فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب السرير

( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ لِحَاجَةٍ)
أَيْ لِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ وَقَولُهُ أَوْ قَصْدٍ أَيْ لِأَجْلِ قَصْدِ شَيْءٍ مَعْرُوفٍ وَالْقَصْدُ هُنَا بِمَعْنَى الْمَقْصُودِ أَيْ أَسْرَعَ لِأَمْرِ الْمَقْصُودِ ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ جَوَازُ إِسْرَاعِ الْإِمَامِ فِي حَاجَتِهِ وَقَدْ جَاءَ أَنَّ إِسْرَاعَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي دُخُولِهِ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ صَدَقَةٍ أَحَبَّ أَنْ يُفَرِّقَهَا فِي وَقْتِهِ.

قُلْتُ وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ مُتَّصِلٌ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاضِحًا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ هُنَاكَ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا تَامًّا وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

     وَقَالَ  فِي التَّرْجَمَةِ لِحَاجَةٍ أَوْ قَصْدٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّهُ كَانَ لِتِلْكَ الْحَاجَةِ الْخَاصَّةِ فَيُشْعِرُ بِأَنَّ مَشْيَهُ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ كَانَ عَلَى هِينَتِهِ وَمِنْ ثَمَّ تَعَجَّبُوا مِنْ إِسْرَاعِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ عَادَتِهِ فَحَاصِلُ التَّرْجَمَةِ أَنَّ الْإِسْرَاعَ فِي الْمَشْيِ إِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا وَقَدْ أَخْرَجَ بن الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ بِسَنَدٍ مُرْسَلٍ أَنَّ مِشْيَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مِشْيَةَ السُّوقِيِّ لَا الْعَاجِزِ وَلَا الْكَسْلَانِ وَأَخْرَجَ أَيْضا كَانَ بن عُمَرَ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ وَيَقُولُ هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الزَّهْوِ وَأَسْرَعُ فِي الْحَاجَةِ قَالَ غَيْرُهُ وَفِيهِ اشْتِغَالٌ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي التشاغل بِهِ.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ الْمَشْيُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ هُوَ السُّنَّةُ إِسْرَاعًا وَبُطْئًا لَا التَّصَنُّعُ فِيهِ وَلَا التَّهَوُّرُ قَولُهُ بَابُ السَّرِيرِ بِمُهْمَلَاتٍ وَزْنَ عَظِيمٍ مَعْرُوفٌ ذَكَرَ الرَّاغِبُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ السُّرُورِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لِأُولِي النِّعْمَةُ قَالَ وَسَرِيرُ الْمَيِّتِ لِشَبَهِهِ بِهِ فِي الصُّورَةِ وَلِلتَّفَاؤُلِ بِالسُّرُورِ وَقَدْ يُعَبَّرُ بِالسَّرِيرِ عَنِ الْمُلْكِ وَجَمْعُهُ أَسِرَّةٌ وَسُرُرٌ بِضَمَّتَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُ الرَّاءَ اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّتَيْنِ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ جَوَازُ اتِّخَاذِ السَّرِيرِ وَالنَّوْمِ عَلَيْهِ ونوم الْمَرْأَة بِحَضْرَة زَوجهَا.

     وَقَالَ  بن التِّينِ وَقَولُهُ



[ قــ :5945 ... غــ :6276] فِيهِ وَسَطُ السَّرِيرِ قَرَأْنَاهُ بِسُكُونِ السِّينِ وَالَّذِي فِي اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ بِفَتْحِهَا.

     وَقَالَ  الرَّاغِبُ وَسَطُ الشَّيْءِ يُقَالُ بِالْفَتْحِ لِلْكَمِّيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ كَالْجِسْمِ الْوَاحِدِ نَحْوَ وَسَطُهُ صُلْبٌ وَيُقَالُ بِالسُّكُونِ لِلْكَمِّيَّةِ الْمُنْفَصِلَةِ بَيْنَ جِسْمَيْنِ نَحْوَ وَسْطَ الْقَوْمِ.

قُلْتُ وَهَذَا مِمَّا يُرَجِّحُ الرِّوَايَةَ بِالتَّحْرِيكِ وَلَا يُمْنَعُ السُّكُونُ وَوَجْهُ إِيرَادِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ أَنَّ الِاسْتِئْذَانَ يَسْتَدْعِي دُخُولَ الْمَنْزِلِ فَذَكَرَ مُتَعَلِّقَاتِ الْمَنْزِلِ اسْتِطْرَادًا