَاطُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ وَالْإِحْصَاءُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الشَّيْءِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُقَابَلَةِ وَالْمعْنَى النَّهْي عَن منع الصَّدَقَة خشيَة النفاد فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ الْأَسْبَابِ لِقَطْعِ مَادَّةِ الْبَرَكَةِ لِأَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ عَلَى الْعَطَاءِ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَمَنْ لَا يُحَاسَبُ عِنْدَ الْجَزَاءِ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَطَاءِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ فَحَقُّهُ أَنْ يُعْطِيَ وَلَا يَحْسِبَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْإِحْصَاءِ عَدُّ الشَّيْءِ لِأَنْ يُدَّخَرَ وَلَا يُنْفَقَ مِنْهُ وَأَحْصَاهُ اللَّهُ قَطَعَ الْبَرَكَةَ عَنْهُ أَوْ حَبَسَ مَادَّةَ الرِّزْقِ أَوِ الْمُحَاسَبَةَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ سَبَبِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بن رَشِيدٍ قَدْ تَخْفَى مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ أَسْمَاءَ لِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَلَيْسَ بِخَافٍ عَلَى الْفَطِنِ مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّحْرِيضِ وَالشَّفَاعَةِ مَعًا فَإِنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذِهِ هِيَ النُّكْتَة فِي ختم الْبَاب بِهِ