فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ فِي السُّطُوحِ وَالْمِنْبَرِ وَالْخَشَبِ)
يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الْجَوَازِ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ لِمَنْ كَانَ إِمَامًا .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَالْحَسَنُ هُوَ الْبَصْرِيُّ وَالْجَمْدُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ الْمَاءُ إِذَا جَمَدَ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِأَثَرِ بن عُمَرَ الْآتِي أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الثَّلْجِ وَحَكَى بن قُرْقُولٍ أَنَّ رِوَايَةَ الْأَصِيلِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ بِفَتْحِ الْمِيمِ قَالَ الْقَزَّازُ الْجَمَدُ مُحَرَّكُ الْمِيمِ هُوَ الثَّلج نقل بن التِّينِ عَنِ الصِّحَاحِ الْجُمُدُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْمِيمِ وَبِسُكُونِ الْمِيمِ أَيْضًا مِثْلِ عُسُرٍ وَعُسْرٍ الْمَكَانُ الصُّلْبُ الْمُرْتَفِعُ.

قُلْتُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا بل صوب بن قُرْقُولٍ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِلْقَنَاطِرِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ تَحْتَهُ مَا ذُكِرَ مِنَ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ وَالْغَرَضُ أَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ يَخْتَصُّ بِمَا لَاقَى الْمُصَلِّي أَمَّا مَعَ الْحَائِلِ فَلَا .

     قَوْلُهُ  وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَلِلْمُسْتَمْلِي عَلَى سَقْفٍ وَهَذَا الْأَثر وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوْقَ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَالِحٌ فِيهِ ضَعْفٌ لَكِنْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةٍ فَاعْتُضِدَ



[ قــ :373 ... غــ :377] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ بن الْمَدِينِيّ وسُفْيَان هُوَ بن عُيَيْنَة وَأَبُو حَازِم هُوَ بن دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ  مَا بَقِيَ بِالنَّاسِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ فِي النَّاسِ أَعْلَمُ مِنِّي أَيْ بِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مِنْ أَثْلٍ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ وَالْغَابَةُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  عَمِلَهُ فُلَانٌ مَوْلَى فُلَانَةَ اخْتُلِفَ فِي اسْمِ النَّجَّارِ الْمَذْكُورِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَأَقْرَبُهَا مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى مِنْ طَرِيقِ بن لَهِيعَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ بِالْمَدِينَةِ نَجَّارٌ وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ مَيْمُونٌ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْمِنْبَرِ.
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يُعْرَفُ اسْمُهَا لَكِنَّهَا انصارية وَنقل بن التِّينِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ النَّجَّارَ كَانَ مَوْلًى لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ مَوْلَى امْرَأَتِهِ وَنُسِبَ إِلَيْهِ مَجَازًا وَاسْمُ امْرَأَتِهِ فَكِيهَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ دُلَيْمٍ وَهِيَ ابْنةُ عَمِّهِ أَسْلَمَتْ وَبَايَعَتْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُرَادَةَ لَكِنْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَن بن عُيَيْنَةَ فَقَالَ مَوْلًى لِبَنِي بَيَاضَةَ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي الدَّلَائِلِ لِأَبِي مُوسَى الْمَدِينِيِّ نَقْلًا عَنْ جَعْفَرٍ المُسْتَغْفِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي أَسْمَاءِ النِّسَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ عُلَاثَةُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ وَفِيهِ أَرْسَلَ إِلَى عُلَاثَةَ امْرَأَةً قَدْ سَمَّاهَا سَهْلٌ فَقَدْ قَالَ أَبُو مُوسَى صَحَّفَ فِيهِ جَعْفَرٌ أَوْ شَيْخُهُ وَإِنَّمَا هُوَ فُلَانَةُ انْتَهَى وَوَقَعَ عِنْدَ الْكِرْمَانِيِّ قِيلَ اسْمُهَا عَائِشَةُ وَأَظُنُّهُ صَحَّفَ الْمُصْحَفَ وَلَوْ ذَكَرَ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى ثُمَّ وَجَدْتُ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَيَخْطُبُ إِلَيْهَا وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهَا فَأَمَرَتْ عَائِشَةُ فَصَنَعَتْ لَهُ مِنْبَرَهُ هَذَا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ لَمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ هِيَ الْمُرَادَةُ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ هَذَا إِلَّا بِتَعَسُّفٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْغَرَضُ مِنْ إِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِيهِ جَوَازُ اخْتِلَافِ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْعُلْوِّ وَالسُّفْلِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَلِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي ذَلِكَ بَحْثٌ فَإِنَّهُ قَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِارْتِفَاعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّعْلِيمِ لَمْ يَسْتَقِمْ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَتَنَاوَلُهُ وَلِانْفِرَادِ الْأَصْلِ بِوَصْفٍ مُعْتَبر تَقْتَضِي الْمُنَاسبَة اعْتِبَاره فَلَا بَدو مِنْهُ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ فَقُلْتُ أَيْ قَالَ عَلِيٌّ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ لَمْ يسمع هَذَا الحَدِيث من بن عُيَيْنَةَ وَقَدْ رَاجَعْتُ مُسْنَدَهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ أَخْرَجَ فِيهِ عَن بن عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَ سَهْلٍ كَانَ الْمِنْبَرُ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ فَقَطْ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي قَوْلِهِ فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لَا جَمِيعُ الْحَدِيثِ لَا بَعْضُهُ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا وَهُوَ صَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلِذَلِكَ سَأَلَ عَنْهُ عَلِيًّا وَلَهُ عِنْدَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الصَّلَاة على الْخشب وَذكره ذَلِك الْحسن وبن سِيرِين أخرجه بن أبي شيبَة عَنْهُمَا وَأخرج أَيْضا عَن بن مَسْعُود وبن عُمَرَ نَحْوَهُ وَعَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ لَبِنَةً لِيَسْجُدَ عَلَيْهَا إِذَا رَكِبَ السَّفِينَةَ وَعَنِ بن سِيرِينَ نَحْوُهُ وَالْقَوْلُ بِالْجَوَازِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ





[ قــ :374 ... غــ :378] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ هُوَ الْحَافِظُ الْمَعْرُوفُ بِصَاعِقَةَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَنَسٍ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا أَنَسٌ .

     قَوْلُهُ  فَجُحِشَتْ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا شِينٌ مُعْجَمَةٌ وَالْجَحْشُ الْخَدْشُ أَوْ أَشَدُّ مِنْهُ قَلِيلًا .

     قَوْلُهُ  سَاقَهُ أَوْ كَتِفَهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَفِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ وَهِيَ أَشْمَلُ مِمَّا قَبْلَهَا .

     قَوْلُهُ  وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ أَيْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِيلَاءَ الْمُتَعَارَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ .

     قَوْلُهُ  مَشْرُبَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّ الرَّاءِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا هِيَ الْغُرْفَةُ الْمُرْتَفِعَةُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ جُذُوعٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّنْوِينِ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا صَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمشْربَة وَهِي معمولة من الْخشب قَالَه بن بَطَّالٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ دَرَجِهَا مِنْ خَشَبٍ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا خَشَبًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْهُ بَيَانَ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى السَّطْحِ إِذْ هِيَ سَقْفٌ فِي الْجُمْلَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِهِ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى