فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله} [لقمان: 12] "

( قَولُهُ بَابُ هَلْ تُكْسَرُ الدِّنَانُ الَّتِي فِيهَا خَمْرٌ أَوْ تُخْرَقُ الزِّقَاقُ)
لَمْ يُبَيِّنِ الْحُكْمَ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَتِ الْأَوْعِيَةُ بِحَيْثُ يُرَاقُ مَا فِيهَا وَإِذَا غُسِلَتْ طَهُرَتْ وَانْتُفِعَ بِهَا لَمْ يَجُزْ إِتْلَافُهَا وَإِلَّا جَازَ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِكَسْرِ الدِّنَانِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ اشْتَرَيْتُ خَمْرًا لِأَيْتَامٍ فِي حِجْرِي قَالَ أهرق الْخمر وَكسر الدِّنَانَ وَأَشَارَ بِتَخْرِيقِ الزِّقَاقِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ أَحْمد عَن بن عُمَرَ قَالَ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفْرَةً وَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ وَبِهَا زِقَاقُ خَمْرٍ جُلِبَتْ مِنَ الشَّامِ فَشَقَّ بِهَا مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الزِّقَاقِ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ إِنْ ثَبَتَا فَإِنَّمَا أَمَرَ بِكَسْرِ الدِّنَانِ وَشَقِّ الزِّقَاقِ عُقُوبَةً لِأَصْحَابِهَا وَإِلَّا فَالِانْتِفَاعُ بِهَا بَعْدَ تَطْهِيرِهَا مُمْكِنٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلَمَةَ أَوَّلَ أَحَادِيثِ الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ أَيْ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا أَمَّا الصَّنَمُ وَالصَّلِيبُ فَمَعْرُوفَانِ يُتَّخَذَانِ مِنْ خَشَبٍ وَمِنْ حَدِيدٍ وَمِنْ نُحَاسٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الطُّنْبُورُ فَهُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ آلَةٌ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي مَعْرُوفَةٌ وَقَدْ تُفْتَحُ طَاؤُهُ.
وَأَمَّا مَا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ خُصُوصٌ وَعُمُومٌ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ الْمَعْنَى أَوْ كَسَرَ شَيْئًا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِخَشَبِهِ قَبْلَ الْكَسْرِ كَآلَةِ الْمَلَاهِي يَعْنِي فَيَكُونُ مِنَ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى حَتَّى أَيْ كَسَرَ مَا ذُكِرَ إِلَى حَدٍّ لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ أَوْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ كَسَرَ كَسْرًا لَا يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ الْكَسْرِ.

قُلْتُ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُ هَذَا الْأَخِيرِ وَبُعْدُ الَّذِي قَبْلَهُ .

     قَوْلُهُ  وَأُتِيَ شُرَيْحٌ فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ أَيْ لَمْ يُضَمِّنْ صَاحِبَهُ وَقَدْ وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَصِينٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا كَسَرَ طُنْبُورًا لِرَجُلٍ فَرَفَعَهُ إِلَى شُرَيْحٍ فَلَمْ يُضَمِّنْهُ شَيْئًا ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي غَسْلِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَتْ فِيهَا الْخَمْرُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ يُسَاعِدُ مَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَة من التَّفْصِيل قَالَ بن الْجَوْزِيِّ أَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِمْ فِي طَبْخِهِمْ مَا نُهِيَ عَنْ أَكْلِهِ فَلَمَّا رَأَى إِذْعَانَهُمُ اقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِ الْأَوَانِي وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ دِنَانَ الْخَمْرِ لَا سَبِيلَ إِلَى تَطْهِيرِهَا لِمَا يُدَاخِلُهَا مِنَ الْخَمْرِ فَإِنَّ الَّذِي دَاخِلَ الْقُدُورِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي طُبِخَتْ بِهِ الْخَمْرُ يُطَهِّرُهُ وَقَدْ أَذِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَسْلِهَا فَدَلَّ عَلَى إِمْكَانِ تَطْهِيرِهَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ كَانَ بن أَبِي أُوَيْسٍ يَعْنِي شَيْخَهُ إِسْمَاعِيلَ



[ قــ :3271 ... غــ :3428] .

     قَوْلُهُ  الْأَنَسِيَّةُ بِنَصْبِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ يَعْنِي أَنَّهَا نُسِبَتْ إِلَى الْأَنَسِ بِالْفَتْحِ ضِدُّ الْوَحْشَةِ تَقُولُ أَنَسْتُهُ أَنَسَةً وَأَنْسًا بِإِسْكَانِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ نِسْبَةً إِلَى الْإِنْسِ أَيْ بَنِي آدَمَ لِأَنَّهَا تَأْلَفُهُمْ وَهِيَ ضِدُّ الْوَحْشِيَّةِ تَنْبِيهٌ ثَبَتَ هَذَا التَّفْسِيرُ لِأَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ وَتَعْبِيرُهُ عَنِ الْهَمْزَةِ بِالْأَلِفِ وَعَنِ الْفَتْحِ بِالنَّصْبِ جَائِزٌ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَإِنْ كَانَ الِاصْطِلَاحُ أَخِيرًا قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَى خِلَافِهِ فَلَا يُبَادَرُ إِلَى إِنْكَاره ثَانِيهَا حَدِيث بن مَسْعُودٍ فِي طَعْنِ الْأَصْنَامِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  يَطْعَنُهَا بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِضَمِّهَا قَالَ الطَّبَرِيّ فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ جَوَازُ كَسْرِ آلَاتِ الْبَاطِلِ وَمَا لَا يَصْلُحُ إِلَّا فِي الْمَعْصِيَةِ حَتَّى تَزُولَ هَيْئَتُهَا وَيُنْتَفَعَ بِرُضَاضِهَا ثَالِثُهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي هَتْكِ السِّتْرِ الَّذِي فِيهِ التَّمَاثِيلُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي اللِّبَاسِ وَنَذْكُرُ فِيهِ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهَا هُنَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يتكىء عَلَيْهَا وَبَيْنَ قَوْلِهَا فِي الطَّرِيقِ الْأُخْرَى مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ.

قُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لِتَوَسُّدِهَا قَالَ إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّورَةُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ وَالسَّهْوَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ صُفَّةٌ وَقِيلَ خِزَانَةٌ وَقِيلَ رَفٌّ وَقِيلَ طَاقٌ يُوضَعُ فِيهِ الشَّيْء قَالَ بن التِّينِ قَوْلُهَا فَهَتَكَهُ أَيْ شَقَّهُ كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ نَزَعَهُ ثُمَّ هِيَ بَعْدَ ذَلِكَ قَطَعَتْهُ كَمَا سَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى



( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة إِلَى قَوْله عَظِيم)
اخْتُلِفَ فِي لُقْمَانَ فَقِيلَ كَانَ حَبَشِيًّا وَقِيلَ كَانَ نُوبِيًّا وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ نَبِيًّا قَالَ السُّهَيْلِيُّ كَانَ نُوبِيًّا مِنْ أَهْلِ أَيْلَةَ وَاسْمُ أَبِيهِ عنقًا بْنُ شيرون.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ هُوَ بن بأعور بن ناحر بن آزر فَهُوَ بن أَخِي إِبْرَاهِيمَ وَذَكَرَ وَهْبٌ فِي الْمُبْتَدَإِ أَنَّهُ كَانَ بن أُخْت أَيُّوب وَقيل بن خَالَتِهِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَشْعَثَ عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ لُقْمَانُ عَبْدًا حَبَشِيًّا نَجَّارًا وَفِي مُصَنف بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ ثَابِتٍ الرَّبَعِيِّ أَحَدِ التَّابِعِينَ مِثْلُهُ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ فِي شَرْحِ الْأَمَالِي أَنَّهُ كَانَ مَوْلًى لِقَوْمٍ مِنَ الْأَزْدِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَ لُقْمَان من سودان مصر ذومشافر أَعْطَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ وَمَنَعَهُ النُّبُوَّةَ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ لُقْمَانُ عِنْدَ دَاوُدَ وَهُوَ يَسْرُدُ الدِّرْعَ فَجَعَلَ لُقْمَانُ يَتَعَجَّبُ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ فَائِدَتِهِ فَتَمْنَعُهُ حِكْمَتُهُ أَنْ يَسْأَلَ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عاصر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَقد ذكره بن الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ قَاضِيًا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ زَمَنَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقِيلَ إِنَّهُ عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ نقل عَن بن إِسْحَاقَ وَهُوَ غَلَطٌ مِمَّنْ قَالَهُ وَكَأَنَّهُ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ بِلُقْمَانَ بْنِ عَادٍ وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ يُفْتِي قَبْلَ بَعْثِ دَاوُدَ وَأَغْرَبَ الْوَاقِدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ عِيسَى وَنَبِيِّنَا عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَشُبْهَتُهُ مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ الْبَكْرِيُّ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِبَنِي الْحِسْحَاسِ بْنِ الْأَزْدِ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ كَانَ صَالِحًا قَالَ شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ كَانَ صَالِحًا وَلَمْ يَكُنْ نَبيا وَقيل كَانَ نَبيا أخرجه بن أبي حَاتِم وبن جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ.

قُلْتُ وَجَابِرٌ هُوَ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ وَيُقَالُ إِنَّ عِكْرِمَةَ تَفَرَّدَ بِقَوْلِهِ كَانَ نَبِيًّا وَقِيلَ كَانَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَعْتَقَهُ وَأَعْطَاهُ مَا لَا يتجر فِيهِ وروى بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ لُقْمَانَ خُيِّرَ بَيْنَ الْحِكْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ فَاخْتَارَ الْحِكْمَةَ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ خِفْتُ أَنْ أَضْعُفَ عَنْ حَمْلِ أَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ وَفِي سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ ضَعْفٌ وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله تَعَالَى وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة قَالَ التَّفَقُّهَ فِي الدِّينِ وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِالْحِكْمَةِ فِي أَوَائِلِ كتاب الْعلم فِي شرح حَدِيث بن عَبَّاسٍ اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ وَقِيلَ كَانَ خَيَّاطًا وَقِيلَ نَجَّارًا وَقَولُهُ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ قَالَ السُّهَيْلِيُّ اسْمُ ابْنِهِ بَارَانُ بِمُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَقِيلَ فِيهِ بِالدَّالِ فِي أَوَّلِهِ وَقِيلَ اسْمُهُ أَنْعَمُ وَقِيلَ شَكُورٌ وَقِيلَ بَابِلِيٌّ .

     قَوْلُهُ  وَلَا تُصَعِّرْ الْإِعْرَاضُ بِالْوَجْهِ هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تصعر خدك للنَّاس وَهُوَ تَفْسِيرُ عِكْرِمَةَ أَوْرَدَهُ عَنْهُ الطَّبَرِيُّ وَأَوْرَدَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ لَا تَتَكَبَّرْ عَلَيْهِمْ قَالَ الطَّبَرِيُّ أَصْلُ الصَّعَرِ يَعْنِي بِالْمُهْمَلَتَيْنِ دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ فِي أَعْنَاقِهَا حَتَّى تلفت أعناقها عَن رؤوسها فَيُشَبَّهُ بِهِ الرَّجُلُ الْمُتَكَبِّرُ الْمُعْرِضُ عَنِ النَّاسِ انْتهى وَقَوله تصعر هِيَ قِرَاءَة عَاصِم وبن كَثِيرٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْقِرَاءَاتِ لَهُ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ وَقَرَأَهَا الْبَاقُونَ تُصَاعِرْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِمَا فِي الثَّانِيَةِ مِنَ الْمُفَاعَلَةِ وَالْغَالِبُ أَنَّهُ مِنَ اثْنَيْنِ وَتَكُونُ الْأُولَى أَشْمَلُ فِي اجْتِنَابِ ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ الْقِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَمَعْنَاهُمَا صَحِيحٌ وَاللَّهُ أعلم ثمَّ ذكر المُصَنّف حَدِيث بن مَسْعُودٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى



[ قــ :371 ... غــ :348] الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بظُلْم وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ الْأَنْعَامِ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَإِسْحَاقُ شَيْخُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ هُوَ بن رَاهَوَيْهِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ