فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب غزوة خيبر

( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ)
بِمُعْجَمَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ وَمُوَحَّدَةٍ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ وَهِيَ مَدِينَةٌ كَبِيرَةٌ ذَاتُ حُصُونٍ وَمَزَارِعَ عَلَى ثَمَانِيَةِ بُرُدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى جِهَة الشَّام وَذكر أَبُو عبيد الْبَكْرِيُّ أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِاسْمِ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِيقِ نزلها قَالَ بن إِسْحَاقَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيَّةِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ فَأَقَامَ يُحَاصِرُهَا بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً إِلَى أَنْ فَتَحَهَا فِي صَفَرٍ وَرَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي الْمَغَازِي عَن بن إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ قَالَا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ الْحُدَيْبِيَةِ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْفَتْحِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ فِيهَا خَيْبَرَ بِقَوْلِهِ وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِه يَعْنِي خَيْبَرَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي ذِي الْحَجَّةِ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى سَارَ إِلَى خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ نَحْوَهَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى خَيْبَر وَعند بن عَائِذ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَقَامَ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ عَشْرَ لَيَالٍ وَفِي مَغَازِي سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ أَقَامَ خَمْسَةَ عشر يَوْمًا وَحكى بن التِّين عَن بن الْحَصَّارِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَهَذَا مَنْقُول عَن مَالك وَبِه جزم بن حَزْمٍ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ وَالرَّاجِحُ مِنْهَا مَا ذكره بن إِسْحَاقَ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ سَنَةَ سِتٍّ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّنَةِ مِنْ شَهْرِ الْهِجْرَةِ الْحَقِيقِيِّ وَهُوَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ عَنِ الْوَاقِدِيِّ وَكَذَا ذَكَرَهُ بن سَعْدٍ أَنَّهَا كَانَتْ فِي جُمَادَى الْأُولَى فَالَّذِي رَأَيْتُهُ فِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ أَنَّهَا كَانَتْ فِي صَفَرٍ وَقِيلَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِك مَا أخرجه بن سعد وبن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَر لثمان عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّهُ خَطَأٌ وَلَعَلَّهَا كَانَتْ إِلَى حُنَيْنٍ فَتَصَحَّفَتْ وَتَوْجِيهُهُ بِأَنَّ غَزْوَةَ حُنَيْنٍ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ غَزْوَةِ الْفَتْحِ وَغَزْوَةُ الْفَتْحِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فِي رَمَضَانَ جَزْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقَةِ أَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ وَهُوَ وَهَمٌ وَلَعَلَّهُ انْتِقَالٌ مِنَ الخَنْدَق إِلَى خَيْبَر وَذكر بن هِشَامٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ على الْمَدِينَة نميلَة بنُون مصغر بن عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيَّ وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سِبَاعُ بْنُ عُرْفُطَةَ وَهُوَ أَصَحُّ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ الْحَارِثِيُّ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى خَيْبَرَ كَانَتْ عَلَى طَرِيقِ الصَّهْبَاء وَقد تقدم ضَبطهَا الحَدِيث الثَّانِي حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع .

     قَوْلُهُ  خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ يَا عَامِرُ أَلَا تُسْمِعُنَا لم أَقف على اسْمه صَرِيحًا وَعند بن إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ نَصْرِ بْنِ دَهْرٍ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَسِيرِهِ إِلَى خَيْبَرَ لِعَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ وَهُوَ عَمُّ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَاسم الْأَكْوَع سِنَان انْزِلْ يَا بن الْأَكْوَعِ فَاحْدُ لَنَا مِنْ هُنَيَّاتِكَ فَفِي هَذَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِذَلِكَ



[ قــ :3986 ... غــ :4196] .

     قَوْلُهُ  مِنْ هُنَيْهَاتِكَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ الْهَاءِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَالْهُنَيْهَاتُ جَمْعُ هُنَيْهَةٍ وَهِيَ تَصْغِيرُ هَنَةٍ كَمَا قَالُوا فِي تَصْغِيرِ سَنَةٍ سُنَيْهَةٌ وَوَقَعَ فِي الدَّعَوَاتِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ لَوْ أَسْمَعْتَنَا مِنْ هَنَاتِكَ بِغَيْرِ تَصْغِيرٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا قِيلَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّجَزَ مِنْ أَقْسَامِ الشِّعْرِ لِأَنَّ الَّذِي قَالَهُ عَامِرٌ حِينَئِذٍ مِنَ الرَّجَزِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا فِي هَذَا الْقَسَمِ زِحَافُ الْخَزْمِ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ زِيَادَةُ سَبَبٍ خَفِيفٍ فِي أَوَّلِهِ وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِب وَأَنه مِنْ شِعْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَعَامِرٌ تَوَارَدَا عَلَى مَا تَوَارَدَا مِنْهُ بِدَلِيلِ مَا وَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ أَوِ اسْتَعَانَ عَامِرٌ بِبَعْض مَا سبقه إِلَيْهِ بن رَوَاحَةَ .

     قَوْلُهُ  فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اتَّقَيْنَا أَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِدَاءً فَهُوَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَبِالْمَدِّ وَحكى بن التِّينِ فَتْحَ أَوَّلِهِ مَعَ الْقَصْرِ وَزَعَمَ أَنَّهُ هُنَا بِالْكَسْرِ مَعَ الْقَصْرِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ وَلَمْ يُصِبْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَتَّزِنُ إِلَّا بِالْمَدِّ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا الْكَلَامُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي حَقِّ اللَّهِ إِذْ مَعْنَى فِدَاءً لَكَ نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَحُذِفَ مُتَعَلِّقِ الْفِدَاءِ لِلشُّهْرَةِ وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ الْفِدَاءُ لِمَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا كَلِمَةٌ لَا يُرَادُ بِهَا ظَاهِرُهَا بَلِ الْمُرَادُ بِهَا الْمَحَبَّةُ وَالتَّعْظِيمُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَقِيلَ الْمُخَاطَبُ بِهَذَا الشِّعْرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَعْنَى لَا تُؤَاخِذْنَا بِتَقْصِيرِنَا فِي حَقِّكَ وَنَصْرِكَ وَعَلَى هَذَا فَ.

     قَوْلُهُ  اللَّهُمَّ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الدُّعَاءَ وَإِنَّمَا افْتَتَحَ بِهَا الْكَلَامَ وَالْمُخَاطَبُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ لَوْلَا أَنْتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  بَعْدَ ذَلِكَ فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا فَإِنَّهُ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فَاسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ يُنْزِلَ وَيُثَبِّتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  مَا اتَّقَيْنَا فَبِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا قَافٌ لِلْأَكْثَرِ وَمَعْنَاهُ مَا تَرَكْنَا من الْأَوَامِر وَمَا ظَرْفِيَّةٌ وَلِلْأَصِيلِيِّ وَالنَّسَفِيِّ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ مَا خَلَّفْنَا وَرَاءَنَا مِمَّا اكْتَسَبْنَا مِنَ الْآثَامِ أَوْ مَا أَبْقَيْنَاهُ وَرَاءَنَا مِنَ الذُّنُوبِ فَلَمْ نَتُبْ مِنْهُ وَلَلْقَابِسِيِّ مَا لَقِينَا بِاللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَالْمَعْنَى مَا وَجَدْنَا مِنَ الْمَنَاهِي وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ حَاتِمِ بن إِسْمَاعِيل كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ مَا اقْتَفَيْنَا بِقَافٍ سَاكِنَةٍ وَمُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ تَبِعْنَا مِنَ الْخَطَايَا مِنْ قَفَوْتُ الْأَثَرَ إِذَا اتَّبَعْتُهُ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ عَنْ قُتَيْبَةَ وَهِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الرَّجَزِ .

     قَوْلُهُ  وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ وَأَلْقِ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا بِحَذْفِ النُّونِ وَبِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَلَامٍ فِي السَّكِينَةِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ وَلَيْسَ بِمَوْزُونٍ .

     قَوْلُهُ  إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا بِمُثَنَّاةٍ أَيْ جِئْنَا إِذَا دُعِينَا إِلَى الْقِتَالِ أَوْ إِلَى الْحَقِّ وَرُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ كَذَا رَأَيْتُ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ فَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَالْمَعْنَى إِذَا دُعِينَا إِلَى غَيْرِ الْحَقِّ امْتَنَعْنَا .

     قَوْلُهُ  وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا أَيْ قَصَدُونَا بِالدُّعَاءِ بِالصَّوْتِ الْعَالِي وَاسْتَغَاثُوا عَلَيْنَا تَقُولُ عَوَّلْتُ عَلَى فُلَانٍ وَعَوَّلْتُ بِفُلَانٍ بِمَعْنَى اسْتَغَثْتُ بِهِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ الْمَعْنَى أَجَلَبُوا عَلَيْنَا بِالصَّوْتِ وَهُوَ من العويل وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّ عَوَّلُوا بِالتَّثْقِيلِ مِنَ التَّعْوِيلِ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْعَوِيلِ لَكَانَ أَعْوَلُوا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي هَذَا الرَّجَزِ مِنَ الزِّيَادَةِ إِنَّ الَّذِينَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا وَنحن عَن فضلك مَا استغنينا وَهَذَا الْقِسْمُ الْأَخِيرُ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  مَنْ هَذَا السَّائِقُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَجَعَلَ عَامِرٌ يَرْتَجِزُ وَيَسُوقُ الرِّكَابَ وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَتَهُمْ إِذَا أَرَادُوا تَنْشِيطَ الْإِبِلِ فِي السَّيْرِ يَنْزِلُ بَعْضُهُمْ فَيَسُوقُهَا وَيَحْدُو فِي تِلْكَ الْحَالِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ قَالَ وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلَّا اسْتُشْهِدَ وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يَظْهَرُ السِّرُّ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ عُمَرُ سَمَّاهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ وَلَفْظُهُ فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِعَامِرٍ وَفِي حَدِيثِ نَصْرِ بْنِ دهر عِنْد بن إِسْحَاقَ فَقَالَ عُمَرُ وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَوْلَا أَيْ هَلَّا وَأَمْتَعْتَنَا أَيْ مَتَّعْتَنَا أَيْ أَبْقَيْتَهُ لَنَا لِنَتَمَتَّعَ بِهِ أَيْ بِشَجَاعَتِهِ وَالتَّمَتُّعُ التَّرَفُّهُ إِلَى مُدَّةٍ وَمِنْهُ أَمْتَعَنِي الله ببقائك قَوْله فأتينا خيبرا أَي أهل خَيْبَر قَوْله فحاصرناهم ذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ حَاصَرُوهُ فَفُتِحَ حِصْنُ نَاعِمٍ ثُمَّ انْتَقَلُوا إِلَى غَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيْ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ وَسَيَأْتِي شَرْحُ قِصَّةِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ يَقُولُ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شاكي السِّلَاح بَطل مجرب إِذا الحروب أَقبلت تَلَهَّبُ قَالَ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَامِرٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ شَاكِّي السِّلَاحَ بَطَلٌ مُغَامِرُ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ فَصَارَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ أَيْ يَضْرِبُهُ مِنْ أَسْفَلَ فَرَجَعَ سَيْفُهُ أَيْ عَامِرٌ عَلَى نَفْسِهِ .

     قَوْلُهُ  وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ أَيْ طَرَفُهُ الْأَعْلَى وَقِيلَ حَدُّهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ أَيْ طَرَفَ رُكْبَتِهِ الْأَعْلَى فَمَاتَ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ فَأُصِيبَ عَامِرٌ بِسَيْفِ نَفْسِهِ فَمَاتَ وَفِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفسه وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ فَكَلَمَهُ كَلْمًا شَدِيدًا فَمَاتَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا قَفَلُوا مِنْ خَيْبَرَ أَيْ رَجَعُوا .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ آخِذٌ يَدَيَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِيَدَيَّ وَفِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاحِبًا بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ أَيْ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ وَفِي رِوَايَةِ إِيَاسٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي .

     قَوْلُهُ  زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبَطَ عَمَلُهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسٍ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ وَسُمِّيَ مِنَ الْقَائِلِينَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ الْآتِيَة فِي الْأَدَب وَعند بن إِسْحَاقَ فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ شَكُّوا فِيهِ وَقَالُوا إِنَّمَا قَتَلَهُ سِلَاحُهُ وَنَحْوَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  كَذَبَ مَنْ قَالَهُ أَيْ أَخْطَأَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَأَجْرَيْنِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ وَكَذَا فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ إِنَّهُ لَشَهِيدٌ وَصَلَّى عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ فِيهِمَا وَكَسْرِ الْهَاءِ وَالتَّنْوِينِ وَالْأَوَّلُ مَرْفُوعٌ عَلَى الْخَبَرِ وَالثَّانِي اتِّبَاعٌ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا قَالُوا جَادٌّ مُجِدٌّ وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْبَاجِيُّ قَالَ عِيَاضٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ.

قُلْتُ يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلَمَةَ مَاتَ جاهدا مُجَاهدًا قَالَ بن دُرَيْدٍ رَجُلٌ جَاهِدٌ أَيْ جَادٌّ فِي أُمُورِهِ.

     وَقَالَ  بن التِّينِ الْجَاهِدُ مَنْ يَرْتَكِبُ الْمَشَقَّةَ وَمُجَاهِدٌ أَيْ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْمِيمِ وَالْقَصْرِ مِنَ الْمَشْيِ وَالضَّمِيرُ لِلْأَرْضِ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوِ الْحَرْبِ أَوِ الْخَصْلَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ قُتَيْبَةُ نَشَأَ أَيْ بِنُونٍ وَبِهَمْزَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ قُتَيْبَةَ رَوَاهُ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَخَالَفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَرِوَايَتُهُ مَوْصُولَةٌ فِي الْأَدَبِ عِنْدَهُ وَغَفَلَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فَرَوَاهَا هُنَالِكَ بِالْمِيمِ وَالْقَصْرِ وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ مشابها بِضَم الْمِيم اسْم فَاعل من الشّبَه أَيْ لَيْسَ لَهُ مُشَابِهٌ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ رَأَيْتُهُ مُشَابِهًا أَوْ عَلَى الْحَالِ مِنْ قَوْلِهِ عَرَبِيٌّ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالْحَالُ مِنَ النَّكِرَةِ يَجُوزُ إِذَا كَانَ فِي تَصْحِيحِ مَعْنًى قَالَ السُّهَيْلِيُّ أَيْضًا وَرَوَى قَلَّ عَرَبِيًّا نَشَأَ بِهَا مِثْلُهُ وَالْفَاعِلُ مِثْلُهُ وَعَرَبِيًّا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ مَعْنَى الْمَدْحِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ عَظُمَ زَيْدٌ رَجُلًا وَقَلَّ زَيْدٌ أَدَبًا



[ قــ :3987 ... غــ :4197] الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ ذَكَرَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ سَمِعْتُ أَنَسًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ .

     قَوْلُهُ  أَتَى خَيْبَرَ لَيْلًا أَي قرب مِنْهَا وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّهُ نَزَلَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ الرَّجِيعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَطَفَانَ لِئَلَّا يَمُدُّوهُمْ وَكَانُوا حُلَفَاءَهُمْ قَالَ فَبَلَغَنِي أَنَّ غَطَفَانَ تَجَهَّزُوا وَقَصَدُوا خَيْبَرَ فَسَمِعُوا حِسًّا خَلْفَهُمْ فَظَنُّوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ خَلَفُوهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ فَرَجَعُوا فَأَقَامُوا وَخَذَلُوا أَهْلَ خَيْبَرَ .

     قَوْلُهُ  لَمْ يُغْرِ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ مِنَ الْإِغَارَةِ وَلِأَبِي ذَرٍّ عَنِ الْمُسْتَمْلِي لَمْ يَقْرَبْهُمْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ بِلَفْظِ لَا يُغِيرُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْجُمْهُورِ وَتَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُمَيْدٍ بِلَفْظِ كَانَ إِذَا غَزَا لَمْ يَغْزُ بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِلَّا أَغَارَ قَالَ فَخَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا رَكِبَ وَحَكَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ سَمِعُوا بِقَصْدِهِ لَهُمْ فَكَانُوا يَخْرُجُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مُتَسَلِّحِينَ مُسْتَعِدِّينَ فَلَا يَرَوْنَ أَحَدًا حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي قَدِمَ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ نَامُوا فَلَمْ تَتَحَرَّكْ لَهُمْ دَابَّةٌ وَلَمْ يَصِحْ لَهُمْ دِيكٌ وَخَرَجُوا بِالْمَسَاحِي طَالِبِينَ مَزَارِعَهُمْ فَوَجَدُوا الْمُسْلِمِينَ .

     قَوْلُهُ  خَرَجَتْ يَهُودُ زَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ إِلَى زُرُوعِهِمْ .

     قَوْلُهُ  بِمَسَاحِيهِمْ بِمُهْمَلَتَيْنِ جَمْعُ مِسْحَاةٍ وَهِيَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْثِ وَمَكَاتِلِهِمْ جَمْعُ مِكْتَلٍ وَهُوَ الْقُفَّةُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي يُحَوَّلُ فِيهَا التُّرَابُ وَغَيْرُهُ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ السَّحَرِ وَذَهَبَ ذُو الزَّرْعِ إِلَى زَرْعِهِ وَذُو الضَّرْعِ إِلَى ضَرْعِهِ أَغَارَ عَلَيْهِمْ .

     قَوْلُهُ  مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَنَسٍ وَالْخَمِيسُ يَعْنِي الْجَيْشَ وَعُرِفَ الْمُرَادُ بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ وَتَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ وَفِيهِ يَقُولُونَ مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ قَالَ وَالْخَمِيسُ الْجَيْشُ وَعُرِفَ مِنْ سِيَاقِ هَذَا الْبَابِ أَنَّ اللَّفْظَ هُنَاكَ لِثَابِتٍ وَقَدْ بَيَّنْتُ مَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ الْإِدْرَاجِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَزَادَ فِي الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَيُّوبَ فَلَجَئُوا إِلَى الْحِصْنِ أَيْ تَحَصَّنُوا بِهِ .

     قَوْلُهُ  خَرِبَتْ خَيْبَرُ زَادَ فِي الْجِهَادِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ.

     وَقَالَ  اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ وَزِيَادَةُ التَّكْبِيرِ فِي مُعْظَمِ الطُّرُقِ عَنْ أَنَسٍ وَعَنْ حُمَيْدٍ قَالَ السُّهَيْلِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ التَّفَاؤُلُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى آلَاتِ الْهَدْمِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْمِسْحَاةِ مِنْ سَحَوْتُ إِذَا قَشَّرْتُ أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ مَدِينَتَهُمْ سَتَخْرَبُ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ خَرِبَتْ خَيْبَرُ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ وَقَولُهُ





[ قــ :3988 ... غــ :4198] فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسٍ صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً لَا يُغَايِرُ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ قَدِمُوهَا لَيْلًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمْ لَمَّا قَدِمُوهَا وَنَامُوا دُونَهَا رَكِبُوا إِلَيْهَا بُكْرَةً فَصَبَّحُوهَا بِالْقِتَالِ وَالْإِغَارَةِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ وَاضِحًا زَادَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قِصَّةَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهَا مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى





[ قــ :3989 ... غــ :4199] قَوْله حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّاب هُوَ بن عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ وَلَيْسَ هُوَ وَالِدَ الرَّاوِي عَنهُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَإِنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ عَبْدَرِيٌّ حَجَبِيٌّ لَا ثَقَفِيٌّ .

     قَوْلُهُ  يَنْهَيَانِكُمْ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الْآتِيَةِ يَنْهَاكُمْ بِالْإِفْرَادِ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِالتَّثْنِيَةِ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ جَمْعِ اسْمِ اللَّهِ مَعَ غَيْرِهِ فِي ضَمِيرٍ وَاحِدٍ فَيُرَدُّ بِهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْخَطِيبِ بِئْسَ خَطِيبُ الْقَوْمِ أَنْتَ لكَونه قَالَ وَمن يَعْصِمهَا فَقَدْ غَوَى وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَبَاحِثِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ قَالَ بن التِّينِ صَوَابُهُ فَكُفِّئَتْ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ كَفَأْتُ الْإِنَاءَ قَلَبْتُهُ وَلَا يُقَالُ أَكْفَأْتُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أُمِيلَتْ حَتَّى أُزِيلَ مَا فِيهَا قَالَ الْكِسَائِيُّ أَكْفَأْتُ الْإِنَاءَ أَمَلْتُهُ



[ قــ :3990 ... غــ :400] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مَعَ ثَابِتٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ .

     قَوْلُهُ  فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ فَقَتَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ فِيهِ اخْتِصَارٌ كَبِيرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ عَقِبَ الإغارة عَلَيْهِم وَلَيْسَ كَذَلِك فقد ذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ عَلَى مُحَاصَرَتِهِمْ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ إِنَّهُمْ أَصَابَتْهُمْ مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى طُولِ مُدَّةِ الْحِصَارِ إِذْ لَوْ وَقَعَ الْفَتْحُ مِنْ يَوْمِهِمْ لَمْ يَقَعْ لَهُمْ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْآتِيَيْنِ قَرِيبًا فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ مَا يُؤَكِّدُ ذَلِكَ وَكَذَا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ وَكَذَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُمْ حَاصَرُوهُمْ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ أَنَسٍ أَيْضًا فِي ذِكْرِ صَفِيَّةَ ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيقِيْنِ وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا سِيَاقًا وَصْفِيَّةُ هِيَ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ بْنِ سَعْيَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْعين الْمُهْملَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنة بن عَامِرِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ كَعْبٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ أَخِي مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَأُمُّهَا بَرَّةُ بِنْتُ شَمْوَالَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَتْ تَحْتَ سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمِ الْقُرَظِيِّ ثُمَّ فَارَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ النَّضِيرِيُّ فَقُتِلَ عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ ذَكَرَ ذَلِك بن سَعْدٍ وَأَسْنَدَ بَعْضَهُ مِنْ وَجْهٍ مُرْسَلٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَصَارَتْ إِلَى دِحْيَةَ ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ أَعْطِنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ قَالَ اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً فَأَخَذَ صَفِيَّةَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لَكَ قَالَ ادْعُوهُ بِهَا فَجَاءَ بِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خُذْ جَارِيَة من السَّبي غَيرهَا وَعند بن إِسْحَاقَ أَنَّ صَفِيَّةَ سُبِيَتْ مِنْ حِصْنِ الْقَمُوصِ وَهُوَ حِصْنُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ وَكَانَتْ تَحْتَ كنَانَة بن الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَسُبِيَ مَعَهَا بِنْتُ عَمِّهَا وَعِنْدَ غَيْرِهِ بِنْتُ عَمِّ زَوْجِهَا فَلَمَّا اسْتَرْجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ مِنْ دِحْيَةَ أَعْطَاهُ بِنْتَ عَمِّهَا قَالَ السُّهَيْلِيُّ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فَإِنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ دِحْيَةَ قَبْلَ الْقَسْمِ وَالَّذِي عَوَّضَهُ عَنْهَا لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْبَيْعِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ النَّفْلِ.

قُلْتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلِمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ صَفِيَّةَ وَقَعَتْ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ وَعِنْدَهُ أَيْضًا فِيهِ فَاشْتَرَاهَا مِنْ دِحْيَةَ بِسَبْعَةِ أَرْؤُسٍ فَالْأَوْلَى فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَهْمِهِ هُنَا نَصِيبُهُ الَّذِي اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْطِيَهُ جَارِيَةً فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَارِيَةً فَأَخَذَ صَفِيَّةَ فَلَمَّا قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهَا بِنْتُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِهِمْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ تُوهَبُ لِدِحْيَةَ لِكَثْرَةِ مَنْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مِثْلَ دِحْيَةَ وَفَوْقَهُ وَقِلَّةِ مَنْ كَانَ فِي السَّبْيِ مِثْلَ صَفِيَّةَ فِي نَفَاسَتِهَا فَلَوْ خَصَّهُ بِهَا لَأَمْكَنَ تَغَيُّرُ خَاطِرِ بَعْضِهِمْ فَكَانَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ ارْتِجَاعُهَا مِنْهُ وَاخْتِصَاصُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا فَإِنَّ فِي ذَلِكَ رِضَا الْجَمِيعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مِنْ شَيْءٍ.
وَأَمَّا إِطْلَاقُ الشِّرَاءِ عَلَى الْعِوَضِ فَعَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَلَعَلَّهُ عَوَّضَهُ عَنْهَا بِنْتَ عَمِّهَا أَوْ بِنْتَ عَمِّ زَوْجِهَا فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ فَأَعْطَاهُ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْيِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِك وَعند بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ فَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَى بِهَا دِحْيَةَ مَا رَضِيَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ وَيَأْتِي تَمَامُ قِصَّتِهَا فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي عَشَرَ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى



( الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ)


[ قــ :3994 ... غــ :405] قَوْله حَدثنَا عبد الْوَاحِد هُوَ بن أبي زِيَادٍ وَعَاصِمٌ هُوَ الْأَحْوَلُ وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ إِلَى أَبِي مُوسَى بَصْرِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ أَوْ قَالَ لَمَّا تَوَجَّهَ هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي .

     قَوْلُهُ  أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِ أَبِي مُوسَى فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ هَذَا السِّيَاقُ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ وَهُمْ ذَاهِبُونَ إِلَى خَيْبَرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ حَالَ رُجُوعِهِمْ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى إِنَّمَا قَدِمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ مَعَ جَعْفَرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِهِ وَاضِحًا وَعَلَى هَذَا فَفِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ لَمَّا تَوَجُّهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فحاصرها فَفَتحهَا ففرغ فَرَجَعَ أَشْرَفَ النَّاسُ إِلَخْ وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

( الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ)
.

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ هُوَ بن عبد الرَّحْمَن الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ وَأَبُو حَازِمٍ هُوَ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ



[ قــ :3996 ... غــ :407] .

     قَوْلُهُ  التقي هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فِي رِوَايَة بن أَبِي حَازِمٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ قَلِيلٍ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ كَوْنِهَا خَيْبَرَ لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي فِي حَدِيثِ سَهْلٍ مُتَّحِدَةٌ مَعَ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ صَرَّحَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِخَيْبَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ فِي سِيَاقِ سَهْلٍ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ اتَّكَأَ عَلَى حَدِّ سَيْفِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ وَفِي سِيَاقِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ أَسْهُمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ وَأَيْضًا فَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ لَمَّا أَخْبَرُوهُ بِقِصَّتِهِ إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ لَمَّا أَخْبَرُوهُ بِقِصَّتِهِ قُمْ يَا بِلَالُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤمن وَلِهَذَا جنح بن التِّينِ إِلَى التَّعَدُّدِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاة فِي الْمُغَايرَة الْأَخِيرَة وَأما الأولى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَحَرَ نَفْسَهُ بِأَسْهُمِهِ فَلَمْ تَزْهَقْ رُوحُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْقَتْلِ فَاتَّكَأَ حِينَئِذٍ عَلَى سَيْفِهِ اسْتِعْجَالًا لِلْمَوْتِ لَكِن جزم بن الْجَوْزِيِّ فِي مُشْكِلِهِ بِأَنَّ الْقِصَّةَ الَّتِي حَكَاهَا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَقَعَتْ بِأُحُدٍ قَالَ وَاسْمُ الرَّجُلِ قُزْمَانُ الظُّفُرِيُّ وَكَانَ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ فَعَيَّرَهُ النِّسَاءُ فَخَرَجَ حَتَّى صَارَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ ثُمَّ صَارَ إِلَى السَّيْفِ فَفَعَلَ الْعَجَائِبَ فَلَمَّا انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ الْمَوْتُ أَحْسَنُ مِنَ الْفِرَارِ فَمَرَّ بِهِ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ فَقَالَ لَهُ هَنِيئًا لَك بِالشَّهَادَةِ قَالَ وَاللَّهِ إِنِّي مَا قَاتَلْتُ عَلَى دِينٍ وَإِنَّمَا قَاتَلْتُ عَلَى حَسَبِ قَوْمِي ثُمَّ أَقْلَقَتْهُ الْجِرَاحَةُ فَقَتَلَ نَفْسَهُ.

قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ أَخَذَهُ مِنْ مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ وَهُوَ لَا يَحْتَجُّ بِهِ إِذَا انْفَرَدَ فَكَيْفَ إِذَا خَالَفَ نَعَمْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي عَنْ أَبِي حَازِمٍ حَدِيثَ الْبَابِ وَأَوَّلُهُ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا أَبْلَى فُلَانٌ لَقَدْ فَرَّ النَّاسُ وَمَا فَرَّ وَمَا تَرَكَ لِلْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً الْحَدِيثَ بِطُولِهِ عَلَى نَحْوِ مَا فِي الصَّحِيحِ وَلَيْسَ فِيهِ تَسْمِيَتُهُ وَسَعِيدٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَا أَظُنُّ رِوَايَتَهُ خَفِيَتْ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَأَظُنُّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا لِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا غَيْرُ أُحُدٍ لِأَنَّ سَهْلًا مَا كَانَ حِينَئِذٍ مِمَّنْ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ لِصِغَرِهِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ مَوْلِدَهُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ فَيكون فِي أحد بن عشرَة أَو إِحْدَى عشرَة على أَنه قد حَفِظَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ أُحُدٍ مِثْلَ غَسْلِ فَاطِمَةَ جِرَاحَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ غَزَوْنَا إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمَجَازِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنْ يَدْفَعُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ أَيْ رَجَعَ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِتَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ .

     قَوْلُهُ  وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ وَقَعَ فِي كَلَامِ جمَاعَة مِمَّن تكلم على هذاالكتاب أَنَّ اسْمَهُ قُزْمَانُ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الزَّايِ الظُّفُرَيُّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ نِسْبَةً إِلَى بَنِي ظُفُرٍ بَطْنٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا الْغَيْدَاقِ بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ وَآخِرُهُ قَافٌ وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً الشَّاذَّةُ بِتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ مَا انْفَرَدَ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَبِالْفَاءِ مِثْلُهُ مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِهِمْ ثُمَّ هُمَا صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ نَسَمَةً وَالْهَاءُ فِيهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْقَى شَيْئًا إِلَّا قَتَلَهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالشَّاذِّ وَالْفَاذِّ مَا كَبُرَ وَصَغُرَ وَقِيلَ الشَّاذُّ الْخَارِجُ وَالْفَاذُّ الْمُنْفَرِدُ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَقِيلَ الثَّانِي إِتْبَاعٌ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَيْ قَائِلٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ بِلَفْظِ فَقَالُوا وَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِلَفْظِ فَقِيلَ وَوَقَعَ هُنَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَقُلْتُ فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً عُرِفَ اسْمُ قَائِلِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مَا أَجْزَأَ بِالْهَمْزَةِ أَيْ مَا أَغْنَى .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فِي رِوَايَةِ بن أَبِي حَازِمٍ الْمَذْكُورَةِ فَقَالُوا أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَفِي حَدِيثِ أَكْثَمَ بْنِ أَبِي الْجَوْنِ الْخُزَاعِيِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فلَان يجزيء فِي الْقِتَالِ قَالَ هُوَ فِي النَّارِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ فُلَانٌ فِي عِبَادَتِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَلِينِ جَانِبِهِ فِي النَّارِ فَأَيْنَ نَحْنُ قَالَ ذَلِكَ أَخَبَاثُ النِّفَاقِ قَالَ فَكُنَّا نَتَحَفَّظُ عَلَيْهِ فِي الْقِتَالِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ رَجُلٌ من الْقَوْم أَنا صَاحبه فِي رِوَايَة بن أَبِي حَازِمٍ لَأَتْبَعَنَّهُ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ أَكْثَمُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ كَمَا سَيَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ حَدِيثه قَوْله فجرح جرحا شَدِيدا زَادَ فِي حَدِيثِ أَكْثَمَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدِ اسْتُشْهِدَ فُلَانٌ قَالَ هُوَ فِي النَّارِ .

     قَوْلُهُ  فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثدييه فِي رِوَايَة بن أَبِي حَازِمٍ فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ وَفِي حَدِيثِ أَكْثَمَ أَخَذَ سَيْفَهُ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَادَ فِي حَدِيثِ أَكْثَمَ تُدْرِكُهُ الشَّقَاوَةُ وَالسَّعَادَةُ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِهَا وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْكَلَامِ الْأَخِيرِ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ .

     قَوْلُهُ  شَهِدْنَا خَيْبَرَ أَرَادَ جَيْشَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الثَّابِتَ أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ بَعْدَ أَنْ فُتِحَتْ خَيْبَرُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ بَعْدَ فَتْحِ مُعْظَمِ خَيْبَرَ فَحَضَرَ فَتْحَ آخِرِهَا لَكِنْ مَضَى فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحَهَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْهِمْ لِي وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ آخِرَ هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ أَيْ عَنْ رَجُلٍ وَاللَّامُ قَدْ تَأْتِي بِمَعْنَى عَنْ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى.

     وَقَالَ  الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى فِي أَيْ فِي شَأْنِهِ أَيْ سَبَبِهِ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ .

     قَوْلُهُ  فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فِي الْجِهَادِ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ فَفِيهِ دُخُولُ أَنْ عَلَى خَبَرِ كَادَ وَهُوَ جَائِزٌ مَعَ قِلَّتِهِ .

     قَوْلُهُ  قُمْ يَا فُلَانُ هُوَ بِلَالٌ كَمَا وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي كِتَابِ الْقَدَرِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَيُؤَيِّدُ قَالَ النَّوَوِيُّ يَجُوزُ فِي إِنَّ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا .

     قَوْلُهُ  بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ وَالْمُرَادُ بِهِ قُزْمَانُ الْمَذْكُورُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ مَعْمَرٌ أَيْ تَابَعَ شُعَيْبًا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَهُوَ مَوْصُولٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الْجِهَادِ مَقْرُونًا بِرِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيّ قَوْله.

     وَقَالَ  شبيب أَي بن سعيد عَن يُونُس أَي بن يزِيد عَن بن شِهَابٍ أَيِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ .

     قَوْلُهُ  شَهِدْنَا حُنَيْنًا يُرِيدُ أَنَّ يُونُسَ خَالَفَ مَعْمَرًا وَشُعَيْبًا فَذَكَرَ بَدَلَ خَيْبَرَ لَفْظَةَ حُنَيْنٍ وَرِوَايَةُ شَبِيبٍ هَذِهِ وَصَلَهَا النَّسَائِيُّ مُقْتَصِرًا عَلَى طَرَفٍ مِنَ الْحَدِيثِ وَأَوْرَدَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ فِي تَارِيخِهِ كِلَاهُمَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ بِتَمَامِهِ وَأَحْمَدُ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ غَيْرَ هَذَا وَقَدْ وَافَقَ يُونُسُ مَعْمَرًا وَشُعَيْبًا فِي الْإِسْنَادِ لَكِنْ زَادَ فِيهِ مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بن مَالِكٍ وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَنْهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَوْله.

     وَقَالَ  بن الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي وَافَقَ شَبِيبًا فِي لَفْظِ حُنَيْنٍ وَخَالَفَهُ فِي الْإِسْنَاد فَأرْسل الحَدِيث وَطَرِيق بن الْمُبَارَكِ هَذِهِ وَصَلَهَا فِي الْجِهَادِ وَلَمْ أَرَ فِيهَا تَعْيِينَ الْغَزْوَةِ .

     قَوْلُهُ  وَتَابَعَهُ صَالِحٌ يَعْنِي بن كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهَذِهِ الْمُتَابَعَةُ ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ بَعْضَ مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مَعَهُ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ الْحَدِيثَ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَابَعَةِ أَنَّ صَالِحًا تَابع رِوَايَة بن الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ فِي تَرْكِ ذِكْرِ اسْمِ الْغَزْوَةِ لَا فِي بَقِيَّةِ الْمَتْنِ وَلَا فِي الْإِسْنَادِ وَقَدْ رَوَاهُ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا وَوَهَمَ فِيهِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَذَهَلَ .

     قَوْلُهُ  وقَال الزُّبَيْدِيُّ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ أَن عبيد الله بن عكب قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدٌ عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَكَذَا أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ طَرِيقَ الزُّبَيْدِيِّ هَذِهِ مُعَلَّقَةً مُخْتَصَرَةً وَأَجْحَفَ فِيهَا فِي الِاخْتِصَارِ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمَوْصُولَةِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَبَيْنَ رِوَايَتِهِ الْمُرْسَلَةِ عَنْ سَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي التَّارِيخِ وَكَذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَالذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ الْحِمْصِيِّ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ فَسَاقَ الْحَدِيثَ الْمَوْصُولَ بِالْقِصَّةِ ثُمَّ سَاقَ بَعْدَهُ قَالَ الزُّبَيْدِيُّ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَجُلٌ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ هَذَا سِيَاقُ الْبُخَارِيِّ وَفِي سِيَاقِ الذُّهْلِيِّ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَهَذَا أَصْوَبُ مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ وَقَدِ اقْتَضَى صَنِيعُ الْبُخَارِيِّ تَرْجِيحَ رِوَايَةِ شُعَيْبٍ وَمَعْمَرٍ وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ بَقِيَّةَ الرِّوَايَاتِ مُحْتَمَلَةٌ وَهَذِهِ عَادَتُهُ فِي الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ إِذَا رَجَحَ بَعْضُهَا عِنْدَهُ اعْتَمَدَهُ وَأَشَارَ إِلَى الْبَقِيَّةِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَدْحَ فِي الرِّوَايَةِ الرَّاجِحَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الِاضْطِرَابِ أَنْ تَتَسَاوَى وُجُوهُ الِاخْتِلَافِ فَلَا يَرْجَحُ شَيْءٌ مِنْهَا وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ التَّمْيِيزِ فِيهِ اخْتِلَافًا آخَرَ عَلَى الزُّهْرِيِّ فَقَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَلْوَانِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ.

قُلْتُ لِيَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُسَيَّبِ هَذَا قَالَ كَانَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَخٌ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ يُقَال لَهُ عبد الرَّحْمَن بن الْمسيب فأظنه أَنَّ هَذَا هُوَ الْكِنَانِيُّ قَالَ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ مَا قَالَ يَعْقُوبُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا سَقَطَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ وَاوٌ وَاحِدَةٌ فَفَحُشَ خَطَؤُهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن وبن الْمسيب فعبد الرَّحْمَن هُوَ بن عبد الله بن كَعْب وبن الْمُسَيَّبِ هُوَ سَعِيدٌ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيّ كَذَلِك بن أَخِيهِ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَا رَجَّحَ الذُّهْلِيُّ رِوَايَةَ شُعَيْبٍ وَمَعْمَرٍ قَالَ وَلَا تُدْفَعُ رِوَايَةُ الْأَخِيرَيْنِ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَقَعُ لَهُ الْحَدِيثُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ فَيَحْمِلُهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ بِحَسَبِ ذَلِكَ نَعَمْ سَاق من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة وبن أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ مُوَافَقَةَ الزُّبَيْدِيِّ عَلَى إِرْسَالِ آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ الْمُهَلَّبُ هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ أَعْلَمَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ مِنَ الْفُسَّاقِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ يقْضى عَلَيْهِ بالنَّار.

     وَقَالَ  بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَيْ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حِينَ أَصَابَتْهُ الْجِرَاحَةُ ارْتَابَ وَشَكَّ فِي الْإِيمَانِ أَوْ اسْتَحَلَّ قَتْلَ نَفْسِهِ فَمَاتَ كَافِرًا وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ الْجنَّة إِلَّا نفس مسلمة وَبِذَلِك جزم بن الْمُنِيرِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاجِرِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا وَلَا يُعَارِضُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ كَانَ يُظْهِرُ الْكُفْرَ أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ وَفِي الْحَدِيثِ إِخْبَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُغَيَّبَاتِ وَذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ الظَّاهِرَةِ وَفِيهِ جَوَازُ إِعْلَامِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ بِفَضِيلَةٍ تَكُونُ فِيهِ وَالْجَهْرُ بِهَا تَنْبِيهٌ الْمُنَادِي بِذَلِكَ بِلَالٌ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَة قُم يَا بن الْخَطَّابِ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ الْمُنَادِيَ بِذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُمْ نَادَوْا جَمِيعًا فِي جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ



( الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ)
وَهُوَ مِنْ ثُلَاثِيَّاتِهِ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ هِيَ كُنْيَةُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ .

     قَوْلُهُ  أَصَابَتْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ أَيْ أَصَابَتْ رُكْبَتَهُ وَيَوْمَ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  فَنَفَثَ فِيهِ أَيْ فِي مَوْضِعِ الضَّرْبَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ فَوْقَ النَّفْخِ وَدُونَ النَّفْل وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ رِيقٍ بِخِلَافِ التَّفْلِ وَقَدْ يَكُونُ بِرِيقٍ خَفِيفٍ بِخِلَافِ النَّفْخِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ طَرِيقًا لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْمَاضِي قَبْلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْحَدِيثِ السَّادِسِ الْحَدِيثُ التَّاسِعُ



[ قــ :3997 ... غــ :408] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ هُوَ بَصْرِيٌّ وَاسْمُ جَدِّهِ الْوَلِيدُ وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ أَقْرَانِ أَحْمَدَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَآخَرُ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ هُوَ الْيَحْمَدِيُّ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمِيمِ بَيْنَهُمَا مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ بَصرِي أَيْضا وَثَّقَهُ أَحْمد وَغَيره وَنقل بن عَدِيٍّ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ بن عَدِيٍّ وَمَا أَرَى بِرِوَايَتِهِ بَأْسًا.

قُلْتُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي عِمْرَانَ هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْجَوْنِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ثُمَّ نُونٍ نِسْبَةً إِلَى بَنِي الْجَوْنِ بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ فَهْمِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دَوْسٍ وَهُمْ بَطْنٌ مِنَ الْأَزْدِ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الرُّشَاطِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ أَبَا عِمْرَانَ مِنْ هَذَا الْبَطْنِ وَجَزَمَ الْحَازِمِيُّ أَنَّهُ مِنْ بَنِي الْجَوْنِ بَطْنٌ مِنْ كِنْدَةَ وَلَمْ يَسُقْ نَسَبَهُ وَقَدْ سَاقَهُ الرُّشَاطِيُّ فَقَالَ الْجَوْنُ وَاسْمُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُجْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرٍ .

     قَوْلُهُ  فَرَأَى طَيَالِسَةً أَيْ عَلَيْهِمْ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّد بن بزيع عَن زِيَاد بن الرّبيع عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ أَنَّ أَنَسًا قَالَ مَا شَبَّهْتُ النَّاسَ الْيَوْمَ فِي الْمَسْجِدِ وَكَثْرَةِ الطَّيَالِسَةِ إِلَّا بِيَهُودِ خَيْبَرَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ يَهُودَ خَيْبَرَ كَانُوا يُكْثِرُونَ مِنْ لُبْسِ الطَّيَالِسَةِ وَكَانَ غَيْرُهُمْ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ شَاهَدَهُمْ أَنَسٌ لَا يُكْثِرُونَ مِنْهَا فَلَمَّا قَدِمَ الْبَصْرَةَ رَآهُمْ يُكْثِرُونَ مِنْ لُبْسِ الطَّيَالِسَةِ فَشَبَّهَهُمْ بِيَهُودِ خَيْبَرَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَرَاهِيَةُ لُبْسِ الطَّيَالِسَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالطَّيَالِسَةِ الْأَكْسِيَةُ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ أَلْوَانَهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ صَفْرَاءَ! !



( الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ فَتْحِ عَلِيٍّ خَيْبَرَ)



[ قــ :3998 ... غــ :409] .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ رمدا فِي حَدِيث عَليّ عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ أَرْمَدُ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الصَّغِيرِ أَرْمَدَ شَدِيدَ الرَّمَدِ وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ أَرْمَدَ لَا يُبْصِرُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحِقَ بِهِ وَكَأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى نَفْسِهِ تَأَخُّرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ذَلِكَ وَقَولُهُ فَلَحِقَ بِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَحِقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى خَيْبَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَحِقَ بِهِ بَعْدَ أَنْ وَصَلَ إِلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا بِتْنَا اللَّيْلَةَ الَّتِي فُتِحَتْ خَيْبَرُ فِي صَبِيحَتِهَا قَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اخْتِصَارٌ وَهُوَ عِنْدَ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وبن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيث بُرَيْدَة بن الخصيب قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ اللِّوَاءَ فَرَجَعَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَخَذَهُ عُمَرُ فَرَجَعَ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ وَقُتِلَ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَدْفَعَنَّ لِوَائِي غَدًا إِلَى رجل الحَدِيث وَعند بن إِسْحَاقَ نَحْوَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ سَرَدَهُمُ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ .

     قَوْلُهُ  لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا أَوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ الَّذِي بَعْدَهُ لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا بِغَيْرِ شَكٍّ وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ إِنِّي دَافِعٌ اللِّوَاءَ غَدًا إِلَى رَجُلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالرَّايَةُ بِمَعْنَى اللِّوَاءِ وَهُوَ الْعَلَمُ الَّذِي فِي الْحَرْبِ يُعْرَفُ بِهِ مَوْضِعُ صَاحِبِ الْجَيْشِ وَقَدْ يَحْمِلُهُ أَمِيرُ الْجَيْشِ وَقَدْ يَدْفَعُهُ لِمُقَدَّمِ الْعَسْكَرِ وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِتَرَادُفِهِمَا لَكِنْ رَوَى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ كَانَتْ رَايَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ وَمِثْلُهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيّ عَن بُرَيْدَة وَعند بن عَدِيٍّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ مَكْتُوبًا فِيهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ ظَاهر فَفِي التَّغَايُرِ فَلَعَلَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا عُرْفِيَّةٌ وَقَدْ ذَكَرَ بن إِسْحَاقَ وَكَذَا أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أَوَّلَ مَا وُجِدَتِ الرَّايَاتُ يَوْمَ خَيْبَرَ وَمَا كَانُوا يَعْرِفُونَ قَبْلَ ذَلِكَ إِلَّا الْأَلْوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ زَادَ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَيُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَفِي رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ لَيْسَ بِفَرَّارٍ وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ .

     قَوْلُهُ  فَنَحْنُ نَرْجُوهَا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا وَقَولُهُ يَدُوكُونَ بِمُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ أَيْ بَاتُوا فِي اخْتِلَاطٍ وَاخْتِلَافٍ وَالدَّوْكَةُ بِالْكَافِ الِاخْتِلَاطُ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ عُمَرَ قَالَ مَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فَمَا مِنَّا رَجُلٌ لَهُ مَنْزِلَةٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِك الرجل حَتَّى تطاولت أنالها فَدَعَا عَلِيًّا وَهُوَ يَشْتَكِي عَيْنَهُ فَمَسَحَهَا ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ فَأَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ قَالَ فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدُ فَبَزَقَ فِي عينه فبرأ .

     قَوْلُهُ  فَقِيلَ هَذَا عَلِيٌّ كَذَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا وَبَيَانُهُ فِي رِوَايَةِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الَّذِي بَعْدَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالُوا يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُوا بِهِ وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَحْضَرَهُ وَلَعَلَّ عَلِيًّا حَضَرَ إِلَيْهِمْ بِخَيْبَرَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْقِتَالِ لِرَمَدِهِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَضَرَ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ أَوْ بَعَثَ إِلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فصادف حُضُوره .

     قَوْلُهُ  فَبَرَأَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْهَمْزَةِ بِوَزْنِ ضَرَبَ وَيَجُوزُ كَسْرُ الرَّاءِ بِوَزْنِ عَلِمَ وَعِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَفْسِهِ قَالَ فَوَضَعَ رَأْسِي فِي حِجْرِهِ ثُمَّ بَزَقَ فِي أَلْيَةِ رَاحَتِهِ فَدَلَكَ بِهَا عَيْنَيَّ وَعِنْدَ بُرَيْدَةَ فِي الدَّلَائِلِ لِلْبَيْهَقِيِّ فَمَا وَجِعَهَا عَلِيٌّ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ أَيْ مَاتَ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ فَمَا رَمِدْتُ وَلَا صُدِعْتُ مُذْ دَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ قَالَ وَدَعَا لِي فَقَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْقَرَّ قَالَ فَمَا اشْتَكَيْتُهُمَا حَتَّى يومي هَذَا .

     قَوْلُهُ  فَأَعْطَاهُ فَفَتَحَ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَانْطَلَقَ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ وَفَدَكَ وَجَاءَ بِعَجْوَتِهِمَا وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ هَلْ كَانَ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ التَّصْرِيح بِأَنَّهُ كَانَ عنْوَة وَبِه جزم بن عَبْدِ الْبَرِّ وَرَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ فُتِحَتْ صُلْحًا قَالَ وَإِنَّمَا دَخَلَتِ الشُّبْهَةُ عَلَى مَنْ قَالَ فُتِحَتْ صُلْحًا بِالْحِصْنَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسْلَمَهُمَا أَهْلُهُمَا لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الصُّلْحِ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ إِلَّا بِحِصَارٍ وَقِتَالٍ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الشُّبْهَةَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ فَغَلَبَ عَلَى النَّخْلِ وَأَلْجَأَهُمْ إِلَى الْقَصْرِ فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يَجْلُوا مِنْهَا وَلَهُ الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ وَالْحَلْقَةُ وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ عَلَى أَنْ لَا يَكْتُمُوا وَلَا يُغَيِّبُوا الحَدِيث وَفِي آخِره فسبى نِسَاءَهُمْ وذرايهم وَقَسَمَ أَمْوَالَهُمْ لِلنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ فَقَالُوا دَعْنَا فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو الْأَسْوَدِ فِي الْمَغَازِي عَنْ عُرْوَةَ فَعَلَى هَذَا كَانَ قَدْ وَقَعَ الصُّلْحُ ثُمَّ حَدَثَ النَّقْضُ مِنْهُمْ فَزَالَ أَثَرُ الصُّلْحِ ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ الْقَتْلَ وَإِبْقَائِهِمْ عُمَّالًا بِالْأَرْضِ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا مِلْكٌ وَلِذَلِكَ أَجَلَاهُمْ عُمَرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَةِ فَلَوْ كَانُوا صُولِحُوا عَلَى أَرْضِهِمْ لَمْ يُجْلَوْا مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ احْتِجَاجُ الطَّحَاوِيِّ عَلَى أَنَّ بَعْضَهَا فُتِحَ صُلْحًا بِمَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَسَمَ خَيْبَرَ عَزَلَ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ وَقَسَمَ نِصْفَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ بَعْضَهَا فُتِحَ صُلْحًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :3999 ... غــ :410] .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ سَهْلٍ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ هُوَ بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يكوفوا مِثْلَنَا أَيْ حَتَّى يُسْلِمُوا .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ انْفُذْ بِضَمِّ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ .

     قَوْلُهُ  عَلَى رِسْلِكَ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ عَلَى هَيْنَتِكَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَامَ أُقَاتِلُ النَّاسَ قَالَ قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ ادْعُهُمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْقِتَالِ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ فَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا وَهُوَ عَنْ مَالِكٍ سَوَاءٌ مَنْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ قَالَ إِلَّا أَنْ يُعْجِلُوا الْمُسْلِمِينَ وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا وَعَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُهُ وَعَنْهُ لَا يُقَاتَلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ حَتَّى يَدْعُوَهُمْ.
وَأَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُ فَتَجُوزُ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ دُعَاءٍ وَهُوَ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ وَيُحْمَلُ مَا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغَارَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ لَمَّا لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا طَرَقَهُمْ وَكَانَتْ قِصَّةُ عَلِيٍّ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ تَجُوزُ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا وَتُسْتَحَبُّ الدَّعْوَةُ .

     قَوْلُهُ  فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا إِلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ تَأَلُّفَ الْكَافِرِ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْلَى مِنَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى قَتْلِهِ .

     قَوْلُهُ  حُمْرِ النَّعَمِ بِسُكُونِ الْمِيمِ مِنْ حُمْرِ وَبِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنْ أَلْوَانِ الْإِبِلِ الْمَحْمُودَةِ قِيلَ الْمُرَادُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ فَتَتَصَدَّقَ بِهَا وَقِيلَ تَقْتَنِيَهَا وَتَمْلِكُهَا وَكَانَتْ مِمَّا تَتَفَاخَرُ الْعَرَب بهَا وَذكر بن إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَايَتِهِ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَطَرَحَ تُرْسَهُ فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنَا فِي سَبْعَةٍ أَنَا ثَامِنُهُمْ نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ الْبَابَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَأَنَّهُ جُرِّبَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْمِلْهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّبْعَةَ عَالَجُوا قَلْبَهُ وَالْأَرْبَعِينَ عَالَجُوا حَمْلَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ظَاهِرٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِاخْتِلَافِ حَالِ الْأَبْطَالِ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ الْأَبْيَاتَ فَقَالَ عَلِيٌّ أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ الْأَبْيَاتَ فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ فَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ قَبْلُ وَخَالف ذَلِك أهل السّير فَجزم بن إِسْحَاقَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالْوَاقِدِيُّ بِأَنَّ الَّذِي قَتَلَ مَرْحَبًا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَكَذَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ وَقِيلَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ كَانَ بَارَزَهُ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ وَقِيلَ إِنَّ الَّذِي قَتله هُوَ الْحَارِث أَخُو مرحب فَاشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا سِوَاهُ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَيْضًا وَكَانَ اسْمُ الْحِصْنِ الَّذِي فَتَحَهُ عَلِيٌّ الْقَمُوصَ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ حُصُونِهِمْ وَمِنْهُ سُبِيَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ