فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل من علم وعلم

( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ)
الْأُولَى بِكَسْرِ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ أَيْ صَارَ عَالِمًا وَالثَّانِيَةُ بِفَتْحِهَا وَتَشْدِيدِهَا



[ قــ :79 ... غــ :79] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ هُوَ أَبُو كُرَيْبٍ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَكْثَرُ مِنِ اسْمِهِ وَكَذَا شَيْخُهُ أَبُو أُسَامَةَ وَبُرَيْدٌ بِضَمِّ الْمُوَحدَة وَأَبُو بردة جده وَهُوَ بن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ.

     وَقَالَ  فِي السِّيَاقِ عَنْ أَبِي مُوسَى وَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ تَفَنُّنًا وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  مَثَلُ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الصِّفَةُ الْعَجِيبَةُ لَا الْقَوْلُ السَّائِرُ .

     قَوْلُهُ  الْهُدَى أَيِ الدَّلَالَةُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَالْعِلْمُ الْمُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  نَقِيَّةٌ كَذَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا بِالنُّونِ مِنَ النَّقَاءِ وَهِيَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ وَالْحُمَيْدِيِّ وَفِي حَاشِيَةِ أَصْلِ أَبِي ذَرٍّ ثَغِبَةٌ بِمُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ مَفْتُوحَةٌ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هِيَ مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ فِي الْجِبَالِ وَالصُّخُورِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا غَلَطٌ فِي الرِّوَايَةِ وَإِحَالَةٌ لِلْمَعْنَى لِأَنَّ هَذَا وَصْفُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الَّتِي تَنْبُتُ وَمَا ذَكَرَهُ يَصْلُحُ وَصْفًا لِلثَّانِيَةِ الَّتِي تُمْسِكُ الْمَاءَ قَالَ وَمَا ضَبَطْنَاهُ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ إِلَّا نَقِيَّةٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي مُسْلِمٍ طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ.

قُلْتُ وَهُوَ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْمُسْتَخْرَجَاتِ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي كِتَابِ الزَّرْكَشِيِّ وَرُوِيَ بُقْعَةٌ.

قُلْتُ هُوَ بِمَعْنَى طَائِفَةٍ لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ رِوَايَات الصَّحِيحَيْنِ ثمَّ قَرَأت فِي شرح بن رَجَبٍ أَنَّ فِي رِوَايَةٍ بِالْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ النُّونِ قَالَ وَالْمُرَادُ بِهَا الْقِطْعَةُ الطَّيِّبَةُ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَمِنْهُ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُون من قبلكُمْ أولو بقيه .

     قَوْلُهُ  قَبِلَتْ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الْقَبُولِ كَذَا فِي مُعْظَمِ الرِّوَايَاتِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ قَيَّلَتْ بِالتَّحْتَانِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ .

     قَوْلُهُ  الْكَلَأَ بِالْهَمْزَةِ بِلَا مَدٍّ .

     قَوْلُهُ  وَالْعُشْبَ هُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِأَنَّ الْكَلَأَ يُطْلَقُ عَلَى النَّبْتِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ مَعًا وَالْعُشْبُ لِلرَّطْبِ فَقَطْ .

     قَوْلُهُ  إِخَاذَاتٌ كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَآخِرُهُ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقُ قَبْلَهَا أَلِفٌ جَمْعُ إِخَاذَةٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي تُمْسِكُ الْمَاءَ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَكَذَا فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَجَادِبُ بِالْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ جَمْعُ جَدَبٍ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَهِيَ الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ الَّتِي لَا يَنْضُبُ مِنْهَا الْمَاءُ وَضَبَطَهُ الْمَازِرِيُّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَوَهَّمَهُ الْقَاضِي وَرَوَاهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ أَبِي يَعْلَى عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ أَحَارِبُ بِحَاءٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَمْ يَضْبِطْهُ أَبُو يَعْلَى.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ لَيْسَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِشَيْءٍ قَالَ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ أَجَارِدُ بِجِيمٍ وَرَاءٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ جَمْعُ جَرْدَاءَ وَهِيَ الْبَارِزَةُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ صَحِيحُ الْمَعْنَى إِنْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ وَأَغْرَبَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فَجَعَلَ الْجَمِيعَ رِوَايَاتٍ وَلَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ سِوَى رِوَايَتَيْنِ فَقَطْ وَكَذَا جَزَمَ الْقَاضِي .

     قَوْلُهُ  فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا أَيْ بِالْإِخَاذَاتِ وَلِلْأَصِيلِيِّ بِهِ أَيْ بِالْمَاءِ .

     قَوْلُهُ  وَزَرَعُوا كَذَا لَهُ بِزِيَادَةِ زَايٍ مِنَ الزَّرْعِ وَوَافَقَهُ أَبُو يَعْلَى وَيَعْقُوبُ بْنُ الْأَخْرَمِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ وَلِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ وَرَعَوْا بِغَيْرِ زَايٍ مِنَ الرَّعْيِ قَالَ النَّوَوِيُّ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَرَجَّحَ الْقَاضِي رِوَايَةَ مُسْلِمٍ بِلَا مُرَجِّحٍ لِأَنَّ رِوَايَةَ زَرَعُوا تَدُلُّ عَلَى مُبَاشَرَةِ الزَّرْعِ لِتُطَابِقَ فِي التَّمْثِيلِ مُبَاشَرَةَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَإِنْ كَانَتْ رِوَايَةُ رَعَوْا مُطَابِقَةً لِقَوْلِهِ أَنْبَتَتْ لَكِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلْإِنْبَاتِ وَقِيلَ إِنَّهُ رُوِيَ وَوَعَوْا بِوَاوَيْنِ وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي .

     قَوْلُهُ  وَرَعَوْا رَاجِعٌ لِلْأُولَى لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهَا نَبَاتٌ انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الثَّانِيَةِ أَيْضًا بِمَعْنَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي اسْتَقَرَّ بِهَا سُقِيَتْ مِنْهُ أَرْضٌ أُخْرَى فَأَنْبَتَتْ .

     قَوْلُهُ  فَأَصَابَ أَيِ الْمَاءُ وَلِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ أَصَابَتْ أَيْ طَائِفَةٌ أُخْرَى وَوَقَعَ كَذَلِكَ صَرِيحًا عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَالْمُرَادُ بِالطَّائِفَةِ الْقِطْعَةُ .

     قَوْلُهُ  قِيعَانٌ بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُ قَاعٍ وَهُوَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الْمَلْسَاءُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ .

     قَوْلُهُ  فَقُهَ بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ صَارَ فَقِيها.

     وَقَالَ  بن التِّينِ رُوِّينَاهُ بِكَسْرِهَا وَالضَّمُّ أَشْبَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الدِّينِ مَثَلًا بِالْغَيْثِ الْعَام الَّذِي يَأْتِي النَّاس فِي حَال حَاجتهم إِلَيْهِ وَكَذَا كَانَ حَال النَّاسُ قَبْلَ مَبْعَثِهِ فَكَمَا أَنَّ الْغَيْثَ يُحْيِي الْبَلَدَ الْمَيِّتَ فَكَذَا عُلُومُ الدِّينِ تُحْيِي الْقَلْبَ الْمَيِّتَ ثُمَّ شَبَّهَ السَّامِعِينَ لَهُ بِالْأَرْضِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي يَنْزِلُ بِهَا الْغَيْثُ فَمِنْهُمُ الْعَالِمُ الْعَامِلُ الْمُعَلِّمُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الطَّيِّبَةِ شَرِبَتْ فَانْتَفَعَتْ فِي نَفْسِهَا وَأَنْبَتَتْ فَنَفَعَتْ غَيْرَهَا وَمِنْهُمُ الْجَامِعُ لِلْعِلْمِ الْمُسْتَغْرِقِ لِزَمَانِهِ فِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِنَوَافِلِهِ أَوْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِيمَا جَمَعَ لَكِنَّهُ أَدَّاهُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْمَاءُ فَيَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِ وَهُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْمَعُ الْعِلْمَ فَلَا يَحْفَظُهُ وَلَا يَعْمَلُ بِهِ وَلَا يَنْقُلُهُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ السَّبْخَةِ أَوِ الْمَلْسَاءِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْمَاءَ أَوْ تُفْسِدُهُ على غَيرهَا وَإِنَّمَا جمع فِي الْمَثَلَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الْمَحْمُودَتَيْنِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِمَا وَأَفْرَدَ الطَّائِفَةَ الثَّالِثَةَ الْمَذْمُومَةَ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ فِي كُلِّ مَثَلٍ طَائِفَتَيْنِ فَالْأَوَّلُ قَدْ أَوْضَحْنَاهُ وَالثَّانِي الْأُولَى مِنْهُ مَنْ دَخَلَ فِي الدِّينِ وَلَمْ يَسْمَعِ الْعِلْمَ أَوْ سَمِعَهُ فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ وَمِثَالُهَا مِنَ الْأَرْضِ السِّبَاخُ وَأُشِيرَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا أَيْ اعْرِض عَنهُ فَلم ينْتَفع بِهِ وَلَا نَفَعَ وَالثَّانِيَةُ مِنْهُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الدِّينِ أَصْلًا بَلْ بَلَغَهُ فَكَفَرَ بِهِ وَمِثَالُهَا مِنَ الْأَرْضِ الصَّمَّاءِ الْمَلْسَاءِ الْمُسْتَوِيَةِ الَّتِي يَمُرُّ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَأُشِيرَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي جِئْتُ بِهِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ بَقِيَ مِنْ أَقْسَامِ النَّاسِ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا الَّذِي انْتَفَعَ بِالْعِلْمِ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ غَيْرَهُ وَالثَّانِي مَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فِي نَفْسِهِ وَعَلَّمَهُ غَيْرَهُ.

قُلْتُ وَالْأَوَّلُ دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ النَّفْعَ حَصَلَ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مَرَاتِبُهُ وَكَذَلِكَ مَا تُنْبِتُهُ الْأَرْضُ فَمِنْهُ مَا يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِ وَمِنْهُ مَا يَصِيرُ هَشِيمًا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنْ كَانَ عَمِلَ الْفَرَائِضَ وَأَهْمَلَ النَّوَافِلَ فَقَدْ دَخَلَ فِي الثَّانِي كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَإِنْ تَرَكَ الْفَرَائِضَ أَيْضًا فَهُوَ فَاسِقٌ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ إِسْحَاقُ وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَيَّلَتْ أَيْ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ إِنَّ إِسْحَاق وَهُوَ بن رَاهْوَيْهِ حَيْثُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ خَالَفَ فِي هَذَا الْحَرْفِ قَالَ الْأَصِيلِيُّ هُوَ تَصْحِيفٌ مِنْ إِسْحَاقَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ بَلْ هُوَ صَوَابٌ وَمَعْنَاهُ شَرِبَتْ وَالْقَيْلُ شُرْبُ نِصْفِ النَّهَارِ يُقَالُ قَيَّلَتِ الْإِبِلُ أَيْ شَرِبَتْ فِي الْقَائِلَةِ.
وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَخْتَصُّ بِشُرْبِ الْقَائِلَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَوْنَ هَذَا أَصْلُهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ تَجَوُّزًا.

     وَقَالَ  بن دُرَيْدٍ قَيَّلَ الْمَاءُ فِي الْمَكَانِ الْمُنْخَفِضِ إِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ.
وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ يُفْسِدُ التَّمْثِيلَ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْمَاءِ إِنَّمَا هُوَ مِثَالُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَالْكَلَامُ هُنَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى الَّتِي شَرِبَتْ وَأَنْبَتَتْ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ .

     قَوْلُهُ  قَاعٌ يَعْلُوهُ الْمَاءُ وَالصَّفْصَفُ الْمُسْتَوِي مِنَ الْأَرْضِ هَذَا ثَابِتٌ عِنْدَ الْمُسْتَمْلِي وَأَرَادَ بِهِ أَنَّ قِيعَانَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْحَدِيثِ جَمْعُ قَاعٍ وَأَنَّهَا الْأَرْضُ الَّتِي يَعْلُوهَا الْمَاءُ وَلَا يَسْتَقِرُّ فِيهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الصَّفْصَفَ مَعَهُ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِي الِاعْتِنَاءِ بِتَفْسِيرِ مَا يَقَعُ فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْوَاقِعَةِ فِي الْقُرْآنِ وَقَدْ يَسْتَطْرِدُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصْطَفُّ بَدَلَ الصَّفْصَفِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَة كَرِيمَة.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ وَكَانَ شَيْخُنَا الْعِرَاقِيُّ يُرَجِّحُهَا وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ.

     وَقَالَ  إِسْحَاقُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ وَهَذَا يُرَجِّحُ الأول