فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]

( قَـوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ الْمَنَاقِبِ)
كَذَا فِي الْأُصُولِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنَ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْأَطْرَافِ وَكَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّهُ قَالَ كِتَابُ الْمَنَاقِبِ فَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ كِتَابِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى الثَّانِي هُوَ كِتَابٌ مُسْتَقِلٌّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنَّهُ يَظْهَرُ مِنْ تَصَرُّفِهِ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ سِيَاقَ التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ بِأَنْ يَجْمَعَ فِيهِ أُمُورَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَبْدَإِ إِلَى الْمُنْتَهَى فَبَدَأَ بِمُقَدِّمَاتِهَا مِنْ ذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّسَبِ الشَّرِيفِ فَذَكَرَ أَشْيَاءَ تَتَعَلَّقُ بِالْأَنْسَابِ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ أُمُورًا تَتَعَلَّقُ بِالْقَبَائِلِ ثُمَّ النَّهْيُ عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّ مُعْظَمَ فَخْرِهِمْ كَانَ بِالْأَنْسَابِ ثُمَّ ذَكَرَ صِفَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَمَائِلَهُ وَمُعْجِزَاتِهِ وَاسْتَطْرَدَ مِنْهَا لِفَضَائِلِ أَصْحَابَهِ ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأَحْوَالِهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَمَا جَرَى لَهُ بِمَكَّةَ فَذَكَرَ الْمَبْعَثَ ثُمَّ إِسْلَامَ الصَّحَابَةِ وَهِجْرَةَ الْحَبَشَةِ وَالْمِعْرَاجَ وَوُفُودَ الْأَنْصَارِ وَالْهِجْرَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ سَاقَ الْمَغَازِيَ عَلَى تَرْتِيبِهَا عِنْدَهُ ثُمَّ الْوَفَاةَ فَهَذَا آخِرُ هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ تَرَاجِمِ الْأَنْبِيَاءِ وَخَتَمَهَا بِخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى الْآيَةَ يُشِيرُ إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَنَّ الْمَنَاقِبَ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّمَا هِيَ بِالتَّقْوَى بِأَنْ يَعْمَلَ بِطَاعَتِهِ وَيَكُفَّ عَنْ مَعْصِيَتِهِ وقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ فَفِي صحيحي بن خُزَيْمَة وبن حبَان وَتَفْسِير بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عَيْبَة الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا يَا أَيُّهَا النَّاسُ النَّاسُ رَجُلَانِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ تَلَا يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى وَرِجَاله ثِقَات إِلَّا أَن بن مرْدَوَيْه ذكر أَن مُحَمَّد بن الْمُقْرِئ رَاوِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَإِنَّمَا هُوَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ وبن عقبَة ثِقَة وبن عُبَيْدَةَ ضَعِيفٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِرِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَة كَذَلِك أخرجه بن أبي حَاتِم وَغَيره وروى أَحْمد والْحَارث وبن أبي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى وَهُوَ عَلَى بَعِيرٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى خَيْرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ .

     قَوْلُهُ  لِتَعَارَفُوا أَيْ لِيَعْرِفَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالنّسَبِ يَقُول فلَان بن فلَان وَفُلَان بن فُلَانٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ .

     قَوْلُهُ  وَقَولُهُ تَعَالَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ قَالَ بن عَبَّاس أَي اتَّقوا الْأَرْحَام وصلوها أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ وَالْأَرْحَامُ جَمْعُ رَحِمٍ وَذَوُو الرَّحِمِ الْأَقَارِبُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ نَسَبٌ وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ وَالْأَرْحَامَ نَصْبًا وَعَلَيْهَا جَاءَ التَّفْسِيرُ وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْأَرْحَامِ بِالْجَرِّ وَاخْتُلِفَ فِي تَوْجِيهِهِ فَقِيلَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي بِهِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ جَمْعٍ وَمَنَعَهُ الْبَصْرِيُّونَ وَقرأَهَا بن مَسْعُودٍ فِيمَا قِيلَ بِالرَّفْعِ فَإِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مِمَّا يُتَّقَى أَوْ مِمَّا يُسْأَلُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى الِاحْتِيَاجِ إِلَى مَعْرِفَةِ النَّسَبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِهِ ذَوُو الْأَرْحَامِ الْمَأْمُورُ بِصِلَتِهِمْ وَذكر بن حَزْمٍ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ النَّسَبِ لَهُ فَصْلًا فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ النَّسَبِ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ وَجَهْلٌ لَا يَضُرُّ بِأَنَّ فِي عِلْمِ النَّسَبِ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَمَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ قَالَ فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ فَمِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هَاشِمِيًّا فَهُوَ كَافِرٌ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَلْقَاهُ بِنَسَبٍ فِي رَحِمٍ مُحَرَّمَةٍ لِيَجْتَنِبَ تَزْوِيجَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَأَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَتَّصِلُ بِهِ مِمَّنْ يَرِثُهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِرُّهُ مِنْ صِلَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ مُعَاوَنَةٍ وَأَنْ يَعْرِفَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّ نِكَاحَهُنَّ حَرَامٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يَعْرِفَ الصَّحَابَةَ وَأَنَّ حُبَّهُمْ مَطْلُوبٌ وَأَنْ يَعْرِفَ الْأَنْصَارَ لِيُحْسِنَ إِلَيْهِمْ لِثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ حُبَّهُمْ إِيمَانٌ وَبُغْضَهُمْ نِفَاقٌ قَالَ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ يُفَرِّقُ فِي الْجِزْيَةِ وَفِي الِاسْتِرْقَاقِ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَحَاجَتُهُ إِلَى عِلْمِ النَّسَبِ آكَدُ وَكَذَا مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَغَيْرِهِمْ فِي الْجِزْيَةِ وَتَضْعِيفِ الصَّدَقَةِ قَالَ وَمَا فَرَضَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدِّيوَانَ إِلَّا عَلَى الْقَبَائِلِ وَلَوْلَا عِلْمُ النَّسَبِ مَا تَخَلَّصَ لَهُ ذَلِكَ وَقَدْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِك عُثْمَان وَعلي وَغَيرهمَا.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ النَّسَبُ وَلَعَمْرِي لَمْ يُنْصِفْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ النَّسَبِ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ وَجَهْلٌ لَا يَضُرُّ انْتَهَى وَهَذَا الْكَلَامُ قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَلَا يَثْبُتُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا وَلَا يَثْبُتُ بَلْ وَرَدَ فِي الْمَرْفُوعِ حَدِيثُ تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ وَلَهُ طُرُقٌ أَقْوَاهَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ خَارِجَةَ وَجَاءَ هَذَا أَيْضًا عَنْ عُمَرَ سَاقَهُ بن حَزْمٍ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ مَوْثُوقُونَ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا وَالَّذِي يَظْهَرُ حَمْلُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ عَلَى التَّعَمُّقِ فِيهِ حَتَّى يَشْتَغِلَ عَمَّا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ وَحَمْلَ مَا وَرَدَ فِي اسْتِحْسَانِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ من الْوُجُوه الَّتِي أوردهَا بن حَزْمٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِعِلْمِ النَّسَبِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .

     قَوْلُهُ  وَمَا يَنْهَى عَنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ قَلَائِلَ .

     قَوْلُهُ  الشُّعُوبُ النَّسَبُ الْبَعِيدُ وَالْقَبَائِلُ دُونَ ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُ وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِثَالُ الشَّعْبِ مُضَرُ وَرَبِيعَةُ وَمِثَالُ الْقَبِيلَةِ مَنْ دُونَ ذَلِكَ وَأَنْشَدَ لِعَمْرِو بْنِ أَحْمَرَ مِنْ شِعْبِ هَمْدَانَ أَوْ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ أَوْ خَوْلَانَ أَوْ مَذْحِجٍ هَاجُوا لَهُ طَرَبًا



[ قــ :3330 ... غــ :3489] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ هُوَ بن عَيَّاشٍ الْكُوفِيُّ وَكَذَا سَائِرُ الْإِسْنَادِ وَأَبُو حَصِينٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ .

     قَوْلُهُ  الشُّعُوبُ الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ وَالْقَبَائِلُ الْبُطُونُ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِلَفْظِ الْقَبَائِلِ فِي الْقُرْآنِ مَا هُوَ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ النَّسَبِ الْبُطُونُ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ خَلَّادِ بْنِ أَسْلَمَ وَأَبِي كُرَيْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَتْنِ الشُّعُوبُ الْجِمَاعُ أَيِ الَّذِي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَاتِ الْبُطُونِ قَالَ خَلَّادٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْقَبَائِلُ مِثْلُ بَنِي تَمِيمٍ وَدُونُهَا الْأَفْخَاذُ انْتَهَى وَقَدْ قَسَّمَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي كِتَابِ النَّسَبِ إِلَى شِعْبٍ ثُمَّ قَبِيلَةٍ ثُمَّ عِمَارَةٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ ثُمَّ بَطْنٍ ثُمَّ فَخِذٍ ثُمَّ فَصِيلَةٍ وَزَادَ غَيْرُهُ قَبْلَ الشِّعْبِ الْجَذْمَ وَبَعْدَ الْفَصِيلَةِ الْعَشِيرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ بَعْدَ الْعَشِيرَةِ الْأُسْرَةَ ثُمَّ الْعِتْرَةَ فَمِثَالُ الْجَذْمِ عَدْنَانُ وَمِثَالُ الشِّعْبِ مُضَرُ وَمِثَالُ الْقَبِيلَةِ كِنَانَةُ وَمِثَالُ الْعِمَارَةِ قُرَيْشٌ وَأَمْثِلَةُ مَا دُونَ ذَلِكَ لَا تَخْفَى وَيَقَعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ أَشْيَاءُ مُرَادِفَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ كَقَوْلِهِمْ حَيٌّ وَبَيْتٌ وَعَقِيلَةٌ وَأَرُومَةٌ وَجُرْثُومَةٌ وَرَهْطٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَرَتَّبَهَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسْعَدَ النَّسَّابَةُ الْمَعْرُوفُ بِالْحَرَّانِيِّ جَمِيعَهَا وَأَرْدَفَهَا فَقَالَ جَذْمٌ ثُمَّ جُمْهُورٌ ثُمَّ شِعْبٌ ثُمَّ قَبِيلَةٌ ثُمَّ عِمَارَةٌ ثُمَّ بَطْنٌ ثُمَّ فَخِذٌ ثُمَّ عَشِيرَةٌ ثُمَّ فَصِيلَةٌ ثُمَّ رَهْطٌ ثُمَّ أُسْرَةٌ ثُمَّ عِتْرَةٌ ثُمَّ ذُرِّيَّةٌ وَزَادَ غَيْرُهُ فِي أَثْنَائِهَا ثَلَاثَةً وَهِيَ بَيْتٌ وَحي وَجَمَاعَة فَزَادَتْ عَلَى مَا ذَكَرَ الزُّبَيْرُ عَشَرَةً.

     وَقَالَ  أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ الْقَبَائِلُ لِلْعَرَبِ كَالْأَسْبَاطِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَعْنَى الْقَبِيلَةِ الْجَمَاعَةُ وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا جُمِعَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ قَبِيلَةٌ أَخْذًا مِنْ قَبَائِلِ الشَّجَرَةِ وَهُوَ غُصُونُهَا أَوْ مِنْ قَبَائِلِ الرَّأْسِ وَهُوَ أَعْضَاؤُهُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِهَا وَيُقَالُ الْمُرَادُ بِالشُّعُوبِ فِي الْآيَةِ بُطُونُ الْعَجَمِ وَبِالْقَبَائِلِ بُطُونُ الْعَرَبِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ أَتْقَاهُمْ الْحَدِيثَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ مَضَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ وَالْغَرَضُ مِنْهُ وَاضِحٌ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ عَلَى يُوسُفَ أَكْرَمَ النَّاسِ لِكَوْنِهِ رَابِعَ نَبِيٍّ فِي نَسَقٍ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ لَهُ الشَّرَفُ فِي نَسَبِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :333 ... غــ :3491] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ هُوَ بن زِيَادٍ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ وَرَوَاهُ عَفَّانُ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ فَقَالَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ عَفَّانَ وَكُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ تَابِعِيٌّ وَسَطٌ كُوفِيٌّ أَصْلُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ ضَعَّفَهُ بِغَيْرِ قَادِحٍ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَتْنِي رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ بِنْتُ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ مِمَّنْ كَانَ إِلَّا مِنْ مُضَرَ فِي رِوَايَة الْكشميهني فَمن كَانَ بِزِيَادَةِ فَاءٍ فِي الْجَوَابِ وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ أَيْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مِنْ مُضَرَ قَوْله مُضر هُوَ بن نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ وَالنَّسَبُ مَا بَيْنَ عَدْنَانَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَمَّا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَدْنَانَ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ قَالَ عَلَّمَنِي أَبِي وَأَنَا غُلَامٌ نَسَبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ شَيْبَةُ الْحَمْدِ بْنُ هَاشِمٍ وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ وَاسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ قُصَيٍّ وَاسْمُهُ زَيْدُ بْنُ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ وَإِلَيْهِ جِمَاعُ قُرَيْشٍ وَمَا كَانَ فَوْقَ فِهْرٍ فَلَيْسَ بِقُرَشِيٍّ بل هُوَ كناني بن مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ وَاسْمُهُ قَيْسُ بْنُ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اسْتَقَامَ نَسَبُ النَّاسِ إِلَى مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ وَمُضَرُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ يُقَالُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مُولَعًا بِشُرْبِ اللَّبَنِ الْمَاضِرِ وَهُوَ الْحَامِضُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي أَنَّهُ كَانَ لَهُ اسْمٌ غَيْرُهُ قبل أَن يَتَّصِف بِهَذِهِ الصّفة نعم يُمكن أَنْ يَكُونَ هَذَا اشْتِقَاقَهُ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِهِ حَالَةَ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ أَوَّلُ من حدا الْإِبِل وروى بن حبيب فِي تَارِيخه عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ مَاتَ عَدْنَانُ وَأَبُوهُ وَابْنُهُ مَعَدٌّ وَرَبِيعَةُ وَمُضَرُ وَقَيْسٌ وَتَمِيمٌ وَأَسَدٌ وَضَبَّةُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن بن عَبَّاسٍ لَا تَسُبُّوا مُضَرَ وَلَا رَبِيعَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ رَفَعَهُ لَا تَسُبُّوا مُضَرَ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ .

     قَوْلُهُ  مِنْ بَنِي النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ أَيِ الْمَذْكُورِ وَرَوَى أَحْمَدُ وبن سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّكُمْ مِنَّا يَعْنِي مِنَ الْيَمَنِ فَقَالَ نَحْنُ بَنو النَّضر بن كنَانَة وروى بن سَعْدٍ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ مَرْفُوعًا أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَانْتَسَبَ حَتَّى بَلَغَ النَّضْرَ بْنَ كِنَانَةَ قَالَ فَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ انْتَهَى وَإِلَى النَّضْرِ تَنْتَهِي أَنْسَابُ قُرَيْشٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَإِلَى كِنَانَةَ تَنْتَهِي أَنْسَابُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ وَاثِلَةَ مَرْفُوعًا إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ





[ قــ :3333 ... غــ :349] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَأَظُنُّهَا زَيْنَبَ كَأَنَّ قَائِلَهُ مُوسَى لِأَنَّ قَيْسَ بْنَ حَفْصٍ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَبْلَهَا قَدْ جَزَمَ بِأَنَّهَا زَيْنَبُ وَشَيْخُهُمَا وَاحِدٌ لَكِنْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ.

     وَقَالَ  لَا أَعْلَمُهَا إِلَّا زَيْنَبَ فَكَأَنَّ الشَّكَّ فِيهِ مِنْ شَيْخِهِمْ عَبْدِ الْوَاحِدِ كَانَ يَجْزِمُ بِهَا تَارَةً وَيَشُكُّ فِيهَا أُخْرَى .

     قَوْلُهُ  نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدُّبَّاءِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ وَأَوْرَدَهُ هُنَا لِكَوْنِهِ سَمِعَ الْحَدِيثَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَرْفُوعُ مِنْهُ فَلَمْ يَرَ حَذْفَهُ مِنَ السِّيَاقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ لَهُ فِي ذَلِكَ عَمَلٌ فَإِنَّهُ تَارَةً يَأْتِي بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا صَنَعَ هُنَا وَتَارَةً يَقْتَصِرُ عَلَى مَوْضِعِ حَاجَتِهِ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ .

     قَوْلُهُ  وَالْمُقَيَّرُ وَالْمُزَفَّتُ كَذَا وَقَعَ هُنَا بِالْمِيمِ وَالْقَافِ الْمَفْتُوحَةِ قَالَ أَبُو ذَرٍّ هُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ النَّقِيرُ يَعْنِي بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ وَاضِحٌ لِئَلَّا يَلْزَمَ مِنْهُ التَّكْرَارُ إِذَا ذُكِرَ الْمُزَفَّتُ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا





[ قــ :3335 ... غــ :3493] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيم هُوَ بن رَاهَوَيْهِ .

     قَوْلُهُ  تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ أَيْ أُصُولًا مُخْتَلِفَةً وَالْمَعَادِنُ جَمْعُ مَعْدِنٍ وَهُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَقِرُّ فِي الْأَرْضِ فَتَارَةً يَكُونُ نَفِيسًا وَتَارَةً يَكُونُ خَسِيسًا وَكَذَلِكَ النَّاسُ .

     قَوْلُهُ  خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَجْهُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْمَعْدِنَ لَمَّا كَانَ إِذَا اسْتُخْرِجَ ظَهَرَ مَا اخْتَفَى مِنْهُ وَلَا تَتَغَيَّرُ صِفَتُهُ فَكَذَلِكَ صِفَةُ الشَّرَفِ لَا تَتَغَيَّرُ فِي ذَاتِهَا بَلْ مَنْ كَانَ شَرِيفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ رَأْسٌ فَإِنْ أَسْلَمَ اسْتَمَرَّ شَرَفُهُ وَكَانَ أَشْرَفَ مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمَشْرُوفِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  إِذَا فَقِهُوا فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الشَّرَفَ الْإِسْلَامِيَّ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَعَلَى هَذَا فَتَنْقَسِمُ النَّاسُ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ مَعَ مَا يُقَابِلُهَا الْأَوَّلُ شَرِيفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَسْلَمَ وَتَفَقَّهَ وَيُقَابِلُهُ مَشْرُوفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ الثَّانِي شَرِيفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَسْلَمَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ وَيُقَابِلُهُ مَشْرُوفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يُسْلِمْ وَتَفَقَّهَ الثَّالِثُ شَرِيفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ وَيُقَابِلُهُ مَشْرُوفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَسْلَمَ ثُمَّ تَفَقَّهَ الرَّابِعُ شَرِيفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يُسْلِمْ وَتَفَقَّهَ وَيُقَابِلُهُ مَشْرُوفٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَسْلَمَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ فَأَرْفَعُ الْأَقْسَامِ مَنْ شَرُفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَتَفَقَّهَ وَيَلِيهِ مَنْ كَانَ مَشْرُوفًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَتَفَقَّهَ وَيَلِيهِ مَنْ كَانَ شَرِيفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ وَيَلِيهِ مَنْ كَانَ مَشْرُوفًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُسْلِمْ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيفًا أَوْ مَشْرُوفًا سَوَاءٌ تَفَقَّهَ أَوْ لَمْ يَتَفَقَّهْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمُرَادُ بِالْخِيَارِ وَالشَّرَفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ كَالْكَرَمِ وَالْعِفَّةِ وَالْحِلْمِ وَغَيْرِهَا مُتَوَقِّيًا لِمَسَاوِيهَا كَالْبُخْلِ وَالْفُجُورِ وَالظُّلْمِ وَغَيْرِهَا .

     قَوْلُهُ  إِذَا فَقِهُوا بِضَمِّ الْقَافِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا ثَانِيهَا .

     قَوْلُهُ  وَيَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَيِ الْوِلَايَةِ وَالْإِمْرَةِ وَقَولُهُ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً أَيْ أَنَّ الدُّخُولَ فِي عُهْدَةِ الْإِمْرَةِ مَكْرُوهٌ مِنْ جِهَةِ تَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ وَإِنَّمَا تَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ لَهُ مِمَّنْ يَتَّصِفُ بِالْعَقْلِ وَالدِّينِ لِمَا فِيهِ مِنْ صُعُوبَةِ الْعَمَلِ بِالْعَدْلِ وَحَمْلِ النَّاسِ عَلَى رَفْعِ الظُّلْمِ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ مُطَالَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْقَائِمِ بِهِ مِنْ حُقُوقِهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ وَلَا يَخْفَى خَيْرِيَّةُ مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّرِيقِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ فَإِنَّهُ قَيَّدَ الْإِطْلَاقَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَعَرَفَ أَنَّ مَنْ فِيهِ مُرَادُهُ وَأَنَّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ لَا يَكُونُ خَيْرَ النَّاسِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَقَعَ فِيهِ فَاخْتُلِفَ فِي مَفْهُومِهِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ حَرِيصًا عَلَى الْإِمْرَةِ غَيْرَ رَاغِبٍ فِيهَا إِذَا حَصَلَتْ لَهُ بِغَيْرِ سُؤَالٍ تَزُولُ عَنْهُ الْكَرَاهَةُ فِيهَا لِمَا يُرَى مِنْ إِعَانَةِ اللَّهِ لَهُ عَلَيْهَا فَيَأْمَنُ عَلَى دِينِهِ مِمَّنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهَا وَمِنْ ثَمَّ أَحَبَّ مَنْ أَحَبَّ اسْتِمْرَارَ الْوِلَايَةِ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ حَتَّى قَاتَلَ عَلَيْهَا وَصَرَّحَ بَعْضُ مَنْ عُزِلَ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ لَمْ تَسُرَّهُ الْوِلَايَةُ بَلْ سَاءَهُ الْعَزْلُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ أَيْ فَإِذَا وَقَعَ فِيهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْرَهَهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِذَلِكَ وَأَنَّ مَنْ حَرَصَ عَلَى الشَّيْءِ وَرَغِبَ فِي طَلَبِهِ قَلَّ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الشَّيْءِ وَقَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِيهِ يَحْصُلُ لَهُ غَالِبًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثَالِثُهَا .

     قَوْلُهُ  وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ فَقَدْ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُسْتَقِلًّا الْحَدِيثُ الرَّابِعُ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ اثْنَيْنِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَثَالِثُهَا