فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا كسر قصعة أو شيئا لغيره

( قَولُهُ بَابُ إِذَا كَسَرَ قَصْعَةً أَوْ شَيْئًا لِغَيْرِهِ)
أَيْ هَلْ يَضْمَنُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ



[ قــ :2376 ... غــ :2481] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَهْدَتْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فِي قَصْعَةٍ فَضَرَبَتْ عَائِشَةُ الْقَصعَة بِيَدِهَا الحَدِيث وَأخرجه أَحْمد عَن بن أَبِي عَدِيٍّ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ بِهِ.

     وَقَالَ  أَظُنُّهَا عَائِشَةَ قَالَ الطِّيبِيُّ إِنَّمَا أُبْهِمَتْ عَائِشَةُ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهَا وَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَخْفَى وَلَا يَلْتَبِسُ أَنَّهَا هِيَ لِأَنَّ الْهَدَايَا إِنَّمَا كَانَتْ تُهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا .

     قَوْلُهُ  فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الْخَادِمِ.
وَأَمَّا الْمُرْسِلَةُ فَهِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جحش ذكره بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ وَيَوْمِهَا جَفْنَةً مَنْ حَيْسٍ الْحَدِيثَ وَاسْتَفَدْنَا مِنْهُ مَعْرِفَةَ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ وَوَقَعَ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ مَعَ أُمِّ سَلَمَةَ فَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا أَتَتْ بِطَعَامٍ فِي صَحْفَةٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَجَاءَتْ عَائِشَةُ مُتَّزِرَةً بِكِسَاءٍ وَمَعَهَا فِهْرٌ فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَةَ الْحَدِيثَ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى ثَابِتٍ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أَنَسٍ وَرَجَّحَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ فِيمَا حَكَاهُ بن أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْهُ رِوَايَةَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.

     وَقَالَ  إِنَّ غَيْرَهَا خَطَأٌ فَفِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ إِذْ أُتِيَ بِصَحْفَةِ خُبْزٍ وَلَحْمٍ مِنْ بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ فَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا وَعَائِشَةُ تَصْنَعُ طَعَامًا عَجِلَةً فَلَمَّا فَرَغْنَا جَاءَتْ بِهِ وَرَفَعَتْ صَحْفَةَ أُمِّ سَلَمَةَ فَكَسَرَتْهَا الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِمْرَانَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٌ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ مَعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ يَنْتَظِرُونَ طَعَامًا فَسَبَقَتْهَا قَالَ عِمْرَانُ أَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهَا حَفْصَةُ بِصَحْفَةٍ فِيهَا ثَرِيدٌ فَوَضَعَتْهَا فَخَرَجَتْ عَائِشَةُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ فَضَرَبَتْ بِهَا فَانْكَسَرَتِ الْحَدِيثَ وَلَمْ يُصِبْ عِمْرَانُ فِي ظَنِّهِ أَنَّهَا حَفْصَةُ بَلْ هِيَ أُمُّ سَلَمَةَ كَمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ وَقَعَتِ الْقِصَّةُ لحفصة أَيْضا وَذَلِكَ فِيمَا رَوَاهُ بن أبي شيبَة وبن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوَاءَةَ غَيْرِ مُسَمًّى عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَصْحَابِهِ فَصَنَعْتُ لَهُ طَعَامًا وَصَنَعَتْ لَهُ حَفْصَةُ طَعَامًا فَسَبَقَتْنِي فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ انْطَلِقِي فَأَكْفِئِي قَصْعَتَهَا فَأَكْفَأَتْهَا فَانْكَسَرَتْ وَانْتَشَرَ الطَّعَامُ فَجَمَعَهُ عَلَى النِّطَعِ فَأَكَلُوا ثُمَّ بَعَثَ بِقَصْعَتِي إِلَى حَفْصَةَ فَقَالَ خُذُوا ظَرْفًا مَكَانَ ظَرْفِكُمْ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ وَهِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى بِلَا رَيْبٍ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ الْجَارِيَةَ هِيَ الَّتِي كَسَرَتِ الصَّحْفَةَ وَفِي الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّ عَائِشَةَ نَفْسَهَا هِيَ الَّتِي كَسَرَتْهَا وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَسْرَةَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ عَنْ عَائِشَة قَالَت مَا رَأَيْت صانعة طَعَاما مِثْلَ صَفِيَّةَ أَهَدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ كَسَرْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَتُهُ قَالَ إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْهَا فَلَمَّا رَأَيْتُ الْجَارِيَةَ أَخَذَتْنِي رِعْدَةٌ فَهَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى أَيْضًا وَتَحَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَنْ أُبْهِمَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ هِيَ زَيْنَبُ لِمَجِيءِ الْحَدِيثِ مِنْ مُخَرِّجِهِ وَهُوَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَقَصَصٌ أُخْرَى لَا يَلِيقُ بِمَنْ يُحَقِّقُ أَنْ يَقُولَ فِي مِثْلِ هَذَا قِيلَ الْمُرْسِلَةُ فُلَانَةٌ وَقِيلَ فُلَانَةٌ إِلَخْ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيرٍ .

     قَوْلُهُ  بِقَصْعَةٍ بِفَتْحِ الْقَافِ إِنَاءٌ من خشب وَفِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ بِصَحْفَةٍ وَهِيَ قَصْعَةٌ مَبْسُوطَةٌ وَتَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْخَشَبِ .

     قَوْلُهُ  فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ زَادَ أَحْمَدُ نِصْفَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَجَاءَتْ عَائِشَةُ وَمَعَهَا فِهْرٌ فَفَلَقَتْ بِهِ الصَّحْفَةَ وَفِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ فَضَرَبَتِ الَّتِي فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ وَالْفَلْقُ بِالسُّكُونِ الشَّقُّ وَدَلَّتِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَلَى أَنَّهَا انْشَقَّتْ ثُمَّ انْفَصَلَتْ قَوْله فَضمهَا فِي رِوَايَة بن عُلَيَّةَ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ وَلِأَحْمَدَ فَأَخَذَ الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فَجَعَلَ فِيهَا الطَّعَامَ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حُمَيْدٍ نَحْوَهُ وَزَادَ كُلُوا فَأَكَلُوا .

     قَوْلُهُ  وَحَبَسَ الرَّسُولُ زَادَ بن عُلَيَّةَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا .

     قَوْلُهُ  فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةِ زَاد بن عُلَيَّةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ زَادَ الثَّوْرِيُّ.

     وَقَالَ  إِنَاء كإناء وَطَعَام كطعام قَالَ بن بَطَّالٍ احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانًا فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا اسْتَهْلَكَ قَالُوا وَلَا يُقْضَى بِالْقِيمَةِ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْلِ وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ كَالْأَوَّلِ وَعَنْهُ مَا صَنَعَهُ الْآدَمِيُّ فَالْمِثْلُ.
وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَالْقِيمَةُ وَعَنْهُ مَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَالْقِيمَةُ وَإِلَّا فَالْمِثْلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ وَمَا أَطْلَقَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا يُحْكَمُ فِي الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ إِذَا كَانَ مُتَشَابِهَ الْأَجْزَاءِ.
وَأَمَّا الْقَصْعَةُ فَهِيَ مِنَ الْمُتَقَوَّمَاتِ لِاخْتِلَافِ أَجْزَائِهَا وَالْجَوَابُ مَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الْقَصْعَتَيْنِ كَانَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتَيْ زَوْجَتَيْهِ فَعَاقَبَ الْكَاسِرَةَ بِجَعْلِ الْقَصْعَةِ الْمَكْسُورَةِ فِي بَيْتِهَا وَجَعْلِ الصَّحِيحَةِ فِي بَيْتِ صَاحِبَتِهَا وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَضْمِينٌ وَيُحْتَمَلُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الْقَصْعَتَانِ لَهُمَا أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ سَدَادًا بَيْنَهُمَا فَرَضِيَتَا بِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ الَّذِي كَانَتِ الْعُقُوبَةُ فِيهِ بِالْمَالِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فَعَاقَبَ الْكَاسِرَةَ بِإِعْطَاءِ قَصْعَتِهَا لِلْأُخْرَى.

قُلْتُ وَيَبْعُدُ هَذَا التَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ.
وَأَمَّا التَّوْجِيهُ الْأَوَّلُ فَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي ذكرهَا بن أَبِي حَاتِمٍ مَنْ كَسَرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ زَادَ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ فَصَارَتْ قَضِيَّةً وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حُكْمًا عَامًّا لِكُلِّ مَنْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَبْقَى دَعْوَى مَنِ اعْتَذَرَ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ بِأَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ فِيهَا لَكِنَّ مَحَلُّ ذَلِكَ مَا إِذَا أَفْسَدَ الْمَكْسُورَ فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْكَسْرُ خَفِيفًا يُمْكِنُ إِصْلَاحُهُ فَعَلَى الْجَانِي أَرْشُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الطَّعَامِ فَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمَعُونَةِ وَالْإِصْلَاحِ دُونَ بَتِّ الْحُكْمِ بِوُجُوبِ الْمِثْلِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ مَعْلُومٌ وَفِي طُرُقِ الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ الطَّعَامَيْنِ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاحْتَجَّ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ لِقَوْلِهِمْ إِذَا تَغَيَّرَتِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ حَتَّى زَالَ اسْمُهَا وَعِظَمُ مَنَافِعِهَا زَالَ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ عَنْهَا وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ وَضَمِنَهَا وَفِي الِاسْتِدْلَالِ لِذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى قَالَ الطِّيبِيُّ وَإِنَّمَا وُصِفَتِ الْمُرْسِلَةُ بِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِيذَانًا بِسَبَبِ الْغَيْرَةِ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْ عَائِشَةَ وَإِشَارَةً إِلَى غَيْرَةِ الْأُخْرَى حَيْثُ أَهْدَتْ إِلَى بَيْتِ ضَرَّتِهَا وَقَولُهُ غَارَتْ أُمُّكُمْ اعْتِذَارٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِئَلَّا يُحْمَلَ صَنِيعُهَا عَلَى مَا يُذَمُّ بَلْ يَجْرِي عَلَى عَادَةِ الضَّرَائِرِ مِنَ الْغَيْرَةِ فَإِنَّهَا مُرَكَّبَةٌ فِي النَّفْسِ بِحَيْثُ لَا يُقْدَرُ عَلَى دَفْعِهَا وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغَيْرَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْحَدِيثِ حُسْنُ خُلُقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانصافه وحلمه قَالَ بن الْعَرَبِيِّ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يُؤَدِّبِ الْكَاسِرَةَ وَلَوْ بِالْكَلَامِ لِمَا وَقَعَ مِنْهَا مِنَ التَّعَدِّي لِمَا فَهِمَ مِنْ أَنَّ الَّتِي أَهْدَتْ أَرَادَتْ بِذَلِكَ أَذَى الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا وَالْمُظَاهَرَةَ عَلَيْهَا فَاقْتَصَرَ عَلَى تَغْرِيمِهَا لِلْقَصْعَةِ قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يُغَرِّمْهَا الطَّعَامَ لِأَنَّهُ كَانَ مُهْدًى فَإِتْلَافُهُمْ لَهُ قَبُولٌ أَوْ فِي حُكْمِ الْقَبُولِ وَغَفَلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّا وَرَدَ فِي الطُّرُقِ الْأُخْرَى وَاللَّهُ الْمُسْتَعَان قَوْله.

     وَقَالَ  بن أَبِي مَرْيَمَ هُوَ سَعِيدٌ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَأَرَادَ بِذَلِكَ بَيَانَ التَّصْرِيحِ بِتَحْدِيثِ أَنَسٍ لِحُمَيْدٍ وَقَدْ وَقَعَ تَصْرِيحُهُ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي رِوَايَة جرير بن حَازِم الْمَذْكُورَة أَو لَا من عِنْد بن حزم