فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء

( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ)
قَالَ بن سِيدَهْ السَّرَاوِيلُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَلَمْ يَعْرِفْ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ التَّذْكِيرَ وَالْأَشْهَرُ عَدَمُ صَرْفِهِ .

     قَوْلُهُ  وَالتُّبَّانُ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةٍ وَهُوَ عَلَى هَيْئَةِ السَّرَاوِيلِ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رِجْلَانِ وَقَدْ يُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِ .

     قَوْلُهُ  وَالْقَبَاءُ بِالْقَصْرِ وَبِالْمَدِّ قِيلَ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ قَبَوْتُ الشَّيْءَ إِذَا ضَمَمْتُ أَصَابِعَكَ عَلَيْهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْضِمَامِ أَطْرَافِهِ وَرُوِيَ عَنْ كَعْبٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ لَبِسَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ



[ قــ :361 ... غــ :365] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّد هُوَ بن سِيرِينَ .

     قَوْلُهُ  قَامَ رَجُلٌ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَرْفُوعِ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ أَيْ عَنْ ذَلِكَ وَلم يسم أَيْضا وَيحْتَمل أَن يكون بن مَسْعُودٍ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ هُوَ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أُبَيٌّ الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِد يَعْنِي لَا تكره.

     وَقَالَ  بن مَسْعُودٍ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ وَفِي الثِّيَابِ قِلَّةٌ فَقَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ الْقَوْلُ مَا قَالَ أبي وَلم يأل بن مَسْعُودٍ أَيْ لَمْ يُقَصِّرْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ .

     قَوْلُهُ  جَمَعَ رَجُلٌ هُوَ بَقِيَّةُ قَوْلِ عُمَرَ وَأوردهُ بِصِيغَة الْخَبَر وَمرَاده الْأَمر قَالَ بن بطال يَعْنِي ليجمع وَليصل.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَلَامٌ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ كَأَنَّهُ قَالَ إِنْ جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ فَحَسَنٌ ثُمَّ فَصَّلَ الْجَمْعَ بِصُوَرٍ عَلَى مَعْنَى الْبَدَلِيَّة.

     وَقَالَ  بن مَالِكٍ تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثَ فَائِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا وُرُودِ الْفِعْلِ الْمَاضِي بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى وَالْمَعْنَى لِيُصَلِّ وَمِثْلُهُ .

     قَوْلُهُ مُ اتَّقَى اللَّهَ عَبْدٌ وَالْمَعْنَى لِيَتَّقِ ثَانِيهُمَا حَذْفُ حَرْفِ الْعَطْفِ فَإِنَّ الْأَصْلَ صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَفِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ وَمِثْلُهُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقَ امْرُؤٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ انْتَهَى فَحَصَلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَوْجِيهَانِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَأَحْسَبُهُ قَائِلُ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالضَّمِيرُ فِي أَحْسَبُهُ رَاجِعٌ إِلَى عُمَرَ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلِ الْجَزْمُ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنَّ عُمَرَ أَهْمَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ التُّبَّانَ لَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ كُلَّهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَخِذَ مِنَ الْعَوْرَةِ فَالسَّتْرُ بِهِ حَاصِلٌ مَعَ الْقَبَاءِ وَمَعَ الْقَمِيصِ.
وَأَمَّا مَعَ الرِّدَاءِ فَقَدْ لَا يَحْصُلُ وَرَأَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ انْحِصَارَ الْقِسْمَةِ يَقْتَضِي ذِكْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَنَّ السَّتْرَ قَدْ يَحْصُلُ بِهَا إِذَا كَانَ الرِّدَاءُ سَابِغًا وَمَجْمُوعُ مَا ذَكَرَ عُمَرُ مِنَ الْمَلَابِسِ سِتَّةٌ ثَلَاثَةٌ لِلْوَسَطِ وَثَلَاثَةٌ لِغَيْرِهِ فَقَدَّمَ مَلَابِسَ الْوَسَطِ لِأَنَّهَا مَحَلُّ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَقَدَّمَ أَسْتَرَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا اسْتِعْمَالًا لَهُمْ وَضَمَّ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ تِسْعُ صُوَرٍ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ وَلَمْ يَقْصِدِ الْحَصْرَ فِي ذَلِكَ بَلْ يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا يَقُومُ مَقَامُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الثِّيَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَنَّ الِاقْتِصَارِ عَلَى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ كَانَ لِضِيقِ الْحَالِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ عِبَارَةَ بن الْمُنْذِرِ قَدْ تُفْهِمُ إِثْبَاتَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَى عَنِ الْأَئِمَّةِ جَوَازَ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ قَالَ وَقَدِ اسْتَحَبَّ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ وَعَنْ أَشْهَبَ فِيمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي السَّرَاوِيل مَعَ الْقُدْرَة يُعِيد فِي الْقُوت إِلَّا إِنْ كَانَ صَفِيقًا وَعَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ يكره فَائِدَة روى بن حِبَّانَ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ فَأَدْرَجَ الْمَوْقُوفَ فِي الْمَرْفُوعِ وَلَمْ يَذْكُرْ عُمَرَ وَرِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ هَذِهِ الْمُفَصَّلَةُ أَصَحُّ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَرَوَاهُ عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ وحبِيب وَعَاصِم كلهم عَن بن سِيرِين أخرجه بن حبَان أَيْضا وَأخرج مُسلم حَدِيث بن عُلَيَّةَ فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَى رَفْعِهِ وَحَذَفَ الْبَاقِيَ وَذَلِكَ مِنْ حُسْنِ تَصَرُّفِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :36 ... غــ :366] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْوَاسِطِيُّ .

     قَوْلُهُ  سَأَلَ رَجُلٌ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ وَأَخَّرْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ إِلَى مَوْضِعِهِ فِي الْحَجِّ وَمَوْضِعُ الْحَاجَةِ مِنْهُ هُنَا أَنَّ الصَّلَاةَ تَجُوزُ بِدُونِ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَخِيطِ لِأَمْرِ الْمُحْرِمِ بِاجْتِنَابِ ذَلِكَ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَكُونَا فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي حَتَّى يَكُونَ بِالْإِفْرَادِ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ نَافِعٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي الرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم عَن بن أَبِي ذِئْبٍ فَقَدَّمَ طَرِيقَ نَافِعٍ وَعَطَفَ عَلَيْهَا طَرِيقَ الزُّهْرِيِّ عَكْسُ مَا هُنَا وَزَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَنْ نَافِعٍ تَعْلِيقٌ مِنَ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ التَّجْوِيزَاتِ الْعَقْلِيَّةَ لَا يَلِيقُ اسْتِعْمَالهَا فِي الْأُمُور النقليه وَالله الْمُوفق