فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من سمى النفاس حيضا، والحيض نفاسا

( قَولُهُ بَابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا)
قِيلَ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَقْلُوبَةٌ لِأَنَّ حَقَّهَا أَنْ يَقُولَ مَنْ سَمَّى الْحَيْضَ نِفَاسًا وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَالتَّقْدِيرَ مَنْ سَمَّى حَيْضًا النِّفَاسَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مَنْ سَمَّى مَنْ أَطْلَقَ لَفْظَ النِّفَاسِ عَلَى الْحَيْضِ فَيُطَابِقُ مَا فِي الْخَبَرِ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ لَمَّا لَمْ يَجِدِ الْمُصَنِّفُ نَصًّا عَلَى شَرْطِهِ فِي النُّفَسَاءِ وَوَجَدَ تَسْمِيَةَ الْحَيْضِ نِفَاسًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّ حُكْمَ دَمِ النِّفَاسِ حُكْمُ دَمِ الْحَيْضِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ فِي التَّسْمِيَةِ لَا فِي الْحُكْمِ وَقَدْ نَازَعَ الْخَطَّابِيُّ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهمَا مِنْ حَيْثُ الِاشْتِقَاق كَمَا سَيَأْتِي.

     وَقَالَ  بن رَشِيدٍ وَغَيْرُهُ مُرَادُ الْبُخَارِيُّ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ النِّفَاسَ هُوَ الْأَصْلُ فِي تَسْمِيَةِ الدَّمِ الْخَارِجِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ تَعْبِيرٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْحَيْضِ تَعْبِيرٌ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فَعَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَوَّلِ وَعَبَّرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ بِالثَّانِي فَالتَّرْجَمَةُ عَلَى هَذَا مُطَابِقَةٌ لِمَا عَبَّرَتْ بِهِ أُمُّ سَلَمَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :294 ... غــ :298] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَخْرَجَهَا مِنْ طَرِيقِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  مُضْطَجِعَةٌ بِالرَّفْعِ وَيَجُوزُ النَّصْبُ .

     قَوْلُهُ  فِي خَمِيصَةٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ كِسَاءٌ أَسْوَدُ لَهُ أَعْلَامٌ يَكُونُ مِنْ صُوفٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ بِلَفْظِ خَمِيصَةٍ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَصْحَابُ يَحْيَى ثُمَّ أَصْحَابُ هِشَامٍ كُلُّهُمْ قَالُوا خَمِيلَةٌ بِاللَّامِ بَدَلَ الصَّادِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قِيلَ الْخَمِيلَةُ الْقَطِيفَةُ وَقِيلَ الطِّنْفِسَةُ.

     وَقَالَ  الْخَلِيلُ الْخَمِيلَةُ ثَوْبٌ لَهُ خَمْلٌ أَيْ هُدْبٌ وَعَلَى هَذَا لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْخَمِيصَةِ وَالْخَمِيلَةِ فَكَأَنَّهَا كَانَتْ كِسَاءً أَسْوَدَ لَهَا أَهْدَابٌ .

     قَوْلُهُ  فَانْسَلَلْتُ بِلَامَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ أَيْ ذَهَبْتُ فِي خُفْيَةٍ زَادَ الْمُصَنِّفُ مِنْ رِوَايَةِ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فَخَرَجْتُ مِنْهَا أَيْ مِنَ الْخَمِيصَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ كَأَنَّهَا خَافَتْ وُصُولَ شَيْءٍ مِنْ دَمِهَا إِلَيْهِ أَوْ خَافَتْ أَنْ يَطْلُبَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فَذَهَبَتْ لِتَتَأَهَّبَ لِذَلِكَ أَوْ تَقَذَّرَتْ نَفْسُهَا وَلَمْ تَرْضَهَا لِمُضَاجَعَتِهِ فَلِذَلِكَ أَذِنَ لَهَا فِي الْعَوْدِ قَوْله ثِيَاب حيضتي وَقع فِي روايتنا بِفَتْح الْحَاءُ وَكَسْرُهَا مَعًا وَمَعْنَى الْفَتْحِ أَخَذْتُ ثِيَابِي الَّتِي أَلْبَسُهَا زَمَنَ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ بِالْفَتْحِ هِيَ الْحَيْضُ وَمَعْنَى الْكَسْرِ أَخَذْتُ ثِيَابِي الَّتِي أَعْدَدْتُهَا لِأَلْبَسَهَا حَالَةَ الْحَيْضِ وَجَزَمَ الْخَطَّابِيُّ بِرِوَايَةِ الْكَسْرِ وَرَجَّحَهَا النَّوَوِيُّ وَرَجَّحَ الْقُرْطُبِيُّ رِوَايَةَ الْفَتْحِ لِوُرُودِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِلَفْظِ حَيْضِي بِغَيْرِ تَاءٍ .

     قَوْلُهُ  أَنُفِسْتِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ النَّفْسِ وَهُوَ الدَّمُ إِلَّا أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ بِنَاءِ الْفِعْلِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَقَالُوا فِي الْحَيْضِ نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ وَفِي الْوِلَادَةِ بِضَمِّهَا انْتَهَى وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ لَكِنْ حَكَى أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ يُقَالُ نُفِسَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْحَيْضِ وَالْوِلَادَةِ بِضَمِّ النُّونِ فِيهِمَا وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَتِنَا بِالْوَجْهَيْنِ فَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ النَّوْمِ مَعَ الْحَائِضِ فِي ثِيَابِهَا وَالِاضْطِجَاعِ مَعَهَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ وَاسْتِحْبَابُ اتِّخَاذِ الْمَرْأَةِ ثِيَابًا لِلْحَيْضِ غَيْرَ ثِيَابِهَا الْمُعْتَادَةِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ على مباشرتها فِي الْبَاب الَّذِي بعده