فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه

( قَولُهُ بَابُ مَنْ رَأَى أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ أَوِ الْقِرْبَةِ أَحَقُّ بِمَائِهِ)
ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهُا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ ثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ إِلْحَاقًا لِلْحَوْضِ وَالْقِرْبَةِ بِالْقَدَحِ فَكَانَ صَاحِبُ الْقَدَحِ أَحَقَّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ شُرْبًا وَسَقْيًا وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى الْمُهَلَّبِ فَقَالَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّ الْأَيْمَنَ أَحَقُّ مِنْ غَيره بالقدح وَأجَاب بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ إِذَا اسْتَحَقَّ الْأَيْمَنُ مَا فِي الْقَدَحِ بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ وَاخْتَصَّ بِهِ فَكَيْفَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْيَدِ وَالْمُتَسَبِّبُ فِي تَحْصِيلِهِ ثَانِيهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذِكْرِ حَوْضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي ذِكْرِ الْحَوْضِ النَّبَوِيِّ مِنْ كِتَابِ الرِّقَاقِ وَقَولُهُ



[ قــ :2266 ... غــ :2367] لَأَذُودَنَّ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيْ لَأَطْرُدَنَّ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَوْضِ يَطْرُدُ إِبِلَ غَيْرِهِ عَنْ حَوْضِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ فَيَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَقَدْ خَفِيَ عَلَى الْمُهَلَّبِ أَيْضًا فَقَالَ إِنَّ الْمُنَاسَبَةَ مِنْ جِهَةِ إِضَافَةِ الْحَوْضِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَحَق بِهِ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ أَحْكَامَ التَّكَالِيفِ لَا تَنْزِلُ عَلَى وَقَائِعِ الْآخِرَةِ وَإِنَّمَا اسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا جَازَ لِصَاحِبِ الْحَوْضِ طَرْدُ إِبِلِ غَيْرِهِ عَنْ حَوْضِهِ إِلَّا وَهُوَ أَحَق بحوضه ثَالِثهَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ هَاجَرَ وَزَمْزَمَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا جِدًّا وَسَيَأْتِي مُطَوَّلًا فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ قَوْلِهَا لِلَّذِينَ نَزَلُوا عَلَيْهَا وَلَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ قَالُوا نَعَمْ وَقَرَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ أَنَّ مَنْ أَنْبَطَ مَاءً فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ مَلَكَهُ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ إِلَّا بِرِضَاهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ فَضْلَهُ إِذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ وَإِنَّمَا شَرَطَتْ هَاجَرُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَتَمَلَّكُوهُ رَابِعُهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ وَفِيهِ وَرَجُلٌ لَهُ فضل مَاء بِالطَّرِيقِ فَمَنعه من بن السَّبِيلِ.

     وَقَالَ  فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ فَيَقُولُ اللَّهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُعَاقَبَةَ وَقَعَتْ عَلَى مَنْعِهِ الْفَضْلَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْأَصْلِ وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ لَوْ عَالَجَهُ لَكَانَ أَحَق بِهِ من غَيره وَحكى بن التِّينِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ قَالَ هَذَا يَخْفَى مَعْنَاهُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الْبِئْرَ لَيْسَتْ مِنْ حَفْرِهِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَنْعِهِ غَاصِبَ ظَالِمٍ وَهَذَا لَا يَرِدُ فِيمَا حَازَهُ وَعَمِلَهُ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ حَفَرَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ صَاحِبِ الشَّفَةِ أَيِ الْعَطْشَانِ وَيَكُونُ مَعْنَى مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ أَيْ لَمْ تُنْبِعِ الْمَاءَ وَلَا أَخْرَجْتَهُ قَالَ وَهَذَا أَيِ الْأَخِيرُ لَيْسَ مِنَ الْبَابِ فِي شَيْءٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :68 ... غــ :369] .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ إِلَخْ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يُرْسِلُ هَذَا الْحَدِيثَ كَثِيرًا وَلَكِنَّهُ صَحَّحَ الْمَوْصُولَ لِكَوْنِ الَّذِي وَصَلَهُ مِنَ الْحُفَّاظِ وَقَدْ تَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ فَوَصَلُوهُ قَالَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَالَ وَأَرْسَلَهُ غَيْرُهُمْ.

قُلْتُ وَقَدْ وَصَلَهُ أَيْضًا عَمْرٌو النَّاقِدُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ وَصَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ أَخْرَجَهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِهِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي سِيَاقِ الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى