فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه

( قَولُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يُخَمِّسِ الْأَسْلَابَ)
السَّلَبُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هُوَ مَا يُوجَدُ مَعَ الْمُحَارِبِ مِنْ مَلْبُوسٍ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَنْ أَحْمَدَ لَا تَدْخُلُ الدَّابَّةُ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ يَخْتَصُّ بِأَدَاةِ الْحَرْبِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلا فَلهُ سلبه من غير أَن يُخَمّس وَحُكْمُ الْإِمَامِ فِيهِ أَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْقَدْرِ حَسْبُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمَّسَ فَهُوَ مِنْ تَفَقُّهِهِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ شَهِيرٌ وَإِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ التَّرْجَمَةُ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَهُوَ أَنَّ الْقَاتِلَ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ سَوَاءٌ قَالَ أَمِيرُ الْجَيْشِ قَبْلَ ذَلِكَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ فَتْوَى مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِخْبَارٌ عَنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ إِلَّا إِنْ شَرَطَ لَهُ الْإِمَامُ ذَلِكَ وَعَنْ مَالِكٍ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ الْقَاتِلَ السَّلَبَ أَوْ يُخَمِّسَهُ وَاخْتَارَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَعَنْ إِسْحَاقَ إِذَا كَثُرَتِ الْأَسْلَابُ خُمِّسَتْ وَمَكْحُولٌ وَالثَّوْرِيُّ يُخَمِّسُ مُطْلَقًا وَقَدْ حَكَى عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَتَمَسَّكُوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خمسه وَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِنَّهُ خَصَّصَ ذَلِكَ الْعُمُومَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ إِلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ قَالَ مَالِكٌ لَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ فِي غَيْرِ حُنَيْنٍ وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ مِنْهَا يَوْمُ بَدْرٍ كَمَا فِي أَوَّلِ حَدِيثَيِ الْبَابِ وَمِنْهَا حَدِيثُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا يَوْمَ أُحُدٍ فَسَلَّمَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَبَهُ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَمِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَتَلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ رَجُلًا فَنَفَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ ثُمَّ كَانَ ذَلِكَ مُقَرَّرًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّتِهِ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَإِنْكَارِهِ عَلَيْهِ أَخْذَهُ السَّلَبَ مِنَ الْقَاتِلِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَكَمَا رَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ تَعَالَ بِنَا نَدْعُو فَدَعَا سَعْدٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي رَجُلًا شَدِيدًا بَأْسُهُ فَأُقَاتِلُهُ وَيُقَاتِلُنِي ثُمَّ ارْزُقْنِي عَلَيْهِ الظَّفَرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ وَآخُذَ سَلَبَهُ الْحَدِيثَ وَكَمَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كَانَتْ صَفِيَّةُ فِي حِصْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ قَتْلِهَا الْيَهُودِيَّ وَقَوْلِهَا لحسان انْزِلْ فاسلبه فَقَالَ مَالِي بسلبه حَاجَة وكما روى بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي فِي قِصَّةِ قَتْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ يَوْم الخَنْدَق أَيْضا فَقَالَ لَهُ عمر هَلَّا اسْتَلَبْتَ دِرْعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْعَرَبِ خَيْرٌ مِنْهَا فَقَالَ إِنَّهُ اتَّقَانِي بِسَوْأَتِهِ وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ الْقِتَالُ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ حَتَّى قَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ لِئَلَّا تَضْعُفَ نِيَّاتُ الْمُجَاهِدِينَ وَلَمْ يَقُلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ وَإِذَا نَالَهُ قَبْلَ الْحَرْبِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا اسْتَحَقَّ الْقَاتِلُ ثُمَّ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي قِصَّةِ قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا



[ قــ :2999 ... غــ :3141] .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرِهِ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ إِعْطَاءَ الْقَاتِلِ السَّلَبَ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَقَرَّرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَجِبُ لِلْقَاتِلِ لَكَانَ السَّلَبُ مُسْتَحَقًّا بِالْقَتْلِ وَلَكَانَ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي قَتْلِهِ فَلَمَّا خَصَّ بِهِ أَحَدَهُمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ بِالْقَتْلِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ فِي السِّيَاقِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ السَّلَبَ يَسْتَحِقُّهُ مَنْ أَثْخَنَ فِي الْقَتْلِ وَلَوْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الضَّرْبِ أَوِ الطَّعْنِ قَالَ الْمُهَلَّبُ نَظَرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّيْفَيْنِ وَاسْتِلَالُهُ لَهُمَا هُوَ لِيَرَى مَا بَلَغَ الدَّمُ مِنْ سَيْفَيْهِمَا وَمِقْدَارَ عُمْقِ دُخُولِهِمَا فِي جِسْمِ الْمَقْتُولِ لِيَحْكُمَ بِالسَّلَبِ لِمَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ أَبْلَغُ وَلِذَلِكَ سَأَلَهُمَا أَوَّلًا هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا أَمْ لَا لِأَنَّهُمَا لَوْ مَسَحَاهُمَا لَمَا تَبَيَّنَ المُرَاد من ذَلِك وَإِنَّمَا قَالَ كلا كَمَا قَتَلَهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هُوَ الَّذِي أَثْخَنَهُ لِيُطَيِّبَ نَفْسَ الْآخَرِ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَقُولُ إِنَّ الْأَنْصَارِيَّيْنِ ضَرَبَاهُ فَأَثْخَنَاهُ وَبَلَغَا بِهِ الْمَبْلَغَ الَّذِي يُعْلَمُ مَعَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَقَاؤُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ إِلَّا قَدْرَ مَا يُطْفَأُ وَقَدْ دَلَّ .

     قَوْلُهُ  كِلَاكُمَا قَتَلَهُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَصَلَ إِلَى قَطْعِ الْحَشْوَةِ وَإِبَانَتِهَا أَوْ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّ عَمَلَ كُلٍّ مِنْ سَيْفَيْهِمَا كَعَمَلِ الْآخَرِ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا سَبَقَ بِالضَّرْبِ فَصَارَ فِي حُكْمِ الْمُثَبِّتِ لِجِرَاحِهِ حَتَّى وَقَعَتْ بِهِ ضَرْبَةُ الثَّانِي فَاشْتَرَكَا فِي الْقَتْلِ إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا قَتَلَهُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَالْآخَرُ قَتَلَهُ وَهُوَ مُثَبِّتٌ فَلِذَلِكَ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلسَّابِقِ إِلَى اثخانه وَسَيَأْتِي تَتِمَّة شَرحه فِي غَزْوَة بدر مَعَ قَول بن مَسْعُودٍ إِنَّهُ قَتَلَهُ وَتَأْتِي كَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  حَدِيثَةٍ بِالْجَرِّ صفة للغلامين وأسنانهما بِالرَّفْعِ .

     قَوْلُهُ  بَيْنَ أَضْلُعٍ مِنْهُمَا كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِفَتْح أَوله وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَضم اللَّام فَجمع ضِلَعٍ وَرُوِيَ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ مِنَ الضَّلَاعَةِ وَهِيَ الْقُوَّةُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَحْدَهُ بَيْنَ أَصْلُحٍ مِنْهُمَا بِالصَّادِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَنسبه بن بَطَّالٍ لِمُسَدَّدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ خَالَفَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ عِنْد بن سنجر وَعَفَّان عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ يَعْنِي كُلَّهُمْ عَنْ يُوسُفَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالُوا أَضْلُعٍ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ قَالَ وَاجْتِمَاعُ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْحُفَّاظِ أَوْلَى مِنَ انْفِرَادِ وَاحِدٍ انْتَهَى وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ عَلَى الرُّوَاةِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ فَلَا يَلِيقُ الْجَزْمُ بِأَنَّ مُسَدَّدًا نَطَقَ بِهِ هَكَذَا وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو يَعْلَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيِّ وَبِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ وَغَيْرِهِمَا كُلُّهُمْ عَن يُوسُفَ كَالْجَمَاعَةِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَفَّانَ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لَا يُفَارِقُ سَوَادَهُ بِفَتْحِ السِّينِ وَهُوَ الشَّخْصُ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا أَيِ الْأَقْرَبُ أَجَلًا وَقِيلَ إِنَّ لَفْظَ الْأَعْجَلِ تَحْرِيفٌ وَإِنَّمَا هُوَ الْأَعْجَزُ وَهُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرًا وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ لِوُضُوحِ مَعْنَاهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ المُصَنّف سمع يُوسُف يَعْنِي بن الْمَاجشون صَالحا يَعْنِي بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْمَذْكُورَ فِي الْإِسْنَادِ وَسَمِعَ إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لِأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ هُنَا وَتَقَدَّمَ فِي الْوَكَالَةِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلُهُ وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ سَمَاعَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَبِيهِ.
وَأَمَّا سَمَاعُ يُوسُفَ مِنْ صَالِحٍ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَفَّانَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الَّذِي أَدْخَلَ بَيْنَ يُوسُفَ وَصَالِحٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَجُلًا لَمْ يَضْبِطْ وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالرَّجُلُ هُوَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يُوسُفُ سَمِعَهُ مِنْ صَالِحٍ وَثَبَّتَهُ فِيهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْمَغَازِي وَقَوله





[ قــ :3000 ... غــ :314] فِيهِ عَن بن أَفْلَحَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ وَهُوَ عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ وَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي نَسَقٍ وَكُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ إِلَّا الرَّاوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ نَزَلَهَا وَقَولُهُ فَاسْتَدْبَرْتُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَاسْتَدَرْتُ بِغَيْرِ مُوَحَّدَةٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُهُ عِنْدِي لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى دُخُولِ مَنْ لَا يُسْهَمُ لَهُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا وَعَنِ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إِلَّا مَنِ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ لِأَنَّهُ قَالَ إِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ السَّهْمَ فَلَا يَسْتَحِقَّ السَّلَبَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَعُورِضَ بِأَنَّ السَّهْمَ عُلِّقَ عَلَى الْمَظِنَّةِ وَالسَّلَبُ يُسْتَحَقُّ بِالْفِعْلِ فَهُوَ أَوْلَى وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ فِي كُلِّ حَالٍ حَتَّى قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وبن الْمُنْذِرِ يَسْتَحِقُّهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُنْهَزِمًا.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا بِالْمُبَارَزَةِ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ إِذَا الْتَقَى الزَّحْفَانِ فَلَا سَلَبَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ لِلْقَاتِلِ الَّذِي أَثْخَنَهُ بِالْقَتْلِ دُونَ مَنْ ذَهَبَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قصَّة بن مَسْعُودٍ مَعَ أَبِي جَهْلٍ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ يَسْتَحِقُّهُ الْقَاتِلُ مِنْ كُلِّ مَقْتُولٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ امْرَأَة وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر وبن الْمُنْذِرِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنِ ادَّعَى السَّلَبَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ قَتَلَهُ وَالْحُجَّةُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَا يُقْبَلُ وَسِيَاقُ أَبِي قَتَادَةَ يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ يُقْبَلُ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ لِأَبِي قَتَادَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَوْسَ بْنَ خَوْلِيٍّ شَهِدَ لِأَبِي قَتَادَةَ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَصِحَّ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ الْقَاتِلُ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيِّنَةِ هُنَا الَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَنَّ السَّلَبَ عِنْدَهُ فَهُوَ شَاهِدٌ وَالشَّاهِدُ الثَّانِي وُجُودُ السَّلَبِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ وَلِذَلِكَ جُعِلَ لَوْثًا فِي بَابِ الْقَسَامَةِ وَقِيلَ إِنَّمَا اسْتَحَقَّهُ أَبُو قَتَادَةَ بِإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ وَهذا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إِنَّمَا يُفِيدُ إِذَا كَانَ الْمَالُ مَنْسُوبًا لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَالْمَال هُنَا مَنْسُوب لجَمِيع الْجَيْش وَنقل بن عَطِيَّةَ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا شَاهد وَاحِد يكْتَفى بِهِ