فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قوله: {وتقول هل من مزيد} [ق: 30]

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِهِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)
اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ قَوْلِ جَهَنَّمَ هَلْ مِنْ مزِيد فَظَاهِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهَا لِطَلَبِ الْمَزِيدِ وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ كَأَنَّهَا تَقُولُ مَا بَقِيَ فِي مَوْضِعٍ لِلزِّيَادَةِ فَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ هَلْ من مزِيد أَيْ هَلْ مِنْ مَدْخَلٍ قَدِ امْتَلَأَتْ وَمِنْ طَرِيق مُجَاهِد نَحوه وَأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَن بن عَبَّاسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَرَجَّحَ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيُّ الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِدٌ مُوَجَّهٌ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا قَدْ تُزَادُ وَهِيَ عِنْدَ نَفْسِهَا لَا مَوْضِعَ فِيهَا لِلْمَزِيدِ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أنس



[ قــ :4585 ... غــ :4848] يلق فِي النَّار وَتقول هَل من مزِيد فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ فِيهَا كَذَا فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ .

     قَوْلُهُ  فَتَقُولُ قَطْ قَطْ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ فَيَزْوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ فَتَقُولُ قَدْ قَدْ بِالدَّالِ بَدَلَ الطَّاءِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَضَعُ الرَّبُّ عَلَيْهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَفِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ قَطْ فَهُنَاكَ تَمْتَلِئُ وَيَزْوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَجَهَنَّمُ تَسْأَلُ الْمَزِيدَ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا قَدَمَهُ فَيَزْوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَيُلْقَى فِي النَّارِ أَهْلُهَا فَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ وَيُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَأْتِيَهَا عَزَّ وَجَلَّ فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَنْزَوِي فَتَقُولُ قَدْنِي قَدْنِي وَقَولُهُ قَطْ قَطْ أَيْ حَسْبِي حَسْبِي وَثَبَتَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَطْ بِالتَّخْفِيفِ سَاكِنًا وَيَجُوزُ الْكَسْرُ بِغَيْرِ إِشْبَاعٍ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَطِي قطى بالاشباع وقطني بِزِيَادَةِ نُونٍ مُشْبَعَةٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَرِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ بِالدَّالِ بَدَلَ الطَّاءِ وَهِي لُغَة أَيْضا وَكلهَا بِمَعْنَى يَكْفِي وَقِيلَ قَطْ صَوْتُ جَهَنَّمَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي تَفْسِير بن مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ مَا يُؤَيِّدُ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَفْظُهُ فَيَضَعُهَا عَلَيْهَا فَتُقَطْقِطُ كَمَا يُقَطْقِطُ السِّقَاءُ إِذَا امْتَلَأَ انْتَهَى فَهَذَا لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ فِي سَنَدِهِ مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْقَدَمِ فَطَرِيقُ السَّلَفِ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ مَشْهُورَةٌ وَهُوَ أَنْ تَمُرَّ كَمَا جَاءَتْ وَلَا يُتَعَرَّضُ لِتَأْوِيلِهِ بَلْ نَعْتَقِدُ اسْتِحَالَةَ مَا يُوهم النَّقْص على الله وَخَاضَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فَقَالَ الْمُرَادُ إِذْلَالُ جَهَنَّمَ فَإِنَّهَا إِذَا بَالَغَتْ فِي الطُّغْيَانِ وَطَلَبِ الْمَزِيدِ أَذَلَّهَا اللَّهُ فَوَضَعَهَا تَحْتَ الْقَدَمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْقَدَمِ وَالْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ أَلْفَاظَ الْأَعْضَاءِ فِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَلَا تُرِيدُ أَعْيَانَهَا كَقَوْلِهِمْ رَغِمَ أَنْفُهُ وَسُقِطَ فِي يَدِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَدَمِ الْفَرَطُ السَّابِقُ أَيْ يَضَعُ اللَّهُ فِيهَا مَا قَدَّمَهُ لَهَا مِنْ أَهْلِ الْعَذَابِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْقَدَمُ قَدْ يَكُونُ اسْمًا لِمَا قُدِّمَ كَمَا يُسَمَّى مَا خُبِطَ مِنْ وَرَقٍ خَبَطًا فَالْمَعْنَى مَا قَدَّمُوا مِنْ عَمَلٍ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَدَمِ قَدَمُ بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ فَالضَّمِيرُ لِلْمَخْلُوقِ مَعْلُومٌ أَوْ يَكُونُ هُنَاكَ مَخْلُوقٌ اسْمُهُ قَدَمٌ أَوِ الْمُرَادُ بِالْقَدَمِ الْأَخِيرُ لِأَنَّ الْقَدَمَ آخِرُ الْأَعْضَاءِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ فِي النَّارِ آخِرَ أَهْلِهَا فِيهَا وَيكون الضَّمِير للمزيد.

     وَقَالَ  بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ إِخْرَاجِهِ هَذَا مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي أُطْلِقَتْ بِتَمْثِيلِ الْمُجَاوَرَةِ وَذَلِكَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلْقَى فِي النَّارِ مِنَ الْأُمَمِ وَالْأَمْكِنَةِ الَّتِي عُصِيَ اللَّهُ فِيهَا فَلَا تَزَالُ تَسْتَزِيدُ حَتَّى يَضَعَ الرَّبُّ فِيهَا مَوْضِعًا مِنَ الْأَمْكِنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَتَمْتَلِئُ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُطْلِقُ الْقَدَمَ عَلَى الْمَوْضِعِ قَالَ تَعَالَى أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صدق يُرِيدُ مَوْضِعَ صِدْقٍ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ الْمُرَادُ بِالْقَدَمِ قَدَمُ صِدْقٍ وَهُوَ مُحَمَّدٌ وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى شَفَاعَتِهِ وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الْإِيمَانِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذَا مُنَابِذٌ لِنَصِّ الْحَدِيثِ لِأَنَّ فِيهِ يَضَعُ قَدَمَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَتْ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ وَالَّذِي قَالَهُ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَنْقُصُ مِنْهَا وَصَرِيحُ الْخَبَرِ أَنَّهَا تَنْزَوِي بِمَا يُجْعَلُ فِيهَا لَا يَخْرُجُ مِنْهَا.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا يُبَدَّلُ عِوَضَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ كَمَا حَمَلُوا عَلَيْهِ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ يُعْطَى كُلُّ مُسْلِمٍ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَيُقَالُ هَذَا فداءك مِنَ النَّارِ فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَقَعُ عِنْدَ إِخْرَاجِ الْمُوَحِّدِينَ وَأَنَّهُ يَجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاحِدًا مِنَ الْكُفَّارِ بِأَنْ يَعْظُمَ حَتَّى يَسُدَّ مَكَانَهُ وَمَكَانَ الَّذِي خَرَجَ وَحِينَئِذٍ فَالْقَدَمُ سَبَبٌ لِلْعِظَمِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا وَقَعَ الْعِظَمُ حَصَلَ الْمِلْءُ الَّذِي تَطْلُبُهُ وَمِنَ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ قَوْلُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِالْقَدَمِ قَدَمُ إِبْلِيسَ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ وَإِبْلِيسُ أَوَّلُ مَنْ تَكَبَّرَ فَاسْتَحَقَّ أَنْ يُسَمَّى مُتَجَبِّرًا وَجَبَّارًا وَظُهُورُ بُعْدِ هَذَا يُغْنِي عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَزعم بن الْجَوْزِيِّ أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي جَاءَتْ بِلَفْظِ الرِّجْلِ تَحْرِيفٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِظَنِّهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَدَمِ الْجَارِحَةَ فَرَوَاهَا بِالْمَعْنَى فَأَخْطَأَ ثُمَّ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالرِّجْلِ إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً الْجَمَاعَةُ كَمَا تَقُولُ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَالتَّقْدِيرُ يَضَعُ فِيهَا جَمَاعَةً وَأَضَافَهُمْ إِلَيْهِ إِضَافَةَ اخْتِصَاص وَبَالغ بن فُورَكٍ فَجَزَمَ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ بِلَفْظِ الرِّجْلِ غَيْرُ ثَابِتَةٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِثُبُوتِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَدْ أَوَّلَهَا غَيْرُهُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَدَمِ فَقِيلَ رِجْلُ بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ وَقِيلَ إِنَّهَا اسْمُ مَخْلُوقٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ وَقِيلَ إِنَّ الرِّجْلَ تُسْتَعْمَلُ فِي الزَّجْرِ كَمَا تَقُولُ وَضَعْتُهُ تَحْتَ رِجْلِي وَقِيلَ إِنَّ الرِّجْلَ تُسْتَعْمَلُ فِي طَلَبِ الشَّيْءِ عَلَى سَبِيلِ الْجِدِّ كَمَا تَقُولُ قَامَ فِي هَذَا الْأَمْرِ عَلَى رِجْلٍ.

     وَقَالَ  أَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عُقَيْلٍ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ أَمْرُهُ فِي النَّارِ حَتَّى يَسْتَعِينَ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَاتِهِ أَوْ صِفَاتِهِ وَهُوَ الْقَائِلُ لِلنَّارِ كُونِي بَرْدًا وَسلَامًا فَمَنْ يَأْمُرُ نَارًا أَجَّجَهَا غَيْرُهُ أَنْ تَنْقَلِبَ عَنْ طَبْعِهَا وَهُوَ الْإِحْرَاقُ فَتَنْقَلِبُ كَيْفَ يَحْتَاجُ فِي نَارٍ يُؤَجِّجُهَا هُوَ إِلَى اسْتِعَانَةٍ انْتَهَى وَيُفْهَمُ جَوَابُهُ مِنَ التَّفْصِيلِ الْوَاقِعِ ثَالِثَ أَحَادِيثِ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا فَأَمَّا النَّارُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

     وَقَالَ  فِيهِ وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْجَنَّةَ يَقَعُ امْتِلَاؤُهَا بِمَنْ يُنْشِؤُهُمُ اللَّهُ لِأَجْلِ مَلْئِهَا.
وَأَمَّا النَّارُ فَلَا يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا بَلْ يَفْعَلُ فِيهَا شَيْئًا عَبَّرَ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ يَقْتَضِي لَهَا أَنْ يَنْضَمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَتَصِيرُ مَلْأَى وَلَا تَحْتَمِلُ مَزِيدًا وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَى الْعَمَلِ بَلْ يُنْعِمُ اللَّهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ كَمَا فِي الْأَطْفَالِ .

     قَوْلُهُ  فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ الثَّانِي





[ قــ :4586 ... غــ :4849] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ هُوَ الْوَاسِطِيُّ وَأَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ أَدْرَكَهُ الْبُخَارِيُّ بِالسِّنِّ وَلَمْ يَلْقَهُ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَوْفٌ لِأَبِي سُفْيَانَ فِيهِ سَنَدٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْجَزَائِرِيِّ عَنْ معمر عَن أَيُّوب عَن بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُطَوَّلًا وَقَولُهُ رَفَعَهُ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبُو سُفْيَانَ الْقَائِلُ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الرَّاوِي عَنْهُ.

     وَقَالَ  يُوقِفُهُ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَهُوَ لُغَةٌ وَالْفَصِيحُ يَقِفُهُ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَرْوِيهِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ مَوْقُوفًا وَيَرْفَعُهُ أَحْيَانًا وَقَدْ رَفَعَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا





[ قــ :4587 ... غــ :4850] .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثَةِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَعَ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِي آخِرِهِ قَالَ مَعْمَرٌ وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِالْوَجْهَيْنِ .

     قَوْلُهُ  تَحَاجَّتْ أَيْ تَخَاصَمَتْ .

     قَوْلُهُ  بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ قِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَقِيلَ الْمُتَكَبِّرُ الْمُتَعَاظِمُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ وَالْمُتَجَبِّرُ الْمَمْنُوعُ الَّذِي لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ وَقِيلَ الَّذِي لَا يَكْتَرِثُ بِأَمْرٍ .

     قَوْلُهُ  ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطِهِمْ بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الْمُحْتَقَرُونَ بَيْنَهُمُ السَّاقِطُونَ مِنْ أَعْيُنِهِمْ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عِنْدَ الْأَكْثَرِ مِنَ النَّاسِ وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ هُمْ عُظَمَاءٌ رُفَعَاءُ الدَّرَجَاتِ لَكِنَّهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ لِعَظَمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُمْ وَخُضُوعِهِمْ لَهُ فِي غَايَةِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ وَالذِّلَّةِ فِي عِبَادِهِ فَوَصْفُهُمْ بِالضَّعْفِ وَالسَّقَطِ بِهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ أَوِ الْمُرَادُ بِالْحَصْرِ فِي قَوْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ الْأَغْلَبُ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ تَمْيِيزًا يُدْرِكَانِ بِهِ وَيَقْدِرَانِ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ وَالِاحْتِجَاجِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِلِسَانِ الْحَالِ وَسَيَأْتِي مزِيد لِهَذَا فِي بَابِ قَوْلِهِ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ من الْمُحْسِنِينَ مِنْ كِتَابِ التَّوْحِيدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى