فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه

( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَمِعَ الِاسْمَ الْقَبِيحَ حَوَّلَهُ إِلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ)
وَقَدْ وَصَلَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخر عَن هِشَام بِذكر عَائِشَة فِيهِ وَفِيه ثَلَاثَة أَحَادِيث الأول حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ



[ قــ :5862 ... غــ :6191] .

     قَوْلُهُ  أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بن أبي أُسَيْدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ وُلِدَ أَبُو أُسَيْدٍ بِالتَّصْغِيرِ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَلَهُ أَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحِ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ وَلَدِهِ هَذَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَغَازِي وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَتُهُ عَنْ أَبِيهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَكَانَ الصَّحَابَةُ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِهِمُ الْوَلَدُ أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحَنِّكَهُ وَيُبَارِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ .

     قَوْلُهُ  فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ يَعْنِي إِكْرَامًا لَهُ .

     قَوْلُهُ  فلهى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ أَيِ اشْتَغَلَ وَكُلُّ مَا شَغَلُكَ عَنْ شَيْء فقد ألهاك عَن غَيره قَالَ بن التِّينِ رُوِيَ لَهِيَ بِوَزْنِ عَلِمَ وَهِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَة وبالفتح لُغَة طَيء .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَفَاقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيِ انْقَضَى مَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِهِ فَأَفَاقَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَرَ الصَّبِيَّ فَسَأَلَ عَنْهُ يُقَالُ أَفَاقَ مِنْ نَوْمِهِ وَمِنْ مَرَضِهِ وَاسْتَفَاقَ بِمَعْنًى .

     قَوْلُهُ  قَلَّبْنَاهُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ أَيْ صَرَفْنَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَذكر بن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ أَقْلَبْنَاهُ بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ أَوَّلَهُ قَالَ وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا وَأَثْبَتَهَا غَيْرُهُ لُغَةً .

     قَوْلُهُ  مَا اسْمُهُ قَالَ فُلَانٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِ فَكَأَنَّهُ كَانَ سَمَّاهُ اسْمًا لَيْسَ مُسْتَحْسَنًا فَسَكَتَ عَنْ تَعْيِينِهِ أَوْ سَمَّاهُ فَنَسِيَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ .

     قَوْلُهُ  وَلَكِنَّ اسْمَهُ الْمُنْذِرُ أَيْ لَيْسَ هَذَا الِاسْمُ الَّذِي سَمَّيْتُهُ بِهِ اسْمه الَّذِي يَلِيقُ بِهِ بَلْ هُوَ الْمُنْذِرُ قَالَ الدَّاوُدِيُّ سَمَّاهُ الْمُنْذِرَ تَفَاؤُلًا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلْمٌ يُنْذِرُ بِهِ.

قُلْتُ وَتَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي أَنَّهُ سُمِّيَ الْمُنْذِرَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو السَّاعِدِيِّ الْخَزْرَجِيِّ وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ مِنْ رَهْطِ أَبِي أسيد الحَدِيث الثَّانِي





[ قــ :5863 ... غــ :619] قَوْله عَطاء بن أبي مَيْمُونَة هُوَ بن هِلَالٍ مَوْلَى أَنَسٍ وَأَبُو رَافِعٍ هُوَ نُفَيْعٌ الصَّانِعُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ كَذَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ.

     وَقَالَ  عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا السَّنَدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ اسْمُ مَيْمُونَةَ بَرَّةَ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْهُ وَالْأَوَّلُ أَكْبَرُ وَزَيْنَبُ هِيَ بِنْتُ جَحْشٍ أَوْ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ وَالْأُولَى زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثَّانِيَةُ رَبِيبَتُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا كَانَ اسْمُهَا أَوَّلًا بَرَّةَ فَغَيَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَقِصَّةُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ عَنْ زَيْنَب بنت أم سَلمَة قَالَت سُمِّيَتْ بَرَّةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ قَالُوا مَا نُسَمِّيهَا قَالَ سَمُّوهَا زَيْنَبَ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ وَكَانَ اسْمُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بَرَّةَ وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُؤْتَلِفِ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْمِي بَرَّةُ فَلَوْ غَيَّرْتَهُ فَإِنَّ الْبَرَّةَ صَغِيرَةٌ فَقَالَ لَو كَانَ مُسلما لَسَمَّيْتُهُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهَا وَلَكِنْ هُوَ جَحْشٌ فَالْجَحْشُ أَكْبَرُ مِنَ الْبَرَّةِ وَقَدْ وَقَعَ مِثْلُ ذَلِكَ لِجُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ اسْمُ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ بَرَّةَ فَحَوَّلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَهَا فَسَمَّاهَا جُوَيْرِيَةَ كَرِهَ أَنْ يَقُولَ خَرَجَ مِنْ عِنْدَ بَرَّةَ .

     قَوْلُهُ  فَقِيلَ تُزَكِّي نَفْسَهَا أَيْ لِأَنَّ لَفْظَةَ بَرَّةٍ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْبِرِّ وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي قِصَّةِ جُوَيْرِيَةَ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَرَّةَ.

     وَقَالَ  فِي قِصَّةِ زَيْنَبَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ الحَدِيث الثَّالِث





[ قــ :5864 ... غــ :6193] قَوْله هِشَام هُوَ بن يُوسُفَ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ أَي بن عُثْمَانَ الْحَجَبِيُّ .

     قَوْلُهُ  فَحَدَّثَنِي أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا هَكَذَا أَرْسَلَ سَعِيدٌ الْحَدِيثَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ عَبْدَ الْحَمِيدِ وَلِمَا حَدَّثَ بِهِ الزُّهْرِيَّ وَصَلَهُ عَن أَبِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهَذَا عَلَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُرْسَلَ إِذَا جَاءَ مَوْصُولًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ تَبَيَّنَ صِحَّةُ مَخْرَجِ الْمُرْسَلِ وَقَاعِدَةُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ لَا يَقْدَحُ الْمُرْسَلُ فِي الْمَوْصُولِ إِذَا كَانَ الْوَاصِلُ أَحْفَظَ مِنَ الْمُرْسِلِ كَالَّذِي هُنَا فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ أَحْفَظُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ الطَّبَرِيُّ لَا تَنْبَغِي التَّسْمِيَةُ بِاسْمٍ قَبِيحِ الْمَعْنَى وَلَا بِاسْمٍ يَقْتَضِي التَّزْكِيَةَ لَهُ وَلَا بِاسْمٍ مَعْنَاهُ السَّبُّ.

قُلْتُ الثَّالِثُ أَخَصُّ مِنَ الْأَوَّلِ قَالَ وَلَوْ كَانَتِ الْأَسْمَاءُ إِنَّمَا هِيَ أَعْلَامٌ لِلْأَشْخَاصِ لَا يُقْصَدُ بِهَا حَقِيقَةُ الصِّفَةِ لَكِنْ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنْ يَسْمَعَ سَامِعٌ بِالِاسْمِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمُسَمَّى فَلِذَلِكَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَوِّلُ الِاسْمَ إِلَى مَا إِذَا دُعِيَ بِهِ صَاحِبُهُ كَانَ صِدْقًا قَالَ وَقَدْ غَيَّرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَسْمَاءٍ وَلَيْسَ مَا غَيَّرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَنْعِ مِنَ التَّسَمِّي بِهَا بَلْ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ قَالَ وَمِنْ ثَمَّ أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُسَمَّى الرَّجُلُ الْقَبِيحُ بِحَسَنٍ وَالْفَاسِدُ بِصَالِحٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُلْزِمْ حَزْنًا لَمَّا امْتَنَعَ مِنْ تَحْوِيلِ اسْمِهِ إِلَى سَهْلٍ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَازِمًا لَمَا أَقَرَّهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي انْتَهَى مُلَخَّصًا وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَحْسِينِ الْأَسْمَاءِ وَذَلِكَ فِيمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ فِي سَنَدِهِ انْقِطَاعًا بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا رَاوِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ غَيَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَاصَ وَعَتَلَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا لَامٌ وَشَيْطَانٌ وَغُرَابٌ وَحُبَابٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَشِهَابٌ وَحَرْبٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

قُلْتُ وَالْعَاصِي الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ مُطِيعُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْعَدَوِيُّ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَوَقَعَ مِثْلُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ وَالْأَخْبَارُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَعَتَلَةُ هُوَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ وَشَيْطَانٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَغُرَابٌ هُوَ مُسْلِمٌ أَبُو رَايِطَةَ وَحُبَابٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي وَشِهَابٌ هُوَ هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ وَحَرْبٌ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ سَمَّاهُ على أَولا وأسانيدها مبينَة فِي كتابي فِي الصَّحَابَة