فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب بنيان الكعبة

( قَولُهُ بَابُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ)
أَيْ عَلَى يَدِ قُرَيْشٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ بَعْثَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِبِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ بِنَاءِ قُرَيْشٍ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِبِنَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْإِسْلَام وروى الفاكهي من طَرِيق بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ كَانَتِ الْكَعْبَةُ فَوْقَ الْقَامَةِ فَأَرَادَتْ قُرَيْشٌ رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ امْرَأَةً جَمَّرَتِ الْكَعْبَةَ فَطَارَتْ شَرَارَةٌ فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ فَأَحْرَقَتْهَا فَذَكَرَ قِصَّةَ بِنَاءِ قُرَيْشٍ لَهَا وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ تَتِمَّة هَذِه الْقِصَّة وَذكر بن إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا بَنَتِ الْكَعْبَةَ كَانَ عُمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ الْبَيْتَ قَالَ فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ جُرْهُمُ فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ شَابٌّ فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَضَعُوا الْحَجْرَ الْأَسْوَدَ اخْتَصَمُوا فِيهِ فَقَالُوا نُحَكِّمُ بَيْنَنَا أَوَّلَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي ثَوْبٍ ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا نُحَكِّمُ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مِنْهُ فَأَخْبَرُوهُ فَأَمَرَ بِثَوْبٍ فَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ وَأَمَرَ كُلَّ فَخِذٍ أَنْ يَأْخُذُوا بِطَائِفَةٍ مِنَ الثَّوْبِ فَرَفَعُوهُ ثُمَّ أَخَذَهُ فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُحَكِّمُوا أَوَّلَ دَاخِلٍ أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ أَخُو الْوَلِيدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ قِصَّةُ بِنَاءِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ مُطَوَّلًا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا وَعِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَأَنَّهُ قَالَ لَهُم لاتجعلوا فِيهَا مَالًا أُخِذَ غَصْبًا وَلَا قُطِعَتْ فِيهِ رحم وَلَا انتهكت فِيهِ ذمَّة وَعند بن إِسْحَاقَ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَبْنُوهَا إِلَّا مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ هُوَ أَبُو وَهْبِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ



[ قــ :3652 ... غــ :3829] .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ جَابِرٍ لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ هُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ وَلَعَلَّ جَابِرًا سَمِعَهُ مِنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَقَولُهُ يَقِكَ مِنَ الْحِجَارَةِ فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَخَرَّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ الْمَذْكُورِ آنِفًا فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقُلُ الْحِجَارَةَ مَعَهُمْ إِذِ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فَنُودِيَ يَا مُحَمَّدُ غط عورتك فَذَلِك فِي أول مانودي فَمَا رؤيت لَهُ عَوْرَةٌ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَقَولُهُ طُمِحَتْ عَيناهُ إِلَى السَّمَاء أَي ارْتَفَعت وَذكر بن إِسْحَاقَ فِي الْمَبْعَثِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذُكِرَ لِي يُحَدِّثُ عَمَّا كَانَ اللَّهُ يَحْفَظُهُ فِي صِغَرِهِ أَنَّهُ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي غِلْمَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ نَنْقُلُ حِجَارَةً لِبَعْضٍ مِمَّا تَلْعَبُ بِهِ الْغِلْمَانُ كُلُّنَا قَدْ تَعَرَّى وَأَخَذَ إِزَارَهُ فَجَعَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ إِذْ لَكَمَنِي لَاكِمٌ مَا أَرَاهُ ثُمَّ قَالَ شُدَّ عَلَيْكَ إِزَارَكَ قَالَ فَشَدَدْتُهُ عَلَيَّ ثُمَّ جَعَلْتُ أَحْمِلُ وَإِزَارِي عَلَيَّ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي قَالَ السُّهَيْلِيُّ إِنَّمَا وَرَدَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ فَإِنْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صِغَرِهِ فَهِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى مَرَّةً فِي الصِّغَرِ وَمَرَّةً فِي حَالِ الِاكْتِهَالِ.

قُلْتُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْكَبِيرِ غُلَامٌ إِذَا فَعَلَ فِعْلَ الْغِلْمَانِ فَلَا يَسْتَحِيلُ اتِّحَادُ الْقِصَّةِ اعْتِمَادًا عَلَى التَّصْرِيحِ بِالْأَوَّلِيَّةِ فِي حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ





[ قــ :3653 ... غــ :3830] .

     قَوْلُهُ  قَالَا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَ الْبَيْتِ حَائِطٌ هَذَا مُرْسَلٌ وَقِيلَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ مِنْ أَصَاغِرِ التَّابِعِينَ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى كَانَ عُمَرُ فَمُنْقَطِعٌ فَإِنَّهُمَا لَمْ يُدْرِكَا عُمَرَ أَيْضًا.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ جَدْرُهُ قَصِيرٌ هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْجُدُرُ وَالْجِدَارُ بِمَعْنى وَقَوله فبناه بن الزُّبَيْرِ هَذَا الْقَدْرُ هُوَ الْمَوْصُولُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ بِتَمَامِهِ.

     وَقَالَ  فِيهِ وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ جَعَلَ الْحَائِطَ عَلَى الْبَيْتِ عُمَرَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَكَانَ جَدْرُهُ قَصِيرًا حَتَّى كَانَ زَمَنُ بن الزُّبَيْرِ فَزَادَ فِيهِ وَذَكَرَ الْفَاكِهِيُّ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ مُحَاطًا بِالدُّورِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَضَاقَ عَلَى النَّاسِ فَوَسَّعَهُ عُمَرُ وَاشْتَرَى دُورًا فَهَدَمَهَا وَأَعْطَى مَنْ أَبَى أَنْ يَبِيعَ ثَمَنَ دَارِهِ ثُمَّ أَحَاطَ عَلَيْهِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ دُونَ الْقَامَةِ وَرَفَعَ الْمَصَابِيحَ عَلَى الْجُدُرِ قَالَ ثُمَّ كَانَ عُثْمَانُ فَزَادَ فِي سَعَتِهِ مِنْ جِهَاتٍ أُخَرَ ثُمَّ وَسَّعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ثُمَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ ثُمَّ وَلَدُهُ الْمَهْدِيُّ قَالَ وَيُقَال ان بن الزُّبَيْرِ سَقَّفَهُ أَوْ سَقَّفَ بَعْضَهُ ثُمَّ رَفَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ جُدْرَانَهُ وَسَقَّفَهُ بِالسَّاجِ وَقِيلَ بَلِ الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ وَلَدُهُ الْوَلِيدُ وَهُوَ أَثْبَتُ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ