فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: في كم يقرأ القرآن

( قَولُهُ بَابُ فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ وَقَوْلُ الله تَعَالَى فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ)
كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَالْحَنَابِلَةِ لِأَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ يَشْمَلُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَمَنِ ادَّعَى التَّحْدِيدَ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ قَالَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ فِي شَهْرٍ الْحَدِيثَ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعِي



[ قــ :4782 ... غــ :5051] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَلِيٌّ هُوَ بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَة وبن شُبْرُمَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ قَاضِي الْكُوفَةِ وَلَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَأْتِي فِي الْأَدَبِ شَاهِدًا وَأَخْرَجَ مِنْ كَلَامِهِ غَيْرَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُرْآنِ أَيْ فِي الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَلِيٌّ هُوَ بن الْمَدِينِيِّ وَهُوَ مَوْصُولٌ مِنْ تَتِمَّةِ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الِاخْتِلَافِ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وَعَنْ عَلْقَمَةَ فِي بَابِ فَضْلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ كفتاه وَمَا اسْتدلَّ بِهِ بن عُيَيْنَة إِنَّمَا يجِئ عَلَى أَحَدِ مَا قِيلَ فِي تَأْوِيلِ كَفَتَاهُ أَيْ فِي الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وَقَدْ خَفِيَتْ مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ بِالتَّرْجَمَةِ عَلَى بن كَثِيرٍ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْآيَةَ الْمُتَرْجَمَ بِهَا تُنَاسِبُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ بن عُيَيْنَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاء بِخِلَاف مَا قَالَ بن شبْرمَة





[ قــ :4783 ... غــ :505] قَوْله حَدثنَا مُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي ومغيرة هُوَ بن مِقْسَمٍ .

     قَوْلُهُ  أَنْكَحَنِي أَبِي أَيْ زَوَّجَنِي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ الْمُشِيرُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو حِينَئِذٍ كَانَ رَجُلًا كَامِلًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَامَ عَنْهُ بِالصَّدَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُغِيرَةَ وَحُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهِيَ أُمُّ مُحَمَّدٍ بِنْتُ مَحْمِيَةَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ مَفْتُوحَةٌ خَفِيفَة بن جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ حَلِيفِ قُرَيْشٍ ذَكَرَهَا الزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  كَنَّتْهُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ هِيَ زَوْجَ الْوَلَدِ .

     قَوْلُهُ  نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فراشا قَالَ بن مَالِكٍ يُسْتَفَادُ مِنْهُ وُقُوعُ التَّمْيِيزِ بَعْدَ فَاعِلِ نِعْمَ الظَّاهِرِ وَقَدْ مَنَعَهُ سِيبَوَيْهِ وَأَجَازَهُ الْمُبَرِّدُ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ نِعْمَ الرَّجُلُ مِنَ الرِّجَالِ قَالَ وَقَدْ تُفِيدُ النَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ التَّعْمِيمَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى علمت نفس مَا أحضرت قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ التَّجْرِيدِ كَأَنَّهُ جَرَّدَ مِنْ رَجُلٍ مَوْصُوفٍ بِكَذَا وَكَذَا رَجُلًا فَقَالَ نِعْمَ الرَّجُلُ الْمُجَرَّدُ مِنْ كَذَا رَجُلٌ صفته كَذَا .

     قَوْلُهُ  لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا أَيْ لَمْ يُضَاجِعْنَا حَتَّى يَطَأَ فِرَاشَنَا .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِفَاءٍ وَمُثَنَّاةٍ ثَقِيلَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ وَالْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَمْ يَغْشَ بَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ وَكَنَفًا بِفَتْحِ الْكَافِ وَالنُّونِ بَعْدَهَا فَاءٌ هُوَ السِّتْرُ وَالْجَانِبُ وَأَرَادَتْ بِذَلِكَ الْكِنَايَةَ عَنْ عَدَمِ جِمَاعِهِ لَهَا لِأَنَّ عَادَةَ الرَّجُلِ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَوَاخِلِ أَمْرِهَا.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكَنَفِ الْكَنِيفَ وَأَرَادَتْ أَنَّهُ لَمْ يَطْعَمْ عِنْدَهَا حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى أَنْ يُفَتِّشَ عَنْ مَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ كَذَا قَالَ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَزَادَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ يَلُومُنِي فَقَالَ أَنْكَحْتُكَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ ذَاتَ حَسَبٍ فَعَضَلْتَهَا وَفَعَلْتَ ثُمَّ أَنْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَانِي .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ أَيْ عَلَى عَمْرٍو ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّهُ تَأَنَّى فِي شَكْوَاهُ رَجَاءَ أَنْ يَتَدَارَكَ فَلَمَّا تَمَادَى عَلَى حَالِهِ خَشِيَ أَنْ يَلْحَقَهُ إِثْمٌ بِتَضْيِيعِ حَقِّ الزَّوْجَةِ فَشَكَاهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ الْقَنِي أَيْ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَفِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ فَأَرْسَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ لَقِيَهُ اتِّفَاقًا فَقَالَ لَهُ اجْتَمِعْ بِي .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ كَيْفَ تَصُومُ.

قُلْتُ أَصُومُ كُلَّ يَوْمٍ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّوْمِ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ مَشْرُوحًا وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْجُمُعَةِ.

قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ.

قُلْتُ أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ هَذَا وَهْمٌ مِنَ الرَّاوِي لِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنَ الْجُمُعَةِ أَكْثَرَ مِنْ فِطْرِ يَوْمَيْنِ وَصِيَامِ يَوْمٍ وَهُوَ إِنَّمَا يُدَرِّجُهُ مِنَ الصِّيَامِ الْقَلِيلِ إِلَى الصِّيَامِ الْكَثِيرِ.

قُلْتُ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ مُتَّجِهٌ فَلَعَلَّهُ وَقَعَ مِنَ الرَّاوِي فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَقَدْ سَلِمَتْ رِوَايَةُ هُشَيْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ لَفْظَهُ صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

قُلْتُ إِنِّي أَقْوَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُنِي حَتَّى قَالَ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا .

     قَوْلُهُ  وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً أَيِ اخْتِمْ فِي كُلِّ سَبْعٍ فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ كَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ اخْتِصَارًا وَفِي غَيْرِهَا مُرَاجَعَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي ذَلِكَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ يَقْرَأُ هُوَ كَلَامُ مُجَاهِدٍ يَصِفُ صَنِيعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَمَّا كَبِرَ وَقَدْ وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ .

     قَوْلُهُ  عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ أَيْ عَلَى مَنْ تَيَسَّرَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا كَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِالنَّهَارِ لِيَتَذَكَّرَ مَا يَقْرَأُ بِهِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ خَفِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ بِالنِّسْيَانِ .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا إِلَخْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ صَوْمَ دَاوُدَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا وَيُفْطِرَ يَوْمًا دَائِمًا وَيُؤْخَذُ مِنْ صَنِيعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ مِنْ ذَلِكَ وَصَامَ قَدْرَ مَا أَفْطَرَ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ صِيَامُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ .

     قَوْلُهُ  وقَال بَعْضُهُمْ فِي ثَلَاثٍ أَوْ فِي سَبْعٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ فِي ثَلَاثٍ وَفِي خَمْسٍ وَسَقَطَ ذَلِكَ لِلنَّسَفِيِّ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ مُغِيرَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ قَالَ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَمَا زَالَ حَتَّى قَالَ فِي ثَلَاثٍ فَإِنَّ الْخَمْسَ تُؤْخَذُ مِنْهُ بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ ثُمَّ وَجَدْتُ فِي مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي كَمْ أَخْتِمُ الْقُرْآنَ قَالَ اخْتِمْهُ فِي شَهْرٍ.

قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ قَالَ اخْتِمْهُ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ.

قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ قَالَ اخْتِمْهُ فِي عِشْرِينَ.

قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ قَالَ اخْتِمْهُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ.

قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ قَالَ اخْتِمْهُ فِي خَمْسٍ.

قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ قَالَ لَا وَأَبُو فَرْوَةَ هَذَا هُوَ الْجُهَنِيُّ وَاسْمُهُ عُرْوَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ الْمَذْكُورَةِ قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ.

قُلْتُ إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ.

قُلْتُ إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِمَّا حُصَيْنٌ وَإِمَّا مُغِيرَةٌ قَالَ فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ مُصَحَّحًا مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَشَاهِدُهُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيح من وَجه آخر عَن بن مَسْعُودٍ اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فِي سَبْعٍ وَلَا تَقْرَءُوهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَلِأَبِي عُبَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ الطَّيِّبِ بْنِ سَلْمَانَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَغَيْرِهِمْ وَثَبَتَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ السّلف إِنَّهُم قرؤوا الْقُرْآنَ فِي دُونِ ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالِاخْتِيَارُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَهْمِ وَتَدْقِيقِ الْفِكْرِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَخْتَلُّ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّدَبُّرِ وَاسْتِخْرَاجِ الْمَعَانِي وَكَذَا مَنْ كَانَ لَهُ شُغْلٌ بِالْعِلْمِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ مِنْهُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِمَا هُوَ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى لَهُ الِاسْتِكْثَارُ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ إِلَى الْمَلَلِ وَلَا يَقْرَؤُهُ هَذْرَمَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَأَكْثَرُهُمْ أَيْ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو .

     قَوْلُهُ  عَلَى سَبْعٍ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمَوْصُولَةِ عَقِبَ هَذَا فَإِنَّ فِي آخِرِهِ وَلَا يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ لَا يُغَيِّرِ الْحَالَ الْمَذْكُورَةَ إِلَى حَالَةٍ أُخْرَى فَأَطْلَقَ الزِّيَادَةَ وَالْمُرَادُ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ هُنَا بِطَرِيقِ التَّدَلِّي أَيْ لَا يَقْرَؤُهُ فِي أَقَلِّ مِنْ سَبْعٍ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ قَالَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ فِي شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي عِشْرِينَ ثُمَّ قَالَ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثُمَّ قَالَ فِي عَشْرٍ ثُمَّ قَالَ فِي سَبْعٍ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ سَبْعٍ وَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا احْتُمِلَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِوَايَةِ أَبِي فَرْوَةَ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ فَلَا مَانِعَ أَنْ يَتَعَدَّدَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ذَلِكَ تَأْكِيدًا وَيُؤَيِّدُهُ الِاخْتِلَافُ الْوَاقِعُ فِي السِّيَاقِ وَكَأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الزِّيَادَةِ لَيْسَ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْ قَرَائِنِ الْحَالِ الَّتِي أَرْشَدَ إِلَيْهَا السِّيَاقُ وَهُوَ النَّظَرُ إِلَى عَجْزِهِ عَنْ سِوَى ذَلِكَ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَآلِ وَأَغْرَبَ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ فَقَالَ يَحْرُمُ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ فَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :4783 ... غــ :5053] قَوْله عَن يحيى هُوَ بن أَبِي كَثِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَعَ فِي الْإِسْنَادِ الثَّانِي أَنَّهُ مَوْلَى زُهْرَةَ وَهُوَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ فَقَدْ ذكر بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ أَنَّهُ مَوْلَى الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ الثَّقَفِيِّ وَكَانَ الْأَخْنَسُ يُنْسَبُ زُهْرِيًّا لِأَنَّهُ كَانَ من حلفائهم وَجزم جمَاعَة بِأَن بن ثَوْبَانَ عَامِرِيٌّ فَلَعَلَّهُ كَانَ يُنْسَبُ عَامِرِيًّا بِالْأَصَالَةِ وَزُهْرِيًّا بِالْحِلْفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ هَذَا التَّعْلِيقُ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  وقَال بَعْضُهُمْ إِلَخْ ذَهِلْتُ عَنْ تَخْرِيجِهِ فِي تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ وَقَدْ يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى بِتَحْرِيرِهِ هُنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .

     قَوْلُهُ  فِي كَمْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَذَا اقْتَصَرَ البُخَارِيّ فِي الْإِسْنَاد الْعَالِي عَلَى بَعْضِ الْمَتْنِ ثُمَّ حَوَّلَهُ إِلَى الْإِسْنَاد الآخر وَإِسْحَاق شَيْخه فِيهِ هُوَ بن مَنْصُور وَعبيد الله هُوَ بن مُوسَى وَهُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا حَدَّثَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ كَمَا هُنَا





[ قــ :4784 ... غــ :5054] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ وَأَحْسَبُنِي قَالَ سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ خَالَفَ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ شَيْبَانَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ أَبَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَزَادَ فِي سِيَاقِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ قَالَ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ فِي عِشْرِينَ قَالَ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ فِي عَشْرٍ قَالَ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً قَالَ فِي سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ على ذَلِك قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقِهِ.

قُلْتُ كَأَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ كَانَ يَتَوَقَّفُ فِي تَحْدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ لَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ بِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَانَ يُصَرِّحُ بِتَحْدِيثِهِ ثُمَّ تَوَقَّفَ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَمِعَهُ بِوَاسِطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةُ أَبَانَ لِأَنَّ شَيْبَانَ أَحْفَظُ مِنْ أَبَانَ أَوْ كَانَ عِنْدَ يَحْيَى عَنْهُمَا وَيُؤَيِّدُهُ اخْتِلَافُ سِيَاقِهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُصَرِّحًا بِالسَّمَاعِ بِغَيْرِ تَوَقُّفٍ لَكِنْ لِبَعْضِ الْحَدِيثِ فِي قِصَّةِ الصِّيَامِ حَسْبٌ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ قِصَّةُ الصِّيَامِ لَمْ تَخْتَلِفْ عَلَى يَحْيَى فِي رِوَايَتِهِ إِيَّاهَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ تَنْبِيهٌ الْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ جَمِيعُهُ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا أَنَّ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُدَّةٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بَعْضُ الْقُرْآنِ الَّذِي تَأَخَّرَ نُزُولُهُ لِأَنَّا نَقُولُ سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكِنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَ الصَّحَابِيُّ فَكَانَ يَقُولُ لَيْتَنِي لَوْ قَبِلْتُ الرُّخْصَةَ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ أَضَافَ الَّذِي نَزَلَ آخِرًا إِلَى مَا نَزَلَ أَوَّلًا فَالْمُرَادُ بِالْقُرْآنِ جَمِيعُ مَا كَانَ نَزَلَ إِذْ ذَاكَ وَهُوَ مُعْظَمُهُ وَوَقَعَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَا نَزَلَ بعد ذَلِك يوزع بِقسْطِهِ وَالله أعلم