فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب النفث في الرقية

( قَولُهُ بَابُ النَّفْثِ)
بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ فِي الرُّقْيَةِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ النَّفْثَ مُطْلَقًا كَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَحَدِ التَّابِعِينَ تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَعَلَى مَنْ كَرِهَ النَّفْثَ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ خَاصَّة كإبراهيم النَّخعِيّ أخرج ذَلِك بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ فَأَمَّا الْأَسْوَدُ فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَذْمُومَ مَا كَانَ مِنْ نَفْثِ السَّحَرَةِ وَأَهْلِ الْبَاطِلِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَمُّ النَّفْثِ مُطْلَقًا وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.
وَأَمَّا النَّخَعِيُّ فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ثَالِثِ أَحَادِيثِ الْبَابِ فَقَدْ قَصُّوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِصَّةَ وَفِيهَا أَنَّهُ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَتَفَلَ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ ذَلِكَ حُجَّةً وَكَذَا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ النَّفْثِ مِرَارًا أَوْ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا رِيقَ فِيهِ وَتَصْوِيبَ أَنَّ فِيهِ رِيقًا خَفِيفًا وَذَكَرَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ



[ قــ :5439 ... غــ :5747] .

     قَوْلُهُ  سُلَيْمَانُ هُوَ بن بِلَالٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ يَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَولُهُ فَلْيَنْفُثْ هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى جَدْوَاهَا .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو سَلَمَةَ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَولُهُ فَإِنْ كُنْتَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِدُونِ الْفَاءِ وَقَولُهُ أَثْقَلُ عَلَيَّ مِنَ الْجَبَلِ أَيْ لِمَا كَانَ يُتَوَقَّعُ مِنْ شَرها الحَدِيث الثَّانِي



[ قــ :5440 ... غــ :5748] قَوْله سُلَيْمَان هُوَ بن بِلَال أَيْضا وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ .

     قَوْلُهُ  إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِي كَفِّهِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٍ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ أَيْ يَقْرَؤُهَا وَيَنْفُثُ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ فِي رِوَايَةِ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ عُقَيْلٍ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .

     قَوْلُهُ  فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يُونُسَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بِلَفْظِ فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ طَفِقْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَهُ مُسلم من رِوَايَة بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ فَلَمْ يَذْكُرْهَا .

     قَوْلُهُ  قَالَ يُونُس كنت أرى بن شِهَابٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ وَقَعَ نَحْوُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ عَنِ بن شِهَابٍ عِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ شَاذَّةٌ وَأَنَّ الْمَحْفُوظَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا اشْتَكَى كَمَا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فَدَلَّتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ وَكَانَ يَفْعَلُهُ إِذَا اشْتَكَى شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُمَا حَدِيثَانِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدٍ وَاحِدٍ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي قِصَّةِ اللَّدِيغِ الَّذِي رَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَتَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ قَرِيبًا وَوَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَجَعَلَ يَتْفُلُ وَيَقْرَأُ وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّ النَّفْثَ دُونَ التَّفْلِ وَإِذَا جَازَ التَّفْلُ جَازَ النَّفْثُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفِيهَا مَا بِهِ قَلَبَةٌ بِفَتْحِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ مَا بِهِ أَلَمٌ يُقْلَبُ لِأَجْلِهِ عَلَى الْفِرَاشِ وَقِيلَ أَصْلُهُ مِنَ الْقُلَابِ بِضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ فَيُمْسِكُ عَلَى قلبه فَيَمُوت من يَوْمه