فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن

( قَولُهُ بَابُ قُدُومِ الْأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ)
هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِأَنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ من أهل الْيمن وَمَعَ ذَلِك ظهر لي أَنَّ فِي الْمُرَادِ بِأَهْلِ الْيَمَنِ خُصُوصًا آخَرَ وَهُوَ مَا سَأَذْكُرُهُ مِنْ قِصَّةِ نَافِعِ بْنِ زَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ وَافِدًا فِي نَفَرٍ مِنْ حِمْيَرَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أَوَّلُهُ إنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ جَمَعُوا ثُمَّ اقْتَسَمُوا بَيْنَهُمْ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ الْحَدِيثَ وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الشَّرِكَةِ وَشُرِحَ هُنَاكَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هُمْ مِنِّي الْمُبَالغَة فِي اتِّصَال طريقهما واتفاقهما علىالطاعة ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ الحَدِيث الأول



[ قــ :4146 ... غــ :4384] قَوْله حَدثنَا بن أَبِي زَائِدَةَ هُوَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ سِوَى شَيْخَيِ الْبُخَارِيِّ .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْأَسْوَدِ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ طَرِيقِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى .

     قَوْلُهُ  قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ الْيَمَنِ تَقَدَّمَ بَيَانُ اسْمِ أَخِيهِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ .

     قَوْلُهُ  مَا نُرَى بِضَمِّ النُّونِ قَوْله بن مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ اسْمُ أُمِّهِ أُمُّ عَبْدٍ بِنْتُ عَبْدِ وُدِّ بْنِ سَوَاءَ وَلَهَا صُحْبَةٌ وَقَولُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَيْ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ بِلَفْظِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَتقدم الحَدِيث فِي مَنَاقِب بن مَسْعُودٍ تَنْبِيهٌ سَقَطَ شَيْخَا الْبُخَارِيِّ مِنْ أَوَّلِ هَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَابْتِدَاءُ الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ وَثَبَتَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَمْ يُدْرِكِ الْبُخَارِيُّ يَحْيَى بْنَ آدَمَ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَمِائَتَيْنِ بِالْكُوفَةِ وَالْبُخَارِيُّ يَوْمَئِذٍ بِبُخَارَى وَلَمْ يَرْحَلْ مِنْهَا وَعُمْرُهُ يَوْمئِذٍ تِسْعُ سِنِينَ وَإِنَّمَا رَحَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي الْمُقَدَّمَةِ تَنْبِيهٌ آخَرُ كَانَ قُدُومُ أَبِي مُوسَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقِيلَ إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ثُمَّ كَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ الْهِجْرَةَ الْأُولَى ثُمَّ قَدِمَ الثَّانِيَةَ صُحْبَةَ جَعْفَرٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ خَرَجَ طَالِبًا الْمَدِينَةَ فِي سَفِينَةٍ فَأَلْقَتْهُمُ الرِّيحُ إِلَى الْحَبَشَةِ فَاجْتَمَعُوا هُنَاكَ بِجَعْفَرٍ ثُمَّ قَدِمُوا صُحْبَتَهُ وعَلى هَذَا فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا لَيَجْمَعُ مَا وَقَعَ عَلَى شَرْطِهِ مِنَ الْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا وَالْوُفُودِ وَلَوْ تَبَايَنَتْ تَوَارِيخُهُمْ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ غَزْوَةَ سِيفِ الْبَحْرِ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَكَانَتْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ بِمُدَّةٍ وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَهْلُ الْيَمَنِ بَعْدَ الْأَشْعَرِيِّينَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ لِهَذَا الْعَامِّ خُصُوصًا أَيْضًا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ وَهُمْ وَفْدُ حِمْيَرَ فَوَجَدْتُ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ لِابْنِ شَاهِينَ مِنْ طَرِيقِ إِيَاسِ بْنِ عُمَيْرٍ الْحِمْيَرِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ وَافِدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ حِمْيَرَ فَقَالُوا أَتَيْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ الْحَدِيثَ وَقَدْ ذَكَرْتُ فَوَائِدَهُ فِي أَوَّلِ بَدْء الْخلق وَحَاصِله أَن التَّرْجَمَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى طَائِفَتَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اجْتِمَاعَهُمَا فِي الْوِفَادَةِ فَإِنَّ قُدُومَ الْأَشْعَرِيِّينَ كَانَ مَعَ أَبِي مُوسَى فِي سَنَةِ سَبْعٍ عِنْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ وَقُدُومَ وَفْدِ حِمْيَرَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَهِيَ سَنَةُ الْوُفُودِ وَلِأَجْلِ هَذَا اجْتَمَعُوا مَعَ بَنِي تَمِيمٍ وَقَدْ عَقَدَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي التَّرْجَمَةِ النَّبَوِيَّةِ مِنَ الطَّبَقَاتِ لِلْوُفُودِ بَابًا وَذَكَرَ فِيهِ الْقَبَائِلَ مِنْ مُضَرَ ثُمَّ مِنْ رَبِيعَةَ ثُمَّ مِنَ الْيَمَنِ وَكَادَ يَسْتَوْعِبُ ذَلِكَ بِتَلْخِيصٍ حَسَنٍ وَكَلَامُهُ أَجْمَعُ مَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ وَمَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ وَفْدَ حِمْيَرَ لَمْ يَقَعْ لَهُ قِصَّةُ نَافِعِ بْنِ زَيْدٍ الَّتِي ذكرتها

( الْحَدِيثُ الثَّانِي)


[ قــ :4147 ... غــ :4385] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ هُوَ بن حَرْبٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ زَهْدَمٍ بِزَايٍ وَزْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ بن مُضَرِّبٍ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى أَيْ إِلَى الْكُوفَةِ أَمِيرًا عَلَيْهَا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَوَهَمَ مَنْ قَالَ أَرَادَ قَدِمَ الْيَمَنَ لِأَنَّ زَهْدَمًا لَمْ يَكُنْ من أهل الْيمن قَوْله أكْرم هذاالحي مِنْ جَرْمٍ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قَبِيلَةٌ شَهِيرَةٌ يُنْسَبُونَ إِلَى جَرْمِ بْنِ رَبَّانَ بِرَاءٍ ثمَّ مُوَحدَة ثَقيلَة بن ثَعْلَبَة بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ .

     قَوْلُهُ  فَقَذِرْتُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ وَعَلَى بَاقِي الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُور أَن شَاءَ تَعَالَى وَكَانَ الْوَقْتُ الَّذِي طَلَبَ فِيهِ الْأَشْعَرِيُّونَ الْحُمْلَانَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِرَادَةِ غَزْوَةِ تَبُوكَ



(الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ عِمْرَانَ)
أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ



[ قــ :4148 ... غــ :4386] .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ اقْبَلُوا الْبُشْرَى وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ قُدُومَ وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ كَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَقُدُومَ الْأَشْعَرِيِّينَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ عَقِبَ فَتْحِ خَيْبَرَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأُجِيبُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ قَدِمُوا بَعْدَ ذَلِكَ (

الحَدِيث الرَّابِع حَدِيث أبي مَسْعُود)



[ قــ :4149 ... غــ :4387] الْإِيمَان هَا هُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ أَيْ إِلَى جِهَةِ الْيَمَنِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَهْلَ الْبَلَدِ لَا مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْيَمَنِ وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيرَةَ





[ قــ :4150 ... غــ :4388] .

     قَوْلُهُ  عَنْ سُلَيْمَانَ هُوَ الْأَعْمَشُ وذكوان هُوَ بن صَالِحٍ .

     قَوْلُهُ  وقَال غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ إِلَخْ أَوْرَدَهُ لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِ الْأَعْمَشِ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ وَقَدْ وَصَلَهُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ





[ قــ :4151 ... غــ :4389] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَأَخُوهُ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَسُلَيْمَانُ هُوَ بن بِلَالٍ وَثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ هُوَ الْمَدَنِيُّ.
وَأَمَّا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ الشَّامِيُّ فَأَبُوهُ بِزِيَادَةِ تَحْتَانِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَأَبُو الْغَيْثِ اسْمُهُ سَالِمٌ .

     قَوْلُهُ  الْإِيمَانُ يَمَانٍ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ الَّتِي بَعْدَهَا الْفِقْهُ يَمَانٍ وَفِيهَا وَفِي رِوَايَةِ ذَكْوَانَ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ وَفِي أَوَّلِهَا وَأَوَّلِ رِوَايَةِ ذَكْوَانَ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَهُوَ خِطَابٌ لِلصَّحَابَةِ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ إِلَخْ وَفِي رِوَايَةِ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَزَادَ فِيهَا وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْغَيْثِ وَالْفِتْنَةُ هَا هُنَا حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ وَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ شَرْحُ سَائِرِ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْمَنَاقِبِ وَفِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَأَشَرْتُ هُنَاكَ إِلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ تَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ الْإِيمَانُ يَمَانٍ الْأَنْصَارُ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَقد ذكر بن الصَّلَاحِ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ الْإِيمَانُ يَمَانٍ أَنَّ مَبْدَأَ الْإِيمَانِ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّ مَكَّةَ مِنْ تِهَامَةَ وَتِهَامَةُ مِنَ الْيَمَنِ وَقِيلَ الْمُرَادُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَدَرَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبُوكَ فَتَكُونُ الْمَدِينَةُ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ يَمَانِيَّةٌ وَالثَّالِثُ وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ لِأَنَّهُمْ يَمَانِيُّونَ فِي الْأَصْلِ فَنَسَبَ الْإِيمَانَ إِلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ أَنْصَارَهُ.

     وَقَالَ  بن الصَّلَاحِ وَلَوْ تَأَمَّلُوا أَلْفَاظَ الْحَدِيثِ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ





[ قــ :415 ... غــ :4390] قَوْلَهُ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ خِطَابٌ لِلنَّاسِ وَمِنْهُمُ الْأَنْصَارُ فَيَتَعَيَّنَ أَنَّ الَّذين جاؤوا غَيرهم قَالَ وَمعنى الحَدِيث وصف الَّذين جاؤوا بِقُوَّةِ الْإِيمَانِ وَكَمَالِهِ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ قَالَ ثُمَّ الْمُرَادُ الْمَوْجُودُونَ حِينَئِذٍ مِنْهُمْ لَا كُلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي كُلِّ زَمَانٍ انْتَهَى وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْإِيمَانُ يَمَانٍ مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَا ذكره بن الصَّلَاحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ يَمَانٍ يَشْمَلُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْيَمَنِ بِالسُّكْنَى وَبِالْقَبِيلَةِ لَكِنْ كَوْنُ الْمُرَادِ بِهِ مَنْ يُنْسَبُ بِالسُّكْنَى أَظْهَرُ بَلْ هُوَ الْمُشَاهَدُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَحْوَالِ سُكَّانِ جِهَةِ الْيَمَنِ وَجِهَةِ الشِّمَالِ فَغَالِبُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ رِقَاقُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ وَغَالِبُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ غِلَاظُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ وَقَدْ قَسَمَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ أَهْلَ الْجِهَاتِ الثَّلَاثَةِ الْيَمَنَ وَالشَّامَ وَالْمَشْرِقَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَغْرِبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فَلَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الرَّاوِي إِمَّا لِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي الْأَشْعَرِيِّينَ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَطْعًا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ إِذْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ نَقِيَّةٌ قُلُوبُهُمْ حَسَنَةٌ طَاعَتُهُمْ الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ كَأَنَّهُمُ السَّحَابُ هُمْ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ أَيُّ الرِّجَالِ خَيْرٌ قَالَ رِجَالُ أَهْلِ نَجْدٍ قَالَ كَذَبْتَ بَلْ هُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ الْإِيمَانُ يَمَانٍ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ .

     قَوْلُهُ  هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا أَيْ لِأَنَّ الْفُؤَادَ غِشَاءُ الْقَلْبِ فَإِذَا رَقَّ نَفَذَ الْقَوْلُ وَخَلَصَ إِلَى مَا وَرَاءَهُ وَإِذَا غَلُظَ بَعُدَ وُصُولُهُ إِلَى دَاخِلٍ وَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ لَيِّنًا عَلِقَ كل مَا يصادفه
(

الحَدِيث السَّابِع)



[ قــ :4153 ... غــ :4391] .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ خَبَّابٌ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَةٌ وَهُوَ بن الْأَرَتِّ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ .

     قَوْلُهُ  يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن هُوَ كنية بن مَسْعُودٍ .

     قَوْلُهُ  أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ فَيَقْرَأُ عَلَيْكَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَقَرَأَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ بِمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرٌ أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ وَزِيَادُ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَدْرَكَ عُمَرَ وَلَهُ رِوَايَةٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَنَزَلَ الْكُوفَةَ وَوَلِيَ إِمْرَتَهَا مَرَّةً وَهُوَ أَسَدِيٌّ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ.
وَأَمَّا أَخُوهُ زَيْدٌ فَلَا أَعْرِفُ لَهُ رِوَايَةً .

     قَوْلُهُ  أَمَا بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْمِكَ وَفِي قَوْمِهِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى ثَنَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علىالنخع لِأَنَّ عَلْقَمَةَ نَخَعِيٌّ وَإِلَى ذَمِّ بَنِي أَسَدٍ وَزِيَاد بن حدير أسدى فَأَما ثَنَاؤُهُ علىالنخع فَفِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ بن مَسْعُودٍ قَالَ شَهِدْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو لِهَذَا الْحَيِّ مِنَ النَّخَعِ أَوْ يُثْنِي عَلَيْهِمْ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي رَجُلٌ مِنْهُمْ.
وَأَمَّا ذَمُّهُ لِبَنِي أَسَدٍ فَتَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ إِنَّ جُهَيْنَةَ وَغَيْرَهَا خَيْرٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَغَطَفَانَ.
وَأَمَّا النَّخَعِيُّ فَمَنْسُوبٌ إِلَى النَّخَعِ قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنَ الْيَمَنِ وَاسْمُ النَّخَعِ حَبِيبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عِلّة بِضَم الْمُهْملَة وَتَخْفِيف اللَّام بن جَلْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَدَدَ بْنِ زَيْدٍ وَقِيلَ لَهُ النَّخَعُ لِأَنَّهُ نَخَعَ عَنْ قَوْمِهِ أَيْ بَعُدَ وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ لَتَسْكُتَنَّ أَوْ لأحدثنك بِمَا قِيلَ فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ .

     قَوْلُهُ  فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي .

     قَوْلُهُ  وقَال عَبْدُ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَخَاطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بِذَلِكَ خَبَّابًا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَأَلَهُ أَوَّلًا وَهُوَ الَّذِي قَالَ قَدْ أَحْسَنَ وَكَذَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ يَعْلَى عَنِ الْأَعْمَشِ فَفِيهِ قَالَ خَبَّابٌ أَحْسَنْتَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ مَوْصُولٌ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلَّا وَهُوَ يَقْرَؤُهُ يَعْنِي عَلْقَمَةُ وَهِيَ منقبة عَظِيمَة لعلقمة حَيْثُ شهد لَهُ بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الْقِرَاءَةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الْخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَيْ يُرْمَى بِهِ .

     قَوْلُهُ  رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ أَيْ عَنِ الْأَعْمَشِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ وَصَلَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَهُوَ غُنْدَرٌ بِإِسْنَادِهِ هَذَا وَكَأَنَّهُ فِي الزُّهْدِ لِأَحْمَدَ وَإِلَّا فَلَمْ أَرَهُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ يعلىبن عُبَيْدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَوَهَمَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ مُعَادٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَنَّ مَحَلَّهُ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنْ لَا إِعَادَةَ وَأَنَّهُ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ وَأَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ صَوَابٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي أَنَّ شُعْبَةَ رَوَاهُ عَنِ الْأَعْمَشِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي وَصَلَهُ بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَقَدْ أَثْبَتَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي مُسْتَخْرَجِهِ رِوَايَةَ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ بن شِهَابٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي وَصَلَهُ بِهِ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الْأَعْمَشِ وَرَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ وَفِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِابْنِ مَسْعُودٍ وَحُسْنِ تَأَنِّيهِ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانَ يَخْفَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَحْكَامِ فَإِذَا نُبِّهَ عَلَيْهَا رَجَعَ وَلَعَلَّ خَبَّابًا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ لِبْسِ الرِّجَالِ خَاتَمَ الذَّهَبِ لِلتَّنْزِيهِ فَنَبَّهَهُ بن مَسْعُود على تَحْرِيمه فَرجع إِلَيْهِ مسرعا