فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ

( قَولُهُ بَابُ مَنْ لَعَنَ الْمُصَوِّرَ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي جُحَيْفَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَاب الواشمة قَولُهُ بَابُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً إِلَخْ كَذَا تَرْجَمَ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَفِيِّ بَابٌ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَثَبَتَتِ التَّرْجَمَةُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَسَقَطَ الْبَابُ وَالتَّرْجَمَةُ مِنْ رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَعَلَى ذَلِكَ جرى بن بَطَّالٍ وَنُقِلَ عَنِ الْمُهَلَّبِ تَوْجِيهُ إِدْخَالِ حَدِيثِ الْبَابِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فَقَالَ اللَّعْنُ فِي اللُّغَةِ الْإِبْعَادُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فَقَدْ أُبْعِدَ مِنَ الرَّحْمَةِ



[ قــ :5642 ... غــ :5963] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ هُوَ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَعَبْدُ الْأَعْلَى هُوَ بن عبد الْأَعْلَى وَسَعِيد هُوَ بن أَبِي عَرُوبَةَ وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  سَمِعْتُ النَّضْرَ بْنَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ قَتَادَةَ كَانَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ كَثِيرَ الْمُلَازَمَةِ لِقَتَادَةَ فَاتَّفَقَ أَنَّ قَتَادَةَ وَالنَّضْرَ بْنَ أَنَسٍ اجْتَمَعَا فَحَدَّثَ النَّضْرُ قَتَادَةَ فَسَمِعَهُ سَعِيدٌ وَهُوَ مَعَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَغَيْرِهِ يُحَدِّثُهُ قَتَادَةَ وَالضَّمِيرُ لِلْحَدِيثِ وَقَتَادَةُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالْفَاعِلُ النَّضْرُ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ لِلنَّضْرِ وَفَاعِلُ يُحَدِّثُ قَتَادَةُ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ سَمِعْتُ النَّضْرَ وَلِأَنَّ قَتَادَة لم يسمع من بن عَبَّاسٍ وَلَا حَضَرَ عِنْدَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَصْرِيحُ الْبُخَارِيِّ بِأَنَّ سَعِيدًا سَمِعَ مِنَ النَّضْرِ هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَولُهُ عَنْ قَتَادَةَ مِنَ الْمَزِيدِ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ فَإِنْ كَانَ خَالِدٌ حَفِظَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَعِيدٌ كَانَ سَمِعَهُ مِنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ ثُمَّ لَقِيَ النَّضْرَ فَسَمِعَهُ مِنْهُ فَكَانَ يُحَدِّثُهُ بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ قَتَادَةُ عَنِ النَّضْرِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ سَعِيدٍ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ .

     قَوْلُهُ  وَهُمْ يَسْأَلُونَهُ وَلَا يَذْكُرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ يُجِيبُهُمْ عَمَّا يَسْأَلُونَهُ بِالْفَتْوَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ الدَّلِيلَ مِنَ السُّنَّةِ وَقَدْ وَقَعَ بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ بن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ فَجَعَلُوا يَسْتَفْتُونَهُ وَيُفْتِيهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيمَا يُفْتِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى سُئِلَ فَقَالَ سَمِعت كَذَا أبهم الْمَسْأَلَة وَبَينهَا بن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعْدٍ فَفِي رِوَايَتِهِ حَتَّى أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَرَاهُ نَجَّارًا فَقَالَ إِنِّي أُصَوِّرُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ فَمَا تَأْمُرنِي فَقَالَ إِذًا سَمِعْتُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ عِنْد بن عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي .

     قَوْلُهُ  مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كَذَا أَطْلَقَ وَظَاهِرُهُ التَّعْمِيمُ فَيَتَنَاوَلُ صُورَةَ مَا لَا روح فِيهِ لَكِن الَّذِي فهم بن عَبَّاسٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ التَّخْصِيصَ بِصُورَةِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ مِنْ قَوْلِهِ كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ فَاسْتَثْنَى مَا لَا رُوحَ فِيهِ كَالشَّجَرِ .

     قَوْلُهُ  كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فَإِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا وَاسْتِعْمَالُ حَتَّى هُنَا نَظِيرُ اسْتِعْمَالِهَا فِي .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخياط وَكَذَا .

     قَوْلُهُ مْ لَا أَفْعَلُ كَذَا حَتَّى يَشِيبَ الْغُرَابُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ طُولُ تَعْذِيبِهِ وَإِظْهَارُ عَجْزِهِ عَمَّا كَانَ تَعَاطَاهُ وَمُبَالَغَةٌ فِي تَوْبِيخِهِ وَبَيَانُ قُبْحِ فِعْلِهِ وَقَولُهُ لَيْسَ بِنَافِخٍ أَيْ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُعَذَّبًا دَائِمًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ عَذَابِ المصورين من حَدِيث بن عُمَرَ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمُصَوِّرِينَ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَأَنَّهُ أَمْرُ تَعْجِيزٍ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ هَذَا الْوَعِيدُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَإِنَّ وَعِيدَ الْقَاتِلِ عَمْدًا يَنْقَطِعُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعَ وُرُودِ تَخْلِيدِهِ بِحَمْلِ التَّخْلِيدِ عَلَى مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ وَهَذَا الْوَعِيدُ أَشَدُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُغَيًّا بِمَا لَا يُمْكِنُ وَهُوَ نَفْخُ الرُّوحِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعَذَّبُ زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ يَتَخَلَّصُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلَ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزَّجْرُ الشَّدِيدُ بِالْوَعِيدِ بِعِقَابِ الْكَافِرِ لِيَكُونَ أَبْلَغُ فِي الِارْتِدَاعِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَهَذَا فِي حَقِّ الْعَاصِي بِذَلِكَ.
وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًّا فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى لِلُحُوقِ الْوَعِيدِ بِمَنْ تَشَبَّهَ بِالْخَالِقِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَيْسَ بِخَالِقٍ حَقِيقَةً وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَعِيدَ وَقَعَ عَلَى خَلْقِ الْجَوَاهِرِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَعِيدَ لَاحِقٌ بِاعْتِبَارِ الشَّكْلِ وَالْهَيْئَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَوْهَرٍ.
وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ ذِي الرُّوحِ فَوَرَدَ مَوْرِدَ الرُّخْصَةِ كَمَا قَرَّرْتُهُ وَفِي قَوْلِهِ كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ بِدَارِ تَكْلِيفٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَارِ تَكْلِيفٍ بِعَمَلٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ أَوْ عِقَابٌ.
وَأَمَّا مِثْلُ هَذَا التَّكْلِيفِ فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ لِأَنَّهُ نَفْسُهُ عَذَابٌ وَهُوَ نَظِيرُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَةٌ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا نَفْسَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ وَأَيْضًا فَالتَّكْلِيفُ بِالْعَمَلِ فِي الدُّنْيَا حَسَنٌ عَلَى مُصْطَلَحِ أَهْلِ عِلْمِ الْكَلَامِ بِخِلَافِ هَذَا التَّكْلِيفِ الَّذِي هُوَ عَذَابٌ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ وَأَيْضًا فَنَفْخُ الرُّوحِ فِي الْجَمَادِ قَدْ وَرَدَ مُعْجِزَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ يُمْكِنُ وَإِنْ كَانَ فِي وُقُوعِهِ خَرْقُ عَادَةٍ وَالْحَقُّ أَنَّهُ خِطَابُ تَعْجِيزٍ لَا تَكْلِيفَ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَيْعِ التَّصَاوِيرِ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ زِيَادَةُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ فِي رِوَايَتِهِ أَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لِلرَّجُلِ وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ الْحَدِيثَ مَعَ ضَبْطِ لَفْظِهِ وَإِعْرَابِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَصْوِيرِ مَا لَا رُوحَ لَهُ مِنْ شَجَرٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَجْهًا بِالْمَنْعِ لِأَنَّ مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ عَبَدَهَا.

قُلْتُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَعْذِيبِ مَنْ يُصَوِّرُ مَا فِيهِ رُوحٌ بِمَا ذُكِرَ تَجْوِيزُ تَصْوِيرِ مَا لَا رُوحَ فِيهِ فَإِنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ وَقَولُهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي يَتَنَاوَلُ مَا فِيهِ رُوحٌ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ فَإِنْ خُصَّ مَا فِيهِ رُوحٌ بِالْمَعْنَى مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِمَّا لَمْ تَجْرِ عَادَةُ الْآدَمِيِّينَ بصنعته وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِغَرْسِ الْأَشْجَارِ مَثَلًا امْتَنَعَ ذَلِكَ فِي مِثْلِ تَصْوِيرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَيَتَأَكَّدُ الْمَنْعُ بِمَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُضَاهِي صُورَةَ الْأَصْنَامِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ فِي مَنْعِ التَّصْوِير وَقد قيد مُجَاهِد صَاحب بن عَبَّاسٍ جَوَازَ تَصْوِيرِ الشَّجَرِ بِمَا لَا يُثْمِرُ.
وَأَمَّا مَا يُثْمِرُ فَأَلْحَقَهُ بِمَا لَهُ رُوحَ قَالَ عِيَاضٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُ مُجَاهِدٍ وَرَدَّهُ الطَّحَاوِيُّ بِأَنَّ الصُّورَةَ لَمَّا أُبِيحَتْ بَعْدَ قَطْعِ رَأْسِهَا الَّتِي لَوْ قُطِعَتْ مِنْ ذِي الرُّوحِ لَمَا عَاشَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ مَا لَا رُوحَ لَهُ أَصْلًا.

قُلْتُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تَجْوِيزَ تَصْوِيرِ مَا لَهُ رُوحٌ بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ إِلَّا الرَّأْسَ فِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَأَظُنُّ مُجَاهِدًا سَمِعَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِي فَفِيهِ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً وَلْيَخْلُقُوا شَعِيرَةً فَإِنَّ فِي ذِكْرِ الذَّرَّةِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا لَهُ رُوحٌ وَفِي ذِكْرِ الشَّعِيرَةِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَنْبُتُ مِمَّا يُؤْكَلُ.
وَأَمَّا مَا لَا رُوحَ فِيهِ وَلَا يُثْمِرُ فَلَا تَقَعُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَيُقَابِلُ هَذَا التَّشْدِيدَ مَا حَكَاهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ أَنَّ نَسْجَ الصُّورَةِ فِي الثَّوْبِ لَا يَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ قَدْ يُلْبَسُ وَطَرَدَهُ الْمُتَوَلِّي فِي التَّصْوِيرِ عَلَى الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمَ جَمِيعِ ذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ تَصْوِيرِ مَا لَهُ ظِلٌّ وَمِنَ اتِّخَاذِهِ لُعَبُ الْبَنَاتِ لِمَا وَرَدَ مِنَ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَاضِحًا إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى