فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب جزاء الصيد ونحوه وقول الله تعالى: (

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ إِذَا صَادَ الْحَلَالُ فَأُهْدِيَ لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدُ أَكَلَهُ)

كَذَا ثَبَتَ لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ فَجَعَلُوهُ مِنْ جُمْلَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهْ قَوْله وَلم ير بن عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ بِالذَّبْحِ بَأْسًا وَهُوَ فِي غَيْرِ الصَّيْدِ نَحْوَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالْخَيْلِ الْمُرَادُ بِالذَّبْحِ مَا يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ وَالْأَمْرُ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ خَصَّصَهُ بِمَا ذَكَرَ تَفَقُّهًا فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ حُكْمَ مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ حُكْمُ الْمَيْتَةِ وَقِيلَ يَصِحُّ مَعَ الْحُرْمَةِ حَتَّى يَجُوزَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ أَكْلُهُ وَبِهِ قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَأثر بن عَبَّاسٍ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَن بن عَبَّاسٍ أَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَ جَزُورًا وَهُوَ مُحْرِمٌ وَأما أثر أنس فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الصَّبَّاحِ الْبَجَلِيِّ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنِ الْمُحْرِمِ يَذْبَحُ قَالَ نَعَمْ وَقَولُهُ وَهُوَ أَيِ الْمَذْبُوحُ إِلَخْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ تَفَقُّهًا وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَا الْخَيْلَ فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمِنْ يُبِيحُ أكلهَا قَوْله يُقَال عدل مِثْلُ فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلُ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ أَمَّا تَفْسِيرُ الْعَدْلِ بِالْفَتْحِ بِالْمِثْلِ وَالْكَسْرِ بِالزِّنَةِ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَغَيْرِهِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ الْعَدْلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ هُوَ قَدْرُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ قَدْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ إِلَى أَنَّ الْعَدْلَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ عَدَلْتُ هَذَا بِهَذَا.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ الْعَدْلُ هُوَ الْقِسْطُ فِي الْحَقِّ وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ الْمِثْلُ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الزَّكَاةِ .

     قَوْلُهُ  قِيَامًا قِوَامًا هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ أَصْلُهُ الْوَاوُ فَحُوِّلَتْ عَيْنُ الْفِعْلِ يَاءً كَمَا قَالُوا فِي الصَّوْمِ صُمْتُ صِيَامًا وَأَصْلُهُ صِوَامًا قَالَ الشَّاعِرُ قِيَامُ دُنْيَا وَقِوَامُ دِينٍ فَرَدَّهُ إِلَى أَصْلِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ فَالْمَعْنَى جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ بِمَنْزِلَةِ الرَّئِيسِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ أَمْرُ أَتْبَاعِهِ يُقَالُ فُلَانٌ قِيَامُ الْبَيْتِ وَقِوَامُهُ الَّذِي يُقِيمُ شَأْنَهُمْ .

     قَوْلُهُ  يَعْدِلُونَ يَجْعَلُونَ لَهُ عَدْلًا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَمُنَاسَبَةُ إِيرَادِهِ هُنَا ذِكْرُ لَفْظِ الْعَدْلِ فِي قَوْلِهِ أَو عدل ذَلِك صياما وَفِي قَوْلِهِ يَعْدِلُونَ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ وَقَولُهُ يَجْعَلُونَ لَهُ عَدْلًا أَيْ مِثْلًا تَعَالَى اللَّهُ عَنْ



[ قــ :1739 ... غــ :1821] قَوْلِهِمْ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا هِشَام هُوَ الدستوَائي وَيحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ فِي رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَلَامٍ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ مُسْلِمٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ .

     قَوْلُهُ  انْطَلَقَ أَبِي عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ هَكَذَا سَاقَهُ مُرْسَلًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ وَأخرجه أَحْمد عَن بن عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ لَكِنْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ يَحْيَى فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ وَقَولُهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ الضَّمِيرُ لِأَبِي قَتَادَةَ بَيَّنَهُ مُسْلِمٌ أَحْرَمَ أَصْحَابِي وَلَمْ أُحْرِمْ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ وَأُنْبِئْنَا بِعَدُوٍّ بِغَيْقَةَ فَتَوَجَّهْنَا نَحْوَهُمْ وَفِي هَذَا السِّيَاقِ حَذْفٌ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ وَهِيَ بَعْدَ بَابَيْنِ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ حَاجًّا فَخَرَجُوا مَعَهُ فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا أَبَا قَتَادَةَ وَسَيَأْتِي الْجَمْعُ هُنَاكَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ خَرَجَ حَاجًّا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَين الْمطلب عَن أبي قَتَادَة عَن سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مَكَانَ صَرْفِهِمْ وَلَفْظُهُ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا الرَّوْحَاءَ .

     قَوْلُهُ  وَحُدِّثَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَقَولُهُ بِغَيْقَةَ أَيْ فِي غَيْقَةَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ قَافٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ هَاءٌ قَالَ السُّكُونِيُّ هُوَ مَاءٌ لِبَنِي غِفَارٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.

     وَقَالَ  يَعْقُوبُ هُوَ قَلِيبٌ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ يَصُبُّ فِيهِ مَاءُ رَضْوَى وَيَصُبُّ هُوَ فِي الْبَحْرِ وَحَاصِلُ الْقِصَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَرَجَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ فَبَلَغَ الرَّوْحَاءَ وَهِيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا أَخْبَرُوهُ بِأَنَّ عَدُوًّا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِوَادِي غَيْقَةَ يُخْشَى مِنْهُمْ أَنْ يَقْصِدُوا غِرَّتَهُ فَجَهَّزَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ إِلَى جِهَتِهِمْ لِيَأْمَنَ شَرَّهُمْ فَلَمَّا أَمِنُوا ذَلِكَ لَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ وَأَصْحَابُهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْرَمُوا إِلَّا هُوَ فَاسْتَمَرَّ هُوَ حَلَالًا لِأَنَّهُ إِمَّا لَمْ يُجَاوِزِ الْمِيقَاتَ وَإِمَّا لَمْ يَقْصِدِ الْعُمْرَةَ وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ قَالَ كُنْتُ أَسْمَعُ أَصْحَابَنَا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُونَ كَيْفَ جَازَ لِأَبِي قَتَادَةَ أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ وَلَا يَدْرُونَ مَا وَجْهُهُ قَالَ حَتَّى وَجَدْتُهُ فِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِيهَا خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْرَمْنَا فَلَمَّا كُنَّا بِمَكَانِ كَذَا إِذَا نَحْنُ بِأَبِي قَتَادَةَ وَكَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ فِي وَجْهِ الْحَدِيثَ قَالَ فَإِذَا أَبُو قَتَادَةَ إِنَّمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ يُرِيدُ مَكَّةَ.

قُلْتُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا تَقْتَضِي أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ لَمْ يَخْرُجْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي صَحِيح بن حبَان وَالْبَزَّار من طَرِيق غِيَاض بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا قَتَادَةَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَخَرَجَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَهُمْ مُحْرِمُونَ حَتَّى نَزَلُوا بِعُسْفَانَ فَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ وَيُحْتَمَلُ جَمْعُهُمَا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ إِنَّمَا أَخَّرَ الْإِحْرَامَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَسَاغَ لَهُ التَّأْخِيرُ وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِقِصَّةِ أَبِي قَتَادَةَ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ الْحَرَمِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً وَقِيلَ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ قَبْلَ أَنْ يُؤَقِّتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوَاقِيتَ.
وَأَمَّا قَوْلُ عِيَاضٍ وَمَنْ تَبِعَهُ إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْلِمُونَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ قَصَدُوا الْإِغَارَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا ثَبَتَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الصَّحِيحَةِ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابَيْنِ كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهَا قَبْلُ قَوْله فَبينا أَبِي مَعَ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ فَبَصُرَ أَصْحَابِي بِحِمَارِ وَحْشٍ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ هَكَذَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ وَالرِّوَايَاتِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْعُذْرِيِّ فِي مُسْلِمٍ فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَضْحَكُ إِلَيَّ فَشُدِّدَتِ الْيَاءُ مِنْ إِلَيَّ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَلَيْهِ لَفْظَةُ بَعْضٍ ثُمَّ احْتَجَّ لِضَعْفِهَا بِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ أَكْبَرَ إِشَارَةٍ وَقَدْ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ قَالُوا لَا وَإِذَا دَلَّ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ عَلَى الصَّيْدِ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ انْتَهَى.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِصِحَّتِهَا وَصِحَّةِ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ لَهُمْ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ.

قُلْتُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَكْفِي فِي رَدِّ دَعْوَى الْقَاضِي فَإِنَّ قَوْلَهُ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هُوَ مُجَرَّدُ ضَحِكٍ وَقَولُهُ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ فِيهِ مَزِيدُ أَمْرٍ عَلَى مُجَرَّدِ الضَّحِكِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّهُمُ اشْتَرَكُوا فِي رُؤْيَتِهِ فَاسْتَوَوْا فِي ضَحِكِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَبُو قَتَادَةَ لَمْ يَكُنْ رَآهُ فَيَكُونُ ضَحِكُ بَعْضِهِمْ إِلَيْهِ بِغَيْرِ سَبَبٍ بَاعِثًا لَهُ عَلَى التَّفَطُّنِ إِلَى رُؤْيَتِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَ الْقَاضِي مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي النَّضْرِ عَنْ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ بِلَفْظِ إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ مُتَشَوِّفِينَ لِشَيْءٍ فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ حِمَارُ وَحْشٍ فَقُلْتُ مَا هَذَا فَقَالُوا لَا نَدْرِي فَقُلْتُ هُوَ حِمَارُ وَحْشٍ فَقَالُوا هُوَ مَا رَأَيْتَ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ والطَّحَاوِي وبن حِبَّانَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَجَاءَ أَبُو قَتَادَةَ وَهُوَ حل فنكسوا رؤوسهم كَرَاهِيَةَ أَنْ يُحِدُّوا أَبْصَارَهُمْ لَهُ فَيَفْطِنَ فَيَرَاهُ اه فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِمْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَ الْقَاضِي وَفِي قَوْلِ الشَّيْخِ قَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ نَظَرٌ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي إِثْبَاتِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَحَذْفِهَا لَمْ يَقَعْ فِي طَرِيقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي سِيَاقِ إِسْنَادٍ وَاحِدٍ مِمَّا عِنْدَ مُسْلِمٍ فَكَانَ مَعَ مَنْ أَثْبَتَ لَفْظَ بَعْضٍ زِيَادَةُ عِلْمٍ سَالِمَةٌ مِنَ الْإِشْكَالِ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ وَبَيَّنَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ أَنَّ قِصَّةَ صَيْدِهِ لِلْحِمَارِ كَانَتْ بَعْدَ أَنِ اجْتَمَعُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَنَزَلُوا فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ وَلَفْظُهُ كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلٌ أَمَامَنَا وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ وَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ دُونَ أَبِي قَتَادَةَ بِقَوْلِهِ فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ وَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ وَهُمْ بِعُسْفَانَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّحِيحُ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَاحَةِ وَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَغَيْرُ مُحْرِمٍ فَرَأَيْتُ أَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ الْحَدِيثَ وَالْقَاحَةُ بِقَافٍ وَمُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ بَعْدَ الْأَلِفِ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ السُّقْيَا كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  فَنَظَرْتُ هَذَا فِيهِ الْتِفَاتٌ فَإِنَّ السِّيَاقَ الْمَاضِي يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ فَنَظَرَ لِقَوْلِهِ فَبَيْنَا أَبِي مَعَ أَصْحَابِهِ فَالتَّقْدِيرُ قَالَ أَبِي فَنَظَرْتُ وَهَذَا يُؤَيّد الرِّوَايَة الموصولة قَوْله فَإِذا أَنا بِحِمَارِ وَحْشٍ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رُؤْيَتَهَ لَهُ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْ رُؤْيَةِ أَصْحَابِهِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ وَلَفْظُهُ فَرَأَوْا حِمَارًا وَحْشِيًّا قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ أَبُو قَتَادَةَ فَلَمَّا رَأَوْهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رَآهُ فَرَكِبَ .

     قَوْلُهُ  فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا ثُمَّ رَكِبْتُ وَفِي رِوَايَةِ فُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ فَرَكِبَ فَرَسًا لَهُ يُقَالُ لَهُ الْجَرَادَةُ فَسَأَلَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا فَتَنَاوَلَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي النَّضْرِ وَكُنْتُ نَسِيتُ سَوْطِي فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِي سَوْطِي فَقَالُوا لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عُثْمَان بن موهب وَعند بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهُمَا كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فَاخْتَلَسَ مِنْ بَعْضِهِمْ سَوْطًا وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَقْوَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ رَأَى فِي سَوْطِ نَفْسِهِ تَقْصِيرًا فَأَخَذَ سَوْطَ غَيْرِهِ وَاحْتَاجَ إِلَى اخْتِلَاسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَبَهُ مِنْهُ اخْتِيَارًا لَامْتَنَعَ .

     قَوْلُهُ  فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ بِالْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ جَعَلْتُهُ ثَابِتًا فِي مَكَانِهِ لَا حَرَاكَ بِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي النَّضْرِ حَتَّى عَقَرْتُهُ فَأَتَيْتُ إِلَيْهِمْ فَقُلْتُ لَهُمْ قُومُوا فَاحْتَمِلُوا فَقَالُوا لَا نَمَسُّهُ فَحَمَلْتُهُ حَتَّى جِئْتُهُمْ بِهِ .

     قَوْلُهُ  فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ فِي رِوَايَةِ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فَأَكَلُوا فَنَدِمُوا وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ فَوَقَعُوا يَأْكُلُونَ مِنْهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ فَرُحْنَا وَخَبَّأْتُ الْعَضُدَ مَعِي وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضُهُمْ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَجَعَلُوا يَشْوُونَ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةِ الْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فَظَلِلْنَا نَأْكُلُ مِنْهُ مَا شِئْنَا طَبِيخًا وَشِوَاءً ثُمَّ تَزَوَّدْنَا مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ أَيْ نَصِيرُ مَقْطُوعِينَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْفَصِلِينَ عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَبَقَهُمْ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  بَعْدَ هَذَا وَخَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ وَبَيَّنَ ذَلِكَ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ بِلَفْظِ وَخَشِينَا أَنْ يَقْتَطِعَنَا الْعَدُوُّ وَفِيهَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَأَنَّهُمْ خَشُوا أَنْ يَقْتَطِعَهُمُ الْعَدُوُّ دُونَكَ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ سَبَبَ إِسْرَاعِ أَبِي قَتَادَةَ لِإِدْرَاكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشْيَةٌ عَلَى أَصْحَابِهِ أَنْ يَنَالَهُمْ بَعْضُ أَعْدَائِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي النَّضْرِ الْآتِيَةِ فِي الصَّيْدِ فَأَبَى بَعْضُهُمْ أَنْ يَأْكُلَ فَقُلْتُ أَنَا أَسْتَوْقِفُ لَكُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدْرَكْتُهُ فَحَدَّثْتُهُ الْحَدِيثَ فَفِي هَذَا أَنَّ سَبَبَ إِدْرَاكِهِ أَنْ يَسْتَفْتِيَهُ عَنْ قِصَّةِ أَكْلِ الْحِمَارِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْأَمْرَيْنِ .

     قَوْلُهُ  أَرْفَعُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ أَيْ أُكَلِّفُهُ السَّيْرَ وَشَأْوًا بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ أَيْ تَارَةً وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَرْكُضُهُ تَارَةً وَيَسِيرُ بِسُهُولَةٍ أُخْرَى .

     قَوْلُهُ  فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ .

     قَوْلُهُ  تَرَكَتْهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا السُّقْيَا بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ مَقْصُورَةٌ قَرْيَةٌ جَامِعَةٌ بَيْنَ مَكَّة وَالْمَدينَة وتعهن بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَبِفَتْحِهَا بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ هَاءٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ نُونٌ وَرِوَايَةُ الْأَكْثَرِ بِالْكَسْرِ وَبِهِ قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِ الْبِلَادِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَلِغَيْرِهِ بِفَتْحِهِمَا وَحَكَى أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنَ الْعَرَبِ بِذَلِكَ الْمَكَانِ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّ التَّاءَ وَيَفْتَحُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ الْهَاءَ قِيلَ وَهُوَ مِنْ تَغْيِيرَاتِهِمْ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَأَغْرَبَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فَضَبَطَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ وبتشديد الْهَاء قَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ التَّاءَ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ يُسَكِّنُونَ الْعَيْنَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِدِعْهِنَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ الْمُثَنَّاةِ وَقَولُهُ قَائِلٌ قَالَ النَّوَوِيُّ رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنَ الْقَيْلُولَةِ أَيْ تَرَكْتُهُ فِي اللَّيْلِ بِتِعْهِنَ وَعَزْمُهُ أَنْ يَقِيلَ بِالسُّقْيَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَهُوَ قَائِلٌ أَيْ سَيَقِيلُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ قَابِلٌ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ غَرِيبٌ وَكَأَنَّهُ تَصْحِيفٌ فَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ أَنَّ تِعْهِنَ مَوْضِعٌ مُقَابِلٌ لِلسُّقْيَا فَعَلَى الْأَوَّلِ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الثَّانِي الضَّمِيرُ لِلْمَوْضِعِ وَهُوَ تِعْهِنُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصْوَبُ وَأَكْثَرُ فَائِدَةً وَأَغْرَبَ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ قَائِلٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْقَوْلِ أَوْ مِنَ الْقَائِلَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَالسُّقْيَا مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ وَكَأَنَّهُ كَانَ بِتِعْهِنَ وَهُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ اقْصِدُوا السُّقْيَا وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق بن عُلَيَّةَ عَنْ هِشَامٍ وَهُوَ قَائِمٌ بِالسُّقْيَا فَأَبْدَلَ اللَّامَ فِي قَائِلٍ مِيمًا وَزَادَ الْبَاءَ فِي السُّقْيَا قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الصَّحِيحُ قَائِلٌ بِاللَّامِ.

قُلْتُ وَزِيَادَةُ الْبَاءِ تُوهِي الِاحْتِمَالَ الْأَخِيرَ الْمَذْكُورَ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ فِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَسِرْتُ فَأَدْرَكْتُهُ فَقُلْتُ وَيُوَضِّحُهُ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ بِلَفْظِ فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ أَهْلَكَ يقرؤون عَلَيْكَ السَّلَامَ الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ هُنَا الْأَصْحَابُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ إِنَّ أَصْحَابَكَ .

     قَوْلُهُ  فَانْتَظِرْهُمْ بِصِيغَةِ فِعْلِ الْأَمْرِ مِنَ الِانْتِظَارِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَانْتَظَرَهُمْ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي مِنْهُ وَمِثْلُهُ لِأَحْمَد عَن بن عُلَيَّةَ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ فَانْتَظِرْهُمْ فَفَعَلَ .

     قَوْلُهُ  أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ فَضْلَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قِطْعَةٌ فَضَلَتْ مِنْهُ فَهِيَ فَاضِلَةٌ أَيْ بَاقِيَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لِلْقَوْمِ كُلُوا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِد بعد بَابَيْنِ