فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الصوم في السفر والإفطار

( قَولُهُ بَابُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَالْإِفْطَارِ)
أَيْ إِبَاحَةُ ذَلِكَ وَتَخْيِيرُ الْمُكَلَّفِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَسَأَذْكُرُ بَيَانَ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ بَابٍ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ مَا يُشْعِرُ بِهِ سِيَاقُهُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الرَّجُلِ لَهُ بِكَوْنِ الشَّمْسِ لَمْ تَغْرُبْ فِي جَوَابِ طَلَبِهِ لِمَا يُشِيرُ بِهِ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي بَابِ مَتَى يَحِلُّ فِطْرُ الصَّائِمِ وَفِي غَيْرِهِ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ



[ قــ :1858 ... غــ :1941] .

     قَوْلُهُ  الشَّمْسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ وَتَوْجِيهُهُمَا ظَاهِرٌ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ يَعْنِي تَابَعَا سُفْيَانَ وَهُوَ بن عُيَيْنَةَ وَالشَّيْبَانِيُّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ شَيْخُهُمْ فِيهِ وَمُتَابَعَةُ جَرِيرٍ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الطَّلَاقِ وَمُتَابَعَةُ أَبِي بَكْرٍ سَتَأْتِي مَوْصُولَةً بَعْدَ قَلِيلٍ فِي بَابِ تَعْجِيلِ الْإِفْطَارِ وَتَابَعَهُمْ غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ كَمَا سَيَأْتِي وَلَفْظُهُمْ مُتَقَارِبٌ وَالْمُرَادُ الْمُتَابَعَةُ فِي أَصْلِ الْحَدِيثِ





[ قــ :1859 ... غــ :194] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ وَهِشَامٌ هُوَ بن عُرْوَةَ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ هَكَذَا رَوَاهُ الْحُفَّاظُ عَنْ هِشَامٍ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَالدَّراوَرْدِيُّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ حَمْزَة بن عَمْرو وجعلوه مِنْ مُسْنَدِ حَمْزَةَ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مِنْ مُسْنَدِ عَائِشَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ لَمْ يَقْصِدُوا بِقَوْلِهِمْ عَنْ حَمْزَةَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَرَادُوا الْإِخْبَارَ عَنْ حِكَايَتِهِ فَالتَّقْدِيرُ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ قِصَّةِ حَمْزَةَ أَنَّهُ سَأَلَ لَكِنْ قَدْ صَحَّ مَجِيءُ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ حَمْزَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي مُرَاوِحَ عَنْ حَمْزَةَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ عَنْ عُرْوَةَ لَكِنَّهُ أَسْقَطَ أَبَا مَرَاوِحَ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ لِعُرْوَةَ فِيهِ طَرِيقِينَ سَمِعَهُ مِنْ عَائِشَةَ وَسَمِعَهُ مِنْ أَبِي مُرَاوِحَ عَنْ حَمْزَةَ .

     قَوْلُهُ  أَسْرُدُ الصَّوْمَ أَيْ أُتَابِعُهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنْ لَا كَرَاهِيَةَ فِي صِيَامِ الدَّهْرِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِأَنَّ التَّتَابُعَ يَصْدُقُ بِدُونِ صَوْمِ الدَّهْرِ فَإِنْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ لَمْ يُعَارِضْهُ هَذَا الْإِذْنُ بِالسَّرْدِ بَلِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ





[ قــ :1860 ... غــ :1943] .

     قَوْلُهُ  أأصوم فِي السّفر الخ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ صَوْمُ رَمَضَانَ فَلَا يَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ مَنَعَ صِيَامَ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ.

قُلْتُ وَهُوَ كَمَا قَالَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى سِيَاقِ حَدِيثِ الْبَابِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُرَاوِحَ الَّتِي ذَكَرْتُهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ صِيَامِ الْفَرِيضَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الرُّخْصَةَ إِنَّمَا تُطْلَقُ فِي مُقَابَلَةِ مَا هُوَ وَاجِبٌ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي صَاحِبُ ظَهْرٍ أُعَالِجُهُ أُسَافِرُ عَلَيْهِ وَأُكْرِيهِ وَأَنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَنِي هَذَا الشَّهْرُ يَعْنِي رَمَضَانَ وَأَنَا أَجِدُ الْقُوَّةَ وَأَجِدُنِي أَنْ أَصُومَ أَهْون على من أَن اؤخره فَيَكُونَ دَيْنًا عَلَيَّ فَقَالَ أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ يَا حَمْزَة