فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال

( قَولُهُ بَابُ حَمْلِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ فِي الْغَزْوِ دُونَ بَعْضِ نِسَائِهِ)
ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ وَسَيَأْتِي شَرْحُ حَدِيثِ الْإِفْكِ تَامًّا فِي التَّفْسِيرِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ حَمْلَ عَائِشَةَ مَعَهُ كَانَ بَعْدَ الْقُرْعَةِ بَيْنَ نِسَائِهِ قَولُهُ بَابُ غَزْوِ النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ وَقَعَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الَّذِي مَضَى فِي الْحَيْضِ وَفِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى الْحَدِيثَ وَوَقَعَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مُرْسَلٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ النِّسَاءُ يَشْهَدْنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَشَاهِدَ وَيَسْقِينَ الْمُقَاتِلَةَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَلَأَبَى دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حَشْرَجِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَدَّتِهِ أَنَّهُنَّ خَرَجْنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُنَيْنٍ وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ فَقُلْنَ خَرَجْنَا نَغْزِلُ الشَّعْرَ وَنُعِينُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنُنَاوِلُ السِّهَامَ وَنَسْقِي السَّوِيقَ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ التَّصْرِيحَ بِأَنَّهُنَّ قَاتَلْنَ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ بن الْمُنِيرِ بَوَّبَ عَلَى قِتَالِهِنَّ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْحَدِيثِ فَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ إِعَانَتَهُنَّ لِلْغُزَاةِ غَزْوٌ وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُنَّ مَا ثَبَتْنَ لِسَقْيِ الْجَرْحَى وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا وَهُنَّ بِصَدَدِ أَنْ يُدَافِعْنَ عَنْ أَنْفُسِهِنَّ وَهُوَ الْغَالِبُ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ خِنْجَرًا يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَتْ اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَرَضُ الْبُخَارِيِّ بِالتَّرْجَمَةِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُنَّ لَا يُقَاتِلْنَ وَإِنْ خَرَجْنَ فِي الْغَزْوِ فَالتَّقْدِيرُ بِقَوْلِهِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ أَيْ هَلْ هُوَ سَائِغٌ أَوْ إِذَا خَرَجْنَ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْغَزْوِ يَقْتَصِرْنَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مُدَاوَاةِ الْجَرْحَى وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَنَسٍ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ الْحَدِيثَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ



[ قــ :2752 ... غــ :2880] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي الْمَغَازِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَولُهُ خَدَمُ سُوقِهِمَا بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ وَهَذِهِ كَانَتْ قَبْلَ الْحِجَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلنَّظَرِ وَقَولُهُ تَنْقُزَانِ بِضَم الْقَاف بعْدهَا زَاي والقرب بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ قِرْبَةٍ وَقَولُهُ وقَال غَيْرُهُ تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ يَعْنِي بِاللَّامِ دُونَ الزَّايِ وَهِيَ رِوَايَةُ جَعْفَرِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَولُهُ تَنْقُزَانِ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ تُسْرِعَانِ الْمَشْيَ كَالْهَرْوَلَةِ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَى تَنْقُزَانِ تَثِبَانِ وَالنَّقْزُ الْوَثْبُ وَالْقَفْزُ كِنَايَةٌ عَنْ سُرْعَةِ السَّيْرِ وَضَبَطُوا الْقِرَبَ بِالنَّصْبِ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بِخِلَافِ رِوَايَةِ تَنْقُلَانِ قَالَ وَكَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَقْرَؤُهُ بِرَفْعِ الْقِرَبِ على أَن الْجُمْلَة حَال وَقد خرج رِوَايَةُ النَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ كَأَنَّهُ قَالَ تَثِبَانِ بِالْقِرَبِ قَالَ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ تُنْقِزَانِ بِضَمِّ أَوله أَيْ تُحَرِّكَانِ الْقِرَبَ لِشِدَّةِ عَدْوِهِمَا وَتَصِحُّ عَلَى هَذَا رِوَايَةُ النَّصْبِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ أَحْسَبُ الرِّوَايَةَ تَزْفِرَانِ بَدَلَ تَنْقُزَانِ وَالزَّفْرُ حَمْلُ الْقِرَبِ الثِّقَالِ كَمَا فِي الحَدِيث الَّذِي بعده