فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب غزوة الرجيع، ورعل، وذكوان، وبئر معونة، وحديث عضل، والقارة، وعاصم بن ثابت، وخبيب وأصحابه

( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ)
سَقَطَ لَفْظُ بَابُ لِأَبِي ذَرٍّ وَالرَّجِيعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ هُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلرَّوْثِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاسْتِحَالَتِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا اسْمُ مَوْضِعٍ مِنْ بِلَادِ هُذَيْلٍ كَانَتِ الْوَقْعَةُ بِقُرْبٍ مِنْهُ فَسُمِّيَتْ بِهِ قَوْله ورعل وذكوان أَي وغزوة رِعْلٍ وَذَكْوَانَ فَأَمَّا رِعْلٌ فَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَطْنٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُنْسَبُونَ إِلَى رِعْلِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ لَهِيعَةَ بْنِ سُلَيْمٍ.
وَأَمَّا ذَكْوَانُ فَبَطْنٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَيْضًا يُنْسَبُونَ إِلَى ذكْوَان بن ثَعْلَبَة بن بُهْثَةَ بْنِ سُلَيْمٍ فَنُسِبَتِ الْغَزْوَةُ إِلَيْهِمَا .

     قَوْلُهُ  وَبِئْرُ مَعُونَةَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا نُونٌ مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ هُذَيْلٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَعُسْفَانَ وَهَذِهِ الْوَقْعَةُ تُعْرَفُ بِسَرِيَّةِ الْقُرَّاءِ وَكَانَتْ مَعَ بَنِي رِعْلٍ وَذَكْوَانَ الْمَذْكُورَيْنِ وَسَيُذْكَرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  وَحَدِيثُ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ أَمَّا عَضَلٌ فَبِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا لَامٌ بَطْنٌ مِنْ بَنِي الْهَوْلِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ يُنْسَبُونَ إِلَى عَضَلِ بْنِ الدِّيشِ بْنِ مُحَكِّمٍ.
وَأَمَّا الْقَارَةُ فَبِالْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ بَطْنٌ مِنَ الْهَوْلِ أَيْضًا يُنْسَبُونَ إِلَى الديش الْمَذْكُور.

     وَقَالَ  بن دُرَيْدٍ الْقَارَةُ أَكَمَةٌ سَوْدَاءُ فِيهَا حِجَارَةٌ كَأَنَّهُمْ نَزَلُوا عِنْدَهَا فَسُمُّوا بِهَا وَيُضْرَبُ بِهِمُ الْمَثَلُ فِي إِصَابَةِ الرَّمْيِ.

     وَقَالَ  الشَّاعِرُ قَدْ أَنْصَفَ الْقَارَةَ مَنْ رَامَاهَا وَقِصَّةُ الْعَضَلِ وَالْقَارَةِ كَانَتْ فِي غَزْوَة الرجيع لافي سَرِيَّة بِئْر مَعُونَة وَقد فصل بَينهمَا بن إِسْحَاقَ فَذَكَرَ غَزْوَةَ الرَّجِيعِ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَبِئْرُ مَعُونَةَ فِي أَوَائِلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَلَمْ يَقَعْ ذِكْرُ عَضَلَ وَالْقَارَةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ صَرِيحًا وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِك عِنْد بن إِسْحَاقَ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنِ اسْتَوْفَى قِصَّةَ أُحُدٍ قَالَ ذِكْرُ يَوْمِ الرَّجِيعِ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أُحُدٍ رَهْطٌ مِنْ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فِينَا إِسْلَامًا فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ يُفَقِّهُونَنَا فَبَعَثَ مَعَهُمْ سِتَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَعَرَّفَ بِهَا بَيَانُ قَوْلِ المُصَنّف قَالَ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّهَا بَعْدَ أُحُدٍ وَأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَى غَزْوَةِ الرَّجِيعِ لَا عَلَى غَزْوَةِ بِئْرِ مَعُونَةَ وَسَأَذْكُرُ مَا عِنْدَهُ فِيهِمَا مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  وَعَاصِمُ بن ثَابت أَي بن أَبِي الْأَقْلَحِ بِالْقَافِ وَالْمُهْمَلَةِ الْأَنْصَارِيُّ وَخُبَيْبٌ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرٌ .

     قَوْلُهُ  وَأَصْحَابُهُ يَعْنِي الْعَشَرَةَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ تَنْبِيهٌ سِيَاقُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ يُوهِمُ أَنَّ غَزْوَةَ الرَّجِيعِ وَبِئْرِ مَعُونَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فَغَزْوَةُ الرَّجِيعِ كَانَتْ سَرِيَّةَ عَاصِمٍ وَخُبَيْبٍ فِي عَشَرَةِ أَنْفُسٍ وَهِيَ مَعَ عَضَلٍ وَالْقَارَةِ وَبِئْرُ مَعُونَةَ كَانَتْ سَرِيَّةَ الْقُرَّاءِ السَّبْعِينَ وَهِيَ مَعَ رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْرَجَهَا مَعَهَا لِقُرْبِهَا مِنْهَا وَيَدُلُّ عَلَى قُرْبِهَا مِنْهَا مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ تَشْرِيكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ بَنِي لِحْيَانَ وَبَنِي عُصَيَّةَ وَغَيْرِهِمْ فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ خَبَرَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَخَبَرَ أَصْحَابِ الرَّجِيعِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَجَّحَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ عَاصِمَ كَانَ أَمِيرَهُمْ أَرْجَحُ وَجَمَعَ غَيْرُهُ بِأَنَّ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ مَرْثَدٌ وَأَنَّ أَمِيرَ الْعَشَرَةِ عَاصِمٌ بِنَاءً عَلَى التَّعَدُّدِ وَلَمْ يُرِدِ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُمَا قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :3888 ... غــ :4086] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ هَكَذَا يَقُولُ مَعْمَرٌ وَوَافَقَهُ شُعَيْبٌ وَآخَرُونَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى فِي الْجِهَادِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَرَ بِضَمِّ الْعين كَذَا أخرجه بن سَعْدٍ عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى عَنْهُ وَكَذَا قَالَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ لَكِنْ وَقَعَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَمْرٌو بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوسَى الْمَذْكُورِ فَقَالَ عُمَرُ كَذَا قَالَ بن أَخِي الزُّهْرِيِّ وَيُونُسُ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَرَ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَمْرٌو أَصَحُّ وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا فِيهِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ .

     قَوْلُهُ  بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِسَرِيَّةٍ بِزِيَادَةِ مُوَحَّدَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الَّتِي مَضَتْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ بَعَثَ عَشَرَةً عَيْنًا يَتَجَسَّسُونَ لَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بَعَثَهُمْ عُيُونًا إِلَى مَكَّةَ لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِ قُرَيْشٍ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ سَبَبَ خُرُوجِ بَنِي لِحْيَانَ عَلَيْهِمْ قَتْلُ سُفْيَانَ بْنِ نُبِيحٍ الْهُذَلِيِّ.

قُلْتُ وَكَانَ قَتْلُ سُفْيَانَ الْمَذْكُورِ عَلَى يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ وَقِصَّتُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ كَانُوا سِتَّةً وَسَمَّاهُمْ وَهُمْ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ الْمَذْكُورُ وَمَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ وَخُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَّةِ وَهُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا نُونٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ وَجَزَمَ بن سَعْدٍ بِأَنَّهُمْ كَانُوا عَشَرَةً وَسَاقَ أَسْمَاءَ السِّتَّةِ الْمَذْكُورِينَ وَزَادَ مُعَتِّبَ بْنَ عُبَيْدٍ قَالَ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَارِقٍ لِأُمِّهِ وَكَذَا سَمَّى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ السَّبْعَةَ الْمَذْكُورِينَ لَكِنْ قَالَ مُعَتِّبُ بْنُ عَوْفٍ.

قُلْتُ فَلَعَلَّ الثَّلَاثَةَ الْآخَرِينَ كَانُوا أَتْبَاعًا لَهُمْ فَلَمْ يَحْصُلِ الِاعْتِنَاءُ بِتَسْمِيَتِهِمْ .

     قَوْلُهُ  وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ كَذَا فِي الصَّحِيحِ وَفِي السِّيرَةِ أَنَّ الْأَمِيرَ عَلَيْهِمْ كَانَ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ وَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا كَانُوا بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدْأَةِ وَهِيَ لِلْأَكْثَرِ بِسُكُونِ الدَّالِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِفَتْحِ الدَّالِ وتسهيل الْهمزَة وَعند بن إِسْحَاقَ الْهَدَّةُ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ بِغَيْرِ أَلِفٍ قَالَ وَهِيَ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ عُسْفَانَ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ تَقَدَّمَ أَنَّهُ خَالُ عَاصِمٍ لَا جَدُّهُ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ يُمْكِنُ رَدُّهَا إِلَى الصَّوَابِ بِأَنْ يُقْرَأَ جِدُّ بِالْكَسْرِ.
وَأَمَّا هَذِهِ فَلَا حِيلَةَ فِيهَا وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ تَزَوَّجَ عُمَرُ جَمِيلَةَ بِنْتَ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمًا .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَقيل بِفَتْحِهَا وَسُكُون الْمُهْملَة ولحيان هُوَ بن هُذَيْل نَفسه وهذيل هُوَ بن مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ وَزَعَمَ الْهَمْدَانِيُّ النَّسَّابَةُ أَنَّ أَصْلَ بَنِي لِحْيَانَ مِنْ بَقَايَا جُرْهُمَ دَخَلُوا فِي هُذَيْلٍ فَنُسِبُوا إِلَيْهِمْ .

     قَوْلُهُ  فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَامٍ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فِي الْجِهَادِ فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ بِأَنْ تَكُونَ الْمِائَةُ الْأُخْرَى غَيْرَ رُمَاةٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ أَحَدٍ مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ فِي مَغَازِيهِ فَنَزَلُوا بِالرَّجِيعِ سَحَرًا فَأَكَلُوا تَمْرَ عَجْوَةٍ فَسَقَطَتْ نَوَاةٌ بِالْأَرْضِ وَكَانُوا يَسِيرُونَ اللَّيْلَ وَيَكْمُنُونَ النَّهَارَ فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ تَرْعَى غَنَمًا فَرَأَتِ النَّوَاةَ فَأَنْكَرَتْ صِغَرَهَا .

     وَقَالَتْ  هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ فَصَاحَتْ فِي قَومهَا أتيتم فجاؤوا فِي طَلَبِهِمْ فَوَجَدُوهُمْ قَدْ كَمَنُوا فِي الْجَبَلِ قَوْله حَتَّى لحقوهم فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَلَمْ يُرَعِ الْقَوْمُ إِلَّا بِالرِّجَالِ بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ قَدْ غَشَوْهُمْ .

     قَوْلُهُ  لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدَ بِفَاءَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ وَمُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى سَاكِنَةٌ وَهِيَ الرَّابِيَةُ الْمُشْرِفَةُ وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ إِلَى قَرْدَدَ بقاف وَرَاء ودالين قَالَ بن الْأَثِيرِ هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ وَيُقَالُ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ .

     قَوْلُهُ  فَقَالُوا لَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنَا أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ رجلا فِي رِوَايَة بن سعد فَقَالُوا لَهُم إِنَّا وَاللَّهِ مَا نُرِيدُ قِتَالَكُمْ إِنَّمَا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ مِنْكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ عَاصِمٌ أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ فِي مُرْسَلِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فَقَالَ عَاصِمٌ الْيَوْمَ لَا أَقْبَلُ عَهْدًا مِنْ مُشْرِكٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا رَسُولَكَ فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ فَأَخْبَرَ رَسُولَهُ خَبَرَهُ فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ يَوْمَ أُصِيبُوا وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ فَقَالَ عَاصِمٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أحمى لَك الْيَوْم دينك فاحمي لِي لَحْمِي وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  فِي سَبْعَةٍ أَيْ فِي جُمْلَةِ سَبْعَةٍ .

     قَوْلُهُ  وَبَقِيَ خُبَيْبٌ وَزيد وَرجل آخر فِي رِوَايَة بن إِسْحَاق فَأَما خبيب بن عدي وَزيد بن الدَّثِنَّةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ فَاسْتَأْسَرُوا وَعُرِفَ مِنْهُ تَسْمِيَةُ الرَّجُلِ الثَّالِثِ وَأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُمْ صَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ حَتَّى أَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ .

     قَوْلُهُ  فَرَبَطُوهُمْ بِهَا فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُمَا هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ إِلَخْ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُ أَوَّلَ مَا أَسَرُوهُمْ لَكِنْ فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَخَرَجُوا بِالنَّفَرِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بمر الظهْرَان انتزع عبد الله بن الطارق يَدَهُ وَأَخَذَ سَيْفَهُ فَذَكَرَ قِصَّةَ قَتْلِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا رَبَطُوهُمْ بَعْدَ أَنْ وَصَلُوا إِلَى مَرِّ الظَّهْرَانِ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ قَوْله حَتَّى باعوهما بِمَكَّة فِي رِوَايَة بن إِسْحَاق وبن سَعْدٍ فَأَمَّا زَيْدٌ فَابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فَقتله بِأَبِيهِ وَعند بن سَعْدٍ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى قَتْلَهُ نَسْطَاسُ مَوْلَى صَفْوَانَ .

     قَوْلُهُ  فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامر بن نَوْفَل بَين بن إِسْحَاقَ أَنَّ الَّذِي تَوَلَّى شِرَاءَهُ هُوَ حُجَيْنُ بْنُ أَبِي إِهَابِ التَّمِيمِيُّ حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلٍ وَكَانَ أَخَا الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ لِأُمِّهِ وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّهُمُ اشْتَرَوْا خُبَيْبًا بِأمة سَوْدَاء.

     وَقَالَ  بن هِشَامٍ بَاعُوهُمَا بِأَسِيرَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ كَانَا بِمَكَّةَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ كَذَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاعْتَمَدَ الْبُخَارِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرَ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ فِيمَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ اعْتِمَادٌ مُتَّجَهٌ لَكِنْ تَعَقَّبَهُ الدِّمْيَاطِيُّ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَغَازِي لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ خُبَيْبَ بْنَ عَدِيٍّ شَهِدَ بَدْرًا وَلَا قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ وَإِنَّمَا ذَكَرُوا أَنَّ الَّذِي قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ بِبَدْرٍ خُبَيْبُ بْنُ أَسَافٍ وَهُوَ غَيْرُ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَهُوَ خَزْرَجِيٌّ وَخُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ أَوْسِيٌّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ يَلْزَمُ مِنَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ رَدُّ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَلَوْ لَمْ يَقْتُلْ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ مَا كَانَ لِاعْتِنَاءِ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ بِأَسْرِ خُبَيْبٍ مَعْنًى وَلَا بِقَتْلِهِ مَعَ التَّصْرِيحِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ بِهِ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَتَلُوهُ بِخُبَيْبِ بْنِ عدي لِكَوْنِ خُبَيْبِ بْنِ أَسَافٍ قَتَلَ الْحَارِثَ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِقَتْلِ بَعْضِ الْقَبِيلَةِ عَنْ بَعْضٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ شَرَكَ فِي قَتْلِ الْحَارِثِ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى إِذَا أَجمعُوا قَتله فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ فَحَبَسُوهُمَا حَتَّى خَرَجَتِ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ثُمَّ أَخْرَجُوهُمَا إِلَى التَّنْعِيمِ فَقَتَلُوهُمَا وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ فَأَسَاءُوا إِلَيْهِ فِي إِسَارِهِ فَقَالَ لَهُمْ مَا تَصْنَعُ الْقَوْمُ الْكِرَامُ هَذَا بِأَسِيرِهِمْ قَالَ فَأَحْسَنُوا إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَعَلُوهُ عِنْدَ امْرَأَة تحرسه وروى بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ مَوْهِبٍ مَوْلَى آلِ نَوْفَلٍ قَالَ قَالَ لِي خُبَيْبٌ وَكَانُوا جَعَلُوهُ عِنْدِي يَا مَوْهِبُ أَطْلُبُ إِلَيْكَ ثَلَاثًا أَنْ تَسْقِيَنِي الْعَذْبَ وَأَنْ تُجَنِّبَنِي مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تُعْلِمَنِي إِذَا أَرَادُوا قَتْلِي .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ اسْتَعَارَ مُوسَى هَكَذَا وَقَعَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مُدْرَجَةً فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَكَذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَقَدْ وَصَلَهَا شُعَيْبٌ فِي رِوَايَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ قَالَ فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى وَوَقَعَ فِي الْأَطْرَافِ لِخَلَفٍ أَنَّ اسْمَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ الْحَارِثِ وَهِيَ أُخْتُ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ الَّذِي قَتَلَ خُبَيْبًا وَقِيلَ امْرَأَتُهُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ الْمَذْكُورُ قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ أَغْفَلَهُ مَنْ صَنَّفَ فِي رِجَالِ الْبُخَارِيِّ.

قُلْتُ لَكِنْ تَرْجَمَ لَهُ الْمِزِّيُّ وَذَكَرَ أَنَّهُ تَابِعِيٌّ رَوَى عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا وَرَوَى عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ وَغَيْرُهُمَا وَالْقَائِلُ فَأَخْبَرَنِي هُوَ الزُّهْرِيُّ وَوَهَمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَعِنْدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ حَدَّثَتْ مَارِيَةُ مَوْلَاةُ حُجَيْنِ بْنِ أَبِي إِهَابٍ وَكَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ قَالَتْ حُبِسَ خُبَيْبٌ فِي بَيْتِي وَلَقَدِ اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَقِطْفًا مِنْ عِنَبٍ مِثْلَ رَأْسِ الرَّجُلِ يَأْكُلُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَ مَارِيَةَ وَزَيْنَبَ رَأَتِ الْقِطْفَ فِي يَدِهِ يَأْكُلُهُ وَأَنَّ الَّتِي حُبِسَ فِي بَيْتِهَا مَارِيَةُ وَالَّتِي كَانَتْ تَحْرُسُهُ زَيْنَبُ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَارِثُ أَبَا لمارية من الرَّضَاع وَوَقع عِنْد بن بَطَّالٍ أَنَّ اسْمَ الْمَرْأَةِ جُوَيْرِيَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يكون لما رأى قَول بن إِسْحَاقَ إِنَّهَا مَوْلَاةُ حُجَيْنِ بْنِ أَبِي إِهَابٍ أَطْلَقَ عَلَيْهَا جُوَيْرِيَةَ لِكَوْنِهَا أَمَةً أَوْ يَكُونُ وَقَعَ لَهُ رِوَايَةٌ فِيهَا أَنَّ اسْمَهَا جُوَيْرِيَةُ وَقَولُهُ مُوسَى يَجُوزُ فِيهِ الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ وَقَولُهُ لِيَسْتَحِدَّ بِهَا فِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ لِيَسْتَطِيبَ بِهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْلِقُ عَانَتَهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لِي ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ هُوَ أَبُو حُسَيْنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَهُوَ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ الْمَكِّيِّ الْمُحَدِّثِ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِ الزُّهْرِيِّ وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَة بن سُفْيَان وَكَانَ لَهَا بن صَغِيرٌ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الصَّبِيُّ فَأَخَذَهُ فَأَجْلَسَهُ عِنْدَهُ فَخَشِيَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَنَاشَدَتْهُ وَعِنْدَ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ فَأَخَذَ خُبَيْبٌ بِيَدِ الْغُلَامِ فَقَالَ هَلْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْكُمْ فَقَالَتْ مَا كَانَ هَذَا ظَنِّي بِكَ فَرَمَى لَهَا الْمُوسَى.

     وَقَالَ  إِنَّمَا كُنْتُ مَازِحًا وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ بن سُفْيَان مَا كنت لأغدر وَعند بن إِسْحَاق عَن بن أَبِي نَجِيحٍ وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ جَمِيعًا أَنَّ مَارِيَة قَالَت قَالَ لِي خُبَيْبٌ حِينَ حَضَرَهُ الْقَتْلُ ابْعَثِي لِي بِحَدِيدَةٍ أَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَتْ فَأَعْطَيْتُهُ غُلَامًا مِنَ الْحَيّ قَالَ بن هِشَامٍ يُقَالُ إِنَّ الْغُلَامَ ابْنُهَا وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُ طَلَبَ الْمُوسَى مِنْ كُلٍّ مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ وَكَانَ الَّذِي أَوْصَلَهُ إِلَيْهِ بن إِحْدَاهُمَا.
وَأَمَّا الِابْنُ الَّذِي خَشِيَتْ عَلَيْهِ فَفِي رِوَايَةِ هَذَا الْبَابِ فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لِي فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ فَهَذَا غَيْرُ الَّذِي أَحْضَرَ إِلَيْهِ الْحَدِيدَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ ثَمَرَةٌ الْقِطْفُ بِكَسْرِ الْقَاف العنقود وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاق عَن بن أَبِي نَجِيحٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَقِطْفًا مِنْ عِنَبٍ مِثْلَ رَأْسِ الرَّجُلِ .

     قَوْلُهُ  وَمَا كَانَ إِلَّا رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَة بن سَعْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَثَابِتٍ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ اللَّهِ رَزَقَهُ خبيبا قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جَعَلَهُ آيَةً عَلَى الْكُفَّارِ وَبُرْهَانًا لِنَبِيِّهِ لِتَصْحِيحِ رِسَالَتِهِ قَالَ فَأَمَّا مَنْ يَدَّعِي وُقُوعَ ذَلِكَ لَهُ الْيَوْمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا وَجْهَ لَهُ إِذِ الْمُسْلِمُونَ قَدْ دَخَلُوا فِي الدِّينِ وَأَيْقَنُوا بِالنُّبُوَّةِ فَأَيُّ مَعْنًى لِإِظْهَارِ الْآيَةِ عِنْدَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي تَجْوِيزِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَقُولَ جَاهِلٌ إِذَا جَازَ ظُهُورُ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى يَدِ غَيْرِ نَبِيٍّ فَكَيْفَ نُصَدِّقُهَا مِنْ نَبِيٍّ وَالْفَرْضُ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْتِي بِهَا لَكَانَ فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ قَطْعًا لِلذَّرِيعَةِ إِلَى أَنْ قَالَ إِلَّا أَن يكون وُقُوعَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْرِقُ عَادَةً وَلَا يَقْلِبُ عَيْنًا مِثْلَ أَنْ يُكَرِمَ اللَّهُ عَبْدًا بِإِجَابَةِ دَعْوَةٍ فِي الْحِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَظْهَرُ فِيهِ فَضْلُ الْفَاضِلِ وَكَرَامَةُ الْوَلِيِّ وَمِنْ ذَلِكَ حِمَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَاصِمًا لِئَلَّا يَنْتَهِكَ عدوه حرمته انْتهى وَالْحَاصِل ان بن بَطَّالٍ تَوَسَّطَ بَيْنَ مَنْ يُثْبِتُ الْكَرَامَةَ وَمَنْ يَنْفِيهَا فَجَعَلَ الَّذِي يُثْبِتُ مَا قَدْ تَجْرِي بِهِ الْعَادَةُ لِآحَادِ النَّاسِ أَحْيَانًا وَالْمُمْتَنِعُ مَا يَقْلِبُ الْأَعْيَانَ مَثَلًا وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِثْبَاتُ الْكَرَامَاتِ مُطْلَقًا لَكِنِ اسْتَثْنَى بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ كَأَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ مَا وَقَعَ بِهِ التَّحَدِّي لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ وَلَا يَصِلُونَ إِلَى مِثْلِ إِيجَادِ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ فِي الْحَالِ وَتَكْثِيرَ الطَّعَامِ وَالْمَاءِ وَالْمُكَاشَفَةِ بِمَا يَغِيبُ عَنِ الْعَيْنِ وَالْإِخْبَارُ بِمَا سَيَأْتِي وَنَحْوَ ذَلِكَ قَدْ كَثُرَ جِدًّا حَتَّى صَارَ وُقُوعُ ذَلِكَ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى الصَّلَاحِ كَالْعَادَةِ فَانْحَصَرَ الْخَارِقُ الْآنَ فِيمَا قَالَهُ الْقُشَيْرِيُّ وَتَعَيَّنَ تَقْيِيدُ قَوْلِ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ كُلَّ مُعْجِزَةٍ وُجِدَتْ لِنَبِيٍّ يَجُوزُ أَنْ تَقَعَ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ وَوَرَاءَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الَّذِي اسْتَقَرَّ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّ خَرْقَ الْعَادَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ غَلَطٌ مِمَّنْ يَقُولُهُ فَإِنَّ الْخَارِقَ قَدْ يَظْهَرُ عَلَى يَدِ الْمُبْطِلِ مِنْ سَاحِرٍ وَكَاهِنٍ وَرَاهِبٍ فَيَحْتَاجُ مَنْ يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ عَلَى وِلَايَةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى فَارِقٍ وَأَوْلَى مَا ذَكَرُوهُ أَنْ يُخْتَبَرَ حَالُ مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِالْأَوَامِرِ الشَّرْعِيَّةِ وَالنَّوَاهِي كَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ وِلَايَتِهِ وَمَنْ لَا فَلَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ من الْحرم بَين بن إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ إِلَى التَّنْعِيمِ .

     قَوْلُهُ  دَعُونِي أُصَلِّ كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِغَيْرِ يَاءٍ وَلِغَيْرِهِ بِثُبُوتِ الْيَاءِ وَلِكُلٍّ وَجْهٌ وَلِمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي مَوْضِعِ مَسْجِدِ التَّنْعِيمِ .

     قَوْلُهُ  لَزِدْتُ فِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ لَزِدْتُ سَجْدَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا زَادَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا أَيْ مُتَفَرِّقِينَ وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا وَفِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ فَقَالَ خُبَيْبٌ اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَجِدُ مَنْ يُبَلِّغُ رَسُولَكَ مِنِّي السَّلَامَ فَبَلِّغْهُ وَفِيهِ فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى الْخَشَبَةِ اسْتَقْبَلَ الدُّعَاءَ قَالَ فَلَبَدَ رَجُلٌ بِالْأَرْضِ خَوْفًا مِنْ دُعَائِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا قَالَ فَلَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ أَحَدٌ حَيٌّ غَيْرَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي لبد بِالْأَرْضِ وَحكى بن إِسْحَاقَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ كُنْتُ مَعَ أَبِي فَجَعَلَ يُلْقِينِي إِلَى الْأَرْضِ حِينَ سَمِعَ دَعْوَةَ خُبَيْبٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ مِمَّنْ حَضَرَ ذَلِكَ أَبُو إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ وَالْأَخْنَسُ بْنُ شُرَيْقٍ وَعُبَيْدَةُ بْنُ حَكِيمٍ السُّلَمِيُّ وَأُمَيَّةُ بْنُ عُتْبَةَ بْنُ هَمَّامٍ وَعِنْدَهُ أَيْضًا فَجَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ وَعِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَهُوَ جَالِسٌ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا خُبَيْبُ قَتَلَتْهُ قُرَيْشٌ .

     قَوْلُهُ  مَا إِنْ أُبَالِي هَكَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَلَسْتُ أُبَالِي وَهُوَ أَوَزْنُ وَالْأَوَّلُ جَائِزٌ لَكِنَّهُ مَخْرُومٌ وَيَكْمُلُ بِزِيَادَةِ الْفَاءِ وَمَا نَافِيَةٌ وَإِنْ بَعْدَهَا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ نَافِيَةٌ أَيْضًا لِلتَّأْكِيدِ وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَمَا إِنْ أُبَالِي بِزِيَادَةِ وَاوٍ وَلِغَيْرِهِ وَلَسْتُ أُبَالِي وَقَولُهُ وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ الْأَوْصَالُ جَمْعُ وَصْلٍ وَهُوَ الْعُضْوُ وَالشِّلْوُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ الْجَسَدُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْعُضْوِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْجَسَدُ وَالْمُمَزَّعُ بِالزَّايِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ الْمُقَطَّعُ وَمَعْنَى الْكَلَامِ أَعْضَاءُ جَسَدٍ يُقَطَّعُ وَعِنْدَ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ زِيَادَةٌ فِي هَذَا الشِّعْرِ لَقَدْ أَجْمَعَ الْأَحْزَابُ حَوْلِي وَأَلَّبُوا قَبَائِلَهُمْ وَاسْتَجْمَعُوا كُلَّ مَجْمَعِ وَفِيهِ إِلَى اللَّهِ أَشْكُو غُرْبَتِي بَعْدَ كُرْبَتِي وَمَا أَرْصَدَ الْأَحْزَاب لي عِنْد مصرعي وساقها بن إِسْحَاق ثَلَاثَة عشر بَيْتا قَالَ بن هِشَامٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُهَا لِخُبَيْبٍ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ فَلَمَّا وَضَعُوا فِيهِ السِّلَاحَ وَهُوَ مَصْلُوبٌ نَادَوْهُ وَنَاشَدُوهُ أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا مَكَانَكَ قَالَ لَا وَاللَّهِ الْعَظِيمِ مَا أُحِبُّ أَنْ يَفْدِيَنِي بِشَوْكَةٍ فِي قَدَمِهِ .

     قَوْلُهُ  وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ إِلَى عَاصِمٍ لَيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ وَكَانَ عَاصِمُ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ لَعَلَّ الْعَظِيمَ الْمَذْكُورَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَإِنَّ عَاصِمًا قَتَلَهُ صَبْرًا بِأَمْرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ انْصَرَفُوا مِنَ بَدْرٍ وَوَقَعَ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ عَاصِمًا لَمَّا قُتِلَ أَرَادَتْ هُذَيْلٌ أَخْذَ رَأْسِهِ لِيَبِيعُوهُ مِنْ سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ شَهِيدٍ وَهِيَ أُمُّ مُسَافِعٍ وَجُلَاسٍ ابْنَيْ طَلْحَةَ الْعَبدَرِي وَكَانَ عَاصِم قَتَلَهُمَا يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانَتْ نَذَرَتْ لَئِنْ قَدَرَتْ عَلَى رَأْسِ عَاصِمٍ لَتَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ فِي قَحْفِهِ فَمَنَعَتْهُ الدَّبْرُ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ قُرَيْشٌ لَمْ تَشْعُرْ بِمَا جَرَى لِهُذَيْلٍ مِنْ مَنْعِ الدَّبْرِ لَهَا مِنْ أَخْذِ رَأْسِ عَاصِمٍ فَأَرْسَلَتْ مَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ عَرَفُوا بِذَلِكَ وَرَجَوْا أَنْ تَكُونَ الدَّبْرُ تَرَكَتْهُ فَيَتَمَكَّنُوا مِنْ أَخْذِهِ .

     قَوْلُهُ  مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ الظُّلَّةُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ السَّحَابَةُ وَالدَّبْرُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّنَابِيرُ وَقِيلَ ذُكُورُ النَّحْلِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَقَولُهُ فَحَمَتْهُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ أَيْ مَنَعَتْهُ مِنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّبْرُ تَطِيرُ فِي وُجُوهِهِمْ وَتَلْدَغُهُمْ فَحَالَتْ بَينهم وَبَين أَن يقطعوا وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاق عَن عَاصِم بن عمر عَنْ قَتَادَةَ قَالَ كَانَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَعْطَى اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لَا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ وَلَا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُهُ يَحْفَظُ اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَا حَفِظَهُ فِي حَيَاتِهِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ لِلْأَسِيرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ الْأَمَانِ وَلَا يُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهِ وَلَوْ قُتِلَ أَنَفَةً مِنْ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ كَافِرٍ وَهَذَا إِذَا أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشِّدَّةِ فَإِنْ أَرَادَ الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ فَلهُ أَنْ يَسْتَأْمِنَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

     وَقَالَ  سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَكْرَهُ ذَلِكَ وَفِيهِ الْوَفَاءُ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْعَهْدِ وَالتَّوَرُّعُ عَنْ قَتْلِ أَوْلَادِهِمْ وَالتَّلَطُّفُ بِمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ وَإِثْبَاتُ كَرَامَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالدُّعَاءُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالتَّعْمِيمِ وَالصَّلَاةُ عِنْدَ الْقَتْلِ وَفِيهِ إِنْشَاءُ الشِّعْرِ وَإِنْشَادُهُ عِنْدَ الْقَتْلِ وَدَلَالَةٌ على قُوَّةِ يَقِينِ خُبَيْبٍ وَشِدَّتِهِ فِي دِينِهِ وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ بِمَا شَاءَ كَمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ لِيُثِيبَهُ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ وَفِيهِ اسْتِجَابَةُ دُعَاءِ الْمُسْلِمِ وَإِكْرَامُهُ حَيًّا وَمَيِّتًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ مِمَّا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ وَإِنَّمَا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِي حِمَايَةِ لَحْمِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ قَتْلِهِ لِمَا أَرَادَ مِنْ إِكْرَامِهِ بِالشَّهَادَةِ وَمِنْ كَرَامَتِهِ حِمَايَتُهُ مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ بِقَطْعِ لَحْمِهِ وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ مِنْ تَعْظِيمِ الْحَرَمِ وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :3889 ... غــ :4087] قَوْله عَن عَمْرو هُوَ بن دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ  الَّذِي قَتَلَ خُبَيْبًا هُوَ أَبُو سِرْوَعَةَ زَادَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ وَاسْمُهُ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ من رِوَايَة بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ مُدْرَجًا وَهَذَا خَالَفَ فِيهِ سُفْيَان جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ وَالنَّسَبِ فَقَالُوا أَبُو سِرْوَعَةَ أَخُو عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَتَّى قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ فقد وهم وَذكر بن إِسْحَاقَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ مَا أَنَا قَتَلْتُ خُبَيْبًا لِأَنِّي كُنْتُ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَبَا مَيْسَرَةَ الْعَبْدَرِيَّ أَخَذَ الْحَرْبَةَ فَجَعَلَهَا فِي يَدَيَّ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدَيَّ وَبِالْحَرْبَةِ ثُمَّ طَعَنَهُ بِهَا حَتَّى قَتَلَهُ



[ قــ :3890 ... غــ :4088] الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثِ بِئْرِ مَعُونَةَ وَجَمِيعُهَا عَنْ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعِينَ رَجُلًا لِحَاجَةٍ فَسَّرَ قَتَادَةُ الْحَاجَةَ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا بِقَوْلِهِ أَنَّ رِعْلًا وَغَيْرَهُمُ اسْتَمَدُّوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ رِعْلٌ وَذَكْوَانُ وَعُصَيَّةُ وَبَنُو لِحْيَانَ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ أَسْلَمُوا وَاسْتَمَدُّوا عَلَى قَوْمِهِمْ وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ رِوَايَةُ قَتَادَةَ وَهَمٌ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَمِدُّوا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا الَّذِي اسْتَمَدَّهُمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى وَلَا مَانِعَ أَنْ يَسْتَمِدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظَّاهِرِ وَيَكُونَ قَصْدُهُمُ الْغَدْرُ بِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ اسْتَمَدُّوا غَيْرَ الَّذِينَ اسْتَمَدَّهُمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَفِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ آخِرَ الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَقْوَامًا إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ اسْتِمْدَادُهُمْ لَهُمْ لِقِتَالِ عَدُوٍّ وَإِنَّمَا هُوَ لِلدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِك بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِ قَالَ قَدِمَ أَبُو بَرَاءٍ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ بِمُلَاعِبِ الْأَسِنَّةِ عَلَى رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يُبْعِدْ.

     وَقَالَ  يَا مُحَمَّدُ لَوْ بَعَثْتَ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ وَأَنَا جَارٌ لَهُمْ فَبَعَثَ الْمُنْذِرَ بْنَ عَمْرٍو فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا مِنْهُمِ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةَ وَحَرَامُ بْنُ مِلْحَانِ وَرَافِعُ بْنُ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ وَعُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُوسَى بن عقبَة عَن بن شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَرِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ نَحْوَهُ لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَذْكُورِينَ وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيّ من وَجه آخر عَن بن شهَاب عَن بن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ كَعْبِ وَوَصَلَهَا أَيْضًا بن عَائِذ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ لَكِنْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ مُخْتَصَرًا وَلَمْ يُسَمِّ أَبَا بَرَاءٍ بَلْ قَالَ إِنَّ نَاسًا وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ بِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ كَانُوا رُؤَسَاءَ وَبَقِيَّةَ الْعِدَّةِ أَتْبَاعًا وَوَهَمَ مَنْ قَالَ كَانُوا ثَلَاثِينَ فَقَطْ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ أَسَرَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ وَهُوَ شَاهِدٌ لمرسل بن إِسْحَاقَ .

     قَوْلُهُ  يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ قَدْ بَيَّنَ قَتَادَةُ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ وَيَتَدَارَسُونَ الْقُرْآنَ بِاللَّيْلِ وَيَتَعَلَّمُونَ .

     قَوْلُهُ  فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ تَثْنِيَةُ حَيّ أَي جمَاعَة من بني سليم





[ قــ :389 ... غــ :4090] .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لِحْيَانَ ذِكْرُ بَنِي لِحْيَانَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَهَمٌ وَإِنَّمَا كَانَ بَنُو لِحْيَانَ فِي قِصَّةِ خُبَيْبٍ فِي غَزْوَةِ الرَّجِيعِ الَّتِي قبل هَذِه .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ خَالَهُ أَخَا أُمِّ سُلَيْمٍ فِي سَبْعِينَ رَاكِبًا قَدْ سَمَّاهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حَرَامًا وَكَذَا فِي رِوَايَةِ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ الَّتِي بَعْدَهَا وَالضَّمِيرُ فِي خَالِهِ لِأَنَسٍ وَقَدْ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْآتِيَةِ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانِ وَكَانَ خَالَهُ وَعَجَبٌ تَجْوِيزُ الْكَرْمَانِيِّ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَحَرَامٌ خَالُهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَة النّسَب كَذَا قَالَه .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَنَسٌ فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ أَيِ الْقُرْآنَ رُفِعَ أَيْ نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ثُمَّ رُفِعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ
.

     قَوْلُهُ  زَادَ خَلِيفَةُ هُوَ بن خَيَّاطٍ وَهُوَ أَحَدُ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ .

     قَوْلُهُ  قُرْآنًا كِتَابًا نَحْوَهُ أَيْ نَحْوَ رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ حَمَّادٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ وَكَانَ رَئِيسُ الْمُشْرِكِينَ عَامِرَ بن الطُّفَيْل أَي بن مَالك بن جَعْفَر بن كلاب وَهُوَ بن أَخِي أَبِي بَرَاءٍ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ .

     قَوْلُهُ  خَيَّرَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَحَذْفِ الْمَفْعُولِ أَيْ خَيَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَلَفْظُهُ وَكَانَ أَتَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ أُخَيِّرُكَ بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ خُيِّرَ بِضَم أَوله وخطأها بن قُرْقُولٍ .

     قَوْلُهُ  بِأَلْفٍ وَأَلْفٍ فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ .

     قَوْلُهُ  غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ أَصَابَتْنِي غُدَّةٌ أَوْ غُدَّةٌ بِي وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ أَغُدُّهُ غُدَّةً مِثْلَ بُعَيْرَةٍ وَالْغُدَّةُ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ مِنْ أَمْرَاضِ الْإِبِلِ وَهُوَ طَاعُونِهَا .

     قَوْلُهُ  فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ آلِ بَنِي فُلَانٍ بَيَّنَهَا الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَقَالَ امْرَأَةٌ مِنْ آلِ سَلُولٍ وَبَين فِيهِ قُدُومَ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ قَالَ فِيهِ لَأَغْزُوَنَّكَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ عَامِرٌ وَأَنَّهُ غَدَرَ بِهِمْ وَأَخْفَرَ ذِمَّةَ عَمِّهِ أَبِي بَرَاءٍ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِي عَامِرًا قَالَ فَجَاءَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولٍ.

قُلْتُ سَلُولٌ امْرَأَةٌ وَهِيَ بِنْتُ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ وَزَوْجُهَا مُرَّةُ بْنُ صَعْصَعَةَ أَخُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَنُسِبَ بَنُوهُ إِلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ وَهُوَ رَجُلٌ أَعْرَجُ كَذَا هُنَا عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ حَرَامٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْأَعْرَجُ غَيْرُهُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة عُثْمَان بن سعيد فانطق حرَام ورجلان مَعَه رجل أعرج وَرجل مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ قُدِّمَتْ سَهْوًا مِنَ الْكَاتِبِ وَالصَّوَابُ تَأْخِيرُهَا وَصَوَابُ الْكَلَامِ فَانْطَلَقَ حَرَامٌ هُوَ وَرَجُلٌ أَعْرَجُ فَأَمَّا الْأَعْرَجُ فَاسْمُهُ كَعْبُ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ.
وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجِلَاحِ الخزرجي سماهما بن هِشَامٍ فِي زِيَادَاتِ السِّيرَةِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُوَ وَرَجُلٌ أَعْرَجُ وَهُوَ الصَّوَابُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ آمَّنُونِي كُنْتُمْ وَقَعَ هُنَا بِطَرِيقِ الِاكْتِفَاءِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فَإِنْ آمَّنُونِي كُنْتُمْ كَذَا وَلَعَلَّ لَفْظَةَ كَذَا مِنَ الرَّاوِي كَأَنَّهُ كَتَبَهَا عَلَى قَوْلِهِ كُنْتُمْ أَيْ كَذَا وَقَعَ بِطَرِيقِ الِاكْتِفَاءِ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زيد الْمُقْرِئ عَن همام فان آمنون كُنْتُمْ قَرِيبًا مِنِّي فَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُفَسِّرَةٌ .

     قَوْلُهُ  فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَخَرَجَ حَرَامٌ فَقَالَ يَا أَهْلَ بِئْرِ مَعُونَةَ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ كَسْرِ الْبَيْتِ بِرُمْحٍ فَضَرَبَهُ فِي جَنْبِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ .

     قَوْلُهُ  فَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ لَمْ أَعْرِفِ اسْمَ الرَّجُلِ الَّذِي طَعَنَهُ وَوَقَعَ فِي السِّيرَةِ لِابْنِ إِسْحَاقَ مَا ظَاهره أَنه عَامر بن الطُّفَيْل لِأَنَّهُ قَالَ فَلَمَّا نزلُوا أَي الصَّحَابَة بِئْر مَعُونَة بعثوا حرَام بن ملْحَان بِكِتَابِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَلَمَّا أَتَاهُ لَمْ يَنْظُرْ فِي كِتَابِهِ حَتَّى عَدَا عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ لَكِنْ وَقَعَ فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَاتِلَ حَرَامَ بْنِ مِلْحَانَ أَسْلَمَ وَعَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ مَاتَ كَافِرًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّدْنِي بِكَلِمَاتٍ قَالَ يَا عَامِرُ أَفْشِ السَّلَامَ وَأَطْعِمِ الطَّعَامَ وَاسْتَحْيِ مِنَ اللَّهِ وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ الْحَدِيثُ فَهُوَ أَسْلَمِيٌّ وَوَهَمَ الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي كَوْنِهِ سَاقَ فِي تَرْجَمَتِهِ نَسَبَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيِّ وَقَدْ رَوَى الْبَغَوِيُّ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي بَرَاءٍ عَامِرِ بْنِ مَالك العامري من طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَذَكَرَ حَدِيثًا فَعُرِفَ أَنَّ الصَّحَابِيَّ أَسْلَمِيٌّ وَوَافَقَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ الْعَامِرِيَّ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ الْوَهَمِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَلَحِقَ الرَّجُلُ فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ أَشْكَلَ ضَبْطُ قَوْلِهِ فَلَحِقَ الرَّجُلُ فِي هَذَا السِّيَاقِ فَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يكون المُرَاد بِالرجلِ الرجل الَّذِي كَانَ رَفِيقَ حَرَامٍ وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَلَحِقَ الرَّجُلُ بِالْمُسْلِمِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ قَاتِلَ حَرَامٍ وَالتَّقْدِيرُ فَطَعَنَ حَرَامًا فَقَالَ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَلَحِقَ الرَّجُلُ الْمُشْرِكُ الطَّاعِنُ بِقَوْمِهِ الْمُشْرِكِينَ فَاجْتَمَعُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ وَيحْتَمل أَنْ يَكُونَ فَلُحِقَ بِضَمِّ اللَّامِ وَالرَّجُلُ هُوَ حَرَامٌ أَيْ لَحِقَهُ أَجَلُهُ أَوِ الرَّجُلُ رَفِيقُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَمْ يُمَكِّنُوهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ بَلْ لَحِقَهُ الْمُشْرِكُونَ فَقَتَلُوهُ وَقَتَلُوا أَصْحَابَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُضْبَطَ الرَّجُلُ بِسُكُونِ الْجِيمِ وَهُوَ صِيغَةُ جَمْعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي طَعَنَ حَرَامًا لَحِقَ بِقَوْمِهِ وَهُمُ الرِّجَالُ الَّذِينَ اسْتَنْصَرَ بِهِمْ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَالرَّجْلُ بِسُكُونِ الْجِيمِ هُمُ الْمُسْلِمُونَ الْقُرَّاءُ فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ وَهَذَا أَوْجَهُ التَّوْجِيهَاتِ إِنْ ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ بِسُكُونِ الْجِيمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَقُتِلُوا كُلُّهُمْ غَيْرَ الْأَعْرَجِ كَانَ فِي رَأْسِ جَبَلٍ فِي رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ هَمَّامٍ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا رَجُلًا أَعْرَجَ صَعِدَ الْجَبَلَ قَالَ هَمَّامٌ وَآخَرَ مَعَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَتَلُوا أَصْحَابَهُ غَيْرَ الْأَعْرَجِ وَكَانَ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ أَيِ الْمَنْسُوخِ تِلَاوَتُهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمُ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ كَتَحْرِيمِهِ عَلَى الْجُنُبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ ثُمَامَةَ وَكَانَ خَالَهُ أَيْ خَالَ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا هُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ وَقَدْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ نَضْحُ الدَّمِ .

     قَوْلُهُ  فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ أَيْ بِالشَّهَادَةِ



[ قــ :3896 ... غــ :4094] قَوْله حَدثنِي مُحَمَّد هُوَ بن مقَاتل وَعبد الله هُوَ بن الْمُبَارَكِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ بَعْدَهَا زَايٌ اسْمُهُ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ مُخْتَصَرَةٌ لِمَا ظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ مُخْتَصَرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَةِ همام عَن إِسْحَاق الْمُتَقَدّمَة





[ قــ :3898 ... غــ :4096] قَوْله حَدثنَا عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَادٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ فُلَانًا كَأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَتْرِ .

     قَوْلُهُ  إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَبِينَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ قِبَلَهُمْ فَظَهَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ هَكَذَا سَاقَهُ هُنَا وَقَولُهُ قِبَلَهُمْ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّامِ أَيْ مِنْ جِهَتِهِمْ وَأَوْرَدَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَتْرِ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بِلَفْظِ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا بِوَاضِحٍ وَقَدْ سَاقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مُبَيَّنًا فَأَوْرَدَهُ يُوسُفُ الْقَاضِي عَنْ مُسَدَّدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَلَفْظُهُ إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَهُمْ قَوْمٌ مُشْرِكُونَ دُونَ أُولَئِكَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَهْدُ غَيْرُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ بَين بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ مَشَايِخِهِ وَكَذَلِكَ مُوسَى بن عقبَة عَن بن شِهَابٍ أَصْحَابَ الطَّائِفَتَيْنِ وَأَنَّ أَصْحَابَ الْعَهْدِ هُمْ بَنُو عَامِرٍ وَرَأْسُهُمْ أَبُو بَرَاءٍ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفُ بِمُلَاعِبِ الْأَسِنَّةِ وَأَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَأَنَّ عَامِرَ بن الطُّفَيْل وَهُوَ بن أَخِي مُلَاعِبِ الْأَسِنَّةِ أَرَادَ الْغَدْرَ بِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بَنِي عَامِرٍ إِلَى قِتَالهمْ فامتنعوا وَقَالُوا لَا تخفر ذِمَّةَ أَبِي بَرَاءٍ فَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ عُصَيَّةَ وَذَكْوَانَ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَأَطَاعُوهُ وَقَتَلُوهُمْ وَذَكَرَ لِحَسَّانَ شِعْرًا يَعِيبُ فِيهِ أَبَا بَرَاءٍ وَيُحَرِّضُهُ عَلَى قِتَالِ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فِيمَا صَنَعَ فِيهِ فَعَمِدَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي بَرَاءٍ إِلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَطَعَنَهُ فَأَرْدَاهُ فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ إِنْ عِشْتُ نَظَرْتُ فِي أَمْرِي وَإِنْ مُتُّ فَدَمِي لِعَمِّي قَالُوا وَمَاتَ أَبُو بَرَاءٍ عَقِبَ ذَلِكَ أَسَفًا عَلَى مَا صَنَعَ بِهِ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَعَاشَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَاتَ بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَدَّمْتُهُ وَوَقَعَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فِي الدَّعَوَاتِ فَقَنَتَ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ.

     وَقَالَ  إِنَّ عُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَعُصَيَّةُ بَطْنٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مُصَغَّرٌ قَبِيلَةٌ تُنْسَبُ إِلَى عُصَيَّةَ بْنِ خُفَافِ بْنِ ندبة بن بهثة بن سليم