فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب خواتيم الذهب

( قَولُهُ بَابُ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ)
جَمْعُ خَاتَمٍ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى خَوَاتِمَ بِلَا يَاءٍ وَعَلَى خَيَاتِيمَ بِيَاءٍ بَدَلَ الْوَاوِ وَبِلَا يَاءٍ أَيْضًا وَفِي الْخَاتَمِ ثَمَانِ لُغَاتٍ فَتْحُ التَّاءِ وَكَسْرُهَا وَهُمَا وَاضِحَتَانِ وَبِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْأَلِفِ مَعَ كَسْرِ الْخَاءِ خِتَامٌ وَبِفَتْحِهَا وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا وَاوٌ خَيْتُومٌ وَبِحَذْفِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ مَعَ سُكُونِ الْمُثَنَّاةِ خَتْمٌ وَبِأَلِفٍ بَعْدَ الْخَاءِ وَأُخْرَى بَعْدَ التَّاءِ خَاتَامٌ وَبِزِيَادَةِ تَحْتَانِيَّةٍ بَعْدَ الْمُثَنَّاةِ الْمَكْسُورَة خاتيام وبحذف الْألف الْأُولَى وَتَقْدِيمِ التَّحْتَانِيَّةِ خَيْتَامٌ وَقَدْ جَمَعْتُهَا فِي بَيت وَهُوَ ( خاتام خَاتم ختم خَاتم وختا ... م خَاتِيَامٌ وَخَيْتُومٌ وَخَيْتَامُ) وَقَبْلَهُ
( خُذْ نَظْمَ عَدِّ لُغَاتِ الْخَاتَمِ انْتَظَمَتْ ... ثَمَانِيًا مَا حَوَاهَا قَبْلُ نُظَّامُ) ثُمَّ زِدْتُ ثَالِثًا
( وَهَمْزُ مَفْتُوحِ تَاءٍ تَاسِعٌ وَإِذَا ... سَاغَ الْقِيَاسُ أَتَمَّ الْعَشْرَ خَاتَامُ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَذَكَرَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِ الشَّوَاذِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ قَرَأَ الْعَالَمِينَ بِالْهَمْزِ قَالَ وَمِثْلُهُ الْخَأْتَمُ بِالْهَمْزِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ عَلَى الِاحْتِمَالِ وَاقْتَصَرَ كَثِيرُونَ مِنْهُمُ النَّوَوِيُّ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَالْحَقُّ أَنَّ الْخَتْمَ وَالْخِتَامَ مُخْتَصٌّ بِمَا يُخْتَمُ بِهِ فَتَكْمُلُ الثَّمَانِ فِيهِ.
وَأَمَّا مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا سِتَّةٌ وَأَنْشَدُوا فِي الْخَاتِيَامِ وَهُوَ أَغْرَبُهَا
( أَخَذْتُ مِنْ سعداك خاتياما ... لموعد تكتسب الآثاما) ذكر فِيهِ ثَلَاثَة أَحَادِيث الأول حَدِيثُ الْبَرَاءِ قَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبْعٍ نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ كَذَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ مِنْ رِوَايَةِ آدَمَ عَنْ شُعْبَة عَن أَشْعَث بن سليم وَهُوَ بن أبي الشَّعْثَاءِ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ فَذَكَرَهُ بِتَقْدِيمِ النَّوَاهِي عَلَى الْأَوَامِرِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْجَنَائِزِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ بتِقَدِيمِ الْأَوَامِرِ عَلَى النَّوَاهِي لَكِنْ سَقَطَ مِنَ النَّوَاهِي ذِكْرُ الْمَيَاثِرِ.

     وَقَالَ  فِيهِ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَلَمْ يَشُكَّ وَأَوْرَدَهُ فِي الْمَظَالِمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ شُعْبَةَ لَكِنْ لَمْ يَسُقْ فِيهِ الْمَنْهِيَّاتِ جُمْلَةً وَأَوْرَدَهُ فِي الطِّبِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ لَكِنْ سَقَطَ مِنَ النَّوَاهِي آنِيَةُ الْفِضَّةِ وَذَكَرَ مِنَ الْأَوَامِرِ ثَلَاثَةً فَقَطْ اتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَإِفْشَاءَ السَّلَامِ وَاخْتَصَرَ الْبَاقِي.

     وَقَالَ  فِيهِ أَيْضًا خَاتَمِ الذَّهَبِ وَأَوْرَدَهُ فِي أَوَاخِرِ الْأَدَبِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ كَذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْقَسِّيَّ وَلَا آنِيَةَ الْفِضَّةِ.

     وَقَالَ  بَدَلَ الْإِسْتَبْرَقِ السُّنْدُسَ وَأَخْرَجَهُ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ مُقْتَصَرًا عَلَى إِبْرَارِ الْقَسَمِ حَسْبَ فَهَذَا مَا عِنْدَهُ مِنْ تَغَايُرِ السِّيَاقِ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فَقَطْ.
وَأَمَّا مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنْ أَشْعَثَ عِنْدَهُ أَيْضًا فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي الْأَشْرِبَةِ فَقَطْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ عَنِ الْأَشْعَثِ فَقَدَّمَ الْأَوَامِرَ عَلَى النَّوَاهِي وَسَاقَهُ تَامًّا.

     وَقَالَ  فِيهِ وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلتَّرْجَمَةِ هُنَا وَأَخْرَجَهُ فِي أَوَائِلِ الِاسْتِئْذَانِ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ عَنْ أَشْعَثَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَالَ وَنَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي اللِّبَاسِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي آخِرِ بَابِ الْقَسِّيِّ مُخْتَصَرًا جِدًّا نَهَانَا عَنِ الْمَيَاثِرِ الْحُمُرِ وَعَنِ الْقَسِّيِّ وَفِي بَابِ الْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ مِنْ رِوَايَتِهِ أَمَرَنَا بِسَبْعٍ فَذَكَرَ مِنْهَا الْعِيَادَةَ وَاتِّبَاعَ الْجَنَائِزِ وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ فَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا خَاتَمَ الذَّهَبِ وَلَا آنِيَةَ الْفِضَّةِ فَهَذِهِ جَمِيعُ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُ فَأَمَّا الْمَنْهِيَّاتُ فقد شرحت فِي أماكنها ومعظمها هَذَا الْكِتَابِ كِتَابِ اللِّبَاسِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى آنِيَةِ الْفِضَّةِ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ.
وَأَمَّا الْأَوَامِرُ فَنَذْكُرُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِي بَابِهَا وَيَأْتِي بَسْطُهَا فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أبي هُرَيْرَة



[ قــ :5550 ... غــ :5864] .

     قَوْلُهُ  عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَنَهِيكٌ بِالنُّونِ وَزْنُهُ سَوَاءٌ .

     قَوْلُهُ  عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ نَهَى عَنْ لُبْسِ خَاتَمِ الذَّهَبِ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَمْرو هُوَ بن مَرْزُوقٍ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ سَاقَ هَذَا الْإِسْنَادَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَانِ سَمَاعِ قَتَادَةَ مِنَ النَّضْرِ وَهُوَ بن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمَذْكُورُ فِي السَّنَدِ الَّذِي قَبْلَهُ وَسَمَاعِ النَّضْرِ مِنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أبي قلَابَة الرقاشِي وقاسم بن أصبغ فِي مُصَنفه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ بِهِ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِ قَتَادَةَ مِنَ النَّضْرِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ كَذَلِكَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ إِخْبَارُ الصَّحَابِيِّ عَنِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبٍ الْأُولَى أَنْ يَأْتِيَ بِالصِّيغَةِ كَقَوْلِه افعلوا أَولا تَفْعَلُوا الثَّانِيَةُ .

     قَوْلُهُ  أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا وَنَهَانَا عَنْ كَذَا وَهُوَ كَالْمَرْتَبَةِ الْأُولَى فِي الْعَمَلِ بِهِ أَمْرًا وَنَهْيًا وَإِنَّمَا نَزَلَ عَنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ظَنَّ مَا لَيْسَ بِأَمْرٍ أَمْرًا إِلَّا أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَرْجُوحٌ لِلْعِلْمِ بِعَدَالَتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِمَدْلُولَاتِ الْأَلْفَاظِ لُغَةً الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ أُمِرْنَا وَنُهِينَا عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَهِيَ كَالثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ عَنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالنَّهْيُ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوِ التَّخَتُّمِ بِهِ مُخْتَصٌّ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فَقَدْ نُقِلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى إِبَاحَته للنِّسَاء قلت وَقد أخرج بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْيَةً فِيهَا خَاتم من ذهب فَأَخذه وَإِنَّهُ لَمُعْرِضٌ عَنْهُ ثُمَّ دَعَا أُمَامَةَ بِنْتَ ابْنَته فَقَالَ تحلى بِهِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَيْهِ قَالَ عِيَاضٌ وَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مِنْ تَخَتُّمِهِ بِالذَّهَبِ فَشُذُوذٌ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ السُّنَّةُ فِيهِ فَالنَّاسُ بَعْدَهُ مُجْمِعُونَ عَلَى خِلَافِهِ وَكَذَا مَا رُوِيَ فِيهِ عَن خباب وَقد قَالَ لَهُ بن مَسْعُودٍ أَمَا آنَ لِهَذَا الْخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى فَقَالَ إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَيَّ بَعْدَ الْيَوْمِ فَكَأَنَّهُ مَا كَانَ بَلَغَهُ النَّهْيُ فَلَمَّا بَلَغَهُ رَجَعَ قَالَ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ لُبْسَهُ لِلرِّجَالِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ كَمَا قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْحَرِيرِ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذَا يَقْتَضِي إِثْبَاتَ الْخِلَافِ فِي التَّحْرِيمِ وَهُوَ يُنَاقِضُ الْقَوْلَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَلَا بُدَّ مِنَ اعْتِبَارِ وَصْفِ كَوْنِهِ خَاتَمًا.

قُلْتُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ بِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ انْقَرَضَ وَاسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ بَعْدَهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لُبْسُ خَاتَمِ الذَّهَبِ مِنْ ذَلِكَ مَا أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَصُهَيْبٍ وَذكر سِتَّة أَو سَبْعَة وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ حُذَيْفَةَ وَعَنْ جَابِرِ بن سَمُرَة وَعَن عبد اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ نَزَعْنَا مِنْ يَدَيْ أبي أُسَيْدٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَأَغْرَبُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنِ الْبَرَاءِ الَّذِي روى النَّهْي فَأخْرج بن أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي السَّفَرِ قَالَ رَأَيْتُ عَلَى الْبَرَاءِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ نَحْوُهُ أَخْرَجَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ رَأَيْتُ عَلَى الْبَرَاءِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْمًا فَأَلْبَسَنِيهِ فَقَالَ الْبَسْ مَا كَسَاكَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ الْحَازِمِيُّ إِسْنَادُهُ لَيْسَ بِذَاكَ وَلَوْ صَحَّ فَهُوَ مَنْسُوخٌ.

قُلْتُ لَوْ ثَبَتَ النَّسْخُ عِنْدَ الْبَرَاءِ مَا لَبِسَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَى حَدِيثُ النَّهْيِ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهِ عَنْهُ فَالْجَمْعُ بَيْنَ رِوَايَتِهِ وَفِعْلِهِ إِمَّا بِأَنْ يَكُونَ حَمَلَهُ عَلَى التَّنْزِيهِ أَوْ فَهِمَ الْخُصُوصِيَّةَ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ الْبَسْ مَا كَسَاكَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَازِمِيِّ لَعَلَّ الْبَراء لم يبلغهُ النَّهْي وَيُؤَيّد الِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ لِلْبَرَاءِ لِمَ تَتَخَتَّمُ بِالذَّهَبِ وَقَدْ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَذْكُرُ لَهُم هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تَأْمُرُونَنِي أَنْ أَضَعَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَسْ مَا كَسَاكَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمِنْ أَدِلَّةِ النَّهْيِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ جَلَسَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ بِقَضِيبٍ فَقَالَ أَلْقِ هَذَا وَعُمُومُ الْأَحَادِيثِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهَا فِي بَابِ لُبْسِ الْحَرِيرِ حَيْثُ قَالَ فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى رِجَالِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ مَنْ مَاتَ مِنَ أُمَّتِي وَهُوَ يَلْبَسُ الذَّهَبَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ الْجَنَّةِ الحَدِيث أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ ثَالِثِ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى نَسْخِ جَوَازِ لُبْسِ الْخَاتَمِ إِذَا كَانَ مِنْ ذَهَبٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ لِلنَّهْيِ عَنِ التَّخَتُّمِ وَهُوَ قَلِيل وَتعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ يَتَنَاوَلُ مَا هُوَ فِي قَدْرِ الْخَاتَمِ وَمَا فَوْقَهُ كَالدُّمْلُجِ وَالْمِعْضَدِ وَغَيْرِهِمَا فَأَمَّا مَا هُوَ دُونَهُ فَلَا دَلَالَةَ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ وَتَنَاوَلَ النَّهْيُ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ فَلَا يَجُوزُ لُبْسُ خَاتَمِ الذَّهَبِ لِمَنْ فَاجَأَهُ الْحَرْبُ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَرْبِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَرِيرِ مِنَ الرُّخْصَةِ فِي لُبْسِهِ بِسَبَبِ الْحَرْبِ وَبِخِلَافِ مَا عَلَى السَّيْفِ أَوِ التُّرْسِ أَوِ الْمِنْطَقَةِ مِنْ حِلْيَةِ الذَّهَبِ فَإِنَّهُ لَوْ فَجَأَهُ الْحَرْبُ جَازَ لَهُ الضَّرْبُ بِذَلِكَ السَّيْفِ فَإِذَا انْقَضَتِ الْحَرْبُ فَلْيُنْتَقَضْ لِأَنَّهُ كُله من متعلقات الْحَرْب بِخِلَاف الْخَاتم الحَدِيث الثَّالِث حَدِيث بن عُمَرَ سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَقَولُهُ





[ قــ :5551 ... غــ :5865] فِيهِ فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ أَيِ اتَّخَذُوا مِثْلَهُ كَمَا بَيَّنَهُ بَعْدُ وَقَولُهُ مِنْ وَرِقٍ أَوْ فِضَّةٍ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَجَزَمَ فِي الَّذِي يَلِيهِ بِقَوْلِهِ مِنْ فِضَّةٍ وَفِي الَّذِي يَلِيهِ بِأَنَّهُ مِنْ وَرِقٍ وَالْوَرِقُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاء وَيجوز اسكانها وَحكى الصغاني وَحَكَى كَسْرَ أَوَّلِهِ مَعَ السُّكُونِ فَتِلْكَ أَرْبَعُ لُغَاتٍ وَفِيهَا لُغَةٌ خَامِسَةٌ الرِّقَّةُ وَالرَّاءُ بَدَلَ الْوَاوِ كَالْوَعْدِ وَالْعِدَةِ وَقِيلَ الْوَرِقُ يَخْتَصُّ بِالْمَصْكُوكِ والرقة أَعم