فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله

( قَولُهُ بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الْغَضَبِ وَالشِّدَّةِ)
لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

     وَقَالَ  اللَّهُ تَعَالَى جَاهِدِ الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصْبِرُ عَلَى الْأَذَى إِنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ مِنْ حَقِّ نَفْسِهِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يتَمَثَّل فِيهِ أَمْرَ اللَّهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ تَقَدَّمَتْ كُلُّهَا وَفِي كُلٍّ مِنْهَا ذَكَرَ غَضَبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ مَرْجِعُهَا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَانَ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَأَظْهَرَ الْغَضَبَ فِيهَا لِيَكُونَ أَوْكَدَ فِي الزَّجْرِ عَنْهَا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْقِرَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي اللِّبَاسِ وَيَسَرَةُ شَيْخُهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَالْمُهْمَلَةِ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ فِي قِصَّةِ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الثَّالِثُ حَدِيث بن عُمَرَ فِي النُّخَامَةِ فِي الْقِبْلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَقَولُهُ



[ قــ :5782 ... غــ :6111] حِيَالَ وَجْهِهِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ خَفِيفَةٌ أَيْ تلقاءه الرَّابِعُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي اللُّقَطَةِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ الْخَامِسُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَيْرَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ وَحُجَيْرَةٌ تَصْغِيرُ حُجْرَةٍ بِالرَّاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ رِوَايَةٌ بِالزَّايِ وَيُقَالُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ وَالْخَصَفَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ فَاءٌ مَا يُتَّخَذُ مِنْ خُوصِ الْمُقْلِ أَوِ النَّخْلِ وَقَولُهُ





[ قــ :5784 ... غــ :6113] فِيهِ.

     وَقَالَ  الْمَكِّيُّ هُوَ بن إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ أَحَدُ مَشَايِخِهِ وَقَدْ وَصَلَهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنِ الْمَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بِتَمَامِهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ شَيْخُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَة هُوَ الزيَادي مَاله فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الْكَلَابَاذِيُّ أخرج لَهُ شبة المقرون وَكَذَا قَالَ بن عَدِيٍّ رَوَى لَهُ اسْتِشْهَادًا وَكَانَتْ وَفَاتُهُ قَبْلَ الْبُخَارِيِّ بِقَلِيلٍ مَاتَ فِي حُدُودِ الْخَمْسِينَ وَيُقَالُ سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ذكر ذَلِكَ الدِّمْيَاطِيُّ فِي حَوَاشِيهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ هُوَ غُنْدَرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ بن أَبِي هِنْدٍ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى لَفْظِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَالْغَرَضُ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ مُغْضَبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَضَبَهُ لِكَوْنِهِمُ اجْتَمَعُوا بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَمْ يَكْتَفُوا بِالْإِشَارَةِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَخْرُجْ عَلَيْهِمْ بَلْ بَالَغُوا فَحَصَبُوا بَابَهُ وَتَتَبَّعُوهُ أَوْ غَضِبَ لِكَوْنِهِ تَأَخَّرَ اشفاقا عَلَيْهِم لِئَلَّا تفرض عَلَيْهِم وَهُمْ يَظُنُّونَ غَيْرَ ذَلِكَ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَقَولُهُ فِي آخِرِهِ أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ أَيْ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا صَلَاةُ النَّافِلَة وَحكى بن التِّينِ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ فِي بَيْتِهِ مِنْ فَرِيضَةٍ وَزَيَّفَهُ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَالله أعلم