فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة

( قَولُهُ بَابُ يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الْإِقَامَةِ)
أَيْ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ فِي غير مَعْصِيّة



[ قــ :2863 ... غــ :2996] قَوْله أخبرنَا الْعَوام هُوَ بن حَوْشَبٍ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ وَزْنُ جَعْفَرٍ .

     قَوْلُهُ  سَمِعت أَبَا بردة هُوَ بن أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَاصْطَحَبَ هُوَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ فِي سَفَرٍ أَيْ مَعَ يَزِيدَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ هَذَا شَامِيٌّ وَاسْمُ أَبِيهِ حَيْوِيلُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ بَعْدهَا تَحْتَانِيَّةٌ أُخْرَى سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ وَهُوَ ثِقَةٌ وَلِيَ خَرَاجَ السِّنْدِ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ فِي خِلَافَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرٌ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ يَصُومُ الدَّهْرَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عَنِ الْعَوَّامِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْ ذَلِكَ مَرَضٌ .

     قَوْلُهُ  كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا هُوَ مِنَ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمَقْلُوبِ فَالْإِقَامَةُ فِي مُقَابِلِ السَّفَرِ وَالصِّحَّةِ فِي مُقَابِلِ الْمَرَضِ وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ يَعْمَلُ طَاعَةً فَمُنِعَ مِنْهَا وَكَانَتْ نِيَّتُهُ لَوْلَا الْمَانِعُ أَنْ يَدُومَ عَلَيْهَا كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ وَعِنْدَهُ فِي آخِرِهِ كَأَصْلَحِ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ وَوَقَعَ أَيْضًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ عَلَى طَرِيقَةٍ حَسَنَةٍ مِنَ الْعِبَادَةِ ثُمَّ مَرِضَ قِيلَ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِهِ اكْتُبْ لَهُ مِثْلَ عَمَلِهِ إِذَا كَانَ طَلِيقًا حَتَّى أُطْلِقَهُ أَوْ أَكْفِتَهُ إِلَيَّ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ إِذَا ابْتَلَى اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِبَلَاءٍ فِي جَسَدِهِ قَالَ اللَّهُ اكْتُبْ لَهُ صَالِحَ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ فَإِنْ شَفَاهُ غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ وَإِنْ قَبَضَهُ غَفَرَ لَهُ وَرَحِمَهُ وَلِرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ السَّكْسَكِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مُتَابَعٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِلَفْظِ إِنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لِلْمَرِيضِ أَفْضَلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي صِحَّتِهِ مَا دَامَ فِي وَثَاقِهِ الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ مِنَ اللَّيْلِ يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ إِلَّا كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَة قَالَ بن بَطَّالٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي النَّوَافِلِ.
وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرَائِضِ فَلَا تَسْقُطُ بِالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ تَحَجَّرَ وَاسِعًا وَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولِ الْفَرَائِضِ فِي ذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِهَا عَلَى الْهَيْئَةِ الْكَامِلَةِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَجْرَ مَا عَجَزَ عَنْهُ كَصَلَاةِ الْمَرِيضِ جَالِسًا يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ الْقَائِمِ انْتَهَى وَلَيْسَ اعْتِرَاضُهُ بِجَيِّدٍ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ إِذَا تَكَلَّفَ الْعَمَلَ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَعْذَارَ الْمُرَخِّصَةَ لِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ تُسْقِطُ الْكَرَاهَةَ وَالْإِثْمَ خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ مُحَصِّلَةً لِلْفَضِيلَةِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّلْخِيصِ وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّى وَحَضَرَ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.

     وَقَالَ  السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ فِي الْحَلَبِيَّاتِ مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَمَاعَةً فَتَعَذَّرَ فَانْفَرَدَ كُتِبَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَةٌ لَكِنْ أَرَادَ الْجَمَاعَةَ فَتَعَذَّرَ فَانْفَرَدَ يُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُ قَصْدِهِ لَا ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الْجَمَاعَةَ لَكِنَّهُ قَصْدٌ مُجَرَّدٌ وَلَوْ كَانَ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً كَانَ دُونَ مَنْ جَمَعَ وَالْأُولَى سَبَقَهَا فِعْلٌ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ حَدِيثُ الْبَابِ وَلِلثَّانِي أَنَّ أَجْرَ الْفِعْلِ يُضَاعَفُ وَأَجْرَ الْقَصْدِ لَا يُضَاعَفُ بِدَلِيلِ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً وَاحِدَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الَّذِي صَلَّى مُنْفَرِدًا وَلَوْ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لِكَوْنِهِ اعْتَادَهَا فَيُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُ صَلَاةِ مُنْفَرِدٍ بِالْأَصَالَةِ وَثَوَابُ مجمع بِالْفَضْلِ انْتهى مُلَخصا