فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: كم يجوز الخيار

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ بِالتَّنْوِينِ كَمْ يَجُوزُ الْخِيَارُ)

وَالْخِيَارُ بِكَسْرِ الْخَاءِ اسْمٌ مِنَ الِاخْتِيَارِ أَوِ التَّخْيِيرِ وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ وَهُوَ خِيَارَانِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ خِيَارَ النَّقِيصَةِ وَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي الشَّرْطِ فَلَا يُزَادُ وَالْكَلَامُ هُنَا عَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِبَيَانِ مِقْدَارِهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثي الْبَاب بَيَان لذَلِك قَالَ بن الْمُنِيرِ لَعَلَّهُ أَخَذَ مِنْ عَدَمِ تَحْدِيدِهِ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بَلْ يُفَوَّضُ الْأَمْرُ فِيهِ إِلَى الْحَاجَةِ لِتَفَاوُتِ السِّلَعِ فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَلْقَمَة الغروي عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَهَذَا كَأَنَّهُ مُخْتَصَرٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ فِي قِصَّةِ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَسَأَذْكُرُهُ بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ وَبِهِ احْتُجَّ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ التَّوْقِيتَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْغَالِبِ يُمْكِنُ الِاخْتِيَارُ فِيهَا لَكِنْ لِكُلِّ شَيْءٍ أَمَدٌ بِحَسَبِهِ يَتَخَيَّرُ فِيهِ فَلِلدَّابَّةِ مَثَلًا وَالثَّوْبِ يَوْمٌ أَوْ يَوْمَانِ وَلِلْجَارِيَةِ جُمُعَةٌ وَلِلدَّارِ شَهْرٌ.

     وَقَالَ  الْأَوْزَاعِيُّ يَمْتَدُّ الْخِيَارُ شَهْرًا وَأَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ.

     وَقَالَ  الثَّوْرِيُّ يَخْتَصُّ الْخِيَارُ بِالْمُشْتَرِي وَيَمْتَدُّ لَهُ إِلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ وَيُقَالُ إِنَّهُ انْفَرَدَ بِذَلِكَ وَقَدْ صَحَّ الْقَوْلُ بِامْتِدَادِ الْخِيَارِ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْهُ فِي أَبْوَابِ الْمُلَازَمَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ بِقَوْلِهِ كَمْ يَجُوزُ الْخِيَارُ أَيْ كَمْ يُخَيِّرُ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ مَرَّةً وَأَشَارَ إِلَى مَا فِي الطَّرِيقِ الْآتِيَةِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ مِنْ زِيَادَةِ هَمَّامٍ وَيَخْتَارُ ثَلَاثَ مِرَارٍ لَكِنْ لَمَّا لَمْ تَكُنِ الزِّيَادَةُ ثَابِتَةً أَبْقَى التَّرْجَمَةَ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ كَعَادَتِهِ



[ قــ :2023 ... غــ :2107] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا صَدَقَة هُوَ بن الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ هُوَ الثَّقَفِيُّ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالْخِيَارِ كَذَا للْأَكْثَر وَحكى بن التِّينِ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ إِنَّ الْمُتَبَايِعَانِ قَالَ وَهِيَ لُغَةٌ وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ الْبَيِّعَانِ بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْبَيِّعُ بِمَعْنَى الْبَائِعِ كَضَيِّقٍ وَضَائِقٍ وَصَيِّنٍ وَصَائِنٍ وَلَيْسَ كَبَيِّنٍ وَبَائِنٍ فَإِنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ كَقَيِّمٍ وَقَائِمٍ وَاسْتِعْمَالُ الْبَيِّعِ فِي الْمُشْتَرِي إِمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ أَوْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَائِعٌ .

     قَوْلُهُ  مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ يَفْتَرِقَا بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ وَنَقَلَ ثَعْلَبٌ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ سَلمَة افْتَرقَا بالْكلَام وتفرقا بالأبدان ورده بن الْعَرَبِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكتاب فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّفَرُّقِ بِالْكَلَامِ لَا أَنَّهُ بِالِاعْتِقَادِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ لَازِمِهِ فِي الْغَالِبِ لِأَنَّ مَنْ خَالَفَ آخَرَ فِي عَقِيدَتِهِ كَانَ مُسْتَدْعِيًا لِمُفَارَقَتِهِ إِيَّاهُ بِبَدَنِهِ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الْجَواب وَالْحق حمل كَلَام الْمفضل عَلَى الِاسْتِعْمَالِ بِالْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا اسْتُعْمِلَ أَحَدُهُمَا فِي مَوْضِعِ الْآخَرِ اتِّسَاعًا .

     قَوْلُهُ  أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا سَيَأْتِي شَرْحُهُ بَعْدَ بَابٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ نَافِع وَكَانَ بن عُمَرَ إِلَخْ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ ذكره مُسلم أَيْضا من طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ بن عُمَرَ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ التَّفَرُّقَ الْمَذْكُورَ بِالْأَبْدَانِ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي الْحَدِيثِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ





[ قــ :04 ... غــ :108] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَبَا الْخَلِيلِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ هُوَ أَبُو نَوْفَلِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يُنْسَبْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَكِنْ وَقَعَ لِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَبْدُ الله بن الْحَارِث الْهَاشِمِي وَرَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ أَبَا الْخَلِيلِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ هَذَا مَذْكُورٌ فِي الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِهِ فَحَنَّكَهُ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ فِي كِبَارِ التَّابِعِينَ وَقَتَادَةُ وَشَيْخُهُ تَابِعِيَّانِ أَيْضًا وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثٌ آخَرُ عَنِ الْعَبَّاسِ فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ .

     قَوْلُهُ  وَزَادَ أَحْمَدُ حَدثنَا بهز أَي بن أَسَدٍ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ وَصَلَهَا أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الدَّارِمِيِّ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بَهْزٍ بِهِ وَلَمْ أَرَهَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَحْمَدُ الْمَذْكُورُ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هَمَّامٍ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ بِأَوْضَحَ مِنْ سِيَاقِهِ وَفِي صَنِيعِ هَمَّامٍ فَائِدَةُ طَلَبِ عُلُوِّ الْإِسْنَادِ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي الْخَلِيلِ فِي إِسْنَادِهِ الْأَوَّلِ رَجُلَيْنِ وَفِي الثَّانِي رجل وَاحِد