فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إعفاء اللحى

( قَولُهُ بَابُ إِعْفَاءِ اللِّحَى)
كَذَا اسْتَعْمَلَهُ مِنَ الرُّبَاعِيِّ وَهُوَ بِمَعْنَى التَّرْكِ ثُمَّ قَالَ عَفَوْا كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ وَأَرَادَ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْأَعْرَافِ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضراء والسراء فَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ بَيَانُ مَنْ فَسَّرَ قَوْلَهُ عَفَوْا يَكْثُرُوا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَصْلِ الْمَادَّةِ أَوْ إِلَى أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ وَهُوَ أَعْفُوا اللِّحَى جَاءَ بِالْمَعْنَيَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَعَلَى الثَّانِي بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّرَّاحِ مِنْهُم بن التِّين قَالَ وبهمزة قطع أَكثر.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ تَفْسِيرُ الْإِعْفَاءِ بِالتَّكْثِيرِ مِنْ إِقَامَةِ السَّبَبِ مَقَامَ الْمُسَبِّبِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِعْفَاءِ التَّرْكُ وَترك التَّعَرُّض للحية يسْتَلْزم تكثيرها وَأغْرب بن السَّيِّدِ فَقَالَ حَمَلَ بَعْضُهُمْ



[ قــ :5578 ... غــ :5893] قَوْلَهُ أَعْفُوا اللِّحَى عَلَى الْأَخْذِ مِنْهَا بِإِصْلَاحِ مَا شَذَّ مِنْهَا طُولًا وَعَرْضًا وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ زُهَيْرٍ عَلَى آثَارِ مَنْ ذَهَبَ الْعَفَاءُ وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى وَفِّرُوا أَوْ كَثِّرُوا وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَهِمَ مِنَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ أَعْفُوا اللِّحَى تَجْوِيزَ مُعَالَجَتِهَا بِمَا يُغْزِرُهَا كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ قَالَ وَكَأَنَّ الصَّارِفَ عَنْ ذَلِكَ قَرِينَةُ السِّيَاقِ فِي قَوْلِهِ فِي بَقِيَّةِ الْخَبَرِ وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ بَقِيَّةِ طُرُقِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّرْكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ أَعْفُوا وَأَحْفُوا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ من البديع الجناس والمطابقة والموازنة