فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها، إذا لم يكن على يده قذر غير الجنابة

( قَولُهُ بَابُ هَلْ يُدْخِلُ الْجُنُبُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ)
أَيِ الَّذِي فِيهِ مَاءُ الْغُسْلِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا أَيْ خَارِجَ الْإِنَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرٌ أَيْ مِنْ نَجَاسَةٍ وَغَيْرِهَا غَيْرِ الْجَنَابَةِ أَيْ حُكْمِهَا لِأَنَّ أَثَرَهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ قَذَرٌ.
وَأَمَّا حُكْمُهَا فَقَالَ الْمُهَلَّبُ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّ يَدَ الْجُنُبِ إِذَا كَانَتْ نَظِيفَةً جَازَ لَهُ إِدْخَالُهَا الْإِنَاءَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَائِهِ نَجِسًا بِسَبَبِ كَوْنِهِ جُنُبًا قَوْله وَأدْخل بن عُمَرَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يَدَهُ أَيْ أَدْخَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي الْوَقْتِ يَدَيْهِمَا بِالتَّثْنِيَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّهُورِ بِفَتْحِ أَوله أَي المَاء الْمعد للاغتسال وَأثر بن عُمَرَ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِمَعْنَاهُ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَغْسِلُ يَدَهُ قَبْلَ التَّطَهُّرِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَنْزِلَا عَلَى حَالَيْنِ فَحَيْثُ لَمْ يَغْسِلْ كَانَ مُتَيَقِّنًا أَنْ لَا قَذَرَ فِي يَدِهِ وَحَيْثُ غَسَلَ كَانَ ظَانًّا أَوْ مُتَيَقِّنًا أَنَّ فِيهَا شَيْئًا أَوْ غَسَلَ لِلنَّدْبِ وَتَرَكَ لِلْجَوَازِ وَأَثَرُ الْبَرَاءِ وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ أَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْمَطْهَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْخِلُونَ أَيْدِيَهُمُ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلُوهَا وَهُمْ جُنُبٌ .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يَرَ بن عمر وبن عَبَّاس أما أثر بن عُمَرَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِمَعْنَاهُ.
وَأَمَّا أَثَرُ بن عَبَّاس فوصله بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَيْضًا عَنْهُ وَتَوْجِيهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْجَنَابَةَ الْحُكْمِيَّةَ لَوْ كَانَتْ تُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ لَامْتَنَعَ الِاغْتِسَالُ مِنَ الْإِنَاءِ الَّذِي تَقَاطَرَ فِيهِ مَا لَاقَى بَدَنُ الْجُنُبِ مِنْ مَاءِ اغْتِسَالِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا لَمْ يَرَ الصَّحَابِيُّ بِذَلِكَ بَأْسًا لِأَنَّهُ مِمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَكَانَ فِي مَقَامِ الْعَفْوِ كَمَا رَوَى بن أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ وَمَنْ يَمْلِكُ انْتِشَارَ الْمَاءِ إِنَّا لَنَرْجُوَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ مَا هُوَ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا



[ قــ :257 ... غــ :261] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ زَادَ مُسْلِمٌ بن قَعْنَبٍ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا وَلِكَرِيمَةَ أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ وَهُوَ بن حُمَيْدٍ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَفْلَحَ بْنِ سَعِيدٍ شَيْئًا وَالْقَاسِمُ هُوَ بن مُحَمَّدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَتْنُ فِي بَابِ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى مَعَ مُغَايَرَةٍ فِي آخِرِهِ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ أَيْ لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ وَلِأَبِي عوَانَة وبن حبَان من طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْ أَفْلَحَ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ وَزَادَ فِيهِ وَتَلْتَقِي بَعْدَ قَوْلِهِ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَفْلَحَ تَخْتَلِفُ فِيهِ أَيْدِينَا يَعْنِي حَتَّى تَلْتَقِيَ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ يَعْنِي وَتَلْتَقِي وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَتَلْتَقِي مُدْرَجٌ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ تَخْلِيلِ الشَّعْرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهَا كُنَّا نَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْتَرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا فَلَعَلَّ الرَّاوِيَ قَالَ وَتَلْتَقِي بِالْمَعْنَى وَمَعْنَى تَخْتَلِفُ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَرِفُ تَارَةً قَبْلَهَا وَتَغْتَرِفُ هِيَ تَارَةً قَبْلَهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُولَ دَعْ لِي زَادَ النَّسَائِيُّ وَأُبَادِرُهُ حَتَّى يَقُولَ دَعِي لِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ اغْتِرَافِ الْجُنُبِ مِنَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّطَهُّرِ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَلَا بِمَا يَفْضُلُ مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ انْغِمَاسِ الْجُنُبِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ إِنَّمَا هُوَ لِلتَّنْزِيهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُسْتَقْذَرَ لَا لِكَوْنِهِ يَصِيرُ نَجِسًا بِانْغِمَاسِ الْجُنُبِ فِيهِ لِأَنَّهُ لافرق بَيْنَ جَمِيعِ بَدَنِ الْجُنُبِ وَبَيْنَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ.
وَأَمَّا تَوْجِيهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ لِلتَّرْجَمَةِ فَلِأَنَّ الْجُنُبَ لَمَّا جَازَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ لِيَغْتَرِفَ بِهَا قَبْلَ ارْتِفَاعِ حَدَثِهِ لِتَمَامِ الْغُسْلِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِغَسْلِ يَدِهِ قَبْلَ إِدْخَالِهَا لَيْسَ لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إِلَى الْجَنَابَةِ بَلْ إِلَى مَا لَعَلَّهُ يَكُونُ بِيَدِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ أَوْ مَظْنُونَةٌ





[ قــ :58 ... غــ :6] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا حَمَّاد هُوَ بن زَيْدٍ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَهِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ .

     قَوْلُهُ  غَسْلُ يَدِهِ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ تَامًّا عَنْ مُسَدَّدٍ بِهَذَا السَّنَدِ لَكِنْ قَالَ يَدَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَزَادَ يَصُبُّ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى أَيْ مِنَ الْإِنَاءِ فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ يُفْرِغُ عَلَى شِمَالِهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ الْحَدِيثَ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَسَيَأْتِي نَحْوُهُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ عَنْ هِشَامٍ فِي بَابِ تَخْلِيلِ الشَّعْرِ قَالَ الْمُهَلَّبُ حَمَلَ الْبُخَارِيُّ أَحَادِيثَ الْبَابِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا غَسْلَ الْيَدَيْنِ قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا عَلَى حَالِ تَيَقُّنِ نَظَافَةِ الْيَدِ وَحَدِيثَ هِشَامٍ يَعْنِي هَذَا عَلَى مَا إِذَا خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عَلِقَ بِهَا شَيْءٌ فَاسْتَعْمَلَ مِنِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثَيْنِ مَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَنَفَى التَّعَارُضَ عَنْهُمَا انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْفِعْلُ عَلَى النَّدْبِ وَالتَّرْكُ عَلَى الْجَوَازِ أَوْ يُقَالُ حَدِيثُ التَّرْكِ مُطْلَقٌ وَحَدِيثُ الْفِعْلِ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الْفِعْلِ زِيَادَةً لَمْ تُذْكَرْ فِي الْأُخْرَى





[ قــ :59 ... غــ :63] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ .

     قَوْلُهُ  مِنْ جَنَابَةٍ وللكشميهني مِنَ الْجَنَابَةِ أَيْ لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ فَلِشُعْبَةَ فِيهِ إِسْنَادَانِ إِلَى عَائِشَةَ حَدَّثَهُ أَحَدُ شَيْخَيْهِ بِهِ عَنْ عُرْوَةَ وَالْآخَرُ عَنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ رِوَايَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُعَلَّقَةٌ وَقَدْ أَخْرَجَهَا أَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْوَلِيدِ بِالْإِسْنَادَيْنِ.

     وَقَالَ ا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا وَكَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ فِي الْأَطْرَافِ .

     قَوْلُهُ  مِثْلُهُ أَيْ مِثْلُ الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ وَلِلْأَصِيلِيِّ بِمِثْلِهِ بِزِيَادَةِ مُوَحَّدَةٍ فِي أَوَّلِهِ





[ قــ :60 ... غــ :64] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ أَيْضًا وَهَذَا إِسْنَادٌ ثَالِثٌ لَهُ عَنْ شُعْبَةَ أَيْضًا فِي هَذَا الْمَتْنِ لَكِنْ مِنْ طَرِيقِ صَحَابِيٍّ آخَرَ وَهَذَا الْإِسْنَادُ بِعَيْنِهِ تَقَدَّمَ لِمَتْنٍ آخَرَ فِي بَابِ عَلَامَةِ الْإِيمَان قَوْله وَالْمَرْأَة يجوز فِيهِ الرّفْع علىالعطف وَالنَّصْبَ عَلَى الْمَعِيَّةِ وَاللَّامُ فِيهَا لِلْجِنْسِ .

     قَوْلُهُ  زَاد مُسلم هُوَ بن إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَوَهْبٌ زَادَ الْأَصِيلِيُّ وَأَبُو الْوَقْتِ بْنُ جَرِيرٍ أَيِ بن حَازِمٍ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَوُهَيْبٍ بِالتَّصْغِيرِ وَأَظُنُّهُ وَهْمًا فَإِنَّ الْحَدِيثَ وُجِدَ بَعْدَ تَتَبُّعِ كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ وَلَمْ نَجِدْهُ مِنْ رِوَايَةِ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ مِنْ الرُّوَاةِ عَنْ شُعْبَةَ.
وَأَمَّا وُهَيْبٌ فَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ وَوَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الْوَلِيدِ فَزَادَا فِي آخِرِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَة وَالله أعلم