فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما ينهى عن إضاعة المال

قَولُهُ بَابُ مَا يُنْهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفساد
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي وَقع فِي التِّلَاوَة قَوْله وَلَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِابْنِ شَبَّوَيْهِ وَالنَّسَفِيِّ لَا يُحِبُّ بَدَلَ لَا يُصْلِحُ قِيلَ وَهُوَ سَهْوٌ وَوَجْهُهُ عِنْدِي إِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ التِّلَاوَةَ لِأَنَّ أَصْلَ التِّلَاوَةِ إِنَّ الله لَا يصلح عمل المفسدين قَوْله.

     وَقَالَ  أصلواتك تأمرك أَن نَتْرُك إِلَى قَوْلِهِ مَا نَشَاءُ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ كَانَ يَنْهَاهُمْ عَنْ إِفْسَادِهَا فَقَالُوا ذَلِكَ أَيْ إِنْ شِئْنَا حَفِظْنَاهَا وَإِنْ شِئْنَا طَرَحْنَاهَا .

     قَوْلُهُ  وقَال وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الْآيَةَ قَالَ الطَّبَرِيُّ بَعْدَ أَنْ حَكَى أَقْوَالَ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْمُرَادِ بِالسُّفَهَاءِ الصَّوَابُ عِنْدَنَا أَنَّهَا عَامَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ سَفِيهٍ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالسَّفِيهُ هُوَ الَّذِي يُضَيِّعُ الْمَالَ وَيُفْسِدُهُ بِسُوءِ تَدْبِيرِهِ .

     قَوْلُهُ  وَالْحَجْرِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي السَّفَهِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَالْحَجْرُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ وَفِي الشَّرْعِ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فَتَارَةً يَقَعُ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَتَارَةً لِحَقِّ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ الْحَجْرِ عَلَى الْكَبِيرِ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ وَوَافَقَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ أَرَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْعَ الْحَجْرِ عَنِ الْكَبِيرِ وَلَا عَنِ التَّابِعِينَ إِلَّا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وبن سِيرِين وَمن حجَّة الْجُمْهُور حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى نَجْدَةَ وَكَتَبَتْ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ فَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ ضَعِيفُ الْعَطَاءِ فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا أَخَذَ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَقَدْ وَرَدَ مَا يُؤَيِّدُهُ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَمَا يُنْهَى عَنِ الْخِدَاعِ أَيْ فِي حَقِّ مَنْ يُسِيءُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ ثمَّ سَاق المُصَنّف حَدِيث بن عُمَرَ فِي قِصَّةِ الَّذِي كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبَيْعِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَفِيهِ تَوْجِيهُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ لِلْحَجْرِ عَلَى الْكَبِيرِ وَرَدُّ قَوْلِ مَنِ احْتَجَّ بِهِ لِمَنْعِ ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ



[ قــ :2306 ... غــ :2408] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي عُثْمَانُ هُوَ بن أبي شيبَة وَجَرِير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ لَكِنْ سَكَنَ جَرِيرٌ الرَّيَّ وَمَنْصُورٌ وَشَيْخُهُ وَشَيْخُ شَيْخِهِ تَابِعِيُّونَ فِي نَسَقٍ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ قِيلَ خَصَّ الْأُمَّهَاتِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْعُقُوقَ إِلَيْهِنَّ أَسْرَعُ مِنَ الْآبَاءِ لِضَعْفِ النِّسَاءِ وَلِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ بِرَّ الْأُمِّ مُقَدَّمٌ عَلَى بِرِّ الْأَبِ فِي التَّلَطُّفِ وَالْحُنُوِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْمَقْصُودُ مِنْ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا .

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَدْ قَالَ الْجُمْهُورُ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ السَّرَفُ فِي إِنْفَاقِهِ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِنْفَاقُهُ فِي الْحَرَامِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى