فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب رقية العين

( قَولُهُ بَابُ رُقْيَةِ الْعَيْنِ)
أَيْ رُقْيَةِ الَّذِي يُصَابُ بِالْعَيْنِ تَقُولُ عِنْتَ الرَّجُلَ أَصَبْتَهُ بِعَيْنِكَ فَهُوَ مَعِينٌ وَمَعْيُونٌ وَرَجُلٌ عَائِنٌ وَمِعْيَانٌ وَعَيُونٌ وَالْعَيْنُ نَظَرٌ بِاسْتِحْسَانٍ مَشُوبٍ بِحَسَدٍ مِنْ خَبِيثِ الطَّبْعِ يَحْصُلُ لِلْمَنْظُورِ مِنْهُ ضَرَرٌ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ الْعين حق ويحضرها الشَّيْطَان وحسد بن آدَمُ وَقَدْ أَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فَقَالَ كَيْفَ تَعْمَلُ الْعَيْنُ مِنْ بُعْدٍ حَتَّى يَحْصُلَ الضَّرَرُ لِلْمَعْيُونِ وَالْجَوَابُ أَنَّ طَبَائِعَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ سُمٍّ يَصِلُ مِنْ عَيْنِ الْعَائِنِ فِي الْهَوَاءِ إِلَى بَدَنِ الْمَعْيُونِ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ مَنْ كَانَ مِعْيَانًا أَنَّهُ قَالَ إِذَا رَأَيْتَ شَيْئًا يُعْجِبُنِي وَجَدْتُ حَرَارَةً تَخْرُجُ مِنْ عَيْنِي وَيَقْرَبُ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ الْحَائِضِ تَضَعُ يَدَهَا فِي إِنَاءِ اللَّبَنِ فَيَفْسُدُ وَلَوْ وَضَعَتْهَا بَعْدَ طُهْرِهَا لَمْ يُفْسِدْ وَكَذَا تَدْخُلُ الْبُسْتَانَ فَتَضُرُّ بِكَثِيرٍ مِنَ الْغُرُوسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمَسَّهَا يَدُهَا وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحِيحَ قَدْ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنِ الرَّمْدَاءِ فَيَرْمَدُ وَيَتَثَاءَبُ وَاحِدٌ بِحَضْرَتِهِ فَيَتَثَاءَبُ هُوَ أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن بَطَّالٍ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ لِلْعَيْنِ تَأْثِيرا فِي النُّفُوس وَإِبْطَال قَول الطبائيعين أَنَّهُ لَا شَيْءَ إِلَّا مَا تُدْرِكُ الْحَوَاسُّ الْخَمْسُ وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ.

     وَقَالَ  الْمَازِرِيُّ زَعَمَ بَعْضُ الطَّبَائِعِيِّينَ أَنَّ الْعَائِنَ يَنْبَعِثُ مِنْ عَيْنِهِ قُوَّةٌ سُمِّيَّةٌ تَتَّصِلُ بِالْمَعِينِ فَيَهْلِكُ أَوْ يَفْسُدُ وَهُوَ كَإِصَابَةِ السُّمِّ مَنْ نَظَرَ الْأَفَاعِيَ وَأَشَارَ إِلَى مَنْعِ الْحَصْرِ فِي ذَلِكَ مَعَ تَجْوِيزِهِ وَأَنَّ الَّذِي يَتَمَشَّى عَلَى طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تَضُرُّ عِنْدَ نَظَرِ الْعَائِنِ بِعَادَةٍ أَجْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَحْدُثَ الضَّرَرُ عِنْدَ مُقَابَلَةِ شَخْصٍ لِآخَرَ وَهَلْ ثَمَّ جَوَاهِرُ خَفِيَّةٌ أَوْ لَا هُوَ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ لَا يُقْطَعُ بِإِثْبَاتِهِ وَلَا نَفْيِهِ وَمَنْ قَالَ مِمَّنْ يَنْتَمِي إِلَى الْإِسْلَامِ مِنْ أَصْحَاب الطبائع بِالْقطعِ بِأَنَّ جَوَاهِرَ لَطِيفَةً غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ تَنْبَعِثُ مِنَ الْعَائِنِ فَتَتَّصِلُ بالْمَعْيُونِ وَتَتَخَلَّلُ مَسَامَ جِسْمِهِ فَيَخْلُقُ الْبَارِي الْهَلَاك عِنْدهَا كَمَا يخلق الْهَلَاك عِنْد شرب السُّمُومِ فَقَدْ أَخْطَأَ بِدَعْوَى الْقَطْعِ وَلَكِنْ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَادَةً لَيْسَتْ ضَرُورَةً وَلَا طَبِيعَةً اه وَهُوَ كَلَام سديد وَقد بَالغ بن الْعَرَبِيّ فِي إِنْكَاره قَالَ ذهبت الفلاسفة إلىان الْإِصَابَةَ بِالْعَيْنِ صَادِرَةٌ عَنْ تَأْثِيرِ النَّفْسِ بِقُوَّتِهَا فِيهِ فَأَوَّلُ مَا تُؤَثِّرُ فِي نَفْسِهَا ثُمَّ تُؤَثِّرُ فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ إِنَّمَا هُوَ سُمٌّ فِي عَيْنِ الْعَائِنِ يُصِيبُ بِلَفْحِهِ عِنْدَ التَّحْدِيقِ إِلَيْهِ كَمَا يُصِيبُ لَفْحُ سُمِّ الْأَفْعَى مَنْ يَتَّصِلُ بِهِ ثُمَّ رُدَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا تَخَلَّفَتِ الْإِصَابَةُ فِي كُلِّ حَالٍ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ وَالثَّانِي بِأَنَّ سُمَّ الْأَفْعَى جُزْءٌ مِنْهَا وَكُلُّهَا قَاتِلٌ وَالْعَائِنُ لَيْسَ يَقْتُلُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِهِمُ إِلَّا نَظَرُهُ وَهُوَ مَعْنًى خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ عِنْدَ نَظَرِ الْعَائِنِ إِلَيْهِ وَإِعْجَابِهِ بِهِ إِذَا شَاءَ مَا شَاءَ مِنْ أَلْمٍ أَو هلكة وَقد يصرفهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ إِمَّا بِالِاسْتِعَاذَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا وَقَدْ يَصْرِفُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ بِالرُّقْيَةِ أَوْ بِالِاغْتِسَالِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ اه كَلَامُهُ وَفِيهِ بَعْضُ مَا يُتَعَقَّبُ فَإِنَّ الَّذِي مَثَّلَ بِالْأَفْعَى لَمْ يُرِدْ أَنَّهَا تُلَامِسُ الْمُصَابَ حَتَّى يَتَّصِلَ بِهِ مِنْ سُمِّهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ جِنْسًا مِنَ الْأَفَاعِي اشْتُهِرَ أَنَّهَا إِذَا وَقَعَ بَصَرُهَا عَلَى الْإِنْسَانِ هَلَكَ فَكَذَلِكَ الْعَائِنُ وَقَدْ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَةَ الْمَاضِي فِي بَدْءِ الْخَلْقِ عِنْدَ ذِكْرِ الْأَبْتَرِ وَذِي الطُّفْيَتَيْنِ قَالَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيُسْقِطَانِ الْحَبَلَ وَلَيْسَ مُرَادُ الْخَطَّابِيِّ بِالتَّأْثِيرِ الْمَعْنَى الَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ الْفَلَاسِفَةُ بَلْ مَا أَجْرَى اللَّهُ بِهِ الْعَادَةَ مِنْ حُصُولِ الضَّرَرِ لِلْمَعْيُونِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ رَفَعَهُ أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ بَعْدَ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدْرِهِ بِالنَّفْسِ قَالَ الرَّاوِي يَعْنِي بِالْعَيْنِ وَقَدْ أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ بِوُجُودِ كَثِيرٍ مِنَ الْقُوَى وَالْخَوَاصِّ فِي الْأَجْسَامِ وَالْأَرْوَاحِ كَمَا يَحْدُثُ لِمَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ مَنْ يَحْتَشِمُهُ مِنَ الْخَجَلِ فَيَرَى فِي وَجْهِهِ حُمْرَةً شَدِيدَةً لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَا الِاصْفِرَارُ عِنْدَ رُؤْيَةِ مِنْ يَخَافُهُ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَسْقَمُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ إِلَيْهِ وَتَضْعُفُ قُوَاهُ وَكُلُّ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْوَاحِ مِنَ التَّأْثِيرَاتِ وَلِشِدَّةِ ارْتِبَاطِهَا بِالْعَيْنِ نُسِبَ الْفِعْلُ إِلَى الْعَيْنِ وَلَيْسَتْ هِيَ الْمُؤَثِّرَةُ وَإِنَّمَا التَّأْثِيرُ لِلرُّوحِ وَالْأَرْوَاحُ مُخْتَلِفَةٌ فِي طَبَائِعِهَا وَقُوَاهَا وَكَيْفِيَّاتِهَا وَخَوَاصِّهَا فَمِنْهَا مَا يُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالٍ بِهِ لِشِدَّةِ خُبْثِ تِلْكَ الرُّوحِ وَكَيْفِيَّتِهَا الْخَبِيثَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّأْثِيرَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَلْقِهِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الِاتِّصَالِ الْجُسْمَانِيِّ بَلْ يَكُونُ تَارَةً بِهِ وَتَارَةً بِالْمُقَابَلَةِ وَأُخْرَى بِمُجْرِدِ الرُّؤْيَةِ وَأُخْرَى بِتَوَجُّهِ الرُّوحِ كَالَّذِي يَحْدُثُ مِنَ الْأَدْعِيَةِ وَالرُّقَى وَالِالْتِجَاءِ إِلَى اللَّهِ وَتَارَةً يَقَعُ ذَلِكَ بِالتَّوَهُّمِ وَالتَّخَيُّلِ فَالَّذِي يَخْرُجُ مِنْ عَيْنِ الْعَائِنِ سَهْمٌ مَعْنَوِيٌّ إِنْ صَادَفَ الْبَدَنَ لَا وِقَايَةَ لَهُ أَثَّرَ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذِ السَّهْمُ بَلْ رُبَّمَا رُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ كَالسَّهْمِ الْحِسِّيِّ سَوَاءً



[ قــ :5430 ... غــ :5738] .

     قَوْلُهُ  سُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ هُوَ الْجَدَلِيُّ الْكُوفِيُّ تَابِعِيٌّ وَشَيْخُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْهَادِ لَهُ رُؤْيَةٌ وَأَبُوهُ صَحَابِيٌّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَائِشَةَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مِسْعَرٍ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ مِثْلُهُ لَكِنْ شَكَّ فِيهِ فَقَالَ أَوْ قَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَائِشَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَتْ أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ أَيْ يُطْلَبُ الرُّقْيَةَ مِمَّنْ يَعْرِفُ الرُّقَى بِسَبَبِ الْعَيْنِ كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ هَلْ قَالَتْ أَمَرَ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ أَوْ أَمَرَنِي وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ أَمَرَنِي جَزْمًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ سُفْيَانَ كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَسَتَرْقِيَ وَعِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ مِسْعَرٍ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ كَانَ يَأْمُرُهَا وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ أَمَرَهَا أَنْ تَسْتَرِقِيَ وَهُوَ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الرُّقْيَةِ لِمَنْ أَصَابَهُ الْعَيْنُ وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تُسْرِعُ إِلَيْهِمُ الْعَيْنُ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ قَالَ نَعَمْ الْحَدِيثَ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِآلِ حزم فِي الرّقية.

     وَقَالَ  لأسماء مَالِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً أَتُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ قَالَت لَا وَلَكِنَّ الْعَيْنَ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَرْقِيهِمْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ ارْقِيهِمْ وَقَولُهُ ضَارِعَةً بِمُعْجَمَةٍ أَوَّلُهُ أَيْ نَحِيفَةً وَوَرَدَ فِي مُدَاوَاةِ الْمَعْيُونِ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ الْعَائِنَ أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَغْتَسِلَ مِنْهُ الْمَعِينُ وَسَأَذْكُرُ كَيْفِيَّةَ اغْتِسَالِهِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا





[ قــ :5431 ... غــ :5739] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ الْحَاكِمُ وَالْجَوْزَقِيُّ وَالْكَلَابَاذِيُّ وَأَبُو مَسْعُودٍ وَمَنْ تَبِعَهُمْ هُوَ الذُّهْلِيُّ نُسِبَ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ فَإِنَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ فَارِسٍ وَقَدْ كَانَ أَبُو دَاوُدَ يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى فَيَنْسِبُ أَبَاهُ إِلَى جَدِّ أَبِيهِ أَيْضًا فَيَقُولُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ قَالُوا وَقَدْ حَدَّثَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَارُودِ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ وَهِيَ قَرِينَةٌ فِي أَنَّهُ الْمُرَادُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ هُنَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الذُّهْلِيُّ فَانْتَفَى أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ جبلة الرَّافِعِيّ الَّذِي ذكره بن عَدِيٍّ فِي شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ الْمَذْكُورِ وَكَذَا هُوَ فِي كِتَابِ الزَّهْرِيَّاتِ جَمْعُ الذُّهْلِيِّ وَهَذَا الْإِسْنَادُ مِمَّا نَزَلَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ فِي صَحِيحِهِ حَدِيثًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ فِي الْعِتْقِ فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُرْوَةَ رَجُلَانِ وَهُنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِيهِ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَطِيَّةَ سُلَمِيٌّ قَدِ أَدْرَكَهُ الْبُخَارِيُّ وَمَا أَدْرِي لَقِيَهُ أَمْ لَا وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِ الطَّبَقَةِ الْوُسْطَى مِنْ شُيُوخِهِ وَمَا لَهُ عِنْدَهُ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَالِيًا بِالنِّسْبَةِ لِرِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذِهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ فَذَكَرَهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ شَيْخُهُ خَوْلَانِيٌّ حِمْصِيٌّ كَانَ كَاتِبًا لِلزُّبَيْدِيِّ شَيْخِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ تَنْبِيهٌ اجْتَمَعَ فِي هَذَا السَّنَدِ مِنَ الْبُخَارِيِّ إِلَى الزُّهْرِيِّ سِتَّةُ أَنْفُسٍ فِي نَسَقِ كُلٍّ مِنْهُمُ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَإِذَا روينَا الصَّحِيح من طَرِيق الفراوي عَن الحفص عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ كَانُوا عَشْرَةً .

     قَوْلُهُ  رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ قَالَ لِجَارِيَةٍ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ .

     قَوْلُهُ  فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ بِفَتْح الْمُهْملَة وَيجوز ضَمُّهَا وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ وَحَكَى عِيَاضٌ ضَمَّ أَوَّلِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ هُوَ سَوَادٌ فِي الْوَجْهِ وَمِنْهُ سَفْعَةُ الْفَرَسِ سَوَادُ نَاصِيَتِهِ وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ حُمْرَةٌ يَعْلُوهَا سَوَادٌ وَقِيلَ صُفْرَةٌ وَقِيلَ سَوَادٌ مَعَ لَوْنٍ آخَرَ.

     وَقَالَ  بن قُتَيْبَةَ لَوْنٌ يُخَالِفُ لَوْنَ الْوَجْهِ وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ وَحَاصِلُهَا أَنَّ بِوَجْهِهَا مَوْضِعًا عَلَى غَيْرِ لَوْنِهِ الْأَصْلِيِّ وَكَأَنَّ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ اللَّوْنِ الْأَصْلِيِّ فَإِنْ كَانَ أَحْمَرَ فَالسَّفْعَةُ سَوَادٌ صِرْفٌ وَإِنْ كَانَ أَبْيَضَ فَالسَّفْعَةُ صُفْرَةٌ وَإِنْ كَانَ أَسْمَرَ فَالسَّفْعَةُ حُمْرَةٌ يَعْلُوهَا سَوَادٌ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْبَارِعِ فِي اللُّغَةِ أَنَّ السَّفْعَ سَوَادُ الْخَدَّيْنِ مِنَ الْمَرْأَةِ الشَّاحِبَةِ وَالشُّحُوبُ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ بِهُزَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ وَتُطْلَقُ السَّفْعَةُ عَلَى الْعَلَامَةِ وَمِنْهُ بِوَجْهِهَا سَفْعَةُ غَضَبٍ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى تَغَيُّرِ اللَّوْنِ وَأَصْلُ السَّفْعِ الْأَخْذُ بِقَهْرٍ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ وَيُقَالُ إنَّ أَصْلَ السَّفْعِ الْأَخْذُ بِالنَّاصِيَةِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا لَنُعَلِّمَنَّهُ بِعَلَامَةِ أَهْلِ النَّارِ مِنْ سَوَادِ الْوَجْهِ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَنُذِلَّنَّهُ ويمْكِنُ رَدُّ الْجَمِيعِ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ فَإِنَّهُ إِذَا أُخِذَ بِنَاصِيَتِهِ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ أَذَلَّهُ وَأَحْدَثَ لَهُ تَغَيُّرَ لَوْنِهِ فَظَهَرَتْ فِيهِ تِلْكَ الْعَلَامَةُ وَمِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ قَوْمٌ أَصَابَهُمْ سَفْعٌ مِنَ النَّارِ .

     قَوْلُهُ  اسْتَرْقُوا لَهَا بِسُكُونِ الرَّاءِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ بِسُكُونِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ إِنَّ بِهَا نَظْرَةً فَاسْتَرْقُوا لَهَا يَعْنِي بِوَجْهِهَا صُفْرَةٌ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَا عَرَفْتُ قَائِلَهُ إِلَّا أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ الزُّهْرِيُّ وَقَدْ أَنْكَرَهُ عِيَاضٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ وَتَوْجِيهُهُ مَا قَدَّمْتُهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالنَّظْرَةِ فَقِيلَ عَيْنٌ مِنْ نَظَرِ الْجِنَّ وَقِيلَ مِنَ الْإِنْسِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهَا أُصِيبَتْ بِالْعَيْنِ فَلِذَلِكَ أَذِنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِرْقَاءِ لَهَا وَهُوَ دَالٌّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ عَلَى وَفْقِ التَّرْجَمَةِ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ يَعْنِي الْحِمْصِيَّ وَكُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ أَيْ عَلَى وَصْلِ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  عُقَيْلٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي لَمْ يَذْكُرْ فِي إِسْنَادِهِ زَيْنَبَ وَلَا أُمَّ سَلَمَةَ فَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ فَوَصَلَهَا الذهلي فِي الزهريات وللطبراني فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ الْحِمْصِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْحِمْصِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا.
وَأَمَّا رِوَايَةُ عُقَيْلٍ فَرَوَاهَا بن وهب عَن بن لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ وَلَفْظُهُ أَنَّ جَارِيَةً دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ كَأَنَّ بِهَا سَفْعَةً أَوْ خُطِرَتْ بِنَارٍ هَكَذَا وَقَعَ لَنَا مَسْمُوعًا فِي جُزْءٍ مِنْ فَوَائِدِ أَبِي الْفضل بن طَاهِر بِسَنَدِهِ إِلَى بن وَهْبٍ وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ أَيْضًا وَوَجَدْتُهُ فِي مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِهِ لَكِنْ زَادَ فِيهِ عَائِشَةَ بَعْدَ عُرْوَةَ وَهُوَ وَهْمٌ فِيمَا أَحسب وَوَجَدته فِي جَامع بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَارِيَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَاعْتَمَدَ الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ الزُّبَيْدِيِّ لِسَلَامَتِهَا مِنَ الِاضْطِرَابِ وَلَمْ يَلْتَفِتَا إِلَى تَقْصِيرِ يُونُسَ فِيهِ وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْأَوْزَاعِيَّ يُفَضِّلُ الزُّبَيْدِيَّ عَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ يَعْنِي فِي الضَّبْطِ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُلَازِمُهُ كَثِيرًا حَضَرًا وَسَفَرًا وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعُمْدَةَ لِمَنْ وَصَلَ عَلَى مَنْ أَرْسَلَ لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى تَصْحِيحِ الْمَوْصُولِ هُنَا عَلَى الْمُرْسَلِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا فِي تَقْدِيمِ الْوَصْلِ عَمَلٌ مُطَّرِدٌ بَلْ هُوَ دَائِرٌ مَعَ الْقَرِينَةِ فَمَهْمَا تَرَجَّحَ بِهَا اعْتَمَدَاهُ وَإِلَّا فَكَمْ حَدِيثٍ أَعْرَضَا عَنْ تَصْحِيحِهِ لِلِاخْتِلَافِ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ وَقَدْ جَاءَ حَدِيثُ عُرْوَةَ هَذَا مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فَسَقَطَ مِنْ رِوَايَتِهِ ذِكْرُ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ رَوَاهُ مَالك وبن عُيَيْنَةَ وَسَمَّى جَمَاعَةً كُلَّهُمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَلَمْ يُجَاوِزَا بِهِ عُرْوَةَ وَتَفَرَّدَ أَبُو مُعَاوِيَةَ بِذِكْرِ أُمِّ سَلَمَةَ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الطَّرِيقِ لِانْفِرَادِ الْوَاحِدِ عَنِ الْعَدَدِ الْجَمِّ وَإِذَا انْضَمَّتْ هَذِهِ الطَّرِيقُ إِلَى رِوَايَةِ الزُّبَيْدِيِّ قَوِيَتْ جِدًّا وَاللَّهُ أعلم