فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب درجات المجاهدين في سبيل الله، يقال: هذه سبيلي وهذا سبيلي

( قَولُهُ بَابُ دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)
أَيْ بَيَانُهَا وَقَولُهُ يُقَالُ هَذِهِ سَبِيلِي أَيْ أَنَّ السَّبِيلَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْفَرَّاءُ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ليضل عَن سَبِيل الله ويتخذها هزؤا الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى آيَاتِ الْقُرْآنِ وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ لِلسَّبِيلِ لِأَنَّهَا قَدْ تُؤَنَّثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قل هَذِه سبيلي وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهَا سَبِيلًا انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى هَذِهِ إِشَارَةً إِلَى الطَّرِيقَةِ أَيْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ سَبِيلِي فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَأْنِيثِ السَّبِيلِ .

     قَوْلُهُ  غُزًّا بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ مَعَ التَّنْوِينِ وَاحِدُهَا غَازٍ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ وَهُوَ مِثْلُ قُوَّلٍ وَقَائِلٍ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  هُمْ دَرَجَاتٌ لَهُمْ دَرَجَاتٌ هُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ .

     قَوْلُهُ  هُمْ دَرَجَاتٌ أَيْ مَنَازِلُ وَمَعْنَاهُ لَهُمْ دَرَجَاتٌ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ التَّقْدِيرُ هُمْ ذَوُو دَرَجَاتٍ



[ قــ :2662 ... غــ :2790] .

     قَوْلُهُ  عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنِي هِلَالٌ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْ فُلَيْحٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ بَدَلَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنْهُ وَهُوَ وَهَمٌ مِنْ فُلَيْحٍ فِي حَالِ تَحْدِيثِهِ لِأَبِي عَامِرٍ وَعِنْدَ فُلَيْحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَدِيثٌ غَيْرُ هَذَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا فلَعَلَّهُ انْتَقَلَ ذِهْنُهُ مِنْ حَدِيثٍ إِلَى حَدِيثٍ وَقَدْ نَبَّهَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ فُلَيْحٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا شَكَّ فِيهِ فَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ يُونُسَ عَنْ فُلَيْحٍ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ هَذَا الحَدِيث قَالَ فليح وَلَا أعلمهُ إِلَّا بن أَبِي عَمْرَةَ قَالَ يُونُسُ ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ فُلَيْحٌ فَقَالَ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَلَمْ يَشُكَّ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ رَجَعَ إِلَى الصَّوَابِ فِيهِ وَلَمْ يقف بن حِبَّانَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَامِرٍ وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ وَقَدْ وَافَقَ فُلَيْحًا عَلَى رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ عَنْ هِلَالٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ عَطَاءٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَتِهِ مُخْتَصَرًا وَرَوَاهُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَقَالَ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وَحَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ.

     وَقَالَ  هَمَّامٌ عَنْ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَرَجَّحَ رِوَايَةَ الدَّرَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى رِوَايَةِ هَمَّامٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِرِوَايَةِ هِلَالٍ مَعَ أَنَّ بَيْنَ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَمُعَاذٍ انْقِطَاعًا .

     قَوْلُهُ  وَصَامَ رَمَضَان الخ قَالَ بن بَطَّالٍ لَمْ يَذْكُرِ الزَّكَاةَ وَالْحَجَّ لِكَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ فُرِضَ.

قُلْتُ بَلْ سَقَطَ ذِكْرُهُ عَلَى أَحَدِ الرُّوَاةِ فَقَدْ ثَبَتَ الْحَجُّ فِي التِّرْمِذِيِّ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ.

     وَقَالَ  فِيهِ لَا أَدْرِي أَذَكَرَ الزَّكَاةَ أَمْ لَا وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُذْكَرْ لِبَيَانِ الْأَرْكَانِ فَكَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا ذَكَرَ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَكَرِّرُ غَالِبًا.
وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَلَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ لَهُ مَالٌ بِشَرْطِهِ وَالْحَجُّ فَلَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً عَلَى التَّرَاخِي .

     قَوْلُهُ  وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ فِيهِ تَأْنِيسٌ لِمَنْ حُرِمَ الْجِهَادَ وَأَنَّهُ لَيْسَ مَحْرُومًا مِنَ الْأَجْرِ بَلْ لَهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْتِزَامِ الْفَرَائِضِ مَا يُوَصِّلُهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنْ قَصَّرَ عَنْ دَرَجَةِ الْمُجَاهِدِينَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي خَاطَبَهُ بِذَلِكَ هُوَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ أَوْ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَأَصْلُهُ فِي النَّسَائِيِّ لَكِنْ قَالَ فِيهِ فَقُلْنَا .

     قَوْلُهُ  وإِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ قَالَ الطِّيبِيُّ هَذَا الْجَوَابُ مِنْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ أَيْ بَشِّرْهُمْ بِدُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْأَعْمَالِ وَلَا تَكْتَفِ بِذَلِكَ بَلْ بَشِّرْهُمْ بِالدَّرَجَاتِ وَلَا تَقْتَنِعْ بِذَلِكَ بَلْ بَشِّرْهُمْ بِالْفِرْدَوْسِ الَّذِي هُوَ أَعْلَاهَا.

قُلْتُ لَوْ لَمْ يَرِدِ الْحَدِيثُ إِلَّا كَمَا وَقَعَ هُنَا لَكَانَ مَا قَالَ مُتَّجَهًا لَكِنْ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْجَنَّةِ مِائَةُ دَرَجَةٍ تَعْلِيلٌ لِتَرْكِ الْبِشَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُعَاذٍ الْمَذْكُورَةِ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا أُخْبِرُ النَّاسَ قَالَ ذَرِ النَّاس يعْملُونَ فَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ لَا تُبَشِّرِ النَّاسَ بِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ الْأَعْمَالَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْهِ فَيَقِفُوا عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَجَاوَزُوهُ إِلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ مِنَ الدَّرَجَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ بِالْجِهَادِ وَهَذِهِ هِيَ النُّكْتَةُ فِي قَوْلِهِ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا كَانَ فِيهِ تَعَقُّبٌ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ سَوَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَبَيْنَ عَدَمِهِ وَهُوَ الْجُلُوسُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي وُلِدَ الْمَرْءُ فِيهَا وَوَجْهُ التَّعَقُّبِ أَنَّ التَّسْوِيَةَ لَيْسَتْ عَلَى عُمُومِهَا وَإِنَّمَا هِيَ فِي أَصْلِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لَا فِي تَفَاوُتِ الدَّرَجَاتِ كَمَا قَرَّرْتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَيْسَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ فِي الْجَنَّةِ دَرَجَاتٌ أُخْرَى أُعِدَّتْ لِغَيْرِ الْمُجَاهِدِينَ دُونَ دَرَجَةِ الْمُجَاهِدِينَ .

     قَوْلُهُ  كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ مِائَةُ عَامٍ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ فَإِنْ كَانَتَا مَحْفُوظَتَيْنِ كَانَ اخْتِلَافُ الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اخْتِلَافِ السَّيْرِ زَادَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لَوْ أَنَّ الْعَالَمِينَ اجْتَمَعُوا فِي إِحْدَاهُنَّ لَوَسِعَتْهُمْ .

     قَوْلُهُ  أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ الْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ هُنَا الْأَعْدَلُ وَالْأَفْضَلُ كَقَوْلِه تَعَالَى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا فَعَلَى هَذَا فَعَطَفَ الْأَعْلَى عَلَيْهِ لِلتَّأْكِيدِ.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ المُرَاد بِأَحَدِهِمَا الْعُلُوّ الْحسي وبالآخر الْعُلُوّ الْمَعْنَوِيّ.

     وَقَالَ  بن حِبَّانَ الْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ السَّعَةُ وَبِالْأَعْلَى الْفَوْقِيَّةُ .

     قَوْلُهُ  وَأرى بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهُوَ شَكٌّ مِنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ فُلَيْحٍ فَلَمْ يَشُكَّ مِنْهُمْ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ أَيْ مِنَ الْفِرْدَوْسِ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْعَرْشِ فَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا دَرَجَةً وَمِنْهَا أَيْ مِنَ الدَّرَجَةِ الَّتِي فِيهَا الْفِرْدَوْسُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ الْأَرْبَعَةُ وَمِنْ فَوْقِهَا يَكُونُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مَسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ قَالَ الْفِرْدَوْسُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَفْضَلُهَا وَهُوَ يُؤَيِّدُ التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي أَنَّ مُحَمَّدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَلَمْ يَشُكَّ كَمَا شَكَّ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ بَلْ جَزَمَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ وَهُوَ وَهْمٌ لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُدْرِكْهُ.

قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْهُ بِتَمَامِهِ وَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِهِ هُنَاكَ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ وَالْفِرْدَوْسُ هُوَ الْبُسْتَانُ الَّذِي يَجْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْعِنَبُ وَقِيلَ هُوَ بِالرُّومِيَّةِ وَقِيلَ بِالْقِبْطِيَّةِ وَقِيلَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ وَفِي الْحَدِيثِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لَلْمُجَاهِدِينَ وَفِيهِ عِظَمُ الْجَنَّةِ وَعِظَمُ الْفِرْدَوْسِ مِنْهَا وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ دَرَجَةَ الْمُجَاهِدِ قَدْ يَنَالُهَا غَيْرُ الْمُجَاهِدِ إِمَّا بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَةِ أَوْ بِمَا يُوَازِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْجَمِيعَ بِالدُّعَاءِ بِالْفِرْدَوْسِ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ أَعَدَّ لِلْمُجَاهِدِينَ وَقِيلَ فِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ بِمَا لَا يَحْصُلُ لِلدَّاعِي لِمَا ذَكَرْتُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْله حَدثنَا مُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيل وَجَرِير هُوَ بن حَازِمٍ وَحَدِيثُ سَمُرَةَ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي الْجَنَائِزِ وَهَذِهِ الْقِطْعَةُ شَاهِدَةٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ وَمُفَسِّرَةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوْسَطِ الْأَفْضَلُ لِوَصْفِهِ دَارَ الشُّهَدَاءِ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ بِأَنَّهَا أَحْسَنُ وَأفضل