فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب القباء وفروج حرير

( قَولُهُ بَابُ لُبْسِ جُبَّةِ الصُّوفِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ الْمُشَارَ إِلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَسَاقَهُ عَنْهُ أَتَمَّ وزَكَرِيَّا الْمَذْكُورُ فِيهِ هُوَ بن أبي زَائِدَة وعامر هُوَ الشّعبِيّ قَالَ بن بَطَّالٍ كَرِهَ مَالِكٌ لُبْسَ الصُّوفِ لِمَنْ يَجِدُ غَيْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الشُّهْرَةِ بِالزُّهْدِ لِأَنَّ إِخْفَاءَ الْعَمَلِ أَوْلَى قَالَ وَلَمْ يَنْحَصِرِ التَّوَاضُعُ فِي لُبْسِهِ بَلْ فِي الْقُطْنِ وَغَيْرِهِ مَا هُوَ بِدُونِ ثمنه قَولُهُ بَابُ الْقَبَاءِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ مَمْدُودٌ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْقَبْوِ وَهُوَ الضَّمُّ .

     قَوْلُهُ  وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَضْمُومَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ الْقَبَاءُ.

قُلْتُ وَوَقَعَ كَذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ .

     قَوْلُهُ  وَيُقَالُ هُوَ الَّذِي لَهُ شِقٌّ مِنْ خَلْفِهِ أَيْ فَهُوَ قَبَاءٌ مَخْصُوصٌ وَبِهَذَا جَزَمَ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْغَرِيبِ نَظَرًا لِاشْتِقَاقِهِ.

     وَقَالَ  بن فَارِسٍ هُوَ قَمِيصُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الْقَبَاءُ وَالْفَرُّوجُ كِلَاهُمَا ثَوْبٌ ضَيِّقُ الْكُمَّيْنِ وَالْوَسَطِ مَشْقُوقٌ مِنْ خَلْفٍ يُلْبَسُ فِي السَّفَرِ وَالْحَرْبِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى الْحَرَكَةِ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحدهمَا



[ قــ :5487 ... غــ :5800] قَوْله عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمٍ عَنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَسَيَأْتِي كَذَلِكَ فِي بَابِ الْمَزْرُورِ بِالذَّهَبِ مُعَلَّقًا .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ هَكَذَا أَسْنَدَهُ اللَّيْثُ وَتَابَعَهُ حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَلَى وَصْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَاتِ وَأَرْسَلَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَمْسِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَدَبِ كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ قِسْمَةِ الْإِمَامِ مَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِ الْخَمْسِ .

     قَوْلُهُ  قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةً فِي رِوَايَةِ حَاتِمٍ قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةٌ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مَزْرُورَةٍ بِالذَّهَبِ فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا أَيْ فِي حَالِ تِلْكَ الْقِسْمَةِ وَإِلَّا فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ وَمَخْرَمَةُ هُوَ وَالِد الْمسور وَهُوَ بن نَوْفَلٍ الزُّهْرِيُّ كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ وَمِنَ الْعَارِفِينَ بِالنَّسَبِ وَأَنْصَابِ الْحَرَمِ وَتَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ إِلَى الْفَتْحِ وَشَهِدَ حُنَيْنًا وَأُعْطِيَ مِنْ تِلْكَ الْغَنِيمَةِ مَعَ الْمُؤَلَّفَةِ وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَهُوَ بن مائَة وَخمْس عشرَة سنة ذكره بن سَعْدٍ .

     قَوْلُهُ  انْطَلَقَ بِنَا فِي رِوَايَةِ حَاتِمٍ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا .

     قَوْلُهُ  ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي فِي رِوَايَةِ حَاتِمٍ فَقَامَ أَبِي عَلَى الْبَابِ فَتَكَلَّمَ فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ قَالَ بن التِّينِ لَعَلَّ خُرُوجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ مَخْرَمَةَ صَادَفَ دُخُولَ الْمِسْوَرِ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا ظَاهِرُهُ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ قِيلَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَشَرَهُ عَلَى أَكْتَافِهِ لِيَرَاهُ مَخْرَمَةُ كُلَّهُ وَلَمْ يَقْصِدْ لُبْسَهُ.

قُلْتُ وَلَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ عَلَى أَكْتَافِهِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ مَنْشُورًا عَلَى يَدَيْهِ فَيَكُونُ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ مِنْ إِطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْبَعْضِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَاتِمٍ فَخَرَجَ وَمَعَهُ قَبَاءٌ وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ وَفِي رِوَايَة حَمَّاد فَتَلقاهُ بِهِ واستقبله بإزراره .

     قَوْلُهُ  خَبَّأْتُ هَذَا لَكَ فِي رِوَايَةِ حَاتِمٍ تَكْرَارُ ذَلِكَ زَادَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ يَا أَبَا الْمِسْوَرِ هَكَذَا دَعَاهُ أَبَا الْمِسْوَرِ وَكَأَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّأْنِيسِ لَهُ بِذِكْرِ وَلَدِهِ الَّذِي جَاءَ صُحْبَتَهُ وَإِلَّا فَكُنْيَتُهُ فِي الْأَصْلِ أَبُو صَفْوَان وَهُوَ أكبر أَوْلَاده ذكر ذَلِك بن سَعْدٍ .

     قَوْلُهُ  فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَضِيَ مَخْرَمَةُ زَادَ فِي رِوَايَةِ هَاشِمٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَجَزَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ رَضِيَ مَخْرَمَةُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَجَّحْتُ فِي الْهِبَةِ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ مَخْرَمَةَ زَادَ حَمَّادٌ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شدَّة قَالَ بن بَطَّالٍ يُسْتَفَادُ مِنْهُ اسْتِئْلَافُ أَهْلِ اللَّسَنِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ بِالْعَطِيَّةِ وَالْكَلَامِ الطَّيِّبِ وَفِيهِ الِاكْتِفَاءُ فِي الْهِبَةِ بِالْقَبْضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ هُنَاكَ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفَ صَوْتَ مَخْرَمَةَ فَاعْتَمَدَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِهِ وَخَرَجَ إِلَيْهِ وَمَعَهُ الْقَبَاءُ الَّذِي خَبَّأَهُ لَهُ وَاسْتَنْبَطَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مِنْهُ جَوَازَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْخُطُوطَ تَشْتَبِهُ أَكْثَرَ مِمَّا تَشْتَبِهُ الْأَصْوَاتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَقِيَّةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمِسْوَرَ لَا صُحْبَةَ لَهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي





[ قــ :5488 ... غــ :5801] .

     قَوْلُهُ  عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ حجاج هُوَ بن مُحَمَّد وهَاشِم هُوَ بن الْقَاسِمِ عَنِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي الْخَيْرِ هُوَ مَرْثَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورَةِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ هُوَ الْجُهَنِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ كِلَاهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عِنْدَ أَحْمد قَوْله فروج حَرِير فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ عِنْدَ أَحْمَدَ فَرُّوجٌ مِنْ حَرِيرٍ .

     قَوْلُهُ  ثمَّ صلى فِيهِ زَاد فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ عِنْدَ أَحْمَدَ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ الْمَغْرِبَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ انْصَرَفَ فِي رِوَايَةِ بن إِسْحَاقَ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ فَلَمَّا سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِانْصِرَافِ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا زَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ حَجَّاجٍ وَهَاشِمٍ عَنِيفًا أَيْ بِقُوَّةٍ وَمُبَادَرَةٍ لِذَلِكَ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ فِي الرِّفْقِ وَالتَّأَنِّي وَهُوَ مِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّ التَّحْرِيمَ وَقَعَ حِينَئِذٍ .

     قَوْلُهُ  كَالْكَارِهِ لَهُ زَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ ثُمَّ أَلْقَاهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَبِسْتُهُ وَصَلَّيْتُ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ لِلُّبْسِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْحَرِيرِ فَيَتَنَاوَلُ غَيْرَ اللُّبْسِ مِنَ الِاسْتِعْمَالِ كَالِافْتِرَاشِ .

     قَوْلُهُ  لِلْمُتَقَيِّنِ قَالَ بن بَطَّالٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ لِكَوْنِهِ كَانَ حَرِيرًا صِرْفًا وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ لِبَاسِ الْأَعَاجِمِ وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثُ بن عُمَرَ رَفَعَهُ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ.

قُلْتُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ وَهَذَا التَّرَدُّدُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُرَادِ بِالْمُتَّقِينَ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقَ الْمُؤْمِنِ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى الثَّانِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي جَمْرَةَ اسْمُ التَّقْوَى يَعُمُّ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ لَكِنَّ النَّاسَ فِيهِ عَلَى دَرَجَاتٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ الْآيَةَ فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ فَقَدِ اتَّقَى أَيْ وَقَى نَفْسَهُ مِنَ الْخُلُودِ فِي النَّارِ وَهَذَا مَقَامُ الْعُمُومِ.
وَأَمَّا مَقَامُ الْخُصُوصِ فَهُوَ مَقَامُ الْإِحْسَانِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ انْتَهَى وَقَدْ رَجَّحَ عِيَاضٌ أَنَّ الْمَنْعَ فِيهِ لِكَوْنِهِ حَرِيرًا وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ وَقَدْ قَدَّمْتُ ذِكْرَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ مُبْتَدَأَ تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ الْمُرَادُ بِالْمُتَّقِينَ الْمُؤْمِنُونَ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ خَافُوا اللَّهَ تَعَالَى وَاتَّقَوْهُ بِإِيمَانِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ لَهُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لَعَلَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّهْيِيجِ لِلْمُكَلَّفِ عَلَى الْأَخْذِ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ سَمِعَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ غَيْرَ مُتَّقٍ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا الْمُسْتَخِفُّ فَيَأْنَفُ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ لِئَلَّا يُوصَفَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّقٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُنَّ عَلَى الرَّاجِحِ وَدُخُولُهُنَّ بِطَرِيقِ التَّغْلِيبِ مَجَازٌ يَمْنَعُ مِنْهُ وُرُودُ الْأَدِلَّةِ الصَّرِيحَةِ عَلَى إِبَاحَتِهِ لَهُنَّ وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ بَعْدَ قَرِيبٍ مِنْ عِشْرِينَ بَابًا وَعَلَى أَنَّ الصِّبْيَانَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ لُبْسُهُ لِأَنَّهُمْ لَا يُوصَفُونَ بِالتَّقْوَى وَقَدْ قَالَ الْجُمْهُورُ بِجَوَازِ إِلْبَاسِهِمْ ذَلِكَ فِي نَحْو الْعِيدِ.
وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَعَكْسُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ يُمْنَعُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ وَفِي الْحَدِيثِ أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ الضَّيِّقَةِ وَالْمُفَرَّجَةُ لِمَنِ اعْتَادَهَا أَوِ احْتَاجَ إِلَيْهَا وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى ذَلِكَ قَرِيبًا فِي بَابِ لُبْسِ الْجُبَّةِ الضَّيِّقَةِ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنِ اللَّيْثِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يَعْنِي بِسَنَدِهِ فَرُّوجُ حَرِيرٍ أَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ غَيْرِهِ فَوَصَلَهَا أَحْمَدُ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهَاشِمٍ وَهُوَ أَبُو النَّضْرِ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ وَالْحَارِثُ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ كُلِّهِمْ عَنِ اللَّيْثِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا التَّنْوِينُ وَالْإِضَافَةُ كَمَا يُقَالُ ثَوْبُ خَزٍّ بِالْإِضَافَةِ وَثَوْبٌ خَز بتنوين ثوب قَالَه بن التِّينِ احْتِمَالًا ثَانِيهَا ضَمُّ أَوَّلِهِ وَفَتْحُهُ حَكَاهُ بن التِّينِ رِوَايَةً قَالَ وَالْفَتْحُ أَوْجَهُ لِأَنَّ فَعُّولًا لَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي سُبُّوحٍ وَقُدُّوسٍ وَفَرُّوخٍ يَعْنِي الْفَرْخَ مِنَ الدَّجَاجِ انْتَهَى وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ حِكَايَةَ جَوَازِ الضَّمِّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيِّ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ حُكِيَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ وَالضَّمُّ هُوَ الْمَعْرُوفُ ثَالِثُهَا تَشْدِيدُ الرَّاءِ وَتَخْفِيفُهَا حَكَاهُ عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ رَابِعُهَا هَلْ هُوَ بِجِيمٍ آخِرَهُ أَوْ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ حَكَاهُ عِيَاضٌ أَيْضًا خَامِسُهَا حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ الْأَوَّلُ فَرُّوجٌ مِنْ حَرِيرٍ بِزِيَادَةِ مِنْ وَالثَّانِي بِحَذْفِهَا.

قُلْتُ وَزِيَادَةُ مِنْ لَيْسَتْ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقد ذَكرنَاهَا عَن رِوَايَة لِأَحْمَد