فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قوله: {وكان عرشه على الماء} [هود: 7]



[ قــ :4429 ... غــ :4684] .

     قَوْلُهُ  سِجِّيلٌ الشَّدِيدُ الْكَبِيرُ سِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ وَاحِدٌ وَاللَّامُ وَالنُّونُ أُخْتَانِ.

     وَقَالَ  تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ وَرِجْلَةُ يَضْرِبُونَ الْبِيضَ ضَاحِيَةً ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّينَا هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ بِمَعْنَاهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ هُوَ الشَّدِيدُ مِنَ الْحِجَارَةِ الصَّلْبِ وَمِنَ الضَّرْبِ أَيْضا قَالَ بن مُقْبِلٍ فَذَكَرَهُ قَالَ وَقَولُهُ سِجِّيلًا أَيْ شَدِيدًا وَبَعْضُهُمْ يُحَوِّلُ اللَّامَ نُونًا.

     وَقَالَ  فِي مَوْضِعٍ آخر السجيل الشَّديد الْكثير وَقد تعقبه بن قُتَيْبَةٍ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنَى السِّجِّيلُ الشَّدِيدُ لَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ وَكَانَ يَقُولُ حِجَارَةً سِجِّيلًا لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ حِجَارَةٌ مِنْ شَدِيدٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ حُذِفَ وَأَنْشَدَ غَيْرُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ فَأَبْدَلَ قَوْلَهُ ضَاحِيَةً بِقَوْلِهِ عَنْ عُرُضٍ وَهُوَ بِضَمَّتَيْنِ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَسَيَأْتِي قَول بن عَبَّاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْكَلِمَةَ فَارِسِيَّةٌ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْفِيلِ وَقَدْ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ إِنْ ثَبَتَ أَنَّهَا فَارِسِيَّةٌ فَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ فَصَارَتْ وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِسَمَاءِ الدُّنْيَا وَقِيلَ بَحْرٌ مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ نَزَلَتْ مِنْهُ الْحِجَارَةُ وَقِيلَ هِيَ جِبَالٌ فِي السَّمَاءِ تَنْبِيهٌ تَمِيم بن مقبل هُوَ بن خُبَيْبِ بْنِ عَوْفِ بْنِ قُتَيْبَةَ بْنِ الْعَجْلَانِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ الْعَامِرِيُّ ثُمَّ الْعَجْلَانِيُّ شَاعِرٌ مُخَضْرَمٌ أَدْرَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَكَانَ أَعْرَابِيًّا جَافِيًا وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ عُمَرَ ذَكَرَهُ الْمَرْزُبَانِيُّ وَرَجْلَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا عَلَى تَقْدِيرِ ذَوِي رِجْلَةٍ وَالْجِيمُ سَاكِنَةٌ وَحكى بن التِّينِ فِي هَذَا الْحَاءَ الْمُهْمَلَةَ وَالْبَيْضُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ بَيْضَةٍ وَهِيَ الْخُوذَةُ أَوْ بِكَسْرِهَا جَمْعُ أَبْيَضَ وَهُوَ السَّيْفُ فَعَلَى الْأَوَّلُ الْمُرَادُ مَوَاضِعُ الْبِيضِ وَهِيَ الرُّءُوسُ وَعَلَى الثَّانِي الْمُرَادُ يَضْرِبُونَ بِالْبِيضِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَضَاحِيَةٌ أَيْ ظَاهِرَةٌ أَوِ الْمُرَادُ فِي وَقْتِ الضَّحْوَةِ وَتَوَاصَى أَصْلُهُ تَتَوَاصَى فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَرُوِيَ تَوَاصَتْ بِمُثَنَّاةِ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ فِي آخِرِهِ وَقَولُهُ سِجِّينًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْمُظَفَّرِ هُوَ فَعِيلٌ مِنَ السَّجْنِ كَأَنَّهُ يُثَبِّتُ مَنْ وَقَعَ فِيهِ فَلَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ وَعَن بن الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ رَوَاهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ الْجِيمِ أَي ضربا حارا .

     قَوْلُهُ  اسْتَعْمَرَكُمْ جَعَلَكُمْ عُمَّارًا أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى سَقَطَ هَذَا لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ .

     قَوْلُهُ  نَكِرَهُمْ وَأَنْكَرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنْشَدَ وَأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ .

     قَوْلُهُ  حَمِيدٌ مَجِيدٌ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ مَحْمُودٍ مِنْ حَمِدَ كَذَا وَقَعَ هُنَا وَالَّذِي فِي كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَة حميد مجيد أَي مَحْمُود وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَالْحَمِيدُ فَعِيلٌ مِنْ حَمِدَ فَهُوَ حَامِدٌ أَيْ يَحْمَدُ مَنْ يُطِيعُهُ أَوْ هُوَ حَمِيدٌ بِمَعْنَى مَحْمُودٌ وَالْمَجِيدُ فَعِيلٌ مِنْ مَجُدَ بِضَمِّ الْجِيمِ يَمْجُدُ كَشَرُفَ يَشْرُفُ وَأَصْلُهُ الرّفْعَة .

     قَوْلُهُ  إِجْرَامِيٌّ مَصْدَرُ أَجْرَمَتْ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ جَرَمْتُ هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَأَنْشَدَ طَرِيدُ عَشِيرَةٍ وَرَهِينُ ذَنْبٍ بِمَا جَرَمَتْ يَدِي وَجَنَى لِسَانِي وَجَرَمَتْ بِمَعْنَى كَسَبَتْ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  الْفُلْكُ وَالْفَلَكُ وَاحِدٌ وَهِيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ كَذَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ بِضَمِّ الْفَاءِ فِيهِمَا وَسُكُونِ اللَّامِ فِي الْأُولَى وَفَتْحِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَلِآخَرِينَ بِفَتْحَتَيْنِ فِي الأولى وبضم ثمَّ سُكُون فِي الثَّانِيَة وَرجحه بن التِّينِ.

     وَقَالَ  الْأَوَّلُ وَاحِدٌ وَالثَّانِي جَمْعٌ مِثْلُ أَسَدٍ وَأُسْدٍ قَالَ عِيَاضٌ وَلِبَعْضِهِمْ بِضَمِّ ثُمَّ سُكُون فيهمَا جَمِيعًا وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْجَمْعَ وَالْوَاحِدَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ قَالَ فِي الْوَاحِدِ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ.

     وَقَالَ  فِي الْجَمْعِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ وَالَّذِي فِي كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ الْفُلْكُ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ وَهِيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ وَهَذَا أَوْضَحُ فِي الْمُرَادِ .

     قَوْلُهُ  مُجْرَاهَا مَدْفَعُهَا وَهُوَ مَصْدَرٌ أَجْرَيْتُ وَأَرْسَيْتُ حَبَسْتُ وَيُقْرَأُ مَجْرَاهَا مِنْ جَرَتْ هِيَ وَمُرْسِيهَا مِنْ رَسَتْ وَمُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا مِنْ فُعِلَ بِهَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى بِسم الله مجْراهَا أَيْ مَسِيرُهَا وَهِيَ مِنْ جَرَتْ بِهِمْ وَمَنْ قَرَأَهَا بِالضَّمِّ فَهُوَ مِنْ أَجْرَيْتُهَا أَنَا وَمُرْسَاهَا أَيْ وَقْفَهَا وَهُوَ مَصْدَرٌ أَيْ أَرْسَيْتُهَا أَنَا انْتَهَى وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مَجْرَاهَا مَوْقِفُهَا بِوَاوٍ وَقَافٍ وَفَاءٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ لَمْ أَرَهُ فِي شَيْء من النّسخ ثمَّ وجدت بن التِّينِ حَكَاهَا عَنْ رِوَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ يَعْنِي الْقَابِسِيَّ قَالَ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ فَاسِدُ الْمَعْنَى وَالصَّوَابُ مَا فِي الْأَصْلِ بِدَالٍ ثُمَّ فَاءٍ ثُمَّ عَيْنٍ تَنْبِيهٌ الَّذِي قَرَأَ بِضَمِّ الْمِيمِ فِي مُجْرَاهَا الْجُمْهُورُ وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِالْفَتْحِ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ كَالْجُمْهُورِ وَقَرَءُوا كُلُّهُمْ فِي الْمَشْهُورِ بِالضَّمِّ فِي مرْسَاها وَعَن بن مَسْعُودٍ فَتْحَهَا أَيْضًا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفِي قِرَاءَةِ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِ الرَّاءِ وَالسِّينِ أَيِ اللَّهُ فَاعِلُ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  رَاسِيَاتٍ ثَابِتَاتٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَقُدُورٍ راسيات أَيْ ثِقَالٍ ثَابِتَاتٍ عِظَامٍ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهَا اسْتِطْرَادًا لما ذكر مرْسَاها قَوْله عِنْد وَعَنُودٌ وَعَانِدٌ وَاحِدٌ هُوَ تَأْكِيدُ التَّجَبُّرِ هُوَ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ بِمَعْنَاهُ لَكِنْ قَالَ وَهُوَ الْعَادِل عَن الْحق.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَة الْمعَارض الْمُخَالف .

     قَوْلُهُ  وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ وَاحِدُهُ شَاهِدٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِمْ هُنَا فَقِيلَ الْأَنْبِيَاءُ وَقِيلَ الْمَلَائِكَةُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَهَذَا أَعَمُّ وَعَنْ قَتَادَةَ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاق الْخَلَائق وَهَذَا أَعم من الْجَمِيع