فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم} [البقرة: 276]

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَالله لَا يحب كل كفار أثيم)

روى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ ذَاكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا يَوْمَئِذٍ وَأَهْلَهُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الْمَعْنَى أَنَّ أَمْرَهُ يَئُولُ إِلَى قلَّة وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ مَا كَانَ مِنْ رَبًّا وَإِنْ زَادَ حَتَّى يَغْبِطَ صَاحِبَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْحَقُهُ وَأَصْلُهُ من حَدِيث بن مَسْعُود عِنْد بن مَاجَهْ وَأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَرْفُوعًا إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ عَاقِبَتُهُ إِلَى قُلٍّ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْنَا أَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى صَاحِبِ الرِّبَا أَرْبَعُونَ سَنَةً حَتَّى يمحق



[ قــ :2003 ... غــ :2087] قَوْله عَن يُونُس هُوَ بن يَزِيدَ .

     قَوْلُهُ  الْحَلِفُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ .

     قَوْلُهُ  مَنْفَقَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ مَفْعَلَةٌ مِنَ النَّفَاقِ بِفَتْحِ النُّونِ وَهُوَ الرَّوَاجُ ضِدُّ الْكَسَادِ وَالسِّلْعَةُ بِكَسْرِ السِّينِ الْمَتَاعُ وَقَولُهُ مَمْحَقَةٌ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ وَزْنُ الْأَوَّلِ وَحَكَى عِيَاضٌ ضَمَّ أَوَّلِهِ وَكَسْرَ الْحَاءِ وَالْمَحْقُ النَّقْصُ وَالْإِبْطَالُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الْمُحَدِّثُونَ يُشَدِّدُونَهَا وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ وَلِذَلِكَ صَحَّ خَبَرًا عَنِ الْحَلِفِ وَفِي مُسْلِمٍ الْيَمِينُ وَلِأَحْمَدَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ وَهِيَ أَوْضَحُ وَهُمَا فِي الْأَصْلِ مَصْدَرَانِ مَزِيدَانِ مَحْدُودَانِ بِمَعْنَى النِّفَاقِ وَالْمَحْقِ .

     قَوْلُهُ  لِلْبَرَكَةِ تَابَعَهُ عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ يُونُسَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَفِي رِوَايَة بن وَهْبٍ وَأَبِي صَفْوَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ لِلرِّبْحِ وَتَابَعَهُمَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظ ممحقة للكسب وَتَابعه بن وَهْبٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَمَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِلَى تَرْجِيحِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى اللَّيْثِ كَمَا اخْتُلِفَ عَلَى يُونُسَ وَوَقَعَ لِلْمِزِّيِّ فِي الْأَطْرَافِ فِي نِسْبَةِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ لِمَنْ خَرَّجَهَا وَهَمٌ يُعْرَفُ مِمَّا حَرَّرْتُهُ قَالَ بن الْمُنِيرِ مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ الْبَابِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ لِأَنَّ الرِّبَا الزِّيَادَةُ وَالْمَحْقَ النَّقْصُ فَقَالَ كَيْفَ تَجْتَمِعُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فَأَوْضَحَ الْحَدِيثُ أَنَّ الْحَلِفَ الْكَاذِبَ وَإِنْ زَادَ فِي الْمَالِ فَإِنَّهُ يَمْحَقُ الْبَرَكَةَ فَكَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا أَيْ يَمْحَقُ الْبَرَكَةَ مِنَ الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الرِّبَا وَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ زَائِدًا لَكِنَّ مَحْقَ الْبَرَكَةِ يُفْضِي إِلَى اضْمِحْلَالِ الْعَدَدِ فِي الدُّنْيَا كَمَا مر فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَإِلَى اضْمِحْلَالِ الْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ عَلَى التَّأْوِيل الثَّانِي