فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب هجاء المشركين

( قَولُهُ بَابُ هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ)
الْهِجَاءُ وَالْهَجْوُ بِمَعْنًى وَيُقَالُ هَجَوْتُهُ وَلَا تَقُلْ هَجَيْتُهُ وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الشِّعْرِ قَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَفَعَهُ جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ الْإِشَارَةُ إِلَى حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ فَإِنْ كُنَّا لنعلمه إِمَاء أهل الْمَدِينَة وَذكر فِيهِ خَمْسَة أَحَادِيث الحَدِيث الأول وَالثَّانِي



[ قــ :5820 ... غــ :6150] قَوْله حَدثنَا مُحَمَّد هُوَ بن سَلَامٍ نَسَبَهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَعَبْدَةُ هُوَ بن سُلَيْمَانَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ وَقَولُهُ اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ وَوَقَعَ فِي طَرِيق مُرْسلَة بَيَان ذَلِك وَسَببه فروى بن وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ هَجَا رَهْطٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَأْمُرُ عَلِيًّا فَيَهْجُو هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَقَالَ إِنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ نَصَرُوا بِأَيْدِيهِمْ أَحَقُّ أَنْ يَنْصُرُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ أَرَادَنَا وَاللَّهِ فَأَرْسَلُوا إِلَى حَسَّانَ فَأَقْبَلَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِمَقُولِي مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَبُصْرَى فَقَالَ أَنْتَ لَهَا فَقَالَ لَا عِلْمَ لِي بِقُرَيْشٍ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ أَخْبِرْهُ عَنْهُمْ وَنَقِّبْ لَهُ فِي مَثَالِبِهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَقَولُهُ لَأَسُلَّنَّكَ أَي لأخلصن نسبك من هجوهم بِحَيْثُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ نَسَبِكَ فَيَنَالُهُ الْهَجْوُ كَالشَّعَرَةِ إِذَا انْسَلَّتْ لَا يَبْقَى عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْعَجِينِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ سَبِّ الْمُشْرِكِ جَوَابًا عَنْ سَبِّهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مُطْلَقُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ الْمُشْرِكِينَ لِئَلَّا يَسُبُّوا الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْبَدَاءَةِ بِهِ لَا عَلَى مَنْ أَجَابَ مُنْتَصِرًا وَقَولُهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي يُنَافِحُ بِفَاءٍ وَمُهْمَلَةٍ أَيْ يُخَاصِمُ بِالْمُدَافَعَةِ وَالْمُنَافِحُ الْمُدَافِعُ تَقُولُ نَافَحْتُ عَنْ فُلَانٍ أَي دافعت عَنهُ الحَدِيث الثَّالِث حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي شِعْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَكَذَا بَيَانُ مُتَابَعَةِ عَقِيلٍ وَمَنْ وَصَلَهَا وَرِوَايَةُ الزُّبَيْدِيِّ وَمَنْ وَصلهَا قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّ الشِّعْرَ إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ كَانَ حَسَنًا وَلَمْ يَدْخُلْ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الذَّمُّ مِنَ الشِّعْرِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ إِشَارَةٌ إِلَى عِلْمِهِ وَفِي الثَّالِثِ إِلَى عَمَلِهِ وَفِي الثَّانِي إِلَى تَكْمِيلِهِ غَيْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَامِلٌ مُكَمِّلٌ تَنْبِيهٌ وَقَعَ لِلْجَمِيعِ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْكَافِرِينَ الْمَضَاجِعُ إِلَّا الْكُشْمِيهَنِيَّ فَقَالَ بِالْمُشْرِكِينَ وَاسْتَثْقَلَتْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْقَافِ مِنَ الثِّقَلِ وَزَعَمَ عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ اسْتَقَلَّتْ بِمُثَنَّاةٍ فَقَطْ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ قَالَ وَهُوَ فَاسِدُ الرِّوَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمَعْنَى.

قُلْتُ وَرِوَايَتُنَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي ذَرٍّ مُتْقَنَةٌ وَهِيَ كالجادة الحَدِيث الرَّابِع





[ قــ :583 ... غــ :615] قَوْله وَحدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَأَخُوهُ أَبُو بَكْرٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الحميد وَسليمَان هُوَ بن بِلَالٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَبُو عَتِيقٍ كُنْيَةُ جَدِّهِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ شُعَيْبٍ مُفْرَدَةً فِي بَابِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَوَائِل الصَّلَاة وقرنها هُنَا بِرِوَايَة بن أَبِي عَتِيقٍ وَلَفْظُهُمَا وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ سَمِعْتَ.

     وَقَالَ  هُنَا نَشَدْتُكَ اللَّهَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَالْبَاقِي سَوَاءٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي شَيْخِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُنَاكَ وَتَوْجِيهُ الْجَمْعِ وَالْإِشَارَةُ إِلَى شَرْحِ الْحَدِيثِ وَقَولُهُ هَلْ سَمِعْتَ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ نَعَمْ يُسْتَفَادُ مِنْهُ مَشْرُوعِيَّةُ تَحَمُّلِ الْحَدِيثِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَعَدَّ الْمِزِّيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْأَطْرَافِ مِنْ مُسْنَدِ حَسَّانَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي كَوْنِهِ مِنْ مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يكون من مُسْند حسان الحَدِيث الْخَامِس





[ قــ :584 ... غــ :6153] .

     قَوْلُهُ  عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِحَسَّانَ هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ شُعْبَةَ فَقَالَ فِيهِ عَنِ الْبَرَاءِ عَنْ حَسَّانَ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ حَسَّانَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَدْ أَوْرَدْتُ هَذَا فِي الْمَلَائِكَةِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ مَعْزُوًّا إِلَى التِّرْمِذِيِّ وَهُوَ سَهْوٌ كَأَنَّ سَبَبَهُ الْتِبَاسُ الرَّقْمِ فَإِنَّهُ لِلتِّرْمِذِيِّ ت وَلِلنَّسَائِيِّ ن وَهُمَا يَلْتَبِسَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ فِيهِ لِحَسَّانَ فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة