فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب غزوة سيف البحر، وهم يتلقون عيرا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ سِيفِ الْبَحْرِ)
هُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَآخِرُهُ فَاءٌ أَيْ سَاحِلِ الْبَحْر قَوْله وهم يتلقون عير لِقُرَيْشٍ هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْبَابِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْش وَقد ذكر بن سَعْدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُمْ إِلَى حَيٍّ مِنْ جُهَيْنَةَ بِالْقَبَلِيَّةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ مِمَّا يَلِي سَاحِلَ الْبَحْرِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ خَمْسُ لَيَالٍ وَأَنَّهُمُ انْصَرَفُوا وَلَمْ يَلْقَوْا كَيْدًا وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي رَجَب سنة ثَمَان وَهَذَا لايغاير ظَاهِرَهُ مَا فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَوْنِهِمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ وَيَقْصِدُونَ حَيًّا مِنْ جُهَيْنَةَ وَيُقَوِّي هَذَا الْجَمْعُ مَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا إِلَى أَرْضِ جُهَيْنَةَ فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ لَكِنَّ تَلَقِّيَ عِيرِ قُرَيْشٍ مَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ذكره بن سَعْدٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا حِينَئِذٍ فِي الْهُدْنَةِ بَلْ مُقْتَضَى مَا فِي الصَّحِيحِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ السَّرِيَّةُ فِي سَنَةِ سِتٍّ أَوْ قَبْلَهَا قَبْلَ هُدْنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَلَقِّيهِمْ لِلْعِيرِ لَيْسَ لِمُحَارَبَتِهِمْ بَلْ لِحِفْظِهِمْ مِنَ جُهَيْنَةَ وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْخَبَرِ أَنَّهُمْ قَاتَلُوا أَحَدًا بَلْ فِيهِ أَنَّهُمْ قَامُوا نِصْفَ شَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :4124 ... غــ :4360] .

     قَوْلُهُ  عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ .

     قَوْلُهُ  قِبَلَ السَّاحِلِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَتَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ سِيفُ الْبَحْرِ وَسَأَذْكُرُ مَنْ أَخْرَجَهَا .

     قَوْلُهُ  وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَمْزَةَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ أَبِي عَاصِمٍ فِي الْأَطْعِمَةِ تَأَمَّرَ عَلَيْنَا قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَحْفُوظُ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ رِوَايَاتُ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَكَأَنَّ أَحَدَ رُوَاتِهِ ظَنَّ مِنْ صَنِيعِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ مَا صَنَعَ مِنْ نَحْرِ الْإِبِلِ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَنَّهُ كَانَ أَمِيرَ السَّرِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَخَرَجْنَا فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ فَجُمِعَ فَكَانَ مِزْوَدُ تَمْرٍ الْمِزْوَدُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ مَا يُجْعَلُ فِيهِ الزَّادُ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ يَقُوتُنَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالتَّخْفِيفِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَبِضَمِّهِ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّقْوِيتِ .

     قَوْلُهُ  كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّهُمْ كَانَ لَهُمْ زَادٌ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ وَأَزْوَادٌ بِطَرِيقِ الْخُصُوصِ فَلَمَّا فَنِيَ الَّذِي بِطَرِيقِ الْعُمُومِ اقْتَضَى رَأْيُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنْ يَجْمَعَ الَّذِي بِطَرِيقِ الْخُصُوصِ لِقَصْدِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَفَعَلَ فَكَانَ جَمِيعُهُ مِزْوَدًا وَاحِدًا وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ فَتَلَقَّيْنَا لِقُرَيْشٍ وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً وَظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْبَابِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعِ بِأَنَّ الزَّادَ الْعَامَّ كَانَ قَدْرَ جِرَابٍ فَلَمَّا نَفِدَ وَجَمَعَ أَبُو عُبَيْدَةَ الزَّادَ الْخَاصَّ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَيْضًا كَانَ قَدْرَ جِرَابٍ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنَ الرَّاوِيَيْنِ ذَكَرَ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ.
وَأَمَّا تَفْرِقَةُ ذَلِكَ تَمْرَةً تَمْرَةً فَكَانَ فِي ثَانِي الْحَالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا فَفَنِيَ زَادُنَا حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا يَأْكُلُ كُلَّ يَوْمٍ تَمْرَةً.
وَأَمَّا قَوْلُ عِيَاضٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَزْوَادِهِمْ تَمْرٌ غَيْرُ الْجِرَابِ الْمَذْكُورِ فَمَرْدُودٌ لِأَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الَّذِي اجْتَمَعَ مِنْ أَزْوَادِهِمْ كَانَ مِزْوَدَ تَمْرٍ وَرِوَايَةُ أَبِي الزُّبَيْرِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّدَهُمْ جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ فَصَحَّ أَنَّ التَّمْرَ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِ الْجِرَابِ.
وَأَمَّا قَوْلُ غَيْرِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِقَتُهُ عَلَيْهِمْ تَمْرَةً تَمْرَةً كَانَ مِنَ الْجِرَابِ النَّبَوِيِّ قَصْدًا لِبَرَكَتِهِ وَكَانَ يُفَرِّقُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَزْوَادِ الَّتِي جُمِعَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَبَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ السِّيَاقِ بَلْ فِي رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عِنْد بن عَبْدِ الْبَرِّ فَقَلَّتْ أَزْوَادُنَا حَتَّى مَا كَانَ يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنَّا إِلَّا تَمْرَةً .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ فَيُفَسَّرُ بِهِ الْمُبْهَمُ فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الَّتِي مَضَتْ فِي الْجِهَادِ فَإِنَّ فِيهَا فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدَ اللَّهِ وَهِيَ كُنْيَةُ جَابِرٍ أَيْنَ كَانَتْ تَقَعُ التَّمْرَةُ مِنَ الرَّجُلِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَيْضًا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ أَيْ مُؤَثِّرًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ فَقُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا قَالَ نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّبِيُّ الثَّدْيَ ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا الْمَاءَ فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْل قَوْله فِي الروايةالثانية فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ هُوَ وَرَقُ السَّلَمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَابِسًا بِخِلَافِ مَا جَزَمَ بِهِ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهُ كَانَ أَخْضَرَ رَطْبًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْخَوْلَانِيِّ وَأَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ أَيْ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَهُوَ صَرِيحُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ فَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا حُوتٌ مِثْلَ الظَّرِبِ أَمَّا الْحُوتُ فَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ لِجَمِيعِ السَّمَكِ وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا عَظُمَ مِنْهَا وَالظَّرِبُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَالَةِ وَوَقَعَ فِي بعض النّسخ بِالْمُعْجَمَةِ الساقطة حَكَاهَا بن التِّينِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَبِكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ الْجَبَل الصَّغِير.

     وَقَالَ  الفزاز هُوَ بِسُكُونِ الرَّاءِ إِذَا كَانَ مُنْبَسِطًا لَيْسَ بِالْعَالِي وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ فَوَقَعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرَ وَفِي رِوَايَةِ الْخَوْلَانِيِّ فَهَبَطْنَا بِسَاحِلِ الْبَحْرِ فَإِذَا نَحْنُ بِأَعْظَمِ حُوتٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْعَنْبَرُ سَمَكَةٌ بَحْرِيَّةٌ كَبِيرَةٌ يُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِهَا الترسة وَيُقَال إِن العنبر المشموم وَجَمِيع هَذِه الدَّابَّة.

     وَقَالَ  بن سَيْنَاءَ بَلِ الْمَشْمُومُ يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَجْوَافِ السَّمَكِ الَّذِي يَبْتَلِعُهُ وَنَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ رَأَيْتُ الْعَنْبَرَ نَابِتًا فِي الْبَحْرِ مُلْتَوِيًا مِثْلَ عُنُقِ الشَّاةِ وَفِي الْبَحْرِ دَابَّةٌ تَأْكُلُهُ وَهُوَ سُمٌّ لَهَا فَيَقْتُلُهَا فَيَقْذِفُهَا فَيَخْرُجُ الْعَنْبَرُ مِنْ بَطْنِهَا.

     وَقَالَ  الْأَزْهَرِيُّ الْعَنْبَرُ سَمَكَةٌ تَكُونُ بِالْبَحْرِ الْأَعْظَمِ يَبْلُغُ طُولُهَا خَمْسِينَ ذِرَاعًا يُقَالُ لَهَا بَالَةٌ وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ قَالَ الْفَرَزْدَقُ فَبِتْنَا كَأَنَّ الْعَنْبَرَ الْوَرْدُ بَيْنَنَا وَبَالَةُ بَحْرٍ فَاؤُهَا قَدْ تَخَرَّمَا أَيْ قَدْ تَشَقَّقَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ مَيْتَةِ السَّمَكِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَأَكَلَ مِنْهُ الْقَوْمُ ثَمَانَ عَشْرَةَ لَيْلَةً فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ فَأَقَمْنَا عَلَيْهَا شَهْرًا وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّ الَّذِي قَالَ ثَمَانَ عَشْرَةَ ضَبَطَ مَا لَمْ يَضْبِطْهُ غَيْرُهُ وَأَنَّ مَنْ قَالَ نِصْفَ شَهْرٍ أَلْغَى الْكَسْرَ الزَّائِدَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَنْ قَالَ شَهْرًا جَبَرَ الْكَسْرَ أَوْ ضَمَّ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ وِجْدَانِهِمُ الْحُوتَ إِلَيْهَا وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ رِوَايَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ لما فِيهَا من الزِّيَادَة.

     وَقَالَ  بن التِّينِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهْمٌ انْتَهَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا وَهِيَ شَاذَّةٌ وَأَشَدُّ مِنْهَا شُذُوذًا رِوَايَةُ الْخَوْلَانِيِّ فَأَقَمْنَا قَبْلَهَا ثَلَاثَة وَلَعَلَّ الْجَمْعَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى ثَابَتْ بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ رَجَعَتْ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ هُزَالٌ مِنَ الْجُوعِ السَّابِقِ .

     قَوْلُهُ  وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُهْمَلَةِ أَيْ شَحْمِهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ وَنَقْطَعُ مِنْهُ الْفِدَرَ كَالثَّوْرِ وَالْوَقْبُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هِيَ النُّقْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْحَدَقَةُ وَالْفِدَرُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ جَمْعُ فَدْرَةٍ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ وَمِنْ غَيْرِهِ وَفِي رِوَايَةِ الْخَوْلَانِيِّ فَحَمَلْنَا مَا شِئْنَا مِنْ قَدِيدٍ وَوَدَكٍ فِي الْأَسْقِيَةِ وَالْغَرَائِرِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا كَذَا فِيهِ وَاسْتُشْكِلَ لِأَنَّ الضِّلْعَ مُؤَنَّثَةٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ تَأْنِيثَهُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ فَيَجُوزُ فِيهِ التَّذْكِيرُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ فَمَرَّ تَحْتَهُ وَفِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ ثُمَّ أَمْرَ بِأَجْسَمِ بَعِيرٍ مَعَنَا فَحَمَلَ عَلَيْهِ أَجْسَمَ رَجُلٍ مِنَّا فَخَرَجَ مِنْ تَحْتِهِمَا وَمَا مَسَّتْ رَأْسَهُ وَهَذَا الرَّجُلُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَأَظُنُّهُ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَإِنَّ لَهُ ذِكْرًا فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ كَمَا سَتَرَاهُ بَعْدُ وَكَانَ مَشْهُورًا بِالطُّولِ وَقِصَّتُهُ فِي ذَلِك مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلِكُ الرُّومِ بِالسَّرَاوِيلِ مَعْرُوفَةٌ فَذَكَرَهَا الْمُعَافِيُّ الْحَرِيرِيُّ فِي الْجَلِيسِ وَأَبُو الْفَرْجِ الْأَصْبِهَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَمُحَصِّلُهَا أَنَّ أَطْوَلَ رَجُلٍ مِنَ الرُّومِ نَزَعَ لَهُ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ سَرَاوِيلَهُ فَكَانَ طُولُ قَامَةِ الرُّومِيِّ بِحَيْثُ كَانَ طَرَفُهَا عَلَى أَنْفِهِ وَطَرَفُهَا بِالْأَرْضِ وَعُوتِبَ قَيْسٌ فِي نَزْعِ سَرَاوِيلِهِ فِي الْمَجْلِسِ فَأَنْشَدَ أَرَدْتُ لِكَيْمَا يَعْلَمَ النَّاسَ أَنَّهَا سَرَاوِيلُ قَيْسٍ وَالْوُفُودُ شُهُودُ وَأَنْ لَا يَقُولُوا غَابَ قَيْسٌ وَهَذِهِ سَرَاوِيلُ عَادِيٍّ نَمَتْهُ ثَمُودُ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنِهِ وَالْوَقْبُ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَهُوَ حُفْرَةُ الْعَيْنِ فِي عَظْمِ الْوَجْهِ وَأَصْلُهُ نُقْرَةٌ فِي الصَّخْرَةِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ وَالْجَمْعُ وِقَابٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَوَقَعَ فِي آخر صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا وَفِي آخِرِهِ وَشَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ فَقَالَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ فَزَخَرَ الْبَحْرُ زَخْرَةً فَأَلْقَى دَابَّةً فَأَوْرَيْنَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا وَأَكَلْنَا وَشَبِعْنَا قَالَ جَابِرٌ فَدَخَلْتُ أَنا وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً فِي حِجَاجِ عينهَا وَمَا يَرَانَا أحد حَتَّى خرجا وَأَخَذْنَا ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهَا فَقَوَّسْنَاهُ ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يطأطأ رَأْسَهُ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَبَعَثَنَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَتَيْنَا إِلَخْ فَيَتَحَدُّ مَعَ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ





[ قــ :415 ... غــ :4361] فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْمُسْتَمْلِيِّ مِنْ أَعْضَائِهِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ لِأَنَّ فِي السِّيَاقِ قَالَ سُفْيَانَ مَرَّةً ضِلْعًا مِنْ أَعْضَائِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى من اضلاعه قَوْله فِي الروايةالثانية وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ أَيْ عِنْدَمَا جَاعُوا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْخَوْلَانِيِّ سبع جزائر قَوْله وَكَانَ عَمْرو هُوَ بن دِينَارٍ وَأَبُو صَالِحٍ هُوَ ذَكْوَانُ السَّمَّانُ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لِأَبِيهِ كُنْتُ فِي الْجَيْشِ فَجَاعُوا قَالَ انْحَرْ وَهَذَا صُورَتُهُ مُرْسَلٌ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ لَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ تَحْدِيثِ قَيْسٍ لِأَبِيهِ لَكِنَّهُ فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ مَوْصُولٌ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَفْظِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ.

قُلْتُ لِأَبِي وَكُنْتُ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ جَيْشِ الْخَبَطِ فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ قَالَ لِي انْحَرْ.

قُلْتُ نَحَرْتُ فَذَكَرَهُ وَفِي آخِرِهِ.

قُلْتُ نَهَيْتُ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ لَمَّا رَأَى مَا بِالنَّاسِ قَالَ مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي تَمْرًا بِالْمَدِينَةِ بِجَزُورٍ هُنَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ مَنْ أَنْتَ فَانْتَسَبَ لَهُ فَقَالَ عَرَفْتُ نَسَبَكَ فَابْتَاعَ مِنْهُ خَمْسَ جَزَائِرَ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَأَشْهَدَ لَهُ نَفَرًا مِنَ الصَّحَابَةِ فَامْتَنَعَ عُمَرُ لِكَوْنِ قَيْسٍ لَا مَالَ لَهُ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ مَا كَانَ سَعْدٌ لِيَجْنِيَ بِابْنِهِ فِي أَوَسُقِ تَمْرٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدًا فَغَضِبَ وَوَهَبَ لِقَيْسٍ أَرْبَعَ حَوَائِطَ أَقَلُّهَا يَجُذُّ خَمْسِينَ وسْقا وَزَاد بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.

     وَقَالَ  فِي حَدِيثِهِ لَمَّا قَدِمُوا ذَكَرُوا شَأْنَ قَيْسٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْجُودَ مِنْ شِيمَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَفِي حَدِيثِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بَلَغَهُمُ الْجَهْدُ الَّذِي قَدْ أَصَابَ الْقَوْمَ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إِنْ يَكُ قَيْسٌ كَمَا أَعْرِفُ فَسَيَنْحَرْ لِلْقَوْمِ .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ





[ قــ :416 ... غــ :436] وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ كَذَا لَهُمْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَفِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ .

     قَوْلُهُ  وَأَخْبرنِي أَبُو الزبير الْقَائِل هُوَ بن جُرَيْجٍ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ مِنْهُ فَآتَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْمَدِّ أَي فَأعْطَاهُ فَأَكله وَوَقع فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ بِعُضْوٍ مِنْهُ فَأَكَلَهُ قَالَ عِيَاضٌ وَهُوَ الْوَجْهُ.

قُلْتُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ من طَرِيق بن جُرَيْجٍ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْهُ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ مَعَنَا مِنْهُ شَيْءٌ فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَيْهِ بَعْضُ الْقَوْمِ فَأَكَلَ مِنْهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَمْزَةَ عَن جَابر عِنْد بن أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ فَلَمَّا قَدِمُوا ذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ نَعْلَمُ أَنَّا نُدْرِكُهُ لَمْ يُرَوِّحْ لَأَحْبَبْنَا لَوْ كَانَ عِنْدنَا مِنْهُ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ازْدِيَادًا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ أَحْضَرُوا لَهُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُحْضِرُوا لَهُ مِنْهُ وَكَانَ الَّذِي أَحْضَرُوهُ مَعَهُمْ لَمْ يُرَوَّحْ فَأَكَلَ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا مَشْرُوعِيَّةُ الْمُوَاسَاةِ بَيْنَ الْجَيْشِ عِنْدَ وُقُوعِ الْمَجَاعَةِ وَأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الطَّعَامِ يَسْتَدْعِي الْبَرَكَةَ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نَهْيِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَيْسًا أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إِطْعَامِ الْجَيْشِ فَقِيلَ لِخَشْيَةِ أَنْ تَفْنَى حَمُولَتُهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقِصَّةَ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ الْعَسْكَرِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَدِينُ عَلَى ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَأُرِيدَ الرِّفْقُ بِهِ وَهَذَا أظهر وَالله أعلم .

     قَوْلُهُ