فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من ذبح قبل الصلاة أعاد

( قَولُهُ بَابُ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَعَادَ)
أَيْ أَعَادَ الذَّبْحَ ذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَنَسٍ



[ قــ :5265 ... غــ :5561] .

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَذَكَرَ هَنَةً بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالنُّونِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَهَا هَاءُ تَأْنِيثٍ أَيْ حَاجَةً مِنْ جِيرَانِهِ إِلَى اللَّحْمِ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَذَرَهُ بِتَخْفِيفِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الْعُذْرِ أَيْ قَبِلَ عُذْرَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَجْعَلْ مَا فَعَلَهُ كَافِيًا وَلذَلِك أمره بِالْإِعَادَةِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَاتِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الْأَمْرِ لَمْ يُعْذَرْ فِيهَا بِالْجَهْلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَأْمُورَاتِ وَالْمَنْهِيَّاتِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْمَأْمُورَاتِ إِقَامَةُ مَصَالِحِهَا وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْفِعْلِ وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْمَنْهِيَّاتِ الْكَفُّ عَنْهَا بِسَبَبِ مَفَاسِدِهَا وَمَعَ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ لَمْ يَقْصِدِ الْمُكَلَّفُ فِعْلَهَا فَيُعْذَرُ .

     قَوْلُهُ  وَعِنْدِي جَذَعَةٌ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى كَلَامِ الرَّجُلِ الَّذِي عني عَنْهُ الرَّاوِي بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ هَنَةً مِنْ جِيرَانِهِ تَقْدِيرُهُ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ وَلِجِيرَانِي حَاجَةٌ فَذَبَحْتُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ وَقَدْ تقدّمت مبَاحث هـ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ الثَّانِي حَدِيثُ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَتَقَدَّمَ فِي الذَّبَائِحِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ أَتَمُّ مِنْهُ وَأَوَّلُهُ ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْحَاةً فَإِذَا نَاسٌ ذَبَحُوا ضَحَايَاهُمْ قَبْلَ الصَّلَاةِ الْحَدِيثَ





[ قــ :566 ... غــ :556] .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَلْيَذْبَحْ بِسْمِ اللَّهِ أَيْ فَلْيَذْبَحْ قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ أَوْ مُسَمِّيًا وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيَذْبَحْ وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَسَمَّى وَكَبَّرَ.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ فَلْيَذْبَحْ لِلَّهِ وَالْبَاءُ تَجِيءُ بِمَعْنَى اللَّامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ بِتَسْمِيَةِ اللَّهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مُتَبَرِّكًا بِاسْمِهِ كَمَا يُقَالُ سِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ فَلْيَذْبَحْ بِسُنَّةِ اللَّهِ قَالَ.
وَأَمَّا كَرَاهَةُ بَعْضِهِمُ افْعَلْ كَذَا عَلَى اسْمِ اللَّهِ لِأَنَّهُ اسْمُهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَضَعِيفٌ.

قُلْتُ وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا خَامِسًا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فِي الذَّبِيحَةِ حِينَئِذٍ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَقْتَضِي الْمَنْعَ قَبْلَ ذَلِكَ وَالْإِذْنَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا يُقَالُ لِلْمُسْتَأْذِنِ بِسْمِ اللَّهِ أَيِ ادْخُلْ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ صِيغَةُ مَنْ فِي قَوْلِهِ مَنْ ذَبَحَ صِيغَةُ عُمُومٍ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ وَقَدْ جَاءَتْ لِتَأْسِيسِ قَاعِدَةٍ وَتَنْزِيلِ صِيغَةِ الْعُمُومِ إِذَا وَرَدَتْ لِذَلِكَ عَلَى الصُّورَةِ النَّادِرَةِ يُسْتَنْكَرُ فَإِذَا بَعُدَ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً مُعَيَّنَةً بَقِيَ التَّرَدُّدُ هَلِ الْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى مَنْ سَبَقَتْ لَهُ أُضْحِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ أَوْ حَمْلُهُ عَلَى ابْتِدَاءِ أُضْحِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ تَعْيِينٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ حُجَّةً لِمَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ عَلَى مَنِ اشْتَرَى الْأُضْحِيَّةَ كَالْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّ الْأُضْحِيَّةَ عِنْدَهُمْ تَجِبُ بِالْتِزَامِ اللِّسَانِ وَبِنِيَّةِ الشِّرَاءِ وَبِنِيَّةِ الذَّبْحِ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ لَا حُجَّةَ لِمَنْ أَوْجَبَ الضَّحِيَّةَ مُطْلَقًا لَكِنْ حَصَلَ الِانْفِصَالُ مِمَّنْ لَمْ يَقُلْ بِالْوُجُوبِ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ لِلنَّدَبِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنِ اشْتَرَطَ تَقَدُّمَ الذَّبْحِ مِنَ الْإِمَامِ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَخُطْبَتِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى إِنَّمَا صَدَرَ مِنْهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَخُطْبَتِهِ وَذَبْحِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ فِعْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ فَلْيُعِدْ أَيْ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا ذَبَحَهُ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِمُخَالَفَتِهِ التَّقْيِيدَ بِلَفْظِ الصَّلَاةِ وَالتَّعْقِيبِ بِالْفَاءِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ فِرَاسِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الشَّعْبِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهُ قَرِيبًا





[ قــ :567 ... غــ :5563] .

     قَوْلُهُ  مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا الْمُرَادُ مَنْ كَانَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَذْبَحْ أَيِ الْأُضْحِيَّةَ حَتَّى يَنْصَرِفَ تَمَسَّكَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةٍ قَدْرُ فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَإِنَّمَا شَرَطُوا فَرَاغَ الْخَطِيبِ لِأَنَّ الْخُطْبَتَيْنِ مَقْصُودَتَانِ مَعَ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ فَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ عَلَى أَخَفِّ مَا يُجزئ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِذَا ذَبَحَ بَعْدَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ الذَّبْحُ عَنِ الْأُضْحِيَّةِ سَوَاءٌ صَلَّى الْعِيدَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ ذَبَحَ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ أَمْ لَا وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْمِصْرِ وَالْحَاضِرِ وَالْبَادِي وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ أُضْحِيَّةٌ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ الْإِمَامُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ لَا الشَّافِعِيِّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى تَعْلِيقِ الذَّبْحِ بِالصَّلَاةِ لَكِنْ لَمَّا رَأَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَنْ لَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَيْهِ مُخَاطَبٌ بِالتَّضْحِيَةِ حَمَلَ الصَّلَاةَ عَلَى وَقْتِهَا.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ وَاللَّيْثُ لَا ذَبْحَ قَبْلِ الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ بَعْدَهَا وَلَوْ لَمْ يَذْبَحِ الْإِمَامُ وَهُوَ خَاصٌ بِأَهْلِ الْمِصْرِ فَأَمَّا أَهْلُ الْقُرَى وَالْبَوَادِي فَيَدْخُلُ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ فِي حَقِّهِمْ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ الثَّانِي.

     وَقَالَ  مَالِكٌ يَذْبَحُونَ إِذَا نَحَرَ أَقْرَبُ أَئِمَّةِ الْقُرَى إِلَيْهِمْ فَإِنْ نَحَرُوا قَبْلُ أَجْزَأَهُمْ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ يَذْبَحُ أَهْلُ الْقُرَى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الصَّلَاةِ جَازَتِ الْأُضْحِيَّةُ وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ قَوِيٌّ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلِ وَإِنْ ضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ يَجُوزُ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ خُطْبَتِهِ وَفِي أَثْنَائِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَنْصَرِفَ أَيْ مِنَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ إِنَّمَا الذَّبْحُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جُنْدَبٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا اللَّفْظُ أَظْهَرُ فِي اعْتِبَارِ فِعْلِ الصَّلَاةِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَيْ حَيْثُ جَاءَ فِيهِ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ قَالَ لَكِنْ إِنْ أَجْرَيْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ اقْتَضَى أَنْ لَا تُجْزِئَ الْأُضْحِيَّةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْعِيدَ فَإِنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَهُوَ أسعد النَّاسِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَإِلَّا وَجَبَ الْخُرُوجُ عَن هَذَا الظَّاهِرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَيَبْقَى مَا عَدَاهَا فِي مَحَلِّ الْبَحْثِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ نُصَلِّيَ بِالشَّكِّ قَالَ النَّوَوِيُّ الْأُولَى بِالْيَاءِ وَالثَّانِيَةِ بِالنُّونِ وَهُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ بِلَفْظِ يُصَلِّي سَاوَى لَفْظَ حَدِيثِ الْبَرَاءِ فِي تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ.

قُلْتُ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ جُنْدَبٍ فِي الذَّبَائِحِ بِمِثْلِ لَفْظِ الْبَرَاءِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ سِيَاقُ صَاحِبِ الْعمد ة فَإِنَّهُ سَاقَهُ عَلَى لَفْظِ مُسْلِمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ فِعْلِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ إِطْلَاقَ لَفْظِ الصَّلَاةِ وَإِرَادَةَ وَقْتِهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَأَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ بِالنُّونِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  قَبْلَ أَنْ نَنْصَرِفَ سَوَاءٌ قُلْنَا مِنَ الصَّلَاةِ أَمْ مِنَ الْخُطْبَةِ وَادَّعَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى أَيْ بَعْدَ أَنْ يَتَوَجَّهَ مِنْ مَكَانِ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ مَنْ حَضَرَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ فِعْلِ هَذَا مِنَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى أَيْ لَا يَعْتَدَّ بِمَا ذَبَحَهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَأَوْرَدَ الطَّحَاوِيُّ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمَدِينَةِ فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ نَحَرَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا قَالَ وَرَوَاهُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَى أَن يذبح أحد قبل الصَّلَاة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ إِنَّ أَوَّلَ مَا نَصْنَعُ أَنْ نَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الذَّبْحِ يَدْخُلُ بَعْدَ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّأْخِيرُ إِلَى نَحْرِ الْإِمَامِ وَيُؤَيِّدُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ لَمْ يَنْحَرْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْقِطًا عَنِ النَّاسِ مَشْرُوعِيَّةَ النَّحْرِ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ نَحَرَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ لَمْ يُجْزِئْهُ نَحْرُهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ وَالنَّاسُ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ سَوَاءٌ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ إِنَّمَا كُرِهَ الذَّبْحُ قَبْلَ الْإِمَامِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِالذَّبْحِ عَنِ الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلْتُ أَيْ ذَبَحْتُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ نَسَكْتُ عَنِ بن لِي وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ .

     قَوْلُهُ  هِيَ خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّتَيْنِ كَذَا وَقَعَ هُنَا بِالتَّثْنِيَةِ وَهِيَ مُبَالَغَةٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ مُسِنَّةٍ بِالْإِفْرَادِ وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَامِرٌ هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتَيْهِ كَذَا فِيهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَفِيهِ ضَمُّ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النَّسِيكَةَ هِيَ الَّتِي أَجْزَأَتْ عَنْهُ وَهِيَ الثَّانِيَةُ وَالْأُولَى لَمْ تُجْزِ عَنْهُ لَكِنْ أَطْلَقَ عَلَيْهَا نَسِيكَةً لِأَنَّهُ نَحَرَهَا عَلَى أَنَّهَا نَسِيكَةٌ أَوْ نَحَرَهَا فِي وَقْتِ النَّسِيكَةِ وَإِنَّمَا كَانَتْ خَيْرَهُمَا لِأَنَّهَا أَجْزَأَتْ عَنِ الْأُضْحِيَّةِ بِخِلَافِ الْأُولَى وَفِي الْأُولَى خَيْرٌ فِي الْجُمْلَةِ بِاعْتِبَارِ الْقَصْدِ الْجَمِيلِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَالَ ضح بهَا فَإِنَّهَا خير نسيكة وَنقل بن التِّين عَن الشَّيْخ أبي الْحسن يَعْنِي بن الْقَصَّارِ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِتَسْمِيَتِهَا نَسِيكَةً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَوْ ذُبِحَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا يخفي وَجه الضعْف عَلَيْهِ