فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية

( قَولُهُ بَابُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ حَذَفَ الْجَوَابَ إِيجَازًا وَاعْتِمَادًا عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ وَعَطَفَ قَوْلَهُ نِيَّةً عَلَى قَوْلِهِ احْتِسَابًا لِأَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا يَكُونُ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ فِي وُقُوعِهِ قُرْبَةً قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ انْتَصَبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ أَوْ تَمْيِيزٌ أَوْ حَالٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ فِي مَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ مُؤْمِنًا مُحْتَسِبًا وَالْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ الِاعْتِقَادُ بِحَقِّ فَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ وَبِالِاحْتِسَابِ طَلَبُ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ احْتِسَابًا أَيْ عَزِيمَةً وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى الرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَثْقِلٍ لِصِيَامِهِ وَلَا مُسْتَطِيلٍ لِأَيَّامِهِ .

     قَوْلُهُ  وقَالتْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهَا وَأَوَّلُهُ يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ هُنَا أَنَّ لِلنِّيَّةِ تَأْثِيرًا فِي الْعَمَلِ لِاقْتِضَاءِ الْخَبَرِ أَنْ فِي الْجَيْشِ الْمَذْكُورِ الْمُكْرَهَ وَالْمُخْتَارَ فَإِنَّهُمْ إِذَا بُعِثُوا عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَقَعَتِ الْمُؤَاخَذَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ دُونَ الْمُكْرَهِ



[ قــ :1817 ... غــ :1901] قَوْله حَدثنَا يحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سَلَمَةَ هُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُعَاذِ بْنِ هِشَام عَن أَبِيه عِنْد مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عِنْدَ أَحْمَدَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الْمَعْقُودِ لَهَا فِي أَوَاخِرِ الصِّيَامِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ زَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَمَا تَأَخَّرَ وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِدُونِهَا أَيْضًا وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْهُ وَتَابَعَهُ حَامِد بن يحيى عَن سُفْيَان أخرجه بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ وَاسْتَنْكَرَهُ وَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ فَقَدْ تَابَعَهُ قُتَيْبَةُ كَمَا تَرَى وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَهُوَ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي عَشْرٌ مِنْ فَوَائِدِهِ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ لَهُ وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ النَّجَاحِيُّ أخرجه أَبُو بكر بن الْمُقْرِئ فِي فَوَائِدِهِ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِدُونِهَا وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ وَجْهَيْنِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَدِ اسْتَوْعَبْتُ الْكَلَامَ عَلَى طُرُقِهِ فِي كِتَابِ الْخِصَالِ الْمُكَفِّرَةِ لِلذُّنُوبِ الْمُقَدَّمَةِ وَالْمُؤَخَّرَةِ وَهَذَا مُحَصَّلُهُ وَقَولُهُ مِنْ ذَنْبِهِ اسْمُ جِنْسٍ مُضَافٌ فَيَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الذُّنُوبِ إِلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ وَفِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْمَوَاقِيتِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَكَلِمَةُ مِنْ إِمَّا مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ غُفِرَ أَيْ غُفِرَ مِنْ ذَنبه مَا تقدم فَهُوَ مَنْصُوب الْمحل اوهى مَبْنِيَّةٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَفْعُولٌ لِمَا لَمْ يسم فَاعله فَيكون مَرْفُوع الْمحل