فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الجنب يتوضأ ثم ينام



[ قــ :284 ... غــ :288] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ أَبُو الْأَسْوَدِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ يَتِيمُ عُرْوَةَ وَنِصْفُ هَذَا الْإِسْنَادِ الْمُبْتَدَأِ بِهِ بَصْرِيُّونَ وَنِصْفُهُ الْأَعْلَى مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ أَيْ تَوَضَّأَ وُضُوءًا كَمَا لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَوَضَّأَ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَوَضَّأَ وُضُوءًا شَرْعِيًّا لَا لُغَوِيًّا





[ قــ :85 ... غــ :89] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ مُصَغَّرًا وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ وَاسْمُ أَبِيهِ أَسْمَاءُ بْنُ عُبَيْدٍ وَقَدْ سَمِعَ جُوَيْرِيَةُ هَذَا مِنْ نَافِع مولى بن عُمَرَ وَمِنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عبد الله فِي رِوَايَة بن عَسَاكِر عَن بن عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ وَلِمُسْلِمٍ من طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ لِيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَنَمْ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ هَكَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِاتِّفَاقٍ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَرَوَاهُ خَارِجَ الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ بَدَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن السَّكَنِ عَنْ نَافِعٍ بَدَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَكَانَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ إِلَّا أَنَّهُ ضَرَبَ عَلَى نَافِعٍ وَكَتَبَ فَوْقَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ لمَالِك عَنْهُمَا جَمِيعًا انْتهى كَلَامه قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الْحَدِيثُ لِمَالِكٍ عَنْهُمَا جَمِيعًا لَكِنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَحَدِيثُ نَافِعٍ غَرِيبٌ انْتَهَى وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ كَذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ فَلَا غَرَابَةَ وَإِنْ سَاقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ فَمُرَادُهُ مَا رَوَاهُ خَارِجَ الْمُوَطَّأِ فَهِيَ غَرَابَةٌ خَاصَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَطَّأِ نَعَمْ رِوَايَةُ الْمُوَطَّأِ أَشْهَرُ



( قَولُهُ بَابُ ذِكْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ)
أَيْ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِزَمَانٍ فَكَانَ كَمَا قَالَ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرِيَنَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ يَقُولُ هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا مَصْرَعُ فلَان فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ مَا أخطأوا تِلْكَ الْحُدُودَ الْحَدِيثَ وَهَذَا وَقَعَ وَهُمْ بِبَدْرٍ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي الْتَقَوْا فِي صَبِيحَتِهَا بِخِلَافِ حَدِيثِ الْبَابِ فَإِنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ .

     قَوْلُهُ  شُرَيْحُ هُوَ بِمُعْجَمَةٍ وَآخِرُهُ مُهْمَلَةٌ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ هُوَ يُوسُفَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيَّ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ كَانَ صَدِيقًا فِيهِ الْتِفَاتٌ عَلَى رَأْيٍ والسياق يَقْتَضِي أَن يَقُول قَالَ كُنْتُ صَدِيقًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ زَائِدَةً وَيكون قَوْله قَالَ من كَلَام بن مَسْعُودٍ وَالْمُرَادُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَهِيَ رِوَايَةُ النَّسَفِيِّ .

     قَوْلُهُ  عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَوَقَعَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنِ بن إِسْحَاقَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفِ بْنِ صَفْوَانَ كَذَا لِلْمَرْوَزِيِّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ وَالصَّوَابُ مَا عِنْدَ الْبَاقِينَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفِ أَبِي صَفْوَانَ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَبِي صَفْوَانَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَهِيَ كُنْيَةُ أُمَيَّةَ كُنِّيَ بِابْنِهِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ أَصْحَابُ أَبِي إِسْحَاقَ ثُمَّ أَصْحَابُ إِسْرَائِيلَ عَلَى أَنَّ الْمَنْزُولَ عَلَيْهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَخَالَفَهُمْ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ فَقَالَ نَزَلَ عَلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَسَاقَ الْقِصَّةَ كُلَّهَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ قُتِلَ بِبَدْرٍ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَارِهًا فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَدْرٍ وَإِنَّمَا حَرَّضَ النَّاسَ عَلَى الرُّجُوعِ بَعْدَ أَنْ سَلِمَتْ تِجَارَتُهُمْ فَخَالَفَهُ أَبُو جَهْلٍ وَفِي سِيَاقِ الْقِصَّةِ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ أَنَّهَا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ لِقَوْلِهِ فِيهَا فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُمَّ صَفْوَانَ وَلَمْ يَكُنْ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا أُمُّ صَفْوَانَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَيْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ أَلَا تَنْظُرُ حَتَّى يَكُونَ نِصْفُ النَّهَارِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ سَعْدًا سَأَلَهُ وَأَشَارَ عَلَيْهِ أُمَيَّةُ وَإِنَّمَا اخْتَارَ لَهُ نِصْفَ النَّهَارِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْخَلْوَةِ .

     قَوْلُهُ  أَلَا أَرَاكَ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ لِلِاسْتِفْتَاحِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَهِيَ مُرَادَةٌ .

     قَوْلُهُ  آوَيْتُمْ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَالصُّبَاةُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ صَابِي بِمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ خَفِيفَةٍ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ الَّذِي يَنْتَقِلُ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ وَفِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ .

     قَوْلُهُ  طَرِيقَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَيْ مَا يُقَارِبُهَا أَوْ يُحَاذِيهَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ طَرِيقَكَ بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ.

قُلْتُ النَّصْبُ أَصَحُّ لِأَنَّ عَامِلَهُ لَأَمْنَعَنَّكَ فَهُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ.
وَأَمَّا الرَّفْعُ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ وَفِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ مَتْجَرَكَ إِلَى الشَّامِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَطْعِ طَرِيقِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى أَبِي الْحَكَمِ هِيَ كُنْيَةُ أَبِي جَهْلٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي لَقَّبَهُ بِأَبِي جَهْلٍ .

     قَوْلُهُ  فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهُمْ قَاتَلُوكَ كَذَا أَتَى بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْمُرَادُ الْمُسْلِمُونَ أَوِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ تَعْظِيمًا وَفِي بَقِيَّةِ سِيَاقِ الْقِصَّةِ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا الثَّانِيَ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ قَاتِلِيكَ بِتَحْتَانِيَّةٍ بَدَلَ الْوَاوِ وَقَالُوا هِيَ لَحْنٌ وَوُجِّهَتْ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَاتِلِيكَ وَفِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ قَاتِلُكَ بِالْإِفْرَادِ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ بَيَانُ وَهَمِ الْكَرْمَانِيِّ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الضَّمِيرَ لِأَبِي جَهْلٍ فَاسْتَشْكَلَهُ فَقَالَ إِنَّ أَبَا جَهْلٍ لَمْ يَقْتُلْ أُمَيَّةَ ثُمَّ تَأَوَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي خُرُوجِهِ حَتَّى قُتِلَ.

قُلْتُ وَرِوَايَةُ الْبَابِ كَافِيَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِيهَا أَنَّ أُمَيَّةَ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَاتِلِي وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ لِأَبِي جَهْلٍ ذِكْرٌ .

     قَوْلُهُ  فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا بَيَّنَ سَبَبَ فَزَعِهِ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ فَفِيهَا قَالَ فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ فَكَادَ أَنْ يُحْدِثَ كَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ مِنَ الْحَدَثِ وَهُوَ خُرُوجُ الْخَارِجِ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ وَالضَّمِيرُ لِأُمَيَّةَ أَيْ أَنَّهُ كَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ الْحَدَثُ مِنْ شِدَّةِ فَزَعِهِ وَمَا أَظُنُّ ذَلِكَ إِلَّا تَصْحِيفًا .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ أَيِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ يَا أُمَّ صَفْوَانَ هِيَ كُنْيَتُهَا وَاسْمُهَا صَفِيَّةُ وَيُقَالُ كَرِيمَةُ بِنْتُ مَعْمَرِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ وَهِيَ مِنْ رَهْطِ أُميَّة فأمية بن عَمِّ أَبِيهَا وَقِيلَ اسْمُهَا فَاخِتَةُ بِنْتُ الْأَسْوَدِ .

     قَوْلُهُ  مَا قَالَ لِي سَعْدٌ وَفِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ مَا قَالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيُّ ذَكَرَ الْأُخُوَّةَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُؤَاخَاةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَنَسَبَهُ إِلَى يَثْرِبَ وَهُوَ اسْمُ الْمَدِينَةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ لَهُ بِمَكَّةَ قَالَ لَا أَدْرِي فَقَالَ أُمَيَّةُ وَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْمُحْتَمَلِ حَيْثُ يَتَحَقَّقُ الْهَلَاكُ فِي غَيْرِهِ أَوْ يَقْوَى الظَّنُّ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ زَادَ إِسْرَائِيلُ وَجَاءَ الصَّرِيخُ وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى مَا أخرجه بن إِسْحَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَعَرَفَ أَنَّ اسْمَ الصَّرِيخِ ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ وَذكر بن إِسْحَاقَ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إِلَى مَكَّةَ جَدَعَ بَعِيرَهُ وَحَوَّلَ رَحْلَهُ وَشَقَّ قَمِيصَهُ وَصَرَخَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمْوَالُكُمْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ قَدْ عَرَضَ لَهَا مُحَمَّدٌ الْغَوْثَ الْغَوْثَ .

     قَوْلُهُ  أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيِ الْقَافِلَةَ الَّتِي كَانَتْ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّكَ مَتَى يَرَاكَ النَّاسُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ بِزِيَادَةِ مَا وَهِيَ الزَّائِدَةُ الْكَافَّةُ عَنِ الْعَمَلِ وَبِحَذْفِهَا كَانَ حَقُّ الْأَلِفِ مِنْ يَرَاكَ أَنْ تُحْذَفَ لِأَنَّ مَتَى لِلشَّرْطِ وَهِيَ تَجْزِمُ الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ قَالَ بن مَالِكٍ يُخَرَّجُ ثُبُوتُ الْأَلِفِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ يَرَاكَ مُضَارِعُ رَاءَ بِتَقْدِيمِ الْأَلِفِ عَلَى الْهَمْزَةِ وَهِيَ لُغَةٌ فِي رَأَى قَالَ الشَّاعِرُ إِذَا رَاءَنِي أَبْدَى بَشَاشَةَ واَصِلٍ وَمُضَارِعُهُ يَرَاءُ بِمَدٍّ ثُمَّ هَمْزٍ فَلَمَّا جُزِمَتْ حُذِفَتِ الْأَلِفُ ثُمَّ أُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ أَلِفًا فَصَارَ يَرَا وَعَلَى أَنَّ مَتَى شُبِّهَتْ بِإِذَا فَلَمْ يُجْزَمْ بِهَا وَهُوَ كَقَوْلِ عَائِشَةَ الْمَاضِي فِي الصَّلَاةِ فِي أَبِي بَكْرٍ مَتَى يَقُومُ مَقَامَكَ أَوْ عَلَى إِجْرَاءِ الْمُعْتَلِّ مَجْرَى الصَّحِيحِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ وَلَا تَرْضَاهَا وَلَا تَمَلَّقْ أَوْ عَلَى الْإِشْبَاعِ كَمَا قُرِئَ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي.

قُلْتُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ مَتَى يَرَكَ النَّاسُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ وَهُوَ الْوَجْهُ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي أَيْ وَادِي مَكَّةَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أُمَيَّةَ وَصَفَ بِهَا أَبَا جَهْلٍ لَمَّا خَاطَبَ سَعْدًا بِقَوْلِهِ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ وَهُوَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي فَتَقَارَضَا الثَّنَاءَ وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَيِّدًا فِي قَوْمِهِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جهل بَين بن إِسْحَاقَ الصِّفَةَ الَّتِي كَادَ بِهَا أَبُو جَهْلٍ أُمَيَّةَ حَتَّى خَالَفَ رَأْيَ نَفْسِهِ فِي تَرْكِ الْخُرُوج من مَكَّة فَقَالَ حَدثنِي بن أَبِي نَجِيحٍ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَانَ قَدْ أَجْمَعَ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ وَكَانَ شَيْخًا جَسِيمًا فَأَتَاهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ بِمَجْمَرَةٍ حَتَّى وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ النِّسَاءِ فَقَالَ قَبَّحَكَ اللَّهُ وَكَأَنَّ أَبَا جَهْلٍ سَلَّطَ عُقْبَةَ عَلَيْهِ حَتَّى صَنَعَ بِهِ ذَلِكَ وَكَانَ عُقْبَةُ سَفِيهًا .

     قَوْلُهُ  لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ يَعْنِي فَأَسْتَعِدُّ عَلَيْهِ لِلْهَرَبِ إِذَا خِفْتُ شَيْئًا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَاشْتَرَى الْبَعِيرَ الَّذِي ذَكَرَ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ .

     قَوْلُهُ  لَا يَتْرُكُ مَنْزِلًا إِلَّا عَقَلَ بَعِيرَهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَنْزِلُ بِنُونٍ وَزَايٍ وَلَامٍ مِنَ النُّزُولِ وَهِيَ أَوْجَهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ يَتْرُكُ بِمُثَنَّاةٍ وَرَاءٍ وَكَافٍ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ أَيْ عَلَى ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ بِبَدْرٍ تَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي صِفَةِ قَتْلِهِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الَّذِي وَلِيَ قَتْلَهُ خبيب وَهُوَ بِالْمُعْجَمَةِ وموحدة مصغر بن إِسَافٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَمُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ الْأَنْصَارِيُّ.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَازِنٍ مِنَ الْأَنْصَار.

     وَقَالَ  بن هِشَام يُقَال اشْترك فِيهِ معَاذ بن عَفْرَاءَ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَخُبَيْبٌ الْمَذْكُورُ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ رَافِعٍ طَعَنَهُ بِالسَّيْفِ وَيُقَالُ قَتَلَهُ بِلَالٌ.
وَأَمَّا ابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ فَقَتَلَهُ عَمَّارٌ وَفِي الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرَةٌ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مِنْ قُوَّةِ النَّفْسِ وَالْيَقِينِ وَفِيهِ أَنَّ شَأْنَ الْعُمْرَةِ كَانَ قَدِيمًا وَأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانَ مَأْذُونًا لَهُمْ فِي الِاعْتِمَارِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَعْتَمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَاللَّهُ أعلم

[ قــ :85 ... غــ :89]





[ قــ :86 ... غــ :90] .

     قَوْلُهُ  ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُقْتَضَاهُ أَيْضا أَنه من مُسْند بن عُمَرَ كَمَا هُوَ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَرَوَاهُ أَبُو نُوحٍ عَنْ مَالِكٍ فَزَادَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ وَقَدْ بَيَّنَ النَّسَائِيُّ سَبَبَ ذَلِكَ فِي رِوَايَته من طَرِيق بن عون عَن نَافِع قَالَ أصَاب بن عُمَرَ جَنَابَةً فَأَتَى عُمَرَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْمَرَهُ فَقَالَ لِيَتَوَضَّأْ وَيَرْقُدْ وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ تُصِيبُهُ يعود عَليّ بن عُمَرَ لَا عَلَى عُمَرَ وَقَولُهُ فِي الْجَوَابِ تَوَضَّأ يحْتَمل أَن يكون بن عُمَرَ كَانَ حَاضِرًا فَوَجَّهَ الْخِطَابَ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  بِأَنَّهُ كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَالْحَمَوِيِّ وَلِلْبَاقِينَ أَنَّهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لَهُ سَقَطَ لَفْظُ لَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ .

     قَوْلُهُ  تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُوحٍ اغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ تَوَضَّأْ ثُمَّ نَمْ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَى غَسْلِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوُضُوءٍ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّعَبُّدِ إِذِ الْجَنَابَةُ أَشَدُّ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَتَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُوحٍ أَنَّ غسله مقدم على الْوضُوء وَيُمكن أَن يُؤَخر عَنْهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمَسَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَن مَسّه ينْقض.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ جَاءَ الْحَدِيثُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَجَاءَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَهُوَ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى إِيجَابِهِ وَهُوَ شُذُوذٌ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَاسْتَنْكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا النَّقْلَ.

     وَقَالَ  لَمْ يَقُلِ الشَّافِعِيُّ بِوُجُوبِهِ وَلَا يَعْرِفُ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِن كَلَام بن الْعَرَبِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ نَفْيَ الْإِبَاحَةِ الْمُسْتَوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ لَا إِثْبَاتَ الْوُجُوبِ أَوْ أَرَادَ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ وُجُوبَ سُنَّةٍ أَيْ مُتَأَكَّدُ الِاسْتِحْبَابِ وَيدل عَلَيْهِ أَنه قابله بقول بن حَبِيبٍ هُوَ وَاجِبٌ وُجُوبَ الْفَرَائِضِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي عبارَة الْمَالِكِيَّة كثيرا وَأَشَارَ بن الْعَرَبِيّ إِلَى تَقْوِيَة قَول بن حَبِيبٍ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ إِيجَاب الْوضُوء على الْجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بَعْدَ ذَلِك هُوَ وبن خُزَيْمَة على عدم الْوُجُوب بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ إِذَا جَامَعَ ثُمَّ عَادَ وَقَدْ قَدَحَ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَال بن رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ وَتَمَسَّكَ بِمَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُجْنِبُ ثُمَّ يَنَامُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحُفَّاظَ قَالُوا إِنَّ أَبَا إِسْحَاقٍ غَلِطَ فِيهِ وَبِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ تَرَكَ الْوُضُوءَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ لِئَلَّا يُعْتَقَدَ وُجُوبُهُ أَوْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَمَسُّ مَاءً أَيْ لِلْغُسْلِ وَأَوْرَدَ الطَّحَاوِيُّ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ جَنَحَ الطَّحَاوِيُّ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوضُوءِ التَّنْظِيف وَاحْتج بِأَن بن عُمَرَ رَاوِيَ الْحَدِيثِ وَهُوَ صَاحِبُ الْقِصَّةِ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ نَافِعٍ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ ثَبَتَ تَقْيِيدُ الْوُضُوءِ بِالصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَتِهِ وَمِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُعْتَمَدُ وَيُحْمَلُ ترك بن عُمَرَ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِعُذْرٍ.

     وَقَالَ  جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ هُنَا الشَّرْعِيُّ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ يُخَفِّفُ الْحَدَثَ وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفْرِيقِ الْغُسْلِ فَيَنْوِيهِ فَيَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ عَلَى الصَّحِيح وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ الصَّحَابِيِّ قَالَ إِذَا أَجْنَبَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَإِنَّهُ نِصْفُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ إِحْدَى الطِّهَارَتَيْنِ فَعَلَى هَذَا يَقُومُ التَّيَمُّمُ مَقَامَهُ وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَجْنَبَ فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ تَوَضَّأَ أَوْ تَيَمَّمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ هُنَا عِنْدَ عُسْرِ وُجُودِ الْمَاءِ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّهُ يَنْشَطُ إِلَى الْعَوْدِ أَوْ إِلَى الْغسْل.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْحَائِضِ لِأَنَّهَا لَوِ اغْتَسَلَتْ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ لَكِنْ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا اسْتُحِبَّ لَهَا ذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنَّمَا يتضيق عِنْد الْقيام الىالصلاة واستحباب التَّنْظِيف عِنْد النّوم قَالَ بن الْجَوْزِيِّ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَبْعُدُ عَنِ الْوَسَخِ وَالرِّيحِ الْكَرِيهَةِ بِخِلَافِ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهَا تَقْرُبُ من ذَلِك وَالله أعلم