فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا»

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا)
وَكَانَ يُحِبُّ التَّخْفِيفَ وَالتَّسَرِّي عَلَى النَّاسِ أَمَّا حَدِيثُ يَسِّرُوا فَوَصَلَهُ فِي الْبَابِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ فَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي صَلَاةِ الضُّحَى وَفِيهِ وَكَانَ يُحِبُّ مَا خَفَّ عَلَى النَّاسِ وَفِي حَدِيثِ أَيْمَنَ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَفِيهِ وَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ تَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِهِ وَكَانَ يُحِبُّ مَا خُفِّفَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنَ الْفَوَائِتِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَقَدْ وَصَلَ فِي الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ وَفِيهِ أَنَّهُ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَى مِنْ تيسيره وَذكر فِي الْبَاب أَيْضا خَمْسَة أَحَادِيث الأول حَدِيثُ أَنَسٍ يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا وَسَكِّنُوا وَلَا تنفرُوا الحَدِيث الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِمُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُمَا إِلَى الْيَمَنِ يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تنفرا .

     قَوْلُهُ  يَسِّرُوا هُوَ أَمْرٌ بِالتَّيْسِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَخْذُ بِالتَّسْكِينِ تَارَةً وَبِالتَّيْسِيرِ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّنْفِيرَ يُصَاحِبُ الْمَشَقَّةَ غَالِبًا وَهُوَ ضِدُّ التَّسْكِينِ وَالتَّبْشِيرَ يُصَاحِبُ التَّسْكِينَ غَالِبًا وَهُوَ ضِدُّ التَّنْفِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي بُعِثَ فِيهِ أَبُو مُوسَى وَمُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى الْيَمَنِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْمَغَازِي وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْبِتْعِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ قَالَ الطَّبَرِيُّ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ بِالتَّيْسِيرِ فِيمَا كَانَ مِنَ النَّوَافِلِ مِمَّا كَانَ شَاقًّا لِئَلَّا يُفْضِيَ بِصَاحِبِهِ إِلَى الْمَلَلِ فَيَتْرُكَهُ أَصْلًا أَوْ يُعْجَبُ بِعَمَلِهِ فَيُحْبَطُ فِيمَا رُخِّصَ فِيهِ مِنَ الْفَرَائِضِ كَصَلَاةِ الْفَرْضِ قَاعِدًا لِلْعَاجِزِ وَالْفِطْرِ فِي الْفَرْضِ لِمَنْ سَافَرَ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ وَزَادَ غَيْرُهُ فِي ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَحَدِهِمَا بُدٌّ كَمَا فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ بَالَ فِي الْمَسْجِد وَإِسْحَاق فِي حَدِيث أبي مُوسَى هُوَ بن رَاهَوَيْه كَمَا وَقع فِي رِوَايَة بن السَّكَنِ وَجَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ وَتَرَدَّدَ الْكَلَابَاذِيُّ وَتَبعهُ أَبُو عَليّ الجياني هَل هُوَ بن رَاهَوَيْه أَو هُوَ بن مَنْصُور الحَدِيث الثَّالِث حَدِيثُ عَائِشَةَ مَا خَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ يُتَصَوَّرُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ مَا فِيهِ إِثْم ومالا إِثْمَ فِيهِ إِذَا صَدَرَ مِنَ الْكُفَّارِ مثلا وَفِيه تَوْجِيه آخر تقدم هُنَاكَ الحَدِيث الرَّابِع حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ



[ قــ :5798 ... غــ :6127] .

     قَوْلُهُ  وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْي لم أَقف على اسْمه وَحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَهُ رَأْيٌ يَظُنُّ أَنَّهُ مُحْسِنٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَولُهُ نضب عَنهُ المَاء بِنُونٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَيْ زَالَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ بِلَفْظِ فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّأْيِ رَأْيُ الْخَوَارِجِ وَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّحْقِيرِ أَيْ رَأْيٌ فَاسِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الحَدِيث هُنَاكَ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ الرِّفْقِ وَأَنَّ شَرْحَهُ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْغُلُوَّ وَمُجَاوَزَةُ الْقَصْدِ فِي الْعِبَادَةِ وَغَيْرِهَا مَذْمُومٌ وَأَنَّ الْمَحْمُودَ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ مَا أَمْكَنَتِ الْمُوَاظَبَةُ مَعَهُ وَأَمِنَ صَاحِبُهُ الْعُجْبَ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ