فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من قال: لا نكاح إلا بولي

( قَولُهُ بَابُ مَنْ قَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ)
اسْتَنْبَطَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْحُكْمَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي سَاقَهَا لِكَوْنِ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ بِلَفْظِ التَّرْجَمَةِ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا بِلَفْظِهِ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وبن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ لَكِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِيهِ وَأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ وَصَلَهُ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَنْ أَرْسَلَهُ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ لَيْسَ فِيهِ أَبُو مُوسَى رِوَايَةٌ وَمَنْ رَوَاهُ مَوْصُولًا أَصَحُّ لِأَنَّهُمْ سَمِعُوهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَشُعْبَةُ وَسُفْيَانُ وَإِنْ كَانَا أَحْفَظَ وَأَثْبَتَ مِنْ جَمِيعِ مَنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَكِنَّهُمَا سَمِعَاهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَسْأَلُ أَبَا إِسْحَاقَ أَسَمِعْتَ أَبَا بُرْدَةَ يَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَإِسْرَائِيلُ ثَبَتَ فِي أَبِي إِسْحَاقَ ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ بن مَهْدِيٍّ قَالَ مَا فَاتَنِي الَّذِي فَاتَنِي مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِلَّا لِمَا اتَّكَلْتُ بِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْتِي بِهِ أَتَمَّ وَأخرج بن عَدِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ إِسْرَائِيلُ فِي أَبِي إِسْحَاقَ أَثْبَتُ مِنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَأَسْنَدَ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ وَالذُّهْلِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ صَحَّحُوا حَدِيثَ إِسْرَائِيلَ وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا ذَكَرْتُهُ عَرَفَ أَنَّ الَّذِينَ صَحَّحُوا وَصْلَهُ لَمْ يَسْتَنِدُوا فِي ذَلِكَ إِلَى كَوْنِهِ زِيَادَةَ ثِقَةٍ فَقَطْ بَلْ لِلْقَرَائِنِ الْمَذْكُورَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَرْجِيحِ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي وَصَلَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَسَأُشِيرُ إِلَى بَقِيَّةِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ عَلَى أَنَّ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ نَظَرًا لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ فَمَنْ قَدَّرَهُ نَفْيَ الصِّحَّةِ اسْتَقَامَ لَهُ وَمَنْ قَدَّرَهُ نَفْيَ الْكَمَالِ عَكَّرَ عَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْيِيدِ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ بِالْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ وَمَا بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَيْ لَا تَمْنَعُوهُنَّ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ مَعْقِلٍ آخِرِ أَحَادِيثِ الْبَابِ بَيَانُ سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ مِنْهَا لِلتَّرْجَمَةِ .

     قَوْلُهُ  فَدَخَلَ فِيهِ الثَّيِّبُ وَكَذَلِكَ الْبِكْرُ ثَبَتَ هَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَعَلِيهِ شرح بن بَطَّالٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعُمُومِ لَفْظِ النِّسَاءِ .

     قَوْلُهُ  وقَال وَلَا تنْكِحُوا الْمُشْركين حَتَّى يُؤمنُوا وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ مِنَ الْآيَةِ وَالَّتِي بَعْدَهَا أَنَّهُ تَعَالَى خَاطَبَ بِإِنْكَاحِ الرِّجَالِ وَلَمْ يُخَاطِبْ بِهِ النِّسَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تُنْكِحُوا أَيُّهَا الْأَوْلِيَاءُ مَوْلَيَاتِكُمْ لِلْمُشْرِكِينَ .

     قَوْلُهُ  وقَال وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالْأَيَامَى جَمْعُ أَيِّمٍ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عَائِشَةَ ذَكَرَهُ مِنْ طَرِيق بن وَهْبٍ وَمِنْ طَرِيقِ عَنْبَسَةَ بْنِ خَالِدٍ جَمِيعًا عَن يُونُس بن يزِيد عَن بن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَقَولُهُ



[ قــ :4851 ... غــ :5127] .

     وَقَالَ  يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ هُوَ الْجُعْفِيُّ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ سَاقَهُ المُصَنّف على لفظ عَنْبَسَة وَأما لفظ بن وَهْبٍ فَلَمْ أَرَهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ إِلَى الْآنَ لَكِنْ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَصْبَغَ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالْجَوْزَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ثَلَاثَتهمْ عَن بن وَهْبٍ .

     قَوْلُهُ  عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ جَمْعُ نَحْوٍ أَيْ ضَرْبٍ وَزْنًا وَمَعْنًى وَيُطْلَقُ النَّحْوُ أَيْضًا عَلَى الْجِهَةِ وَالنَّوْعِ وَعَلَى الْعِلْمِ الْمَعْرُوفِ اصْطِلَاحًا .

     قَوْلُهُ  أَرْبَعَةُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ وَغَيْرُهُ بَقِيَ عَلَيْهَا أَنْحَاءٌ لَمْ تَذْكُرْهَا الْأَوَّلُ نِكَاحُ الْخِدْنِ وَهُوَ فِي قَوْله تَعَالَى وَلَا متخذات اخدان كَانُوا يَقُولُونَ مَا اسْتَتَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَا ظَهَرَ فَهُوَ لَوْمٌ الثَّانِي نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ الثَّالِثُ نِكَاحُ الْبَدَلِ وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ الْبَدَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ انْزِلْ لِي عَنِ امْرَأَتِكَ وَأَنْزِلُ لَكَ عَنِ امْرَأَتِي وَأَزِيدُكَ وَلَكِنْ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا.

قُلْتُ وَالْأَوَّلُ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهَا أَرَادَتْ ذِكْرَ بَيَانِ نِكَاحِ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا أَوْ مَنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا فِي ذَلِكَ وَالثَّانِي يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُرَدَّ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ كَوْنُهُ مُقَدرا بِوَقْت لَا أَنَّ عَدَمَ الْوَلِيِّ فِيهِ شَرْطٌ وَعَدَمُ وُرُودِ الثَّالِثِ أَظْهَرُ مِنَ الْجَمِيعِ .

     قَوْلُهُ  وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ هُوَ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ .

     قَوْلُهُ  فَيُصْدِقُهَا بِضَمِّ أَوَّلِهِ ثُمَّ يَنْكِحُهَا أَيْ يُعَيِّنُ صَدَاقَهَا وَيُسَمِّي مِقْدَارَهُ ثُمَّ يَعْقِدُ عَلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  وَنِكَاح الآخر كَذَا لأبي ذَر بِالْإِضَافَة أَي وَنِكَاح الصِّنْف الْآخَرِ وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ عَلَى رَأْي الْكُوفِيِّينَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ وَنِكَاحٌ آخَرُ بِالتَّنْوِينِ بِغَيْرِ لَامٍ وَهُوَ الْأَشْهَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ .

     قَوْلُهُ  إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ أَيْ حَيْضِهَا وَكَأَنَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُسْرِعَ عُلُوقُهَا مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ بِمُوَحَّدَةٍ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيِ اطْلُبِي مِنْهُ الْمُبَاضَعَةَ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَصْبَغَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ اسْتَرْضِعِي بِرَاءٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ رَاوِيَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ يَعْنِي بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمَعْنَى اطْلُبِي مِنْهُ الْجِمَاعَ لِتَحْمِلِي مِنْهُ وَالْمُبَاضَعَةُ الْمُجَامَعَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْبُضْعِ وَهُوَ الْفَرْجُ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ أَيِ اكْتِسَابًا مِنْ مَاءِ الْفَحْلِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ ذَلِكَ مِنْ أَكَابِرِهِمْ وَرُؤَسَائِهِمْ فِي الشَّجَاعَةِ أَوِ الْكَرَمِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ بِالنَّصْبِ وَالتَّقْدِيرُ يُسَمَّى وَبِالرَّفْعِ أَيْ هُوَ .

     قَوْلُهُ  وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الرَّهْطِ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا النِّكَاحُ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ ضَبْطِ الْعَدَدِ الزَّائِدِ لِئَلَّا يَنْتَشِرَ .

     قَوْلُهُ  كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا أَيْ يَطَؤُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ عَنْ رِضًا مِنْهَا وَتَوَاطُؤٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا .

     قَوْلُهُ  وَمَرَّ لَيَالٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ .

     قَوْلُهُ  قَدْ عَرَفْتُمْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَرَفْتَ عَلَى خِطَابِ الْوَاحِدِ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ وَلَدْتُ بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ كَلَامُهَا .

     قَوْلُهُ  فَهُوَ ابْنُكَ أَيْ إِنْ كَانَ ذَكَرًا فَلَوْ كَانَتْ أُنْثَى لَقَالَتْ هِيَ ابْنَتُكَ لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا كَانَ ذَكَرًا لِمَا عُرِفَ مِنْ كَرَاهَتِهِمْ فِي الْبِنْتِ وَقَدْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَقْتُلُ بِنْتَهُ الَّتِي يَتَحَقَّقُ أَنَّهَا بِنْتٌ فَضْلًا عَمَّنْ تَجِيءُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ .

     قَوْلُهُ  فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ فَيَلْتَحَقُ بِزِيَادَةِ مُثَنَّاةٍ .

     قَوْلُهُ  لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  وَنِكَاحُ الرَّابِعِ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ .

     قَوْلُهُ  لَا تَمْنَعُ مَنْ جَاءَهَا وَلِلْأَكْثَرِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا .

     قَوْلُهُ  وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ عَلَامَةً وَأَخْرَجَ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ تَبَرَّزَ عُمَرُ بِأَجْيَادَ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتَتْهُ أُمُّ مَهْزُولٍ وَهِيَ مِنَ الْبَغَايَا التِّسْعِ اللَّاتِي كُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَتْ هَذَا مَاءٌ وَلَكِنَّهُ فِي إِنَاءٍ لَمْ يُدْبَغْ فَقَالَ هَلُمَّ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا وَمِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ يُقَالُ لَهَا أُمُّ مَهْزُولٍ تُسَافِحُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَرَادَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَنَزَلَتْ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ هُنَّ بَغَايَا كُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعْلُومَاتٍ لَهُنَّ رَايَاتٌ يُعْرَفْنَ بِهَا وَمِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلُهُ وَزَادَ كَرَايَاتِ الْبَيْطَارِ وَقَدْ سَاقَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ فِي كِتَابِ الْمَثَالِبِ أَسَامِيَ صَوَاحِبَاتِ الرَّايَاتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَسَمَّى مِنْهُنَّ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ نِسْوَةٍ مَشْهُورَاتٍ تَرَكْتُ ذِكْرَهُنَّ اخْتِيَارًا .

     قَوْلُهُ  لِمَنْ أَرَادَهُنَّ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَمَنْ أَرَادَهُنَّ .

     قَوْلُهُ  الْقَافَةُ جَمْعُ قَائِفٍ بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ شَبَهَ الْوَلَدِ بِالْوَالِدِ بِالْآثَارِ الْخَفِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  فَالْتَاطَتْهُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَالْتَاطَ بِغَيْرِ مُثَنَّاةٍ أَيِ اسْتَلْحَقَتْهُ بِهِ وَأَصْلُ اللَّوْطِ بِفَتْحِ اللَّامِ اللُّصُوقُ .

     قَوْلُهُ  هَدَمَ نِكَاحُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ نِكَاحُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  كُلَّهُ دَخَلَ فِيهِ مَا ذَكَرْتُ وَمَا اسْتَدْرَكَ عَلَيْهَا .

     قَوْلُهُ  إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ أَيِ الَّذِي بَدَأْتُ بِذِكْرِهِ وَهُوَ أَنْ يَخْطُبَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فَيُزَوِّجَهُ احْتَجَّ بِهَذَا عَلَى اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عَائِشَةَ وَهِيَ الَّتِي رَوَتْ هَذَا الْحَدِيثَ كَانَتْ تُجِيزُ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ كَمَا رَوَى مَالِكٌ أَنَّهَا زَوَّجَتْ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخِيهَا وَهُوَ غَائِبٌ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ مِثْلِي يُفْتَاتُ عَلَيْهِ فِي بَنَاتِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِي الْخَبَرِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهَا بَاشَرَتِ الْعَقْدَ فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْبِنْتُ الْمَذْكُورَةُ ثَيِّبًا وَدَعَتْ إِلَى كُفْءٍ وَأَبُوهَا غَائِبٌ فَانْتَقَلَتِ الْوِلَايَةُ إِلَى الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ أَوْ إِلَى السُّلْطَانِ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَنْكَحَتْ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَخِيهَا فَضَرَبَتْ بَيْنَهُمْ بِسِتْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَتْ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعَقْدُ أَمَرَتْ رَجُلًا فَأَنْكَحَ ثُمَّ قَالَتْ لَيْسَ إِلَى النِّسَاءِ نِكَاحٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :485 ... غــ :518] قَوْله حَدثنَا يحيى هُوَ بن مُوسَى أَو بن جَعْفَرٍ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ عَنْ عَائِشَةَ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كتاب التَّفْسِير الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن عُمَرَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ قَرِيبًا وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْوَلِيِّ فِي الْجُمْلَةِ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ





[ قــ :4854 ... غــ :5130] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَحْمد بن أبي عمر وَهُوَ النَّيْسَابُورِيُّ قَاضِيهَا يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ وَاسْمُ أبي عمر حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ .

     قَوْلُهُ  حَدثنِي إِبْرَاهِيم هُوَ بن طهْمَان وَيُونُس هُوَ بن عُبَيْدٍ وَالْحَسَنُ هُوَ الْبَصْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَيْ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَوَقَعَ فِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ أَنْ يُضَارَّ وَلِيَّتَهُ فَيَمْنَعَهَا مِنَ النِّكَاحِ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ هَذَا صَرِيحٌ فِي رَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ وَوَصْلِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ مُعَلَّقًا لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ وَمَوْصُولًا أَيْضًا لِعَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الْحَسَنِ وَبِصُورَةِ الْإِرْسَالِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يُونُسَ وَقَوِيَتْ رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ بِوَصْلِهِ بِمُتَابَعَةِ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ عَلَى تَصْرِيحِ الْحَسَنِ بِقَوْلِهِ حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ .

     قَوْلُهُ  زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي اسْمُهَا جُمَيْلٌ بِالْجِيمِ مُصَغَّرٌ بِنْتُ يَسَارٍ وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن جريج وَبِه جزم بن مَاكُولَا وسماها بن فَتْحُونَ كَذَلِكَ لَكِنْ بِغَيْرِ تَصْغِيرٍ وَسَيَأْتِي مُسْتَنَدُهُ وَقِيلَ اسْمُهَا لَيْلَى حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ فِي مُبْهَمَاتِ الْقُرْآنِ وَتَبِعَهُ الْبَدْرِيُّ وَقِيلَ فَاطِمَةُ وَقَعَ ذَلِكَ عِنْد بن إِسْحَاقَ وَيَحْتَمِلُ التَّعَدُّدُ بِأَنْ يَكُونَ لَهَا اسْمَانِ وَلَقَبٌ أَوْ لَقَبَانِ وَاسْمٌ .

     قَوْلُهُ  مِنْ رَجُلٍ قِيلَ هُوَ أَبُو الْبَدَّاحِ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ هَكَذَا وَقَعَ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي من طَرِيق بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ أَنَّ جُمَيْلَ بِنْتَ يَسَارٍ أُخْتَ مَعْقِلٍ كَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمٍ فَطَلَّقَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَخَطَبَهَا وَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو مُوسَى فِي ذَيْلِ الصَّحَابَةِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا الثَّعْلَبِيُّ وَلَفْظُهُ نَزَلَتْ فِي جُمَيْلَةَ بِنْتِ يَسَارٍ أُخْتِ مَعْقِلٍ وَكَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْبَدَّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْعَجْلَانِ وَاسْتَشْكَلَهُ الذُّهْلِيُّ بِأَنَّ الْبَدَّاحَ تَابِعِيٌّ عَلَى الصَّوَابِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَحَابِيًّا آخَرَ وَجَزَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ الْبَدَّاحُ بْنُ عَاصِمٍ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَمْرٍو فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ أَخُو الْبَدَّاحِ التَّابِعِيِّ وَوَقَعَ لَنَا فِي كِتَابِ الْمَجَازِ لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ اسْمَ زَوْجِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الْحَسَنِ عِنْد الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ فَأَتَانِي بن عَمٍّ لِي فَخَطَبَهَا مَعَ الْخُطَّابِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ مُزَنِيٌّ وَأَبُو البداح أَنْصَارِي فَيحْتَمل أَنه بن عَمِّهِ لِأُمِّهِ أَوْ مِنَ الرَّضَاعَةِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ فَاصْطَحَبَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا لَهُ رَجْعَةٌ ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَخَطَبَهَا .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ يَخْطُبُهَا أَيْ مِنْ وَلِيِّهَا وَهُوَ أَخُوهَا كَمَا قَالَ أَوَّلًا زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ .

     قَوْلُهُ  وَأَفْرَشْتُكَ أَيْ جَعَلْتُهَا لَكَ فِرَاشًا فِي رِوَايَةِ الثَّعْلَبِيِّ وَأَفْرَشْتُكَ كَرِيمَتِي وَآثَرْتُكَ بِهَا عَلَى قَوْمِي وَهَذَا مِمَّا يبعد أَنه بن عَمِّهِ .

     قَوْلُهُ  لَا وَاللَّهِ لَا تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا فِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ لَا أُزَوِّجُكَ أَبَدًا زَادَ الثَّعْلَبِيُّ وَحَمْزَةُ آنَفَا وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ وَالْفَاءِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْس بِهِ فِي رِوَايَةِ الثَّعْلَبِيِّ وَكَانَ رَجُلَ صِدْقٍ قَالَ بن التِّينِ أَيْ كَانَ جَيِّدًا وَهَذَا مِمَّا غَيَّرَتْهُ الْعَامَّةُ فَكَنَّوْا بِهِ عَمَّنْ لَا خَيْرَ فِيهِ كَذَا قَالَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ عِنْدَ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ قَالَ الْحَسَنُ عَلِمَ اللَّهُ حَاجَةَ الرَّجُلِ إِلَى امْرَأَتِهِ وَحَاجَةَ الْمَرْأَةِ إِلَى زَوْجِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ .

     قَوْلُهُ  فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ فَلَا تعضلوهن هَذَا صَرِيحٌ فِي نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَوْنُ ظَاهِرِ الْخِطَابِ فِي السِّيَاقِ لِلْأَزْوَاجِ حَيْثُ وَقَعَ فِيهَا وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي بَقِيَّتِهَا أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعَضْلَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَوْلِيَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّفْسِيرِ بَيَانُ الْعَضْلِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْأَوْلِيَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تعضلوهن فَيُسْتَدَلُّ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِمَا يَلِيقُ بِهِ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ الْآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ أَيْ أَعَادَهَا إِلَيْهِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقُلْتُ الْآنَ أَقْبَلُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ مِنْ طَرِيقِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ فَسَمِعَ ذَلِكَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ فَقَالَ سَمْعًا لِرَبِّي وَطَاعَةً فَدَعَا زَوْجَهَا فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ وَمِنْ رِوَايَةِ الثَّعْلَبِيِّ فَإِنِّي أُومِنُ بِاللَّهِ فَأَنْكَحَهَا إِيَّاهُ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ وَفِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ رَاشِدٍ فَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي وَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ قَالَ الثَّعْلَبِيُّ ثُمَّ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ وَعَنِ السُّدِّيِّ نَزَلَتْ فِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ زَوْجِ بِنْتِ عَمِّهِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا تَطْلِيقَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تريده فَأبى جَابر فَنزلت قَالَ بن بَطَّالٍ اخْتَلَفُوا فِي الْوَلِيِّ فَقَالَ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ الْأَوْلِيَاءُ فِي النِّكَاحِ هُمُ الْعَصَبَةُ وَلَيْسَ لِلْخَالِ وَلَا وَالِدِ الْأُمِّ وَلَا الْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ وَنَحْوِ هَؤُلَاءِ وِلَايَةٌ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ هُمْ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَاحْتَجَّ الْأَبْهَرِيُّ بِأَنَّ الَّذِي يَرِثُ الْوَلَاءَ هُمُ الْعَصَبَةُ دُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ فَذَلِكَ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا مَاتَ الْأَبُ فَأَوْصَى رَجُلًا عَلَى أَوْلَادِهِ هَلْ يَكُونُ أَوْلَى مِنَ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ فِي عُقْدَةِ النِّكَاحِ أَوْ مِثْلِهِ أَوْ لَا وِلَايَةَ لَهُ فَقَالَ رَبِيعَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ الْوَصِيُّ أَوْلَى وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِأَنَّ الْأَبَ لَوْ جَعَلَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْوِلَايَةَ انْتَقَلَتْ بِالْمَوْتِ فَلَا يُقَاسُ بِحَالِ الْحَيَاةِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى ذَلِكَ وَقَالُوا لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا أَصْلًا وَاحْتَجُّوا بِالْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ وَمِنْ أَقْوَاهَا هَذَا السَّبَبُ الْمَذْكُورُ فِي نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَصَرْحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِعَضْلِهِ مَعْنًى وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَ لَهَا أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا لَمْ تَحْتَجْ إِلَى أَخِيهَا وَمَنْ كَانَ أَمْرُهُ إِلَيْهِ لَا يُقَال أَن غَيره مَنعه مِنْهُ وَذكر بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةُ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ غَيْرَ شَرِيفَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْوَلِيُّ أَصْلًا وَيَجُوزُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا إِذَا تَزَوَّجَتْ كُفُؤًا وَاحْتَجَّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ فَإِنَّهَا تَسْتَقِلُّ بِهِ وَحَمْلُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَخُصَّ بِهَذَا الْقيَاس عُمُومُهَا وَهُوَ عَمَلٌ سَائِغٌ فِي الْأُصُولِ وَهُوَ جَوَازُ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ لَكِنَّ حَدِيثَ مَعْقِلٍ الْمَذْكُورَ رَفَعَ هَذَا الْقِيَاسِ وَيَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ دُونَ غَيْرِهِ لَيَنْدَفِعَ عَنْ مُولِيَتِهِ الْعَارُ بِاخْتِيَارِ الْكُفْءِ وَانْفَصَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا الْإِيرَادِ بِالْتِزَامِهِمُ اشْتِرَاطَ الْوَلِيِّ وَلَكِنْ لَا يمْنَع ذَلِك تَزْوِيجهَا نَفسهَا ويتوقف ذَلِك على إجَازَة الْوَلِيّ كَمَا قَالُوا فِي الْبَيْعِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ.

     وَقَالَ  أَبُو ثَوْرٍ نَحْوَهُ لَكِنْ قَالَ يُشْتَرَطُ إِذْنُ الْوَلِيِّ لَهَا فِي تَزْوِيجِ نَفْسِهَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ إِذْنَ الْوَلِيِّ لَا يَصِحُّ إِلَّا لِمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ وَالْمَرْأَةُ لَا تَنُوبُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي إِنْكَاحِ نَفْسِهَا صَارَتْ كَمَنْ أُذِنَ لَهَا فِي الْبَيْعِ مِنْ نَفْسِهَا وَلَا يَصِحُّ وَفِي حَدِيثِ مَعْقِلٍ أَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا عَضَلَ لَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالرُّجُوعِ عَنِ الْعَضْلِ فَإِنْ أَجَابَ فَذَاكَ وَإِنْ أَصَرَّ زَوَّجَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ