فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب السلم إلى أجل معلوم

( قَولُهُ بَابُ السَّلَمِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ)
يُشِيرُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ أَجَازَ السَّلَمَ الْحَالَّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى الْمَنْعِ وَحَمَلَ مَنْ أَجَازَ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى الْعِلْمِ بِالْأَجَلِ فَقَطْ فَالتَّقْدِيرُ عِنْدَهُمْ مَنْ أَسْلَمَ إِلَى أَجَلٍ فَلْيُسْلِمْ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ.
وَأَمَّا السَّلَمُ لَا إِلَى أَجَلٍ فَجَوَازُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ مَعَ الْأَجَلِ وَفِيهِ الْغَرَرُ فَمَعَ الْحَالِّ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَبْعَدَ عَنِ الْغَرَرِ وَتُعُقِّبَ بِالْكِتَابَةِ وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكِتَابَةِ شُرِعَ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْعَبْدِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  وَبِهِ قَالَ بن عَبَّاسٍ أَيْ بِاخْتِصَاصِ السَّلَمِ بِالْأَجَلِ وَقَولُهُ وَأَبُو سَعِيدٍ هُوَ الْخُدْرِيُّ وَالْحَسَنُ أَيِ الْبَصْرِيُّ وَالْأَسْوَدُ أَي بن يزِيد النَّخعِيّ فَأَما قَول بن عَبَّاسٍ فَوَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيق أبي حسان الْأَعْرَج عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُونَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَأَذِنَ فِيهِ ثُمَّ قَرَأَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فاكتبوه وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَصَحَّحَهُ وَرَوَى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَن بن عَبَّاس قَالَ لَا يسلف إِلَى الْعَطَاءِ وَلَا إِلَى الْحَصَادِ وَاضْرِبْ أَجَلًا وَمِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنِ بن عَبَّاسٍ بِلَفْظٍ آخَرَ سَيَأْتِي.
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ نُبَيْحٍ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرٌ وَهُوَ الْعَنَزِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ ثُمَّ الزَّايِ الْكُوفِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ السَّلَمُ بِمَا يَقُومُ بِهِ السِّعْرُ رِبًا وَلَكِنْ أَسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ فَوَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالسَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ إِذَا كَانَ شَيْئًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْأَسْوَدِ فَوَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْهُ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ السَّلَمِ فِي الطَّعَامِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ كَيْلٌ مَعْلُومٌ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَمِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أبي الْجَعْد عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا سَمَّيْتَ فِي السَّلَمِ قَفِيزًا وَأَجَلًا فَلَا بَأْسَ وَعَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَن الْأسود مثله وَاسْتدلَّ بقول بن عَبَّاسٍ الْمَاضِي لَا تُسْلِفْ إِلَى الْعَطَاءِ لِاشْتِرَاطِ تَعْيِينِ وَقْتِ الْأَجَلِ بِشَيْءٍ لَا يَخْتَلِفُ فَإِنَّ زَمَنَ الْحَصَادِ يَخْتَلِفُ وَلَوْ بِيَوْمٍ وَكَذَلِكَ خُرُوجُ الْعَطَاءِ وَمِثْلُهُ قُدُومُ الْحَاجِّ وَأَجَازَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَوَافَقَهُ أَبُو ثَوْر وَاخْتَارَ بن خُزَيْمَةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ تَأْقِيتَهُ إِلَى الْمَيْسَرَةِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى يَهُودِيٍّ ابْعَثْ لِي ثَوْبَيْنِ إِلَى الميسرة وَأخرجه النَّسَائِيّ وَطعن بن الْمُنْذِرِ فِي صِحَّتِهِ بِمَا وَهِمَ فِيهِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا مُجَرَّدَ الِاسْتِدْعَاءِ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ قُيِّدَ بِشُرُوطِهِ وَلذَلِك لم يصف الثَّوْبَيْنِ قَوْله.

     وَقَالَ  بن عُمَرَ لَا بَأْسَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلِفَ الرَّجُلُ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يبد صَلَاحهَا وَأخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ نَحْوَهُ وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ بن عُمَرَ فِي ذَلِكَ مَرْفُوعًا فِي الْبَابِ الَّذِي قبله ثمَّ أورد المُصَنّف حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ السَّلَمِ



[ قــ :2162 ... غــ :2253] .

     قَوْلُهُ  وقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدثنَا بن أَبِي نُجَيْحٍ هُوَ مَوْصُولٌ فِي جَامِعِ سُفْيَانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْعَدَنِيُّ عَنْهُ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ بَيَانَ التَّحْدِيثِ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ مَذْكُورٌ بِالْعَنْعَنَةِ ثمَّ أورد حَدِيث بن أبي أوفى وبن أَبْزَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى عَنْ قريب