فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب صلاة الإمام، ودعائه لصاحب الصدقة

( قوَله بَابُ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَدُعَائِهِ لِصَاحِبِ الصَّدَقَةِ وَقَولُهُ تَعَالَى خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة إِلَى قَوْله سكن لَهُم)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ عَطَفَ الدُّعَاءَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي التَّرْجَمَةِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ لَفْظَ الصَّلَاةِ لَيْسَ مُحَتَّمًا بَلْ غَيْرُهُ مِنَ الدُّعَاءِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ الِانْحِصَارِ فِي لَفْظِ الصَّلَاةِ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي رَجُلٍ بَعَثَ بِنَاقَةٍ حَسَنَةٍ فِي الزَّكَاةِ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إِبِلِهِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِالْآيَةِ لِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ فُهِمَ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ مُدَاوَمَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَحَمَلَهُ عَلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى وصل عَلَيْهِم وروى بن أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ السُّدِّيِّ فِي قَوْله تَعَالَى وصل عَلَيْهِم قَالَ أدع لَهُم.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ بِالْإِمَامِ لِيُبْطِلَ شُبْهَةَ أَهْلِ الرِّدَّةِ فِي قَوْلِهِمْ لِلصِّدِّيقِ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِن صَلَاتك سكن لَهُم وَهَذَا خَاصٌّ بِالرَّسُولِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ كُلَّ إِمَامٍ دَاخِلٌ فِي الْخِطَابِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرو هُوَ بن مُرَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَارِقٍ الْمُرَادِيُّ الْكُوفِيُّ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا من بن أَبِي أَوْفَى قَالَ شُعْبَةُ كَانَ لَا يُدَلِّسُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي بِلَفْظ سَمِعت بن أَبِي أَوْفَى وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ .

     قَوْلُهُ 



[ قــ :1438 ... غــ :1497] قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلَانٍ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى آلِ فُلَانٍ .

     قَوْلُهُ  عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى يُرِيدُ أَبَا أَوْفَى نَفْسَهُ لِأَنَّ الْآلَ يُطْلَقُ عَلَى ذَاتِ الشَّيْءِ كَقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ أَبِي مُوسَى لَقَدْ أُوتِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ وَقِيلَ لَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِي حَقِّ الرَّجُلِ الْجَلِيلِ الْقَدْرِ وَاسْمُ أَبِي أَوْفَى عَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيُّ شَهِدَ هُوَ وَابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بَيْعَةَ الرَّضْوَانِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَعُمِّرَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَنْ كَانَ آخِرَ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْكُوفَةِ وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ قَالَ بن التِّينِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ جمَاعَة من الْعلمَاء يَدْعُو آخذ الصَّدَقَة للتصدق بِهَذَا الدُّعَاءِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَجَابَ الْخَطَّابِيُّ عَنْهُ قَدِيمًا بِأَنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ إِلَّا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَدْعُوِّ لَهُ فَصَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ دُعَاءٌ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَصَلَاةُ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ دُعَاءٌ لَهُ بِزِيَادَةِ الْقُرْبَى وَالزُّلْفَى وَلِذَلِكَ كَانَ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِهِ انْتَهَى وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ دُعَاءِ آخِذِ الزَّكَاةِ لِمُعْطِيهَا وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم السعاة وَلِأَنَّ سَائِرَ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ مِنَ الْكَفَّارَاتِ وَالدُّيُونِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الدُّعَاءُ فَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ.
وَأَمَّا الْآيَةُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ خَاصًّا بِهِ لِكَوْنِ صَلَاتِهِ سَكَنًا لَهُمْ بِخِلَاف غَيره