فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب كراهية السخب في السوق

( قَولُهُ بَابُ كَرَاهِيَةِ السَّخَبِ فِي الْأَسْوَاقِ)
بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَيُقَالُ فِيهِ الصَّخَبُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ السِّينِ وَهُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْخِصَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَأُخِذَتِ الْكَرَاهَةُ مِنْ نَفْيِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا نُفِيَتْ عَنْهُ صِفَةُ الْفَظَاظَةِ وَالْغِلْظَةِ وَأَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ



[ قــ :2041 ... غــ :2125] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَتْحِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ دُخُولَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ السُّوقَ لَا يَحُطُّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ لِأَنَّ النَّفْيَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي ذَمِّ السَّخَبِ فِيهَا لَا عَنْ أَصْلِ الدُّخُول وهلال الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده هُوَ بن عَلِيٍّ وَيُقَالُ لَهُ هِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَلَيْسَ لِشَيْخِهِ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَولُهُ فِيهِ وَحِرْزًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ حَافِظًا وَأَصْلُ الْحِرْزِ الْمَوْضِعُ الْحَصِينُ وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ وَقَولُهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ أَيْ مِلَّةَ الْعَرَبِ وَوَصَفَهَا بِالْعِوَجِ لِمَا دَخَلَ فِيهَا مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْمُرَادُ بِإِقَامَتِهَا أَنْ يُخْرِجَ أَهْلَهَا مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ وَقَولُهُ وَقُلُوبٌ غُلْفٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ الْغُلْفُ كُلُّ شَيْءٍ فِي غِلَافٍ يُقَالُ سَيْفٌ أَغْلَفُ وَقَوْسٌ غَلْفَاءُ وَرَجُلٌ أَغْلَفُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَخْتُونًا انْتَهَى وَهُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْمَجَازِ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ هِلَالٍ سَتَأْتِي هَذِهِ الْمُتَابَعَةُ مَوْصُولَةً فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  وقَال سَعِيدٌ عَن هِلَال عَن عَطاء عَن بن سَلام سعيد هُوَ بن أَبِي هِلَالٍ وَقَدْ خَالَفَ عَبْدَ الْعَزِيزِ وَفُلَيْحًا فِي تَعْيِينِ الصَّحَابِيِّ وَطَرِيقُهُ هَذِهِ وَصَلَهَا الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ جَمِيعًا بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ عَنْهُ وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ حَمَلَهُ عَنْ كل مِنْهُمَا فقد أخرجه بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ كَانَ يَقُولُ فَذَكَرَهُ وَأَظُنُّ الْمُبَلِّغَ لِزَيْدٍ هُوَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ فَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ فَيَكُونُ هَذَا شَاهِدًا لِرِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَأَذْكُرُ لِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ مُتَابَعَاتٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفَتْحِ وَمِمَّا جَاءَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مُجْمَلًا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ صِفَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِيسَى بن مَرْيَم يدْفن مَعَه