فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه

( قَولُهُ بَابُ الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى طَعَامٍ فَيَقُولُ وَهَذَا مَعِي)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ فِي قِصَّةِ الْغُلَامِ اللَّحَّامِ وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ بَابًا وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ تَرْجَمَ الْبَابَ بِالطَّاعِمِ الشَّاكِرِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا.

     وَقَالَ  وَهَذَا مَعِي ثُمَّ نَازَعَهُ فِي أَنَّ الْقِصَّةَ لَيْسَ فِيهَا مَا ذَكَرَ وَأَنَّ الرَّجُلَ تَبِعَهُمْ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.

قُلْتُ أَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ فَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ رِوَايَتِهِ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَأَشَارَ بِهِ الْبُخَارِيُّ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْخَيَّاطِ الَّذِي دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَهَذِهِ يَعْنِي عَائِشَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى وَإِنَّمَا عَدَلَ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِيرَادِ حَدِيثَ أَنَسٍ هُنَا إِلَى حَدِيث أبي مَسْعُود إِشَارَة مِنْهُ إِلَى تَغَايُرِ الْقِصَّتَيْنِ وَاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَنَسٌ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مُسْلِمٍ لَا يُتَّهَمُ فَكُلْ مِنْ طَعَامِهِ وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ وَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ مِثْلَهُ لَكِنْ قَالَ عَلَى رَجُلٍ لَا تَتَّهِمُهُ وَجَاءَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَأَطْعَمَهُ طَعَامًا فَلْيَأْكُلْ مِنْ طَعَامِهِ وَلَا يَسْأَلْهُ عَنْهُ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ.

قُلْتُ وَفِيهِ مَقَالٌ لَكِنْ أَخْرَجَ لَهُ الْحَاكِمُ شَاهدا من رِوَايَة بْنُ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَة بِنَحْوِهِ أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَوْقُوفًا وَمُطَابَقَةُ الْأَثَرِ لِلْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ اللَّحَّامِ لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا وَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَعَامِهِ وَلَمْ يَسْأَلْهُ وَعَلَى هَذَا الْقَيْدِ يُحْمَلُ مُطْلَقُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاللَّهُ أعلم قَولُهُ بَابُ إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ فَلَا يَعْجَلْ عَنْ عَشَائِهِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ الْعِشَاءُ فِي التَّرْجَمَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ضِدُّ الْغَدَاءِ وَهُوَ بِالْفَتْحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَهِيَ بِالْكَسْرِ وَلَفْظُ عَنْ عَشَائِهِ بِالْفَتْحِ لَا غير قلت الرِّوَايَةُ عِنْدَنَا بِالْفَتْحِ وَإِنَّمَا فِي التَّرْجَمَةِ عُدُولٌ عَنِ الْمُضْمَرِ إِلَى الْمُظْهَرِ لِمَعْنًى قَصَدَهُ وَيُبْعِدُ الْكَسْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عِشَاءً وَلَفْظُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَقَعَ مَعْنَاهُ فِي حَدِيثٍ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّلَاةِ فِي أَوَائِلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَة من طَرِيق بن شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ إِذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ فابدؤا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ وَأَوْرَدَهُ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ بِلَفْظِ إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلَاة فابدؤوا بِالْعَشَاءِ وَلَا يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ



[ قــ :5168 ... غــ :5462] .

     قَوْلُهُ  وقَال اللَّيْث حَدثنِي يُونُس أَي بن يزِيد عَن بن شِهَابٍ وَصَلَهُ الذُّهَلِيُّ فِي الزَّهْرِيَّاتِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ضَمْرَةَ عَنْ يُونُسَ .

     قَوْلُهُ  فَأَلْقَاهَا أَيِ الْقِطْعَةَ اللَّحْمَ الَّتِي كَانَ احْتَزَّهَا.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ الضَّمِيرُ لِلْكَتِفِ وَأَنَّثَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ أَوْ هُوَ مُؤَنَّثٌ سَمَاعِيٌّ قَالَ وَدَلَالَتُهُ عَلَى التَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنِ اشْتِغَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَكْلِ وَقْتَ الصَّلَاةِ.

قُلْتُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِتَقْدِيمِ هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانَ أَنَّ الْأَمر فِي حَدِيث بن عُمَرَ وَعَائِشَةَ بِتَرْكِ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ





[ قــ :5169 ... غــ :5463] .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ أَيُّوب عَن نَافِع عَن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُهُ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى السَّنَدِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ وُهَيْبٍ عَنْ أَيُّوبَ وَكَذَا اثر بن عُمَرَ أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ الثَّانِي وَلَفْظُهُ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَ أَثَرَ بن عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ وَلَفظه قَالَ فتعشى بن عُمَرَ لَيْلَةً وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّرِيق الْأُخْرَى من رِوَايَةِ عَائِشَةَ





[ قــ :5170 ... غــ :5465] قَالَ وُهَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَن هِشَام يَعْنِي بن عُرْوَةَ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ يَعْنِي أَنَّ هَذَيْنِ رَوَيَاهُ عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ إِذَا وُضِعَ بَدَلَ إِذَا حَضَرَ وَهِيَ الَّتِي وَصَلَهَا فِي الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامٍ فَأَمَّا رِوَايَةُ وُهَيْبٍ فَوَصَلَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ حِسَانَ وَمُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ قَالَا حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ بِهِ وَلَفْظُهُ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وأقيمت الصَّلَاة فابدؤوا بِالْعَشَاءِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ الْقَطَّانُ فَوَصَلَهَا أَحْمَدُ عَنْهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْمُصَنِّفُ بِلَفْظِ إِذَا حَضَرَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وُضِعَ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَقُرِّبَ الْعَشَاءُ فَكُلُوا ثُمَّ صَلُّوا وَذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ هِشَامٍ رَوَوْهُ عَنْهُ بِلَفْظِ إِذَا وُضِعَ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ إِذَا حَضَرَ وَجَاءَ عَن شُعْبَة وضع وَحضر.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ إِذَا قُدِّمَ.

قُلْتُ قُدِّمَ وَقُرِّبَ وَوُضِعَ مُتَقَارِبَاتُ الْمَعْنَى فَيُحْمَلُ حَضَرَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهَا فِي الأَصْل أَعم وَالله أعلم