فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} [البقرة: 285]

( قَولُهُ بَابُ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ أَيْ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ)
.

     قَوْلُهُ  وقَال بن عَبَّاسٍ إِصْرًا عَهْدًا وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله وَلَا تحمل علينا اصرا أَيْ عَهْدًا وَأَصْلُ الْإِصْرِ الشَّيْءُ الثَّقِيلُ وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّدِيدِ وَتَفْسِيرُهُ بِالْعَهْدِ تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ شَدِيدٌ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ إِصْرًا قَالَ عَهْدًا لَا نُطِيقُ الْقِيَامَ بِهِ .

     قَوْلُهُ  وَيُقَالُ غُفْرَانَكَ مَغْفِرَتُكَ فَاغْفِرْ لَنَا هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ غُفْرَانَكَ أَيْ مَغْفِرَتَكَ أَيِ اغْفِرْ لَنَا.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ غُفْرَانَكَ مَصْدَرٌ وَقَعَ فِي مَوْضِعِ أَمْرٍ فَنُصِبَ.

     وَقَالَ  سِيبَوَيْهِ التَّقْدِيرُ اغْفِرْ غُفْرَانَكَ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَدَّرَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ أَيْ نَسْتَغْفِرُكَ غُفْرَانَكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :4295 ... غــ :4546] .

     قَوْلُهُ  نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا قَدْ عُرِفَ بَيَانُهُ مِنْ حَدِيثي بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَسَخَتْهَا أَيْ أَزَالَتْ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الشِّدَّةِ وَبَيَّنَتْ أَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَتِ الْمُحَاسَبَةُ بِهِ لَكِنَّهَا لَا تَقَعُ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ فِرَارًا مِنْ إِثْبَاتِ دُخُولِ النَّسْخِ فِي الْأَخْبَارِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا لَكِنَّهُ يَتَضَمَّنُ حُكْمًا وَمَهْمَا كَانَ مِنَ الْأَخْبَارِ يَتَضَمَّنُ الْأَحْكَامَ أَمْكَنَ دُخُولُ النَّسْخِ فِيهِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا كَانَ خَبَرًا مَحْضًا لَا يَتَضَمَّنُ حُكْمًا كَالْإِخْبَارِ عَمَّا مَضَى مِنْ أَحَادِيثِ الْأُمَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّسْخِ فِي الْحَدِيثِ التَّخْصِيصَ فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ يُطْلِقُونَ لَفْظَ النَّسْخِ عَلَيْهِ كَثِيرًا وَالْمُرَادُ بِالْمُحَاسَبَةِ بِمَا يُخْفِي الْإِنْسَانُ مَا يُصَمِّمُ عَلَيْهِ وَيَشْرَعُ فِيهِ دُونَ مَا يَخْطِرُ لَهُ وَلَا يسْتَمر عَلَيْهِ وَالله أعلم